الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البخاري (1997)، عن عبد الله بن عمر، وعائشة رضي الله عنهم، أنهما قالا: لم يرخص في أيام التشريق أن يُصَمن إلا لمن لم يجد الهدي.
وقولهما: (لم يرخص) يحتمل أنهما أرادا لم يرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فلا إشكال، ويحتمل أنهما فهماه من الآية المتقدمة -وهو الأقرب- وعلى هذا ففهمهما لذلك من القرائن في ترجيح عموم الآية.
ومما يدل على ذلك أن الصوم إنما يجب على المتمتع عند عدم وجود الهدي، والهدي إنما يلزمه يوم النحر، فلو أن إنسانًا ظن أنه سيجد هديًا يوم النحر، فلم يجد أو فقد ماله يوم النحر؛ فإنه ليس له سبيل إلا أن يصوم أيام التشريق، وقد أشار إلى نحو ما ذكرته ابن جرير الطبري في "تفسيره"(2/ 250).
وعلى هذا: فالصحيح من الأقوال هو القول الثالث، ويخصص عموم الحديث؛ لأنه مرجوح بعموم الآية؛ لأنه راجح فيكون صيام أيام التشريق محرمًا؛ لدلالة الحديث إلا على المتمتع الذي لم يجد الهدي؛ لعموم الآية، والله أعلم.
انظر: "الفتح"(1996)، "نيل الأوطار"(4/ 263)، "سبل السلام"(4/ 166)، "المجموع"(6/ 443)، "المُفْهم"(3/ 199)، "تفسير القرطبي"(2/ 400 - 401)، "المحلى"(802).
مسألة: إفراد يوم الجمعة بالصوم
؟
فيه ثلاثة أقوال:
الأول: التحريم.
نقله أبو الطيب الطبري عن أحمد، وابن المنذر، وبعض الشافعية، ونقل ابن المنذر، وابن حزم منع صومه عن علي
(1)
، وأبي هريرة
(2)
، وسلمان
(3)
، وأبي ذر
(4)
رضي الله عنهم.
قال ابن حزم رحمه الله: لا نعلم لهم مخالفًا من الصحابة. اهـ
وهو الذي رجحه الصنعاني، والشوكاني، وهو الراجح، ويدل عليه حديث أبي هريرة رضي الله عنه، في "الصحيحين"
(5)
، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا يصومن أحدكم يوم الجمعة، إلا أن يصوم يومًا قبله أو يومًا بعده» .
وكذلك حديث جُوَيرية رضي الله عنها في "البخاري"(1986)، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها في يوم جمعة وهي صائمة، فقال لها:«أصمت أمس؟» قالت: لا. قال: «أتصومين غدًا؟» قالت: لا، قال:«فأفطري» ، والأصل في الأمر الوجوب.
الثاني: الكراهة، وهو قول الجمهور، واستدلوا بالأدلة المتقدمة.
الثالث: الاستحباب، وهو قول مالك.
قال الداودي: لم يبلغ مالكًا هذا الحديث، ولو بلغه لم يخالفه، وهو قول أبي حنيفة. اهـ
(1)
أثر علي أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 44) بإسنادين، في أحدهما الحارث الأعور وهو كذاب، وفي الآخر عمران بن ظبيان وهو ضعيف.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 44) بإسناد صحيح.
(3)
أخرجه عبدالرزاق (4/ 279) بإسناد منقطع مرفوعًا، ولم يوجد موقوفًا.
(4)
أخرجه عبدالرزاق (4/ 281) وابن أبي شيبة (3/ 44) وإسناده صحيح.
(5)
أخرجه البخاري (1985)، ومسلم (1144).