الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وانظر: "الأوسط"(4/ 281)، "المغني"(3/ 273).
مسألة: ما الذي يستحب قراءته في صلاة العيدين
؟
في "صحيح مسلم" عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الأَضْحَى والفطر بِـ: {ق} وَ {اقْتَرَبَتِ} .
وفي "صحيح مسلم" عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ، وَفِي الْجُمُعَةِ بِـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}» ، قَالَ:«وَإِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ، فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، يَقْرَأُ بِهِمَا أَيْضًا فِي الصَّلَاتَيْنِ» .
وقد جاء ذلك أيضًا في "مسند أحمد"(5/ 7)، عن سمرة بن جندب رضي الله عنه.
ويستحب أن يقرأ في ركعتي العيد بما ورد في هذين الحديثين.
وقد اختار القراءة بما جاء في حديث أبي واقد رضي الله عنه الإمام الشافعي رحمه الله.
واختار أحمد القراءة بـ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} ، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} .
قلتُ: وبأيهما قرأ؛ فقد أصاب السنة، والله أعلم. وانظر:"المغني"(3/ 269).
مسألة: صلاة العيدين قبل الخطبة
.
في "الصحيحين" عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يُصَلُّونَ العِيدَيْنِ قَبْلَ الخُطْبَةِ. وقد جاء الحديث أيضًا بنحوه عن ابن عباس، وجابر رضي الله عنهما وغيرهما، في "الصحيحين"، وغيرهما.
وقد دلَّ الحديث على أنَّ خطبة العيد بعد الصلاة.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني"(3/ 276): لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إلَّا عَنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمَا فَعَلَاهُ، وَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ عَنْهُمَا، وَلَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِ بَنِي أُمَيَّةَ؛ لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالْإِجْمَاعِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُمْ، وَمُخَالِفٌ لِسُنَّةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم الصَّحِيحَةِ، وَقَدْ أُنْكِرَ عَلَيْهِمْ فِعْلُهُمْ، وَعُدَّ بِدْعَةً وَمُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ. اهـ
قال أبو عبد الله غفر الله له: أما الأثر عن عثمان رضي الله عنه ففي "نيل الأوطار"(1284): قال العراقي: لم أجد له إسنادًا. وقال أبو بكر بن العربي: يقال: إنَّ أول من قدمها عثمان، وهو كذب لا يلتفتون إليه. اهـ
ثم رأيته قد أخرجه ابن أبي شيبة (14/ 182) وابن المنذر في "الأوسط"(4/ 272) من طريق حُمَيْدٌ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ: مَنْ أَوَّلُ مَنْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: عُثْمَان بْنُ عَفَّانَ صَلَّى بِالنَّاسِ، ثُمَّ خَطَبَهُمْ فَرَأَى نَاسًا كَثِيرًا لَمْ يُدْرِكُوا الصَّلَاةَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ. وهذا إسنادٌ ضعيف؛ لأن الحسن لم يدرك عثمان رضي الله عنه، ثم وجدت له طريقًا أخرى: أخرجه عبد الرزاق (3/ 284) عن ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن عثمان به، وهذا إسناد ظاهره الصحة، ولعله فعل ذلك نادرًا؛ لما رآه من المصلحة في إدراك الناس الصلاة، أو يكون ما ثبت عنه في "الصحيحين" أرجح من هذا، والله أعلم.
وأما الأثر عن ابن الزبير فأخرجه ابن أبي شيبة (2/ 170) بإسناد صحيح.
قال العراقي رحمه الله كما في "النيل"(1284): وأما فعل ابن الزبير فرواه ابن أبي
شيبة، وإنما فعل ذلك لأمر وقع بينه وبين ابن عباس، ولعل ابن الزبير كان يرى ذلك جائزًا. اهـ
قلتُ: وابن الزبير رضي الله عنه مجتهد أخطأ؛ لأنه خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفائه الراشدين.
وقد جاء عن عمر رضي الله عنه أنه بدأ بالخطبة قبل الصلاة، ففي "مصنف ابن أبي شيبة"(2/ 171) عن عبدة بن سليمان، عن يحيى بن سعيد، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، قال: كان الناس يبدءون بالصلاة ثم يثنون بالخطبة حتى إذا كان عمر، وكثر الناس في زمانه، فكان إذا ذهب يخطب ذهب جفاة الناس، فلما رأى ذلك عمر؛ بدأ بالخطبة حتى ختم بالصلاة.
قلتُ: إسناده ظاهره الصحة، لكن قال العراقي رحمه الله كما في "النيل" (1284): وهذا الأثر وإن كان رجاله ثقات؛ فهو شاذ، مخالف لما ثبت في "الصحيحين" عن عمر من رواية ابنه عبد الله، وابن عباس، وروايتهما عنه أولى. اهـ
قلتُ: ويؤيد شذوذه أن عبدة بن سليمان قد خولف في إسناده؛ فقد خالفه ابن عيينة فرواه عن يحيى بن سعيد، عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن عثمان به. وتقدم تخريج أثر عثمان قريبًا.
فائدة: قال الحافظ رحمه الله في "الفتح"[باب (7) من كتاب العيدين]: واختلف في أول من غيَّر ذلك، فرواية طارق بن شهاب عن أبي سعيد عند مسلم صريحة في أنه
مروان
(1)
.
وقيل: بل سبقه إلى ذلك عثمان. وروى ابن المنذر بإسناد صحيح إلى الحسن البصري قال: أول من خطب قبل الصلاة عثمان، صلى بالناس ثم خطبهم. يعني على العادة، فرأى ناسًا لم يدركوا الصلاة ففعل ذلك، أي: صار يخطب قبل الصلاة
(2)
.
وهذه العلة غير التي اعتل بها مروان؛ لأن عثمان رأى مصلحة الجماعة في إدراكهم الصلاة، وأما مروان فراعى مصلحتهم في إسماعهم الخطبة، لكن قيل: إنهم كانوا في زمن مروان يتعمدون ترك سماع خطبته؛ لما فيها من سب من لا يستحق السب، والإفراط في مدح بعض الناس. فعلى هذا إنما راعى مصلحة نفسه.
ويحتمل أن يكون عثمان فعل ذلك أحيانًا بخلاف مروان فواظب عليه؛ فلذلك نسب إليه، وقد روي عن عمر مثل فعل عثمان، قال عياض ومن تبعه: لا يصح عنه. وفيما قالوه نظر؛ لأن عبدالرزاق وابن أبي شيبة روياه جميعًا عن ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن يوسف بن عبد الله بن سلام. وهذا إسناد صحيح، لكن يعارضه حديث ابن عباس المذكور في الباب الذي بعده، وكذا حديث ابن عمر؛ فإن جمع بوقوع ذلك منه نادرًا وإلا فما في "الصحيحين" أصح.
وقد أخرج الشافعي عن عبد الله بن يزيد نحو حديث ابن عباس، وزاد: حتى قدم معاوية، فقدم الخطبة. فهذا يشير إلى أن مروان إنما فعل ذلك تبعًا لمعاوية؛ لأنه كان أمير المدينة من جهته، وروى عبدالرزاق عن ابن جريج، عن الزهري قال: أول من أحدث
(1)
أخرجه مسلم برقم (49).
(2)
منقطع؛ فالحسن لم يسمع من عثمان رضي الله عنه، وتقدم تخريجه قريبًا.