الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعدها، أي: بعد انقضائها كما لا يوقف قبلها إجماعًا وكان عبد الله بن عباس أعلم بتفسير القرآن من غيره، أي: قال صلى الله عليه وسلم في حقه: "اللهم علمه القرآن وفقه في الدين" والمراد بتعليم القرآن: تأويله كما قاله صلى الله عليه وسلم: "اللهم علمه الحكم وتأويل الكتاب" رواه أحمد بن حنبل في مسنده (1) وهو أي: ما قاله عمر وعثمان وابن مسعود قولُ أبي حنيفة، أي: الكل من والعامة من فقهائنا.
لما فرغ من بيان حكم حال الإِيلاء، شرع في بيان حكم حال الرجل يطلق امرأته ثلاثًا قبل الدخول بها، فقال: هذا
* * *
باب الرجل يطلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها
باب في بيان حكم حال الرجل يطلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها، فإذا قال لها: أنت طالق ثلاثًا وهي غير مدخول بها يقعن، وهو قول عمر، وعلي، وابن عباس وأبي هريرة وبه قال جمهور العلماء.
قال الحسن البصري، وعطاء وجابر بن زيد: تقع واحدة؛ لأنها تبين بقوله: أنت طالق إلى عدة فيصادفها قوله: ثلاثًا وهي بائن، وصار قوله: أنت طالق وطالق وطالق، ولنا أن الثلاث صفة للطلاق الذي أوقعه والموصوف لا يوجد بدون الصفة، فصار الكلام كقوله: أوقعت عليك ثلاث تطليقات.
581 -
أخبرنا مالك، أخبرنا الزُّهري، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثَوْبَان، عن محمد بن إياس بن البُكير، قال: طلَّق رجل امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها، ثم بدا له أن ينكحها، فجاءَ ليستفتي، قال: فذهَبْتُ معه، فسأل أبا هريرة وابن عباس فقالا: لا يَنْكحها حتى تنكح زوجًا غيره، فقال: إنما كان طلاقي إياها واحدة، قال ابن عباس: أرسلْت من يدك ما كان لك من فضْل.
(1) المسند (1/ 359).
(581)
إسناده حسن.
قال محمد: وبهذا نأخذ، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا؛ لأنه طلَّقها ثلاثًا جميعًا فوقعن عليها جميعًا معًا، ولو فرّقهن وقعت الأولى خاصة، لأنها بانت بها قبل أن يتكلم بالثانية، ولا عدّة عليها، فتقع عليها الثانية والثالثة ما دامت في العدة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: قال: بنا أخبرنا الزُّهري، أي: محمد بن مسلم بن شهاب بن زهرة، وهو ثقة فاضل كان في الطبقة الرابعة من طبقات كبار التابعين المحدثين، من أهل المدينة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثَوْبَان، بلفظ تثنية ثوب، العامري القرشي المدني ثقة، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة عن محمد بن إياس بكسر الهمزة ابن البُكير، تصغير بكر وهو خليفة بني بكير مكي، صدوق، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل مكة، كانت في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة من وجه الأرض قال: طلَّق رجل امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها، ثم بدا له أي: ظهر عنده أن ينكحها، أي: يتزوجها زعمًا منه أنه وقع واحدة بائنة فجاءَ أي: إلى المدينة ليستفتي، أي: يطلب بالفتوى من بعض الصحابة قال: أي: محمد بن إياس فسأل أبا هريرة وابن عباس فقالا: لا يَنْكحها بصيغة الغيبة والخطاب أي: لا تتزوجها حتى تنكح زوجًا غيره، أو غير زوجها الأول ويطأها ويطلقها، أو يموت عنها وتخرج من عدة الثاني فقال: أي: الرجل المستفتي إنما كان طلاقي أي: قصدي في تطليقي إياها أي: بهذا اللفظ واحدة، أي: لا زائدة قال ابن عباس: أرسلْت من يدك أي: اختيارك ما كان لك من فضْل أي: زيادة طلاق اقتصرت على واحدة أو اثنتين، وأما حيث أرسلت الثلاثة جملة واحدة، فما بقي لك من أمرك شيء في يدك.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما قاله: محمد بن إياس وهو أي: ما قاله محمد بن إياس قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا، قال عبد الرحيم بن الحسين الأثري في (شرح الألفية من أصول علم الحديث): وعامة الشيء يطلق بإزاء معظم الشيء وبإزاء جميعه، والظاهر أن الخطابي أراد الكل ولو أراد الأكثر لا فرق بين العلماء والفقهاء لأنه طلَّقها ثلاثًا جميعًا أي: مجموعًا لا متفرقًا بعطف أو غيره فوقعن أي الثلاث عليها جميعًا معًا، أي: مرة واحدة ولو فرّقهن أي: بالعطف بأن قال: أنت طالق وطالق وطالق بالتكرير من غير عطف نحو: أنت طالق طالق طالق وقعت الأولى خاصة، أي: وحدها