الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الرجل يأذن لعبده في التزويج هل يجوز طلاق المولى عليه
؟
في بيان حكم حال الرجل يأذن لعبده بالتزويج على وزن التكريم، أو هي لا تنبغي في المقام لأن التزويج بمعنى الإنكاح، كما قاله محمد الواني من أهل اللغة هل يجوز طلاق المولى عليه؟ المراد بالرجل الشخص وبالمولى أعم من المالك والمالكة.
560 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: من أذن لعبده في أن ينكح، فإنه لا يجوز لامرأته طلاقٌ إلا أن يطلقها العبدُ، فأمّا أن يأخذ الرجل أمةَ غلامه أو أمَة وليدته فلا جُناح عليه.
قال محمد: وبهذا نأخذ، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا نافع، بن عبد الله المدني، مولى ابن عمر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه كان يقول: من أذن لعبده في أن ينكح بفتح التحتية وكسر الكاف أي: أن يتزوج فإنه لا يجوز لامرأته أي: لا مرأة العبد طلاقٌ أي: من سيدها وغيره إلا أن يطلقها العبدُ، أي: حقيقة أو حكمًا بالتعليق أو التوكيل فقد ورد الطلاق بيد من أخذ الساق.
قال محمد بن عبد الله التمرتاشي في (تنوير الأبصار): لا يقع طلاق المولى على امرأة عبده انتهى؛ لأنه ليس بزوجها، ولقول ابن عباس رضي الله عنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله سيدي زوجني أمته، وهو يريد أن يفرق بيني وبينها فصعد النبي صلى الله عليه وسلم: فقال: "يا أيها الناس، ما بال أحدكم يزوج عبده من أمته ثم يريد أن يفرق بينهما، إنما الطلاق لمن أخذ بالساق"، رواه ابن ماجه من رواية ابن لهيعة وهو ضعيف، ورواه الدارقطني عن غيره في (المناوي) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يملك العبد ولا الأمة شيئًا إلا الطلاق" كما نقله في (منح الغفار) عن تبيين الكنز فأمّا أن يأخذ الرجل أي: المتصرف المالك بالخدمة أو الوطء وغيرهما أمةَ غلامه أي: جارية عبده حصلها عنده أو أمَة وليدته
(560) إسناده صحيح.
أي: جارية جاريته كسبتها فلا جُناح أي: لا إثم عليه فإن العبد، وما في يده كان لمولاه أن لا يملك شيئًا ولو ملكه مولاه خلافًا لمالك.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما ذكر من الحكمين السابقين وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
* * *
561 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، عن ابن عمر أن عبدًا لبعض ثقيف جاء إلى عمر بن الخطاب فقال: إن سيدي أنكحني جاريته فلانة؛ وكان عمر يعرف الجارية - ثم هو يطؤها. فأرسل عمر إلى الرجل فقال: ما فَعَلَتْ جاريتك فلانة؟ قال: هي عندي، قال: هل تطؤها؟ فأشار إليه بعضُ من كان عند عمر، فقال: لا، فقال عمر: أما والله لو اعترفتَ لجعلتك نكالًا.
قال محمد: وبهذا نأخذ، لا ينبغي إذا زوّج الرجل جاريته عبدَهُ أن يطأها، لأن الطلاق والفرقة بيد العبد إذا زوجه مولاه، وليس لمولاه أن يفرِّق بينهما بعد أن زوجها؛ فإن وطئها يُنَدِّم إليه في ذلك، فإن عاد أدّبه الإِمام على قدر ما يرى من الحبس أو الضرب، ولا يبلغ بذلك أربعين سوطًا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا نافع، أي: ابن عبد الله المدني مولى ابن عمر ثقة فقيه ثبت مشهور، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة عن ابن عمر أن عبدًا لبعض ثقيف أي: لواحد من قبيلة بني ثقيف، وهم من أهل الحجاز جاء إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: إن سيدي أنكحني أي: زوجني جاريته فلانة؛ إنما ذكر العبد اسم الجارية لأنها معروفة عند عمر حيث قال ابن عمر وكان (ق 596) عمر يعرف الجارية أي: بوصفها أو الجملة معترضة وهو أي: والحال أن سيدي هو يطؤها. فأرسل عمر إلى الرجل أي: إلى سيدها فقال: أي: عمر رضي الله عنه ما فَعَلَتْ جاريتك بصيغة الفاعل أو المفعول والمعنى: ما صنعت بها وما جرى لها قال: هي عندي، أي: في
(561) إسناده صحيح.
