الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال بعضهم: رواه المحدثون بالكسر ولا سبيل إلى دفع الرواية، وأسماء الأعلام لا مجال للقياس فيها، فالصواب جواز الفتح والكسر كما في (المصباح) بل الكسر أولى؛ لأن رواية المحدثين أقوى من رواية اللغويين لقوة سند الأولين، وضعف معتمد الآخرين، وبهذا بطل قول صاحب (القاموس): لا يكسر.
قال: أي: النخعي ففرح عبد الله أي: ابن مسعود رضي الله عنه فَرْحَة أي: عظيمة ما فرح قبلها مثلها، أي: أبدًا وإنما فرح هذا الفرح لموافقة قوله قولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال مسروق بن الأجْدع: وهو أحد أكابر التابعين لا يكون ميراثٌ حتى يكون قبله صَدَاق يعني الميراث يتفرع على الصداق المتفرع على النكاح بمهر حقيقة أو حكمًا والميراث متفق عليه، فينبغي أن يكون الصداق كذلك.
قال محمد: فبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه إبراهيم النخعي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وهو أي: ما قاله النخعي قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا فإن قيل: ما الحكمة في وضع المهر للمرأة في النكاح، ولا مهر في ملك اليمين إذا وهبت أو سبيت، الجواب: أنه تعالى لما أدخل آدم الجنة أباح له الحوراء وجميع النعم إلا تلك الشجرة فلما خلق حواء أراد آدم صلوات الله على نبينا وعليه أن يمسها، فأوحى الله إليه أن لا يجوز ذلك إلا بيدك فقال آدم: وما بدلها وليس لي ملك فإن الجنة وما فيها ملك لك، فأوحى الله تعالى إليه أن صل على نبيي محمد صلى الله عليه وسلم عشر مرات حتى تكون بدلًا لها، فصلى آدم صلوات الله على نبينا وعليه، على نبينا صلى الله عليه وسلم عشر مرات؛ ولهذا قال مشايخنا: إن المهر لا يكون أقل من عشرة دراهم، كذا في (خواتم الحكم).
لما فرغ من بيان حكم حال الرجل يتزوج امرأة ولا يقدر لها مهرًا، شرع في بيان حكم حال المرأة تتزوج في عدتها، فقال: هذا
* * *
باب المرأة تتزوج في عدتها
في بيان حكم حال المرأة تتزوج في عدتها أي: بزوج آخر استنبط المصنف رحمه الله هذه الترجمة من قوله تعالى في سورة البقرة: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} الآية [البقرة: 232] نزلت في
معقل بن يسار حين طلق أبو الدحداح أخته ثم ندم فخطبها بعد عدتها فرضيت ومنعها أخوها أن تتزوج قوله: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} أي: انقضت عدتهن قوله: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} أي: لتحبسوهن ولا تمنعوهن قوله: {أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} أي: الذين يرغبن فيهم ويصلحون لهن قوله: {إِذَا تَرَاضَوْا} أي: النساء والمريدون نكاحهن قوله: {بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} أي: بما يحسن في الدين من نكاح جديد ومهر (ق 583) صالح وقيل: بمهر المثل كما فسرها شهاب الدين أحمد بن محمود السيواسي في (عيون التفاسير).
545 -
أخبرنا مالك، أخرنا ابن شهاب، عن سعيد بن المسيَّب، وسليمان بن يَسَارٍ أنهما حَدَّثا: أن ابنة طَلْحَة بن عُبَيْد الله، كانت تحت رُشَيْد الثَّقَفِيّ، فطلَّقها، فنكحت في عِدَّتها أبا سعيد بن مُنَبِّهٍ أو أبا الجُلاس بن مُنَيَّة فضربها عمر، وضرب زوجها بالمِخْفَقَة ضَرَبَاتٍ، وفرَّقَ بينهما، وقال عمر: أيّما امرأة نكحت في عِدَّتها، فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها فرّق بينهما، واعتدت بقية عدتها من الأول، ثم كان خاطبًا من الخُطاب، وإن كان قد دخل بها، فرَّق بينهما، ثم اعتدت بقية عدتها من الأول، ثم اعتدت عِدَّتها من الآخر، ثم لم ينكحها أبدًا، قال سعيد بن المسيب: ولها مهرها، بما استحل من فرجها.
قال محمد: بلغنا أن عمر بن الخطاب رجع عن هذا القول إلى قول علي بن أبي طالب.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا ابن شهاب، أي: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري التابعي المدني، ثقة فقيه، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين من أهل المدينة، كانت في الإِقليم الثاني من الأقاليم السبعة من وجه الأرض عن سعيد بن المسيَّب، بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي، أحد العلماء الأثبات كان في الطبقة الأولى، من كبار طبقات التابعين، من أهل المدينة اتفقوا
(545) إسناده صحيح.
