الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن القاسم: النهي إنما هو في غير الفاسق أما الفاسق فيخطب على خطبته، قال عياض: لا ينبغي أن يختلف فيه والفرق أنه لا يقر على فسقه بخلاف الذمي وقد تابع ابن جريج في البخاري أي: الليث وعبد الله وزاد: إلا أن يؤذن، كما قاله الزرقاني (1).
لما فرغ من بيان حكم حال الرجل لا يصح أن يخطب على خطبة أخيه، شرع في بيان حكم حال الثيب، فقال: هذا
* * *
باب الثَّيِّب أحقُ بنفسها من وليها
باب في بيان حكم حال الثيب، وهي أحق بنفسها من وليها أي: في مقام عقدها.
529 -
أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عبد الرحمن ومُجَمِّع ابنَيْ يزيد بن جَارِيَة الأنصاري، عن خَنْسَاءَ بنت خِدام أن أباها زَوَّجها وهي ثَيِّب، فكرهت ذلك، فجاءَت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَرَدَّ نكاحه.
قال محمد: لا ينبغي أن تُنْكَح الثَّيِّب ولا البِكْر إذا بلغت؛ إلا بإذنهما، فأما إذن البكر فَصَمْتُها، وأما إذن الثَّيِّب فرضاها بلسانها، زَوَّجَها والدها أو غيره، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا عبد الرحمن بن القاسم، التيمي المدني، قال ابن عيينة: كان أفضل أهل زمانه ثقة جليل، كان في الطبقة السادسة من طبقات التابعين، مات سنة ست وعشرين ومائة، وقيل: بعدها عن أبيه، وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق أحد الفقهاء، وكان في الطبقة الثانية من طبقات التابعين من أهل المدينة عن عبد الرحمن ومُجَمِّع ابنَيْ يزيد بن جَارِيَة بالجيم والتحتية الأنصاري، يكنى أبا محمد المدني أخي عاصم بن عمر لأمه يقال: ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثقة تابعي، كان في الطبقة الثانية من طبقات التابعين (ق 566) من أهل المدينة، مات سنة ثلاث وتسعين، وعن
(1) في شرحه (3/ 162).
(529)
إسناده صحيح.
أخيه مجمع بضم الميم وفتح الجيم وتشديد الميم الثانية المكسورة وعين مهملة الأنصاري الأول المدني، تابعي كان في الطبقة الثانية من طبقات كبار التابعين، مات سنة ستين في خلافة معاوية ابني بالتثنية يعني كانا ابن يزيد بتحتيتين بينهما زاي معجمة ابن جارية بالجيم والراء المهملة والتحتية الأنصاري الأوسي يكنى أبا عبد الرحمن ذكره ابن سعد وغيره في الصحابة. وقال ابن منده: يزيد بن جارية، وقيل: زيد فجعلهما واحد أو الصواب أنهما أخوان كما قاله ابن حجر في (الإِصابة) عن خَنْسَاءَ بفتح الخاء المعجمة فنون ساكنة وسين مهملة كحمراء: كذا في (التقريب) لابن حجر (1).
وقال بعضهم: بالذال المعجمة الأنصارية الأوسية، زوج أبي لبابة صحابية معروفة من بني عمرو بن عوف بنت خِدام بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الدال المهملة أو المعجمة أن أباها أي: خدام الصحابي، يقال: هو ابن وديعة، ويقال: هو ابن خالد، وقال أبو نعيم: يكنى أبا وديعة زَوَّجها أي: من غير إذنها وهي ثَيِّب، أي: وهي بالغة فكرهت ذلك، الرجل الذي أنكحها أبوها إياه، ولم يعرف الحافظ اسمه فجاءَت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أبي أنكحني رجلًا وإن عم ولدي أحب إلى منه فَرَدَّ نكاحه أي: بطل نكاح أبيها أو نكاح زوجها وجعل أمرها إليها، كما في رواية عبد الرزاق (2) عن أبي بكر بن محمد، وله عن نافع بن جبير: فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أبي زوجني وأنا كارهة، وقد ملكت أمري، قال:"فلا نكاح له انكحي من شئت"، فرد نكاحه ونكحت أبا لبابة الأنصاري، وأخرج الواقدي عن خنساء بنت خدام أنها كانت تحت أنيس بن قتادة قتل عنها يوم أحد، فزوجها أبوها رجلًا من مزينة فكرهته، وجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرد نكاحه فتزوجها أبو لبابة فجاءت بالسائب عن أبي لبابة.
قال أبو عمر: هذا الحديث مجمع على صحته، والقول به؛ لأن من قال: لا نكاح إلا بولي قال: لا يزوج الثيب وليها أبوها أو غيره إلا بإذنها ورضاها، ومن قال: ليس للولي مع الثيب أمرا وأجازه بلا ولي، فأولى بالعمل بهذا الحديث، ولا خلاف أن الثيب لا يجوز لأبيها ولا غيره جبرها على النكاح إلا الحسن البصري، فقال: نكاح الأب جائز على بنته بكرًا كانت أم ثيبًا كرهت أم لا.
(1) التقريب (1/ 746).
(2)
عبد الرزاق في المصنف (6/ 147).
قال إسماعيل القاضي: لا أعلم أحدًا قال بقوله في الثيب، وروى عبد الرزاق (1) عن ابن عباس رضي الله عنهما: ليس للولي مع الثيب أمر أختلف في بطلانه ولو رضت وقال الشافعي وأحمد: لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقل لخنساء: إلا أن تجيزي وكذا قال مالك: إلا أن ترضى بالقرب بالبلد فيجوز؛ لأنه كان في وقت واحد وفور واحد، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لها أن تجيزه فتجويزه أو تبطيله فيبطل انتهى كما قاله الزرقاني (2).
قال محمد: لا ينبغي أن تُنْكَح الثَّيِّب ولا البِكْر إذا بلغت؛ إلا بإذنهما، فأما إذن البكر فَصَمْتُها، وأما إذن الثَّيِّب فرضاها بلسانها، أي: صريحًا سواء زَوَّجَها والدها أو غيره أي: من أوليائها حقيقة أو حكمًا وهو أي: إذن الثيب برضاها بلسانها قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا لما رواه الجماعة إلا البخاري من حديث (ق 567) ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صمتها"(3) والمراد بالأيم بفتح الهمزة وتشديد التحتية المكسورة الثيب التي لا زوج لها إذا كانت بالغة عاقلة.
وقال الشافعي وأحمد: لا ينعقد النكاح بعبارة النساء لما رواه أبو داود (4) والترمذي (5) وحسنه من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ونكاحها باطل ونكاحها باطل فأدخل بها فالمهر ما استحل من فرجها". كذا قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان حكم حال الثيب، شرع في بيان حكم حال الرجل يكون عنده أكثر من أربع نسوة ويريد أن يتزوج، فقال: هذا
* * *
(1) عبد الرزاق في المصنف (6/ 145).
(2)
في شرحه (3/ 187).
(3)
أخرجه مسلم (1421) وأبو داود (2098) والترمذي (1108) والنسائي (3260) وابن ماجه (1870).
(4)
أبو داود (2083).
(5)
الترمذي (1102).