الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والإِبهام سواء، أي: كما تقدم في الحديث، ومنفعتهما مختلفة، أي: فإن الإِبهام منفعتهما أكثر وأقوى كما لا يخفى، وهذا قول إبراهيم النَّخَعي، وأبي حنيفة، والعامة من فقهائنا، وفي رواية أبي داود والنسائي مرفوعًا، أن في الشفتين الدية، وظاهرة الإِطلاق من غير التفرقة.
لما فرغ من بيان ما يتعلق بدية الشفتين، شرع في بيان ما يتعلق بدية العمد، فقال: هذا
* * *
باب دية العمد
باب في بيان ما يتعلق بدية العمد، اتفقوا على أن الدية للمسلم الحر الذكر مائة من الإِبل في مال القاتل العامد إذا عدل إلى الدية، ثم اختلفوا: هل هي حالة أو مؤجلة؟ فقال مالك والشافعي وأحمد: هي حالة، وقال أبو حنيفة: هي مؤجلة في ثلاث سنين، واختلفوا في دية العمد، فقال أبو حنيفة وأحمد في إحدى روايتيه: هي أرباع الكل سن من الأسنان الإِبل منها خمس وعشرون بنت مخاض، ومثلها بنت لبون، ومثلها حقاق، ومثلها جذاع، وقال الشافعي: يؤخذ ثلثه ثلاثون حقة وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة هي حوامل، وبه قال أحمد في روايته الأخرى.
665 -
أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، قال: قد مضت السُّنَّة، أن العاقلة لا تحمل شيئًا من دية العمد إلا أن تشاء.
قال محمد: وبهذا نأخذ.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي أخرى: ثنا، أخبرنا ابن شهاب، أي: محمد بن مسلم بن شهاب بن زهرة بن كلاب، ثقة فقيه، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، كان في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة، قال: قد مضت أي: سبقت السُّنَّة، هي في اللغة: الطريقة المرضية، وفي الشريعة هي الطريقة المسلوكة في الدين من غير افتراض ولا وجوب، وهي تطلق على قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله
وسكوته عند أمر يعاينه، وعلى طريقة الصحابة رضي الله عنهم، والحديث والخبر مختصان بالقول، كذا قاله السيد محمد الجرجاني وعبد اللطيف بن فرشت في (شرح المنار)، أن العاقلة أي: أهل الديوان وهم الجيش الذين كتب أسماءهم في الديوان، لا تحمل أي: لا تلتزم على نفسها شيئًا من دية العمد، فإنها مخيرة إن شاءت أعطاها، وإن لم تشأ لم تعطها كما قال: إلا أن تشاء؛ فإن دية المقتول عمدًا تلتزم على القاتل فقط.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما قاله ابن شهاب (ق 690).
* * *
666 -
أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس، قال: لا تَعقل العاقلة عمدًا ولا صلحًا ولا اعترافًا ولا ما جَنى المملوك.
قال محمد: فبهذا نأخذ، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، كذا في نسخة: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه، أي: أبي الزناد عبد الله بن ذكوان القرشي، المدني، ثقة فقيه، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة ثلاثين ومائة بعد الهجرة، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، الهزلي، يُكنى أبا عبد الله المدني، ثقة فقيه ثبت، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، مات سنة أربع وتسعين ومائة.
عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: لا تَعقل العاقلة أي: لا تُعطى دية المقتول عمدًا أهل الديوان القاتل لزومًا، بل هي مخيرة بين إعطائها وإمساكها، يعني لا تلزم العاقلة دية المقتول إذا كان القتل عمدًا أي: محضًا، ولا صلحًا ولا يتحمل العاقلة دية المقتول إذا صولح الجاني من الدية على مال، ولا اعترافًا ولا ما جَنى المملوك، أي: إذا جنى عبد أو أمة على إنسان لا يلتزم عاقلة مولى العبد الجاني دية جنايته.
قال محمد: فبهذا نأخذ، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
(666) إسناده حسن.