على أن مرسلاته أصلح المراسيل، وقال المدني: لا أعلم في التابعين أوسع علمًا منه، مات بعد التسعين بيسير، وهو ابن أربع وثمانين سنة. كذا قاله ابن الجوزي وسليمان بن يَسَارٍ الهلالي المدني مولى ميمونة وقيل: أم سلمة، ثقة فاضل أحد الفقهاء السبعة، كان في الطبقة الثالثة من طبقات كبار التابعين من أهل المدينة، مات بعد المائة، وقيل: قبلها، كما في (تقريب التهذيب) عطفه على سعيد بن المسيب، وهو تحويل من المصنف ومن مالك لتقوية الحكم، حيث قال أي: سعيد بن المسيب وسلمان بن يسار: حَدَّثا أي: ابن شهاب وغيره أن ابنة طَلْحَة بن عُبَيْد الله، هو أحد العشرة المبشرة كانت تحت رُشَيْد وفي نسخة: بفتح وكسر الثَّقَفِيّ، أي: نسبة إلى ثقيف قبيلة من الطائف ثم المدني الخضرمي فطلَّقها، فنكحت في عِدَّتها أي: قبل انقضائها رجل غيره فطلقها يعني به أبا سعيد وفي نسخة بغير ياء ابن مُنَبِّهٍ بضم الميم وفتح النون وتشديد الموحدة المكسورة فهاء أو أبا الجُلاس كغراب بن عمرو بن سويد صحابيان على ما في (القاموس) ابن مُنَيَّة بضم الميم وفتح النون وتحتية مشددة مفتوحة فتاء تأنيث، والشك من أحد الرواة فضربها عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعزيرًا، وقد ضربها لتحقق ذنبها وتقدم رضاها، وربما إنها غرت خطيبها بفراغها وضرب زوجها أي: لتقصيره فيها وعدم محصنه عنها بالمِخْفَقَة ضَرَبَاتٍ وهي بكسر الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الفاء والقاف شيء يضرب به، على ما في (القاموس) ويقال: خفقه إذا ضربه بشيء عريض كالدرة، كذا في (المصباح) ويقال لها باللسان التركي: توره وفرَّقَ بينهما، بتشديد الراء أي: حكم بالفراق بينهما وقال عمر أيضًا أي: كما ضربها وزوجها على ما في نسخة: أيّما امرأة وفي نسخة: "أيتما" بفتح الهمزة وتشديد التحتية المفتوحة والتاء الفوقية مضمومة فميم وألف، وكلمة "أي" مرفوعة على أنها مبتدأ واستفهامية متضمنة معنى الشرط، وما زائدة تأكيدة لإِبهام "أي" وامرأة مجرورة لإِضافة "أي" إليها فخبرها، وجوابها جملة، فإن كان زوجها نكحت على بناء المجهول وفي نسخة: أنكحت من باب الأفعال في عِدَّتها، متعلق بنكحت فإن كان زوجها الذي تزوجها أي: عقدها في عدتها لم يدخل بها أي: لم يجامعها بعد عقدها فرّق بينهما، أي: حكم بينهما القاضي بالتفريق واعتدت بقية عدتها من الأول، أي: من زوجها الأول، وأما الزوج الثاني فلا عدة له لعدم الدخول بها لقوله تعالى في سورة الأحزاب:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} الآية
[الأحزاب: 49] ثم أي: بعد عدتها من زوجها الأول كان أي: الزوج الآخر بعد تمام العدة خاطبًا من الخُطاب، أي: طالبًا عقدها من الأجانب فتنكح من شاءت، ولا يكون الآخر أحق بها وإن كان أي: زوجها الآخر قد دخل بها، أي: جامعها فرَّق بينهما، ثم اعتدت أي: توقفت إلى أن تمت بقية عدتها من الأول، ثم (ق 584) أي: بعد إتمام بقية عدتها من زوجها الأول اعتدت إلى أن تتم عِدَّتها من الآخر، بكسر الخاء المعجمة أي: لتقدر أن تزوج بزوج آخر ثم أي: بعد إتمامها عدة الزوج الثاني لم ينكحها أي: لا ينكحها الزوج الثاني أبدًا، أي: زجرًا له وسياسة في حقها جزاء لسرعته ومبادرتها إليه قبل انقضاء عدتها قال سعيد بن المسيب: ولها مهرها، أي: الأقل من المهر المسمى لها أو من مهر مثل بما استحل من فرجها أي: الزوج حيث دخلها، وأما إذا لم يدخل بها فلا مهر لها إذ نكاحها فاسد من أصله.
قال محمد: بلغنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجح عن هذا القول إلى قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه أي: الذي يأتي بيانه.