ملكي وتحت تصرفي قال: هل تطؤها؟ أي: تجامعها أحيانًا وذلك بطريقة الأنباط خوف من إنكاره لو بسط له البساط فأشار إليه أي: إلى سيد العبد بعدم الإِقرار خوفًا من السياط بعضُ مرفوع على أنه فاعل أشار ومضاف إلى من كان عنده أي: حاضرًا عند عمر من الصحابة أو غيرهم فقال: أي: سيد العبد لا، أي: ما أطؤها وذلك إشارة إلى الستر في حدود التعاذير أفضل وتلقين الإِنكار أكمل كما قال صلى الله عليه وسلم: "من ستر مسلمًا ستره الله تعالى في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"(1) فقال عمر: أما بفتح الهمزة وتخفيف الميم تنبيه والله قسم للتأكيد لو اعترفتَ أي: بوطئها بعد تزويجها زوجًا لجعلتك نكالًا أي: عبرة في العقوبة في باب الحكومة.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه نافع عن ابن عمر لا ينبغي أي: لا يحل إذا زوّج الرجل جاريته عبدَهُ أو غيره أن يطأها، لأنها بقيت زوجة لغيره لأن الطلاق والفرقة أي: بنحو الفسخ بيد العبد إذا زوجهما مولاه، وليس لمولاه أن يفرِّق بينهما أي: بين عبده وجاريته زوجين بعد أن زوجها، أي: بطريقة الاستقلال وكذا مولاته في تلك الحال، بخلاف ما إذا تزوج بغير إذنه فإن له أن يبقى الأمر وله أن يفسخ فإن وطئها أي: بعد ذلك يُنَدِّم إليه بضم الياء وتشديد الدال المفتوحة أن يوبخ عليه وينبه في ذلك، أي: إن علم جهله بما هنالك فإن عاد أي: في وطئها ويمسها بشهوة ونحوها أدّبه الإِمام على قدر ما يرى من الحبس والضرب، في نسخة: أو الضرب ولا يبلغ بذلك أي: لا يصل ضربه بتأديبه أربعين سوطًا فإن أكثر التعزير تسعة وثلاثون سوطًا، وأقله ثلاثة أسواط ولا يفرق الضرب في التعذير على بدن المضروب، والتعذير مفوض إلى رأي الحاكم بقدر ما يرى المصلحة فيه على ما قيل أن التعذير على مراتب تقدير أشراف الأشراف وهم العلماء، والعلوية بالأعلام وهو أن يقول القاضي: بلغني أنك تفعل كذا وكذا فلا تفعل، وتعذير الأشراف وهم الأمراء والدهاقين بالأعلام والجر إلى باب القاضي والخصومة، وتعذير الأسواط وهم السوقة بالجر والحبس، وتعذير الأخس بهذا كله وبالضرب كذا في أكثر المعتبرات، روى أبي سفيان أن التعذير من السلطان بأخذ المال جائز كذا في (الظهيرية).
(1) صحيح أخرج البخاري (3/ 168) ومسلم في الذكر (38) وأبو داود في الأدب باب (46) والترمذي (1426) وابن ماجه (225)(2544) وأحمد في المسند (2/ 92، 252) والبيهقي في الكبرى (6/ 94).