الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دخل بها الزوج الثاني أو لم يدخل، ولا تتزوج حتى تلد الولد ولها المهر، بما استحلّ من فرجها: أي: وإن دخل بها كما هو الظاهر من بيان القضية الأقَلُّ مما سمى لها ومن مهر مثلها، أي: إن لم يسم لها وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
لما فرغ من بيان حكم حال المرأة تتزوج في عدتها بزوج آخر، شرع في بيان حكم حال الرجل يعزل عند الجماع، فقال: هذا
* * *
باب العزل
في بيان حكم حال الرجل يقصد العزل، هو أن يجامع الرجل امرأته فإذا قرب الإِنزال نزع الذكر وأنزل خارج الفرج.
548 -
أخبرنا مالك، أخبرنا سالم أبو النَّضر، عن عامر بن سعد بن أبي وقَّاص، عن أبيه، أنه كان يَعْزِل.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي أخرى: ثنا أخبرنا سالم بن أبي أمية أبو النَّضر، مولى عمر بن عبيد بن معمر القرشي التيمي المدني، ثقة ثبت، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، مات سنة تسع وعشرين بعد المائة من الهجرة عن عامر بن سعد بن أبي وقَّاص، الزهري المدني، ثقة كان في في الطبقة الثالثة من طبقات كبار التابعين، ابن الصحابي، مات سنة أربع ومائة عن أبيه، أي: عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة أنه كان يَعْزِل أي: عن نسائه أو إمائه، والثاني هو الظاهر وهو شاهد للترجمة.
* * *
549 -
أخبرنا مالك، أخبرنا سالم أبو النضر، عن عبد الرحمن بن أفْلَح مولى أبي أيُّوب الأنصاري، عن أم ولد أبي أيوب، أن أبا أيوب كان يَعْزِل.
(548) إسناده صحيح.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا سالم أبو النضر، بفتح النون وسكون الضاد المعجمة، مولى عمر بن عبيد الله بن معمر القرشي التيمي المدني، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، كذا قاله ابن حجر في (تقريب التهذيب)(1) والطيبي في (شرح مشكاة المصابيح) عن عبد الرحمن بن أفْلَح هو عمر بضم العين ابن كثير المدني، ثقة، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين، من أهل المدينة مولى أبي أيُّوب اسمه خالد بن زيد، والمراد بالمولى ولاء الحليف يعني: عبد الرحمن بن أفلح حليف الأنصاري، كالإِمام مالك بن أنس، هو أصبحي صلبية وقيل له: التيمي لكون نفره أصبح مولى لتيم قريش بالحلف، وقيل: لأن جد مالك عمير بن أبي عامر، كان أجيرًا لطلحة بن عبد الله التيمي وطلحة محتلف بالتجارة كذا قاله عبد الرحيم بن الحسين العراقي في (شرح الألفية من الأصول) الأنصاري الصحابي شهد بدرًا، ونزل المدينة حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم فيها، مات غازيًا بالروم سنة خمسين، وقيل بعدها كذا في (تقريب التهذيب) وقبره الشريف خارج عن صور القسطنطينية نحو الميلين يزال الآن عن أم ولد أبي أيوب، أن أبا أيوب خالد بن زيد رضي الله عنه كان يَعْزِل أي: ينزل المني خارج الفرج إذا وطئ؛ لأنه كان يرى الترخيص فيه كزيد وجابر وابن عباس وسعد قال ابن عبد البر: هو قول جمهور الفقهاء يعني أن العزل بغير إذنها.
* * *
550 -
أخبرنا مالك، أخبرنا ضَمْرَة بن سعيد المازني، عن الحجَّاج بن عمرو بن غَزِيَّة: أنه كان جالسًا عند زيد بن ثابت، فجاءَه ابن قَهْد: رجل من أهل اليمن، فقال: يا أبا سعيد، إن عندي جَوَاريَ، ليس نسائي اللاتي أُكِنُّ بِأعْجَبَ إليَّ منهنّ، وليس كلهن يعجبني أن تحمل مني، أفأعزل؟ قال: أفْتِه يا حجّاج، قال: قلتُ: غفر الله لك، إنما نجلس إليك لنتعلم منك، قال: أفْتِه، قال: قلتُ: هو حَدَّثَك، إن شئتَ أعطشته وإن شئتَ سقيته، قال: وقد كنتُ أسمع ذلك من زيد، فقال زيد: صَدَقَ.
