الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي: التأني - في كل شيء خير، إلا في عمل الآخرة" رواه أبو داود سليمان بن أشعث السجستاني عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حتى إذا كادت أي: قاربت أن تحلّ أي: أن تخرج من عدتها ارتجعها، أي: راجعها ثم عاد أي: على حاله فآثر الشابة أي: اختارها فناشدته أي: حلفته على الطلاق، أي: ثانيًا فطلقها واحدة أي: ثانيًا ثم أمهلها أي: أنظرها حتى إذا كادت أن تحل أي: تنقضي عدتها ارتجعها أي: راجعها لا يقال: هذا مضارة، فإنه لم يقصد به إلا إصلاح حالها وتسكين بالها بالتدرج من مطاوعة مقالها كما يدل عليه ما سيأتي ثم عاد أي: حاله فأثر الشابة فناشدته الطلاق أي: ثالثًا فقال أي: لها ما شئتِ، أي: أي شيء أردت؛ فإنك مخيرة إنما بقيت واحدة، أي: من عدد الطلاق الثلاث فإن شئت أي: الإِقامة عندنا استقررت أي: ثبت على ما ترين من الأثَرة، بفتح الهمزة والتاء المثلثة وبالكسر والسكون هما الاسم من أثر يؤثر إيثارًا أي: اختاره اختيارًا وإن شئت أي: المفارقة الكلية عنا طلقتك، قالت: بل أستقرّ على الأثَرة، أي: لا تطلقني وأنا أستمر على اختياري بك فأمسكها على ذلك، أي: على اختيارها وهو استمرارها تحت نكاحه ولم ير رافعٌ أي: ابن خديج أن عليه بفتح الهمزة والنون المخففة من الثقيلة والجار والمجرور وخبرها المقدم في ذلك أي: إمساكها أن إثمًا المؤخر حين رضيت أن تستقر على الأثْرة وذلك لما روي أن سودة أم المؤمنين رضي الله عنها كانت امرأة كبيرة وأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يفارقها، فقالت: لا تفارقني وإنما أحب أن أبعث في نسائك، وقد جعلت نوبتي لعائشة فأمسكها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يقسم لعائشة يومها ويوم سودة.
قال محمد: لا بأس أي: لا جناح بذلك القسم بذلك إذا رضيت به المرأة، ولها أن ترجع عنه أي: عما رضي إلى مطالبة حقها إذا بدا لها، أي: ظهر لها رأي آخر وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
لما فرغ من بيان حكم حال الرجل تكون عنده امرأتان فيختار إحديهما على الأخرى، شرع في بيان أحكام اللعان، فقال: هذا
* * *
باب اللعان
باب في بيان أحكام اللعان، وهو مصدر يلاعنه ملاعنة ولعانًا يقال: لاعن امرأته
ملاعنة ولعانًا وهو في اللغة: بمعنى الطرد (ق 622) والبعد، وفي الشرع: ما يجري بين الزوجين من الشهادات الأربع المقرونة باللعن من الرجل وبالغضب من المرأة، وصفة اللعان أن يبدأ بالزوج فيقول أربع مرات: أشهد بالله أني صادق فيما رميتها به، وفي الخامسة لعنة الله عليها إن كان كاذبًا فيما رميها به من الزنا، يشير إليها في جميع ذلك، ثم تقول هي أربع مرات: أشهد بالله أنه كاذب فيما رماني به من الزنا، وتقول الزوجة في الخامسة: غضب الله عليه إن كان صادقًا فيما رماني به من الزنا تشير إليه وفي جميع ذلك.
وسبب اللعان: قذف الرجل امرأته العفيفة والبريئة عن الزنا بأن قال لها: يا زانية، أو رأيتك تزنين، أو أنت زانية وهو قائم مقام حد القذف في حق الزوج ومقام حد الزنا في حق الزوجة، يعني: أنهما إذا تلاعنا سقط عنهما حد القذف وحد الزنا.
وشرط اللعان: قيام الزوجة وكون النكاح صحيحًا فلا لعان بقذف المبانة والميتة، وأهل اللعان من هو أهل للشهادة فلا لعان بين الزوج المسلم وبين الزوجة الكافرة ولا بين مملوكين ولا إذا كان أحدهما صبيًا، أو مجنونًا أو محدودًا بقذف، وحكم اللعان حرمة الوطء والاستمتاع بعد التلاعن، وقبل تفريق القاضي بينهما عن مالك والشافعي وزفر من أصحاب أبي حنيفة خلافًا لأبي حنيفة، فإن عنده يلزم بتفريق القاضي بأن يقول: فرقت بينكما، وكذا روي عن أبي يوسف، فلو مات أحدهما قبل التفريق ورثه الآخر، كما قاله التمرتاشي والشمني في شرح (تنوير الأبصار والنقاية)، واستنبط المصنف هذه الترجمة من قوله تعالى في سورة النور:{وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور: 7].
587 -
أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، عن ابن عمر: أن رجلًا لاعَنَ امرأته في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتفى من ولدها، ففرَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وألحق الولد بالمرأة.
قال محمد: وبهذا نأخذ، إذا نَفَى الرجل ولدَ امرأته ولَاعَنَ فُرِّق بينهما، ولزم الولد أمَّه، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة محمد قال: بنا أخبرنا نافع، بن عبد الله المدني مولى ابن
(587) حديث صحيح، أخرجه مسلم (1494) وأبو داود (2/ 278) وابن ماجه (1/ 669).