الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالث: استحباب صومه، وقد كان ابن الزبير، وأسامة بن زيد، وعائشة رضي الله عنهم،
(1)
يصومونه، وكان ذلك يعجب الحسن، ويحكيه عن عثمان، ونقله ابن المنذر عن إسحاق بن راهويه، وهو القول القديم للشافعي، وحكاه الخطابي عن أحمد، واختاره الآجرِّي، وقيد بعض هؤلاء الاستحباب بما إذا لم يضعفه عن الوقوف والدعاء، واستدلوا بعموم حديث:«يكفر السنة الماضية والباقية» .
وأما حديث ميمونة، وأم الفضل، فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: واستدل بهذين الحديثين على استحباب الفطر يوم عرفة بعرفة، وفيه نظر؛ لأن فعله المُجرِّد لا يدل على نفي الاستحباب؛ إذ قد يترك الشيءَ المستحب لبيان الجواز، ويكون في حقه أفضل؛ لمصلحة التبيلغ.
انظر: "الفتح"(1989)، "المجموع" (6/ 349 - 350) ط: مكتبة الإرشاد، "الإنصاف"(3/ 310)، "المحلى"(793).
مسألة: صيام عاشوراء
؟
جاء في "صحيح مسلم"(1162)(197) عن أبي قتادة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عاشوراء؟ فقال:«يكفر السنة الماضية» .
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم"(8/ 4): اتفق العلماء على أن صوم عاشوراء سُنَّة. اهـ
(1)
ذكر ذلك الحافظ في "الفتح"(4/ 280)، وذكره ابن حزم في "المحلى"(4/ 439) من طريق حماد ابن سلمة بإسناد صحيح، ومن طريق هشام بن عروة عن ابن الزبير، وأخرجه عن عائشة، وابن الزبير رضي الله عنهما: ابن أبي شيبة (4/ 1/191) بإسناد صحيح، وأثر أسامة لم أقف عليه.
وقد اختُلف في تعيين يوم عاشوراء:
فذهب جماهير العلماء من السلف والخلف إلى أن عاشوراء هو اليوم العاشر من محرم.
وقد قيل: إنه اليوم التاسع، وقالوا: إنه مذهب ابن عباس، واستدلوا على ذلك بما في "صحيح مسلم" (1133): أن الحكم بن الأعرج سأل ابن عباس عن صيام عاشوراء فقال: إذا رأيت هلال محرم فَاعْدُد، وأصبح يوم التاسع صائمًا.
قلت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه؟ قال: نعم.
والظاهر أن ابن عباس رضي الله عنهما إنما أراد بصيام التاسع مخالفة اليهود لا أنه هو اليوم التاسع بدليل ما جاء عنه أيضًا في "صحيح مسلم"(1134)، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع» ، فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويؤيده ما ثبت عند سعيد بن منصور، بإسناد صحيح كما في كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم"(1/ 250، 415)، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: صوموا التاسع والعاشر؛ خالفوا اليهود، ثم وجدته عند عبدالرزاق (7839)، والبيهقي (4/ 287)، بإسناد صحيح أيضًا.
انظر: "شرح مسلم"(8/ 11 - 12)، "الفتح"(2007)، "تفسير القرطبي"(1/ 391).