الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، أخبرنا نافع، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لم يكن يضحي عما أي: عن جنين في بطن المرأة، أي: لأنه ما خرج إلى دار التكليف.
قال محمد: وبه نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه نافع عن ابن عمر: لا يُضَحى عما في بطن المرأة، ولعله لا يشبه إلى قول أبي حنيفة إذ لا رواية عنه.
لما فرغ من بيان أجناس الحيوان يجوز الأضحية منها، شرع في بيان حيوان لا يجوز أن يكون أضحية، فقال: هذا
* * *
باب ما يُكره من الضحايا
باب في بيان ما أي: حيوان يُكره أي: كراهة تحريم من الضحايا أو من الحيوانات التي لا تجوز أن تكون أضحية، وجه المناسبة بين هذا الباب وبين الكتاب السابق الإِباحية والحظر.
633 -
أخبرنا مالك، أخبرنا عمرو بن الحارث: أن عُبيد بن فيروز أخبره عن البراء بن عازب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: ماذا يُتَّقى من الضحايا؟ فأشار بيده، وقال:"أربع"، وكان البراءُ يشير بيده ويقول: يدي أقصر من يده صلى الله عليه وسلم وهي: "العرجاء البين ظلعها، والعوراء البيّن عورها، والمريضة البيّن مرضها، والعجْفاءُ التي لا تُنْقى".
قال محمد: فبهذا نأخذ، فأما العرجاءُ فإذا مشت على رجلها فهي تجزئ، وإذا كانت لا تمشي لم تجزئ؛ وأما العوراءُ فإن كان بقي من البصر أكثر من نصف البصر أجزأت، وإن ذهب النصف فصاعدًا لم تجزئ، وأما المريضة التي فسدت لمرضها، والعجفاءُ التي لا تُنْقَى فإنهما لا يُجزئان.
(633) إسناده صحيح.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي أخرى: ثنا، أخبرنا عمرو بن الحارث بن يعقوب بن عبد الله الأنصاري، مولاهم مصري، يُكنى أبا أيوب، (ق 657) ثقة فقيه حافظ، كان في الطبقة السابعة من طبقات التابعين من أهل مصر، ولد سنة اثنين وتسعين بعثه صالح بن أمية من المدينة إلى مصر مؤدبًا لبنيه، مات قديمًا قبل الخمسين والمائة، كذا في (تقريب التهذيب) عَنْ، وفي نسخة: أَنَّ عُبيد بن فيروز الشيباني، مولاهم يُكنى أبا الضحاك والكوفي، نزيل الجزيرة وهي بلده، بناها ابن عمر فوق الموصل، بينهما ثلاثة أيام، كان في الإِقليم الثالث من الأقاليم السبعة، كان ثقة، وكان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل الكوفة أو الجزيرة، كذا قاله ياقوت الحموي وابن حجر في (معجم البلدان)، و (تقريب التهذيب)، أخبره أي: عمرو بن الحارث عن البراء بن عازب بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي، صحابي ابن صحابي، رضي الله عنه، نزيل الكوفة، استصغر يوم بدر، فكان لدة ابن عمر، مات سنة اثنين وسبعين، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماذا يُتَّقى أي: أي شيء من الحيوانات تحترز عنه من الضحايا؟ بيان بما قال سعيد بن زيد الباجي المالكي: دل هذا على أن للضحايا صفات يُتقى بعضها، ولو لم يعلم أنها منها شيء، لسئل: هل يتقى من الضحايا شيء؟ فأشار أي: النبي صلى الله عليه وسلم بيده، وقال:"أربعًا"، أي: تتقي، وفي نسخة: أربع بالرفع، أي: لا يجوز من الضحايا أربع، كما في رواية، وكان البراءُ بن عازب يشير بيده أي: موافقة بما رواه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما وافقه صلى الله عليه وسلم أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، ومسح يده على أنفه وقال حين روى عنه صلى الله عليه وسلم:"رغم أنف أبي ذر".
كما روى مسلم (1) عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة"، وقال أبو ذر: وإن زنى يا رسول الله؟ قال: "وإن زنى"، قال أبو ذر: وإن زنى يا رسول الله؟ قال: "وإن زنى"، قال أبو ذر في المرة الثالثة: وإن زنى وإن سرق؟ قال: "وإن زنى وإن سرق"، ووضع صلى الله عليه وسلم يده على جبهة أبي ذر وأمرَّها على أنفه، وقال تلطفًا:"رغم أنف أبي ذر"، وفي هذا الحديث دليل على إباحة ما يقوله المحدث ويفعله أثناء تحديثه، فما يشوق السامعين للعلم ويؤلف قلوبهم،
(1) مسلم (1/ 94)، رقم (94).
ويقول: يدي أقصر من يده صلى الله عليه وسلم أي: حسا ومعنى، هذا من قبيل إطلاق اسم الكل على البعض، ففي رواية ابن عبد البر عن ابن وهب، عن عمرو والليث وابن لهيعة بسندهم عن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشار بإصبعه، قال: وإصبعي أقصر من إصبع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يشير بإصبعه ويقول:"لا يجوز من الضحايا أربع"، وهي: أي: الأربع: العرجاء البين أي: الظاهر ظلْعُها، بفتح الظاء المعجمة، وإسكان اللام، أي: عرجها، وهي التي لا تلحق الغنم في مشيها، وقال أبو حنيفة: تجزئ ويرد عليه الحديث، ولا شك أن العرجاء تجزئ وتمشي، والعرج من صفات المشي، وأما التي لا تمشي فلا يقال لها: عرجاء، فإن خف العرج فلم يمنعها أن تسير بسير الغنم أجزأت، كما هو مفهوم الحديث، والعوراء بالمد تأنيث، البيّن عورها، بفتحتين، كذا قاله علي القاري، وهو ذهاب بصر إحدى عينيها، فإن كان بها بياض قليل على الناظر لا يمنعها الإِبصار، (ق 658) أو كان على غير الناظر أجزأت، قاله محمد عن مالك، وهو مفهوم الحديث، والمريضة البيّن مرضها، أي: بأي مرض كان يشرط وضوحه، فهو عام عطف عليه خاصًا، بقوله: والعجْفاءُ بالمد مؤنث أعجف الضعيفة، التي لا تُنْقى، بضم الفوقية وإسكان النون وقاف، أي: لا مخ في عظامها، وفي رواية قاسم بن أصبغ: والكسيرة التي لا تنقي، يريد بها التي لا تقوم ولا تنهض من الهزال.
وهذه العيوب الأربع مجمع عليها، وما في معناها داخل فيها، ولا سيما إذا كانت العلة فيها أبين، فإذا لم تجز العوراء والعرجاء والعمياء ومقطوعة الرجل أخرى وقد أم المرض والعرج الخفيفين، والنقطة اليسيرة في العين، والمهزولة التي ليست بغاية من الهزال تجزئ من الضحايا والهدايا، كما قاله الفاضل الزرقاني (1).
قال محمد: فبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه البراء بن عازب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونغمرها بما تبين، فأما العرجاءُ فإذا مشت أي: إلى المذبح والمرعى على رجلها فهي تجزئ، من الإِجزاء مهموزًا، أي: يكفي ويجوز بها، ولكن قُلبت الهمزة ياء لوقوعها فيها، وانكسار ما قبلها، وإذا كانت لا تمشي أي: بنفسها لم تجزئ؛ في نسخة: لا تجزئ، وأما العوراءُ فإن كان بقي من البصر أي: قوة لأكثر من نصف البصر أجزأت، أي: فإن
(1) في شرحه (3/ 93).