الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يقسم بما شاء من خلقه، كالليل والنهار ليعجب بها المخلوقين ويعرفهم قدرتهم لعظم شأنها عندهم، ولدلالتها على خالقها أما المخلوق فلا يقسم إلا بالخالق كذا قاله الزرقاني (1).
قال محمد: وبهذا نأخذ، أي: لا نعمل إلا بما رواه ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينبغي أي: لا يجوز لأحد أن يحلف، بأبيه ولا بغيره من أمه وأخيه وصاحبته وبنيه فمن كان أي: فمن أراد أن يكون حالفًا فليحلف بالله، ثم ليبرر أي: إن كان البر خيرًا من الحنث أو ليصمت وقد روى أبو داود (2): "من حلف بالأمانة فليس منا" وورد في مسند أحمد (3): "من حلف فليحلف برب الكعبة" فلا يجوز القسم بالنبي والقرآن والكعبة.
لما فرغ من بيان حكم حال من حلف بغير الله تعالى، شرع في بيان حال من نذر باب جعل ماله لباب الكعبة، فقال: هذا
* * *
باب من جعل ماله لباب الكعبة
في بيان حكم حال الرجل يقول ماله، أي: يجعل ماله بأن نذره في رتاج الكعبة الرتاج: بكسر الراء المهملة والفوقية فألف وجيم الباب العظيم، وجعل فلان ماله في رتاج الكعبة، أي: نذره لها هديًا، وليس المراد نفس الباب كذا في نسخة (المغرب) و (المصباح).
755 -
أخبرنا مالك، أخبرني أيوب بن موسى؛ من ولد سعيد بن العاص، عن منصور بن عبد الرحمن الحَجَبي، عن أمه، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت فيمن قال: ما لي في رِتَاج الكعبة، يكفِّر ذلك ما يكفر اليمين.
قال محمد: قد بلغنا هذا عن عائشة رضوان الله عليها، وأحبّ إلينا أن يفي بما جعل على نفسه، فيتصدق بذلك، ويمسك ما يَقُوتُه، فإذا أفاد مالًا تصدق بمثل ما كان أمسك، وهو قولُ أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.
(1) في شرحه (3/ 89).
(2)
في كتاب الأيمان والنذور (3253)، وسنده صحيح.
(3)
في المسند (6/ 372).
(755)
إسناده صحيح.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا مالك أخبرني أيوب بن موسى؛ من ولد بضم الواو وفتحها وسكون اللام والدال المهملة مضاف إلى سعيد أي: من أولاد سعيد بن العاص، بغير تحتية، فإن أصله عوص أجوف واوي، يكنى أبا موسى المكي الأموي ثقة كان في الطبقة السادسة من طبقات التابعين من أهل مكة، مات سنة اثنين وثلاثين ومائة من الهجرة عن منصور بن عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث العبدي الحَجَبي، بفتح الحاء المهملة والجيم والموحدة، نسبة إلى حجاب الكعبة، وهو ابن صفية بنت شيبة ثقة، كان في الطبقة الخامسة من طبقات التابعين، من أهل مكة مات سنة سبع أو ثمان وثلاثين ومائة كذا في (تقريب التهذيب) (1) عن أبيه أي: عن عبد الرحمن وفي نسخة: عن أمه، كما في (الموطأ) لمالك عن أمه صفية بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت فيمن قال: ما لي في رِتَاج الكعبة، أي: بابها يعني أن عائشة رضي الله عنها سئلت عن رجل قال: ما لي في رتاج الكعبة، فقالت: يكفِّر ذلك أي: القول ما يكفر اليمين وهو أن يعتق العبد أو يكسو عشرة مساكين أو (ق 791) يطعمهم وإن لم يستطع أحد بهن فيصوم ثلاثة أيام متتابعات، أي: إذا أراد أن يصرف فيما يتعلق بالكعبة من عمارتها ونحوها، والمعنى أنه مخير بين الوفاء بنذره وبين الكفارة في حنثه.
قال الزرقاني (2): ولم يأخذ الإِمام مالك بهذا الحديث، وفي (المدونة) عنه: لا يلزمه شيء لا كفارة يمين ولا غيرها.
وقال الشافعي وأحمد: عليه الكفارة يمين.
وقال أبو حنيفة: عليه إخراج ماله كله ولا يترك إلا ما يداري عورته، ويقدمه فإذا أفاد قيمته وأخرجه.
قال ابن عبد البر (3): أظنه جعله كالمفلس يقسم ماله بين غربائه ويترك ما لا بد منه انتهى.
كما قال محمد: قد بلغنا هذا أي: الحديث عن عائشة رضوان الله عليها، وأحبّ
(1)(1/ 547).
(2)
في شرحه (3/ 91).
(3)
في التمهيد (3/ 91).