(1) التقريب (1/ 226).
(550)
إسناده صحيح.
قال محمد: وبهذا نأخذ، لا نرى بالعزل بأسًا عن الأَمَة، فأما الحُرَّة فلا ينبغي أن يُعْزَل عنها إلا بإذنها، وإذا كانت الأمة زوجة الرجل فلا ينبغي أن يَعْزِل عنها إلا بإذن مولاها، وهو قولُ أبي حنيفة.
أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا ضَمْرَة بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم ابن سعيد بكسر العين المازني، الأنصاري المدني، ثقة كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين، من أهل المدينة عن الحجَّاج بن عمرو بفتح العين وسكون الميم ابن غَزِيَّة: بفتح العين المعجمة وكسر الزاي وتشديد التحتية المفتوحة الأنصاري المازني المدني صاحبي شهد صفين مع علي، صفين بكسر الصاد (ق 587) المهملة وتشديد الفاء المكسورة وسكون التحتية فنون موضع قرب الرقة بشاطئ الفرات، كانت فيه الوقعة العظمى بين علي ومعاوية غرة صفر سنة سبع وثلاثين، فمن ثمة احترز الناس عن السفر في صفر وذلك أن عليًا رضي الله عنه بايعة أهل الحل والعقد بعد قتل عثمان رضي الله عنه، وامتنع معاوية في أهل الشام إليه مع جرين البجلي بالدخول في الطاعة، فأبى فخرج إليه علي في أهل العراق في سبعين ألفًا فيهم تسعون بدريًا وسبعمائة من أهل بيعة الرضوان وأربعمائة في سائر المهاجرين والأنصار، وخرج معاوية في أهل الشام في خمسة وثمانين ألفًا من أهل العراق عشرون ألفًا وقيل: خمسة وأربعون ألفًا من أهل الشام وخمسة وعشرون ألفًا من أهل العراق، وآل الآمر في معاوية ومن معه إلى طلب التحكيم. ثم رجع علي إلى العراق فخرجت عليه الحرورية فقتلهم بالنهروان، ومات بعد ذلك فبايع ابنه الحسن رضي الله عنه أربعون ألفًا على الموت، وخرج بالعساكر لقتال أهل الشام، وخرج إليه معاوية فوقع بينهم الصلح، كما قال صلى الله عليه وسلم:"إن ابني هذا سيد ولعل الله يصلح بين الفئتين من المسلمين". كذا قاله الزرقاني.
أنه أي: الحجاج بن عمرو كان جالسًا عند زيد بن ثابت، أي: الأنصاري فجاءَه ابن قَهْد: بفتح القاف وسكون الهاء فدال مهملة على في المعنى، وقيل: بالفاء إذا لم يعرف بقاف إلا قيس بن قحد رجل من أهل اليمن، بدل من ابن قهد فقال: أي: ابن قهد لزيد يا أبا سعيد، إن عندي جَوَاريَ، بفتح الجيم جمع جارية أي: إماء ليس نسائي اللاتي أُكِنُّ بضم الهمزة وكسر الكاف وتشديد النون صلة الموصول والعائد إليه محذوف، أي: ليس
لي نساء أسترها وأضمها إليَّ بِأعْجَبَ أي: أحسن وأرغب إليَّ منهنّ، أي: إمائي وليس كلهن أي: والحال لم يكن جميع إمائي يعجبني على صيغة الجمع المؤنث الغائبة من باب الأفعال أي: يرضيني أي تحمل أي أن تحمل كل واحدة منهن مني، لأني أحتاج إلى بيعهن ونحو ذلك أفأعزل؟ أي: عن كلهن أو بعضهن قال أي: زيد أمر إلى حجاج بن عمر أفْتِه أي: أجب إلى رجل من أهل اليمن يا حجّاج، ولعله كان معروفًا بالفقه من التابعين قال: أي: الحجاج قلتُ: أي: لزيد بن ثابت غفر الله لك، هذا على منوال عفى الله عنك وحفظك وأمثال ذلك إنما نجلس إليك أي: عندك كما في (الموطأ) لمالك لنتعلم منك، وفي نسخة: لنعلم من باب علم لكن الأولى أحسن، والمعنى أنك أعلم مني، فكيف أفتي بمحضرتك ومع وجود الماء لا يجوز التيمم قال: أفْتِه، أي: أجبه امتحانًا لعلمه، أو لعدم استحضاره في حكمه قال: أي: حجاج قلتُ: أي: للسائل هو أن يضع أمامك حَرثَك، أي: موضع زرعك وفيه قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] إن شئتَ أعطشته أي: منعت الماء عنه وإن شئتَ سقيته أي: رويته، وفيه إشارة إلى أن ترك منزل أفضل فإن الحرث بالماء أكمل قال: أي: الحجاج وقد كنتُ أسمع ذلك أي: الجواب من زيد، أي: فجوابي كان مثبتًا على جوابه فقال زيد: أي: للسائل صَدَقَ أي: المجيب؛ (ق 588) لأنه حله.
