الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء: 129] ولما روى أصحاب السنن الأربعة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان له امرأتان فمال إلى أحدهما جاء يوم القيامة وشقه مائل"(1) أي: مفلوج وما رووه أيضًا عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" يعني: القلب، كذا ذكره علمائنا، وفيه أنه إذا كان التخصيص وقع شرعًا يكون عدلًا فلا منافاة ولا معارضة أصلًا كما قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان حكم حال الرجل تزوج امرأة بكرًا ونسوة ثيبة كيف يقسم بينهن؟ شرع في بيان قدر أقل المهر، فقال: هذا
* * *
باب أدنى ما يتزوج عليه المرأة
باب في أدنى ما أي: أقل المهر تزوج الرجل عليه المرأة أي: على أقل المهر وهو عشرة دراهم.
525 -
أخبرنا مالك، حدثنا حُميد الطويل، عن أنس بن مالك، أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه أثرَ صُفرة، فأخبره: أنه تزوج امرأة من الأنصار، قال:"كم سُقْتَ إليها؟ " قال: وزن نَوَاة من ذهب، قال له:"أَوْلِمْ ولو بِشَاةٍ".
قال محمد: وبهذا نأخذ، أدنى المهر عشرة دراهم ما تُقطع فيه اليد، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
(1) أخرجه أبو داود، (2133) والترمذي (1141) والنسائي (7/ 63) وابن ماجه (1970).
(525)
صحيح: أخرجه مالك برواية أبي مصعب الزهري (1689) ومن طريق مالك أخرجه البخاري (5153) ومسلم (1427) وأبو داود (2109) والترمذي (1933) والنسائي (6/ 137) والحميدي (2218) وعبد الرزاق (10411) وأحمد في المسند (3/ 190) والبيهقي في الكبرى (7/ 236، 237).
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا حدثنا وفي نسخة: قال: ثنا حُميد بالتصغير أي: ابن أبي حميد البصري الطويل، اختلف في إسلام أبيه على نحو عشرة أقوال، وهو ثقة مدلس، وعابه زائدة لدخوله في شيء من أمر الأمراء، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين، من أهل البصرة، وهي كانت في الإقليم الثالث من الأقاليم السبعة في وجه الأرض، مات سنة اثنتين ويقال: ثلاث وأربعين ومائة، وهو قائم يصلي، وهو ابن خمس وسبعين سنة، كما قاله ابن حجر (1) وإنما وصف بالطويل لطول يديه أو لأنه كان له جار يقال له: حميد القصير يريد الطويل للفرق بينهما عن أنس بن مالك، رضي الله عنه أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه أثرَ صُفرة، أي: ما يتعلق ببدنه أو ثوبه من طيب النساء كزعفران ونحوه فأخبره: أنه تزوج امرأة من الأنصار، أي: أنه حصل له منها الصفار قال: أي: صلى الله عليه وسلم "كم سقت إليها؟ " بضم السين المهملة وسكون القاف، من السوق، والمعنى: كم أرسلت لها من المهر مطلقًا أو المعجل قال: وزن نَوَاة أي: نواة التمر من ذهب، قال أي: النبي صلى الله عليه وسلم له: أَوْلِمْ بفتح الهمزة وسكون الواو وكسر اللام، وهو أمر استحباب أي: أجعل وليمة لعرسك وأطعم أصحابك ولو بِشَاةٍ أي: ونحوها من طعام.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه (ق 563) أدنى المهر أي: أقله عشرة دراهم أي: مضروبة أو غير مضروبة أو تساويها من غيرها ما تُقطع فيه اليد، أي: نصاب قطع اليد في السرقة، قال محمد في (الأصل): بلغنا أن أقل المهر عشرة دراهم عن علي وعبد الله بن عمر وعامر وإبراهيم. انتهى وهو دينار عندنا.
وقال مالك في (الموطأ): ولا أرى أن تنكح المرأة بأقل من ربع دينار وهو نصاب السرقة عنده، أو ثلاثة دراهم، وهو أي: كون أقل المهر عشرة دراهم قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا. ويؤيده ما رواه الدارقطني (2) والبيهقي في السنن الكبرى (3) من طرق ضعيفة، إلا أنها يقوى بعضها ببعض أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا مهر أقل من عشرة دراهم".
(1) في التقريب (1/ 181).
(2)
الدارقطني في السنن (1/ 246).
(3)
البيهقي في الكبرى (7/ 240).