الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: أنه لا يلزمه الترتيب، بل هو على التخيير، وهو رواية عن أحمد ومالك، واستدلوا بما أخرجه مسلم وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة المجامع في نهار رمضان، قال: فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكفر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينًا.
وقد أجاب الجمهور بأن هذه الرواية شاذة، وأن المحفوظ هو رواية الترتيب التي تقدمت في أول الفصل، والذين رووها على التخيير هم: مالك، وابن جريج، وفُليح بن سليمان، وعمرو بن عثمان، ولكن قد خالفهم جمع كبير، فرووا الحديث بالترتيب، منهم: ابن عيينة، وشعيب، والأوزاعي، والليث، وإبراهيم بن سعد، ومنصور وآخرون، حتى قال الحافظ: بل روى الترتيب عن الزهري كذلك تمام ثلاثين نفسًا أو أَزْيد.
والراجح هو القول الأول، وهو ترجيح النووي، والحافظ، والصنعاني وغيرهم، والله أعلم.
انظر: "المغني"(3/ 29)، "الفتح"(1936)، "شرح المهذب"(6/ 333 - 334)، "الاستذكار"(10/ 95 - 96).
مسألة: هل يلزم المرأة كفارة إذا لم تكن مكرهة
؟
في المسألة قولان:
الأول: أنه يلزمها، وهو قول مالك، وأبي حنيفة، وأبي ثور، وابن المنذر، ورواية عن أحمد، وقول عن الشافعي، وعزاه الحافظ للجمهور، واستدلوا بقوله في حديث
المجامع امرأته في نهار رمضان في بعض طرق الحديث: هلكت وأهلكت. وقالوا: بيان الحكم للرجل بيان في حقها؛ لاشتراكهما في تحريم الفطر، وقد رجح هذا القول الإمام ابن باز، والعلامة ابن عثيمين رحمهما الله.
القول الثاني: أنه لا يلزمها، وهو قول الحسن، والأوزاعي، وهو رواية عن أحمد، وقول للشافعي، وهو الصحيح عند الشافعية، وهو قول داود، وأهل الظاهر، وابن حزم، واستدلوا: بقوله صلى الله عليه وسلم: «تصدق بهذا» ، جاءت زيادة في خارج "الصحيحين":«عن نفسك» ، ويؤيدها رواية في البخاري بلفظ:«أطعم هذا عنك» ، فأفرده بالخطاب، ولم يتعرض للمرأة، وكذا قوله: «هل تجد
…
؟»، «هل تستطيع؟» ، وكذلك استدلوا بسكوت النبي صلى الله عليه وسلم عن إعلام المرأة بالكفارة مع الحاجة.
وأجابوا عن أدلة الجمهور بما يلي:
1) قوله: (هلكتُ وأهلكتُ)، هذه الزيادة ضعيفة، وقد ذكر البيهقي أن للحاكم في بطلانها ثلاثة أجزاء، وقد لخص الحافظ الكلام عليها في "الفتح".
وقال الحافظ: ولا يلزم من ذلك تعدد الكفارة، بل لا يلزم من قوله:(وأهلكت) إيجاب الكفارة عليها، بل يحتمل أن يريد بقوله:(هلكت)، أي: أثمت، و (أهلكت) أي: كنت سببًا في تأثيم من طاوعتني، فواقعتها؛ إذ لا ريب في حصول الإثم على المطاوعة، ولا يلزم من ذلك إثبات الكفارة، ولا نفيها، أو المعنى: هلكت حيث وقعت على شيءٍ لا أقدر على كفارته، وأهلكت، أي: نفسي بفعلي الذي جر عليَّ الإثم. اهـ