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما قاله حجاج بن عمرو لا نرى بالعزل بأسًا أي: كراهة عن الأَمَة، أي: فإنها مملوكة وليس لها رضاء معتبر في الحجاج وغيره، وأيضًا قد يكره الرجل ولادة الأمة ونسلها من حيث جناية أصلها، أو من جهة فوق ما له في فصلها فأما الحُرَّة فلا ينبغي أي: لا يجوز أن يُعْزَل عنها إلا بإذنها، وإذا كانت الأمة أي: أمة أحد زوجة الرجل أي: تزوجها بشرائطه فلا ينبغي أن يَعْزِل عنها إلا بإذن مولاها، أي: مالكها من سيدتها وهو قولُ أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وبه قال مالك وأحمد المسألتين خلافًا للشافعي فيهما على الراجح مذهبها.
* * *
551 -
أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن
(551) إسناده صحيح.
عبد الله بن عمر، أن عمر بن الخطاب قال: ما بالُ رجالٍ يَعْزِلون عن ولائِدهم، لا تأتيني وليدة فيعترف سيدها أنه قد ألَمَّ بها، إلا ألحقتُ به ولدها، فاعزلوا بعدُ أو اتركوا.
قال محمد: إنما صنع هذا عمر على التهديد للناس، أن يُضَيِّعوا ولائِدهم وهم يطئونهن.
قد بلغنا أن زيد بن ثابت وطئ جارية له، فجاءت بولد، فنفاه.
وأن عمر بن الخطاب وطئ جارية له فحملت، فقال: اللهم لا تُلحق بآل عمر من ليس منهم، فجاءَت بغلام أسود، وأَقَرَّت أنه من الراعي، فانتفى منه عمر.
وكان أبو حنيفة يقول: إذا حصّنها ولم يدعها تخرج فجاءَت بولد لم يسعه فيما بينه وبين ربه أن ينتفي منه، فبهذا نأخذ.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا أخبرنا ابن شهاب أي: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، المدني ثقة، كان في الطبقة الرابعة من طبقات التابعين من أهل المدينة عن سالم بن عبد الله، أي: ابن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، يكنى أبا عبد الله المدني، أحد الفقهاء السبعة، كان ثبتًا عابدًا فاضلًا، وكان يشبه بأبيه في الهدي والسمت، وكان في الطبقة الثالثة من كبار التابعين، مات في آخر سنة ست ومائة بعد الهجرة عن عبد الله بن عمر، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ما بالُ أي: أي شيء يخطر بقلوب رجالٍ يَعزِلون عن ولائِدهم، بفتح الواو واللام فألف وكسر الهمزة والدال المهملة على وزن قلائد جمع الوليدة، أي: عن إمائهم لا تأتيني وليدة أي: أمة فيعترف سيدها أي: يقر مولاها أنه قد ألَمَّ بها، بفتح الهمزة واللام وتشديد الميم المفتوحة، أي: جامعها إلا ألحقتُ به أي: أضم سيدها ولدها، وحكمت بأنه ولده، ولو لم تعترف أنه منه فاعزلوا بعدُ بضم الدال مبنيًا أي: بعده، كما في نسخة، والمعنى بعد هذا الحكم إن شئتم فاعزلوا أو اتركوا أي: العزل.