* * *
546 -
أخبرنا الحسن بن عُمَارَة، عن الحكم بن عتيبة، عن مجاهد، قال: رجع عمر بن الخطاب في التي تُزَوَّج في عِدَّتها إلى قول عليّ، وذلك: أن عمر قال: إذا دخل بها فرّق بينهما، ولم يجتمعا أبدًا، وأخذ صَدَاقها فجُعل في بيت المال، فقال عليّ: لها صداقها بما استحل من فرجها، وإذا انقضت عِدَّتها من الأوَّل تزوجها الآخر إن شاء، فرجع عمر إلى قول عليّ.
قال محمد: وبهذا نأخذ، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• قال محمد: أخبرنا الحسن بن عُمَارَة، بضم العين المهملة وتخفيف الميم المفتوحة فألف وراء وتاء البجلي مولاهم، يكنى أبا محمد الكوفي قاضي بغداد متروك، كان في الطبقة السابعة من طبقات التابعين من أهل بغداد، وهي في الإِقليم الثالث من الأقاليم السبعة من وجه الأرض مات سنة ثلاث وخمسين ومائة عن الحكم بن عتيبة، بضم العين المهملة وفتح
(546) إسناده ضعيف جدًا.
التاء وسكون التحتية وفتح الموحدة والهاء، يكنى أبا محمد الكندي الكوفي، ثقة كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين، من أهل الكوفة، كانت في الإِقليم الثالث من الأقاليم السبعة مات سنة ثلاث عشرة ومائة وله نيِّف وستون عن مجاهد، بن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة، يكنى أبا الحجاج المخزومي مولاهم المكي، ثقة إمام في التفسير وفي العلم، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل مكة، مات سنة إحدى أو اثنتين أو أربع بعد المائة وله ثلاث وثمانون، كما قاله ابن حجر في (تقريب التهذيب) (1) قال: رجع عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن حكمه السابق في التي أي: في حق امرأة تُزَوَّج في عِدَّتها أي: ودخل بها إلى قول عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وذلك: أي: تفصيله وتوضيحه أن عمر قال: إذا دخل بها أي: الزوج الثاني فرّق بينهما، أي: بين المرأة وبين الزوج الثاني ولم يجتمعا أبدًا، أي: توبيخًا لهما وتأديبًا لهما وأخذ صَدَاقها أي: مهرها فجُعل في بيت المال، أي: لزيادة زجرها بحرمان أجرها فقال عليّ: كرم الله وجهه أي: زاد الله نور وجهه، قيل: وإنما دعي له بكرم الله وجهه؛ لأنه لم ينظر إلى عورته الغليظة أبدًا بغير ضرورة، وفي نسخة: رضي الله عنه لها صداقها بما استحل أي: استمتع من فرجها، أي: ببعضها بنكاح فاسد وإذا انقضت عدَّتها من الأوَّل أي: من الزوج الأول تزوجها الآخر بكسر الخاء المعجمة أي: ينكحها الزوج بنكاح جديد إن شاء، أي: إذ لا عدة ثانية، وأما إذا زاد ثالث أن يتزوجها، فلا يجوز حتى تخرج من عدة الثاني فرجع عمر رضي الله عنه إلى قول عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه فإن الحق أحق أن يتبع إذا ظهر، والمجتهد قد يخطئ وقد يصيب فيؤجر في كل منهما إذا كان خطؤه في العمليات، وإذا كان في الاعتقاديات فلا يؤجر ولا يعذر.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما قاله على رضي الله عنه وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا رحمهم الله تعالى.
* * *
547 -
أخبرنا يزيد بن عبد الله بن الهَادِ، عن محمد بن إبراهيم، عن
(1) التقريب (1/ 520).
(547)
إسناده صحيح.
سليمان بن يَسَار، عن عبد الله بن أبي أُمَيَّة: أن امرأة هَلَك عنها زوجها، فاعتدت أربعة أشهر وعشرًا، ثم تزوّجت حين حَلَّت، فمكثت عند زوجها أربعة أشهر ونصفًا، ثم وَلَدَت ولدًا تامّا، فجاء زوجها إلى عمر بن الخطاب، فدعا عمر نساء من نساءِ أهل الجاهلية قدماء، فسألهن عن ذلك، فقالت امرأة منهنّ: أنا أُخْبرك: أما هذه المرأة فهلك زوجها حين حملت، فَأُهْريقت الدماء، فَحَشَفَ وَلَدُها في بطنها، فلما أصابها زوجها الذي نكحته وأصاب الولدَ الماء، تحرّك الولد في بطنها، وكبر، فَصَدَّقها عمر بذلك، وفرَّق بينهما، وقال عمر: أما إنه لم يبلغني عنكما إلا خير، وأَلْحَقَ الولد بالأوّل.
