الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والراجح -والله أعلم- هو القول الأول.
وأما ما استدل به الشافعي فقد أجاب عنه ابن قدامة، فقال: ولنا على الشافعي أنه زوال عقل في بعض النهار، فلم يمنع صحة الصوم كالإغماء والنوم، ويفارق الحيض؛ فإنَّ الحيض لا يمنع الوجوب، وإنما يجوز تأخير الصوم ويحرم فعله. اهـ
تنبيه:
الحنفية يقولون: إذا جُنَّ بعض الشهر، وأفاق بعضه؛ لزمه قضاء ما فاته، وخالفهم الجمهور؛ فرأوا أنه لا قضاء عليه، ومذهب المالكية قضاء رمضان، ولو جنَّ فيه كله. والصحيح قول الجمهور.
انظر: "المغني"(3/ 12) شرح "كتاب الصيام"(1/ 45 - 46)، "الإنصاف"(3/ 264)، "المحلى"(754)، "الشرح الممتع"(6/ 365)"الحاوي الكبير"(3/ 463 - ).
مسألة: من نوى الصيام، ثم أُغْمِي عليه
؟
إذا أغمي عليه جميع النهار: فقد ذهب أحمد، والشافعي إلى أنه لا يصح صومه، وهو ترجيح شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن قدامة.
واستدل ابن قدامة لهذا القول بقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل: «يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي» .
(1)
قال: فأضاف ترك الطعام والشراب إليه، فإذا كان مغمى عليه؛ فلا يضاف الإمساك إليه، فلم يجزئه؛ ولأنَّ النية أحد ركني الصوم فلا تجزئ وحدها كالإمساك وحده، وأما
(1)
أخرجه البخاري (1894)، ومسلم (1151)(164)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
القضاء فالذي عليه الجمهور أنه يلزمه؛ لأنه مازال مكلفًا، ولأن الإغماء مرض، وقد قال تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184]. وهو ترجيح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
وقد قال ابن قدامة رحمه الله: بغير خلاف علمناه. اهـ
لكن الصحيح وجود الخلاف كما في "الإنصاف"، ثم قلت: لعل الخلاف لبعض المتأخرين، فقد نقل الإجماع المزني، وهو متقدم؛ فقال رحمه الله كما في الحاوي (15/ 496): وأجمعوا أنه لو أغمي عليه الشهر كله؛ فلم يعقل فيه أن عليه قضاءه. اهـ وانظر "المحلى"(4/ 365).
وأما إذا أغمي عليه بعض النهار: فالذي عليه الحنابلة، وهو أحد قولي الشافعي: أن صومه يجزئه، وهو قول الحنفية، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "شرحه للعمدة" حيث قال بعد أن ذكر الحديث المتقدم: والإمساك لا يكون إلا مع حضور العقل، ولم نشترط وجود الإمساك في جميع النهار، بل اكتفينا بوجوده في بعضه؛ لأنه دخل في عموم قوله:«يدع طعامه وشهوته من أجلي» . وقال بهذا القول المالكية؛ إلا أنهم اعتبروه بشرط أن يفيق أكثر اليوم.
وذهب الشافعي في أحد قوليه إلى أن الإفاقة تعتبر إذا كانت في أول النهار. وهو قول المالكية فيما إذا أفاق أقل اليوم.
والراجح ما تقدم قبلُ، والله أعلم.
انظر: "المغني"(3/ 12)، "الشرح الممتع"(6/ 365)، "الإنصاف"(3/ 264) شرح