الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغيرهما أن ذلك حصل أيضًا في عهد عمر بن الخطاب رحمه الله.
انظر: "المجموع"(6/ 306).
مسألة: إذا تعجل في الإفطار ظانًّا أن الشمس قد غربت، ثم تبين له أن الشمس لم تغرب، فما الحكم
؟
ذهب الجمهور إلى أنه يجب عليه الإمساك والقضاء، وهو قول مالك، وأحمد، وأبي ثور، ورجح ذلك الشيخ ابن باز رحمه الله.
واستدلوا بما يلي:
1 -
قول الله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:187].
2 -
قال هشام بن عروة، وهو من رُواة حديث أسماء المتقدم عند أن سئل فقيل له: فأمروا بالقضاء؟ فقال: بدٌّ من قضاء.
3 -
ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند عبدالرزاق (4/ 178)، أنه قال بعد أن حصل له ذلك: الخطب يسير، وقد اجتهدنا نقضي يومًا.
4 -
قال الحافظ: ويرجحه أنه لو غُمَّ هلال رمضان، فأصبحوا مفطرين، ثم تبين لهم أن ذلك اليوم من رمضان، فالقضاء واجب بالاتفاق، فكذلك هذا.
وذهب إسحاق، وأحمد في رواية، وداود، وبه قال المزني من الشافعية، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، ثم الشيخ ابن عثيمين إلى أنه يجب عليه الإمساك، ولا يجب عليه القضاء.
واستدلوا بما يلي:
1 -
قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286].
2 -
قوله صلى الله عليه وسلم: «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فَلْيُتم صومه»
(1)
، فيقاس عليه من أفطر ظانًّا غروب الشمس بجامع الجهل بالحال؛ فإن كليهما يجهل أنه في حال يحرم عليه الأكل والشرب.
3 -
قوله صلى الله عليه وسلم: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان» .
(2)
4 -
أن الأصل عدم الإيجاب عليه إلا بدليل، فما هو الدليل على وجوب القضاء.
5 -
أن الحديث المذكور -أعني حديث أسماء رضي الله عنها - ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالقضاء، ولو أمرهم به لَنُقِل، وهذا القول هو الراجح، وقد اختاره إمام الأئمة ابن خزيمة، إلا أن الأحوط أن يقضي يومًا كما قال عمر رضي الله عنه.
وأما الرد على أدلة المذهب الأول، فكما يلي:
1 -
أما عن قوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} :
فهذا قد أفطر ظانًّا أن الليل قد أتى، وقد تقدم أنه يجوز الإفطار لغلبة الظن.
2 -
قول هشام بن عروة: بدٌ من قضاء.
(1)
أخرجه البخاري برقم (1933)، ومسلم برقم (1155) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
هذا الحديث لا أصل له بلفظ: «رفع» والمشهور بلفظ: «إن الله تجاوز عن أمتي» وهو مع ذلك لا يثبت من جميع طرقه، وقد تكلم عليه ابن رجب رحمه الله في "جامع العلوم والحكم" بما يشفي ويكفي (39)، ولكن معناه صحيح؛ لدلالة الكتاب والسنة على ما جاء فيه.
يجاب عنه بأن البخاري قد أورد في "صحيحه" أيضًا أن هشامًا سئل؟ فقال: لا أدري أقضوا أم لا؟!
فهذا يدل على أنه قال ذلك باجتهاد منه، وقد قال شيخ الإسلام: وأبو ه أعلم منه، وقد كان يقول: لا قضاء عليهم.
أما أثر عمر فقد صح عنه، وأورد له البيهقي عدة طرق، انظر "السنن الكبرى"(4/ 217).
وقد أخرج عبدالرزاق (4/ 179)، والبيهقي (4/ 217)، عن زيد بن وهب عن عمر رضي الله عنه، أنه قال: والله لا نقضيه، وما تجانفنا لإثم.
قال البيهقي رحمه الله: وفي تظاهر هذه الروايات عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في القضاء دليل على خطإِ رواية زيد بن وهب في ترك القضاء.
ثم قال: وكان يعقوب بن سفيان الفارسي يحمل على زيد بن وهب بهذه الرواية المخالفة للروايات المتقدمة، وزيد ثقة إلا أن الخطأ غير مأمون، والله يعصمنا من الزلل والخطإ. اهـ
3 -
والجواب عن أثر عمر رضي الله عنه، أن هذا اجتهاد منه، والحجة بالكتاب والسنة لا باجتهاد صحابي، وقد خالفه غيره، والله أعلم.
4 -
أما الاتفاق الذي نقله الحافظ فليس بصحيح، فقد وجد الخلاف في الصورة التي ذكرها كما في "الفتاوى"(25/ 109)، و"الإنصاف"(3/ 254)، "المحلى"(4/ 293 - 294)(729)، وقد تقدمت هذه المسألة في الباب الأول من