قال محمد: وبهذا نأخذ، الولد ولد الأوّل، لأنها جاءت به عند الآخر لأقل من ستة أشهر، ولا تلد المرأة ولدًا تامّا لأقل من ستة أشهر؛ فهو ابنٌ للأوَّل، ويفرق بينها وبين الآخر، ولها المهر، بما استحلّ من فرجها: الأقَلُّ مما سمى لها ومن مهر مثلها، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• أخبرنا يزيد بن عبد الله بن (ق 585) الهَادِ، بحذف الياء ويجوز إثباتها أو ابن أسامة الليثي يكني أبا عبد الله المدني ثقة مكثر، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين، من أهل المدينة مات سنة تسع وثلاثين بعد المائة، كذا في (تقريب التهذيب)(1) عن محمد بن إبراهيم، بن الحارث بن خالد التيمي، يكنى أبا عبد الله المدني ثقة له أفراد، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة عشرين بعد المائة من الهجرة عن سليمان بن يَسَار، الهلالي المدني مولى ميمونة، وقيل: أم سلمة، ثقة فاضل أحد الفقهاء السبعة، كان في الطبقة الثالثة من طبقات كبار التابعين من أهل المدينة، مات بعد المائة وقيل قبلها عن عبد الله بن أبي أُمَيَّة: أسند الخطيب البغدادي من طريق البغدادي قال محمد بن عمر: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولعبد الله بن أبي أمية ثمان سنين، كما قاله ابن حجر في (الإِصابة): أن امرأة هَلَك أي: مات عنها زوجها، فاعتدت أي: توقفت أربعة أشهر وعشرًا، أي: ليال ثم
(1) التقريب (1/ 602).
تزوّجت حين حَلَّت، أي: خرجت من عدتها فمكثت عند زوجها أي: لبثت وقعدت عند زوجها الثاني أربعة أشهر ونصفًا، أي: نصف شهر ثم وَلَدَت ولدًا تامَّا، أي: كاملًا غير سقط ناقص الخلقة فجاء زوجها إلى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه أي: فأخبره بما جرى له في هذا الباب فدعا عمر نساء أي: جماعة من نساءِ أهل الجاهلية قدماء، فسألهن عن ذلك، أي: مما جرى هنالك فقالت امرأة منهنّ: أنا أُخْبرك: أي: بحقيقة الأمر أما هذه المرأة فهلك وفي نسخة الشارح: فإنما زوجها حين حملت، أي: حبلت فَأُهْريقت بضم الهمزة وسكون وفتحها، أي: صببت الدماء، فَحَشَّ بفتح الحاء المهملة وبفتح السين المعجمة المشددة، بمعنى يبس وَلَدُها في بطنها، كما يقال: أحشيت السيد إذا يبست وثلث، كما قاله محمد الواني في (ترجمة الجوهري) فلما أصابها أي: وطئها زوجها الذي نكحته على بناء الماضي للمجهول وأصاب أي: وصل الولدَ بالنصب على أنه مفعول مقدم على الفاعل اهتمامًا لشأنه: وهو الماء أي: مني زوجها، تحرّك الولد في بطنها، وكبر، بفتح الكاف وضم الموحدة، أي: جشم وظهر كبره وثقله، فإذا قرئ بكسر الموحدة يكون بمعنى أسن أي: طال عمره لكن المراد هو الأول هنا فَصَدَّقها عمر بذلك، أي: الخبر وفرَّق بينهما، أي: حكم أو أمر بالتفريق بينهما وقال عمر: أما بالتحقيق للتنبيه إنه أي: الشأن لم يبلغني عنكما إلا خير، أي: صلاح وديانة وإنما قال عمر هذا القول تطييبًا بقلبي الزوج والزوجة وترغيبًا بهما لإِطاعة الشرع وأَلْحَقَ الولد بالأوّل أي: سلمه بأقارب زوجها الأول توفر عنها، فإن قيل: كيف يصل ماء الزوج الثاني إلى الولد في بطن أمه وقد طبع الله فم الرحم، أجيب عنه بأن مائه يصل إليه فيه بالترشح، كما يجتمع البول في المثاني بالترشح كذا نقله الزيلعي عن الأطباء.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه الولد ولد الأوّل، لأنها جاءت به أي: ولدته عند الآخر بفتح الخاء المعجمة وكسرها والأول أظهر فتدبر لأقل من ستة أشهر، اللام للتوقيت أي: زمان أقل من أقل مدة الحمل ولا تلد المرأة ولدًا تاما لأقل من ستة أشهر؛ لقوله تعالى في سورة الأحقاف: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] فأكثر الرضاع حولان، وأقل الحمل ستة أشهر فهو ابنٌ للأوَّل، (ق 586) ويفرق أي: يحكم القاضي بالتفريق بينها وبين الآخر، أي: سواء