الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنه القدر الذي تضمنته الآية، والله أعلم.
قلتُ: يريد قوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} [البقرة:196].
قال: وسبب تسميتها أيام التشريق؛ لأن لحوم الأضاحي تُشَرَّق، أي: تنشر في الشمس، وقيل غير ذلك.
مسألة: حكم صيام أيام التشريق
؟
فيه ثلاثة أقوال:
الأول: الجواز مطلقًا، حكاه ابن المنذر وغيره عن الزبير بن العوام، وأبي طلحة.
وقال القرطبي في "المفهم": وقال بجوازها بعض السلف، وكأنهم لم يبلغهم النهي عن صيامها.
الثاني: المنع مطلقًا، ذكره ابن المنذر، عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم، وهو قول الشافعي في الجديد، وعليه أكثر أصحابه، وهو قول أبي حنيفة، ورجحه ابن حزم، وابن المنذر، وقال به من التابعين: الحسن، وعطاء، وعبيد بن عمير.
واستدلوا بما يلي:
1 -
حديث نُبَيشة رضي الله عنه في "صحيح مسلم"(1141): أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله» .
وجاء معناه من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه في "مسلم"(1142)، ومن
حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند ابن ماجه (1719)، ومن حديث بشر بن سُحَيم عند النسائي (8/ 104)، وابن ماجه (1720)، وغيرهما، ومن حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه عند أحمد (4/ 152)، وأبي داود (2419)، والترمذي (773)، وثلاثتها في "الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين".
2 -
حديث عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عند أبي داود (2418)، قال: هذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بإفطارها وينهانا عن صيامها.
يعني أيام التشريق، وصححه شيخنا في "الجامع الصحيح".
الثالث: جواز صومهن للمتمتع إذا لم يجد الهدي دون غيره، وهو قول ابن عمر، وعائشة رضي الله عنهم، وصح عن ابن عباس أنه كان يصومها كما في مصنف ابن أبي شيبة (4/ 94)، وذهب إليه مالك، والشافعي في القديم، وهو مذهب الحنابلة، واستدلوا على الجواز للمتمتع بعموم الآية {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة:196]؛ فإن عموم هذه الآية تشمل أيام التشريق؛ لأنها من أيام الحج.
وقد عارض هذا العموم عموم الحديث المتقدم: «كان يأمرنا بإفطارها وينهانا عن صيامها» ؛ فإنها عامة في الحاج وغيره؛ فوجب ترجيح أحد العمومين، وتخصيص الآخر بالعام الراجح.
وقد رجح الصنعاني رحمه الله عموم الحديث، فقال: لكونه مقصودًا بالدلالة على أنها ليست محلاًّ للصوم، وأن ذاتها باعتبار ما هي مؤهلة له كأنها منافية للصوم. اهـ
والذي يظهر لي والله أعلم هو ترجيح عموم الآية؛ لأنه قد جاء عند