الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الشافعي وأحمد: كل ما جاز أن يكون ثمنا جاز أن يكون مهرًا، لما في الصحيحين (1) من قوله صلى الله عليه وسلم:"التمس ولو خاتمًا من حديد" وما في الترمذي (2) وابن ماجه (3) عن عبد الله بن ربيعة أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز نكاح امرأة على نعلين، وما في سنن أبي داود (4) عن جابر أنه صلى الله عليه وسلم قال:"من أعطى صداق امرأة ملء كفيه، فقد استحل" أي: البضع وأجيب بأن الكل محمول على المعجل فتأمل ولا تعجل، والله أعلم.
لما فرغ من بيان قدر أو أقل المهر، شرع في بيان ما لا يجوز في النكاح، فقال: هذا
* * *
باب لا يجمع الرجل بين المرأة وعمتها في النكاح
باب في بيان حكم لا يصح أن يجمع الرجل بين المرأة وعمتها في النكاح وكذا بين المرأة وخالتها، فالمناسبة بين هذا الباب وبين الباب السابق العدم والملكة.
526 -
أخبرنا مالك، حدثنا أبو الزِّنادِ، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَجْمَع الرجل بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها".
قال محمد: وبهذا نأخذ، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا حدثنا وفي نسخة: قال: ثنا أبو الزِّنادِ، هو عبد الله بن ذكوان القرشي، المدني ثقة فقيه كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، مات سنة ثلاثين بعد المائة عن عبد الرحمن أي: ابن هرمز، ولقبه
(1) البخاري (4842) ومسلم (1425).
(2)
الترمذي (1113).
(3)
ابن ماجه (1888).
(4)
أبو داود (2110).
(526)
صحيح، أخرجه من طريق مالك الشافعي في مسنده (2/ 18) وفي الأم (5/ 5) والبخاري في النكاح (9/ 160) ومسلم في النكاح (1408) والنسائي في النكاح (6/ 96) والبيهقي في السنن (7/ 165) وفي معرفة السنن والآثار (10/ 13848).
الأعرج، ويكنى أبا داود المزين، مولى ربيعة بن الحارث ثقة ثبت عالم، كان في الطبقة الثالثة من أهل المدينة مات سنة سبع عشرة بعد المائة. كذا قاله ابن حجر في (تقريب التهذيب) (1) عن أبي هريرة: رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَجْمَع الرجل بين المرأة وعمتها، في نكاح واحد ولا بين المرأة وخالتها". أي: حرم الجمع بينهما فلو نكحهما معًا بطل نكاحهما، إذ ليس تخصيص إحديهما بالبطلان بأولى من الأخرى، فإن نكحهما مرتبا بطل نكاح الثانية؛ لأن الجمع حصل بها، وقد بين ذلك في رواية أبي داود والترمذي، وقال: صحيح من وجه آخر عن أبي هريرة رفعه: لا تنكح المرأة على عمتها، ولا العمة على بنت أخيها، ولا المرأة على خالتها، ولا الخالة على بنت أخيها، ولا تنكح الصغرى على الكبرى ولا الكبرى على الصغرى.
والمراد بالكبرى: العمة والخالة وبالصغرى بنت الأخ وبنت الأخت، وهو من عطف التفسير على جهة التأكيد والبيان؛ ولذا لم يجئ بينهما بالعاطف وكرر النفي تأكيد من الجانبين.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا قال عياض: أجمع المسلمون على الأخذ بهذا المنهي إلا طائفة من الخوارج لا يلتفت إليها، واحتجوا بقوله تعالى في سورة (ق 564) النساء {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23] ثم قال: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] وقالوا: الحديث خبر واحد، والآحاد لا تخصص القرآن ولا تنسخه، وهي مستحيلة خلاف بين الأصوليين، والصحيح الأمرين؛ لأن السنة تبين ما جاء عن الله تعالى؛ ولأن علة المنع من الجمع بين الأختين وهي ما تحتمل عليه الغيرة من التقاطع والتدابر موجود في ذلك، وقال بعض أهل السنة: عليه جملة القرابة فمنع الجمع بين بنت العم وبنت العمة والخال والخالة، والجمهور على خلافه وقصر التحريم على ما ورد فيه نص أو ما ينطق عليه لفظه من العمات والخالات وإن علون، كما قال ابن شهاب في الصحيحين: فترى عمة أبيها وخالة أبيها بتلك المنزلة، وهو صحيح؛ لأن كل منهما يطلق عليه اسم عمة وخالة؛ لأن العمة هي كل امرأة تكون أختًا لرجل له عليك ولادة، فأخت الجد للأب عمة، وأخت الجد للأم خالة انتهى.
(1) التقريب (1/ 352).
وقال النووي: العمة حقيقة إنما هي أخت الأب، وتطلق مجازًا على أخت الجد أو أب الجد، وإن علا والخالة أخت الأم، وتطلق على أخت أم الأم أو أم الجدة سواء كانت الجدة لأم أو لأب، وهذ الحديث رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن القعنبي كلاهما عن مالك كذا قاله الزرقاني (1).
* * *
527 -
أخبرنا مالك، أخبرنا يحيى بن سعيد، أنه سمع سعيد بن المسيب ينهئ أن تُنْكَح المرأة على خالتها، أو عمتها، وأن يطأ الرجل وَلِيدة في بطنها جنين لغيره.
قال محمد: وبه نأخذ، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا يحيى بن سعيد، بن قيس الأنصاري المدني، يكنى أبا سعيد القاضي، ثقة تابعي ثبت، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، مات سنة أربع وأربعين بعد المائة أنه سمع سعيد بن المسيب بن حزن بن وهب بن عمرو بن عامر بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار، كان في الطبقة الأولى من طبقات كبار التابعين من أهل المدينة، اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل، وقال المدني: لا أعلم في التابعين أوسع علمًا منه، مات بعد التسعين بيسير وهو ابن أربع وثمانين سنة كما قاله ابن الجوزي في (طبقاته) وابن حجر في (تقريب التهذيب) (2) ينهى أي: تحريمًا أن تُنْكَح المرأة على خالتها، أو عمتها، أو كذا العمة والخالة على بنت الأخ وبنت الأخت، كما في الحديث قبله، وفي مسلم (3) من وجه آخر عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن أربع نسوة أن يجمع بينهن: المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، وله من وجه آخر عنه مرفوعًا: لا تنكح
(1) في شرحه (3/ 181).
(527)
إسناده صحيح.
(2)
التقريب (1/ 241).
(3)
مسلم (1408).