قال محمد: إنما صنع عمر هذا أي: حكم عمر رضي الله عنه على التهديد للناس، أن يُضَيِّعوا أي: لئلا يضيعوا أو كراهة أن يضيعوا ولائِدهم أي: إمائهم وهم أي: الناس يطئونهن جملة حالية احترازية.
قد بلغنا أن زيد بن ثابت وطئ جارية له، فجاءت بولد، فنفاه أي: زيد فدل على جواز نفي ولدها بعد وطئها، ولعل ذلك بسبب خروجها ودخولها واحتمال غيره بوصلها.
وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وطئ جارية له فحملت، بفتح الميم فحبلت فقال: أي: عمر بن الخطاب اللهم لا تُلحق من الإِلحاق بآل عمر بمد الهمزة بأتباع عمر وأولاده وأقربائه من ليس منهم، أي: ليس من آل عمر أو من كان من أولاد الزنا فجاءَت أي: فولدت جارية له بغلام أسود، فأقرت أي: فاعترفت أنه أي: الغلام من الراعي، فانتفى منه عمر أي: تبرء من أن يكون ولده، وهل هنا معارض بما سبق عن الظاهر، لا لأن انتفائه بعد إقرارها، بل ويدل على وفاق ما تقدم وعاؤه.
وكان أبو حنيفة يقول: إذا حصّنها أي: الجارية الموطؤة بأن حفظها من وصولها إلى غيره ولم يدعها أي: لم يتركها تخرج أي: من محلها إلى موضع يوجب الريبة والشبهة فجاءَت بولد لم يسعه بفتح السين المهملة أي: لم يجز له فيما بينه وبين ربه عز وجل أي: ديانة لا قضاء (ق 589) وحكومة الفرق بين الديانة والقضاء صورتهما لو استفتى أحد عن فقيه أن لفلان علي درهم وقد قضيته برئت ذمتي منه فإنه يقضيه بالبراءة عن دينه، وإذا سمع القاضي ذلك منه يقضي عليه بالدين إلا أن يقيم بينه على الإِبقاء، كذا قال عزمي زادة في (حاشية المنار) أن ينتفي منه، أي: من ذلك الولد، مفهومه أنه إذا لم يحصنها فجاءت بولد جاز له أن لا يقربها فبهذا نأخذ أي: بقول أبي حنيفة نعمل ونفتي.
* * *
552 -
أخبرنا مالك، حدثنا نافع عن صفية بنت أبي عُبَيْد قالت: قال عمر بن الخطاب: ما بالُ رجالٍ يطئون ولائِدهم، ثم يدَعُونهن فيخرجن، والله لا
(552) إسناده صحيح.
تأتيني وَلِيدَة فيعترف سيدها أن قد وطِئَها إلا ألحقتُ به ولدها، فأرسلوهن بعدُ أو أمسكوهن.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا حدثنا نافع بن عبد الله المدني مولى ابن عمر ثقة فقيه مشهور، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين من أهل المدينة عن صفية بنت أبي عُبَيْد بالتصغير أي: ابن مسعود الثقفية، زوج ابن عمر قيل: لها إدراك، وأنكره الدارقطني، وقال العجلي: ثقة، كانت في الطبقة الثانية من طبقات التابعيات، من أهل المدينة قالت: قال عمر بن الخطاب: رضي الله عنه ما بالُ أي: أي شيء خطر إلى قلوب رجالٍ يطئون ولائِدهم، أي: إمائهم ثم يدَعُونهن بفتح الدال المخففة أي: يتركونهن فيخرجن، أي: من بيوتهن من غير أن يكون أحد معهن والله لا تأتيني وَلِيدَة أي: أمة فيعترف سيدها أن قد وطِئَها إلا ألحقتُ من الإِلحاق أي: حكمت وضممت به أي: بالسيد ولدها، فأرسلوهن بعدُ مبني على الضم أو أمسكوهن أي: أسكنوهن، كما في نسخة: واحفظوهن.
لما فرغ من بيان أحكام النكاح، شرع في بيان أحاكم الطلاق، فقال: هذا
* * *