الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه، فخرج عمر فَزِعًا بكسر الزاي أي: مرعوبًا يجرّ رداءَه، أي: ورداءه من شدة غضبه فقال: أي: عمر هذه المتعة، أي: المحرمة المنسوخة لو تقدمتُ فيها لرجَمْت الخطاب لربيعة، والمعنى إنك سومحت في العقوبة لجهلك بنسخ المتعة، ولكون الحدود تدرأ بالشبهة.
قال محمد: المتعة مكروهة، أي: محرمة؛ لأن ما ذكره فهو حرام عند محمد ولا ينبغي، أي: فلا تحل وقد نَهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: نهي تحريم فيما جاء أي: في حديث ورد عنه صلى الله عليه وسلم في غير حديث، أي: واحد ولا اثنين، والمعنى في أحاديث كثيرة قاربت أن تكون متواترة وقول عمر: لو كنت تقدمتُ فيها لرجمْتُ، بصيغة المجهول إنما نضَعُه أي: نجعله من عمر على التهديد، أي: لوقوع الخلاف في المسألة في الجملة إذ قال بحلتها طائفة من الشيعة، ويحكى عن ابن جريج وابن عباس، ونظيرهما النكاح الفاسد وإن كان يسمى المتعة نكاحًا باطلًا بخلاف النكاح المؤقت فإنه فاسد عند الجمهور، وقال زفر: النكاح صحيح والشرط باطل وهو أي: ما قاله عمر قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا، وعليه فقهاء الأمصار وعلماء الأعصار كذا قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان حكم المتعة، شرع في بيان حكم حال الرجل تكون عنده امرأتان فيؤثر إحديهما على الأخرى، فقال: هذا
* * *
باب الرجل يكون عنده امرأتان فيؤثر إحداهما على الأخرى
باب في بيان حكم حال الرجل تكون أي: توجد عنده امرأتان فيؤثر أي: يختار إحديهما على الأخرى، استنبط المصنف هذه الترجمة في معنى قوله تعالى في سورة النساء:{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} الآية [النساء: 128] وفي تفسير البغوي: إن هذه الآية نزلت في عمرة ويقال: خولة بنت محمد بن مسلمة وفي زوجها سعد بن الربيع ويقال: رافع بن خديج.
586 -
أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، عن رافع بن خَدِيج: أنه تزوج ابنة محمد بن مَسْلَمة فكانت تحته، فتزوج عليها امرأة شابّة فآثر الشابة عليها،
فناشدْته الطلاق فطلقها واحدة، ثم أمهلها، حتى إذا كادت تحلّ ارتجعها، ثم عاد فآثر الشابة عليها، فناشدته الطلاق فطلقها واحدة، ثم أمهلها، حتى إذا كادت أن تحلَّ ارتجعها، ثم عاد فآثر الشابة عليها فناشدته الطلاق، فقال: ما شئتِ، إنما بقيت واحدة، فإن شئت استقررت على ما ترين من الأثَرة، وإن شئت طلقتك، قالت: بل أستقرّ على الأثَرة، فأمسكها على ذلك، ولم ير رافعٌ أن عليه في ذلك إثمًا حين رضيتْ أن تستقر على الأثرة.
قال محمد: لا بأس بذلك إذا رضيت به الرأة، ولها أن ترجع عنه إذا بدا لها، وهو قول أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن مالك بن عمير بن أبي عامر الإمام صاحب المذهب من بني ذي أصبح ملك من ملوك اليمن، كان في الطبقة السابعة من كبار أتباع التابعين من أهل المدينة أخبرنا ابن شهاب، أي: محمد بن مسلم بن شهاب بن زهرة بن كلاب كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين المحدثين من أهل المدينة عن رافع بن خَدِيج: رضي الله عنه ابن رافع بن عدي الحارثي الأوسي الأنصاري أول مشاهده أحد ثم الخندق، مات سنة ثلاث أو أربع وسبعين، وقيل: قبلها وقد أصابه سهم يوم أحد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا شهيد لك (ق 621) يوم القيامة" وانقضت جراحته زمن عبد الملك بن مروان فمات في المدينة سنة ثلاث وسبعين وهو ابن ستة وثمانين سنة.
أنه تزوج ابنة محمد بن مَسْلَمة بفتح الميم وسكون السين المهملة وفتح اللام والميم الثانية المفتوحة فهاء الأنصاري الصحابي فكانت أي: ابنة محمد تحته، أي: في نكاح رافع بن خديج وفي (الموطأ) لمالك: حتى كبرت أي: أسنت فتزوج عليها امرأة شابّة أي: فتاة كما في (الموطأ) لمالك فآثر أي: اختار الشابة عليها، أي: في الاستمتاع بها إلا في القسم والمبيت عندها قال ابن عبد البر: يريد بالإِيثار ميل نفسه إليها والنشاط لها، لا أنه آثرها عليها في مطعم وملبس ومبيت؛ لأن هذا لا ينبغي أن يظن بمثل رافع بن خديج فناشدته الطلاق أي: طلبت منه الطلاق بالمبالغة واليمين المؤكدة أن يطلقها فطلقها واحدة، أي: برأي نفسها وتبريد الحرارة خلفها ثم أي: بعد الطلاق الواحدة أمهلها، أي: أنظرها وجعلها متأخرة؛ لأن الإِمهال والتأخير خير من التعجيل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التأدة -