الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلتُ: لكن قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (25/ 103): حكى ابن عبد البر الإجماع على أن الاختلاف فيما يمكن اتفاق المطالع فيه، فأما ما كان مثل الأندلس وخراسان؛ فلا خلاف أنه لا يعتبر.
وعلى هذا فرؤية أهل المغرب لا تعتبر على أهل المشرق، إلا مع اتحاد المطلع، ولكن يظهر أن رؤية أهل المشرق تعتبر على أهل المغرب وإن اختلفت المطالع؛ لأن مطلعهم بعدهم؛ فإذا رأى الهلال أهل المشرق كانت رؤيتهم معتبرة على كل من كان بعدهم في المطلع، وإن تباعدوا، والله أعلم.
انظر: "المجموع"(6/ 273 - 274)، "المغني"(3/ 5)، "كتاب الصيام" من "شرح العمدة"(1/ 170 - 175)، "المُفْهم"(3/ 142)، "الفتح"(1911)، "شرح مسلم"(7/ 197)، "نيل الأوطار"(4/ 194)، "مجموع الفتاوى"(25/ 103)، "الروضة الندية"(1/ 224 - 225)، "تمام المنة"(ص 398)، "الشرح الممتع"(6/ 320 - 323)، "توضيح الأحكام"(3/ 140).
مسألة: رؤية الهلال بالنهار:
أما إذا كانت الرؤية بعد الزوال، فقد نقل ابن حزم الإجماع على أنه لا يجب الصوم إلا من الغد.
وأما قبل الزوال، ففيه مذاهب:
الأول: أنه لِلَّيلة الماضية، وهو قول الثوري، وأبي يوسف، وسلمان بن ربيعة،
وابن حبيب الأندلسي، ورواية عن عمر بن عبدالعزيز، ورواية عن أحمد، وهو ترجيح ابن حزم.
قالوا: فإن كانت الرؤية في أول الشهر أمسكوا وقضوا، وإن كانت آخر الشهر أفطروا وعيدوا؛ لأن وقت العيد باقٍ [إلا أن ابن حزم لم يذكر القضاء].
وقد استدلوا على ذلك بما رواه عبدالرزاق (4/ 163)، وابن أبي شيبة (3/ 66)، والبيهقي في "الكبرى"(4/ 213) من طريق إبراهيم النَّخعي، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى عتبة بن فَرْقَد: إذا رأيتم الهلال في آخر النهار فأتموا صومكم؛ فإنه لليلة المقبلة، وإذا رأيتموه في أول النهار فأفطروا؛ فإنه لليلة الماضية. يعني هلال شوال.
الثاني: كالمذهب الأول إلا أن الهلال في آخر الشهر للمقبلة احتياطًا للصوم، وهو رواية عن أحمد نقلها الأثرم والميموني.
الثالث: أنه لليلة المقبلة، وهو رواية عن أحمد اختارها الخرقي، وهو مذهب مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وإسحاق، والليث، والأوزاعي، ومحمد بن الحسن، ورواية عن عمر بن عبدالعزيز، ورجحه ابن عبدالبر، ونقله عن أكثر العلماء ورجح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ثم الإمام ابن عثيمين رحمه الله.
واستدلوا على ذلك بما أخرجه عبدالرزاق (4/ 162 - 163)، وابن أبي شيبة (3/ 67)، والدارقطني (2/ 168 - 169)، والبيهقي (4/ 213) بأسانيد صحيحة عن أبي وائل، قال: جاءنا كتاب عمر بن الخطاب، ونحن بِخَانِقِين أن الأَهِلَّة بعضها
أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال؛ فلا تفطروا حتى تمسوا، إلا أن يشهد رجلان مسلمان أنهما أهَلَّاه بالأمس عشيًّا.
وقد ثبت ذلك عن عثمان رضي الله عنه، كما في مصنف ابن أبي شيبة (3/ 65)
وجاء ذلك أيضًا عن ابن مسعود رضي الله عنه، أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 66) من طريق: القاسم بن عبدالرحمن عنه، أنه قال: إذا رأيتم الهلال نهارًا فلا تفطروا؛ فإن مجراه في السماء، لعله أن يكون قد أهل ساعتئذٍ.
وإسناده ضعيف بسبب انقطاعه بين القاسم، وعبد الله.
وقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما، القول بذلك، أخرجه عبدالرزاق (4/ 166) بإسناد صحيح عنه، وجاء ذلك أيضًا عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 65) بإسناد صحيح عنه.
قالوا: والتفريق بين رؤيته قبل الزوال وبعد الزوال لا يستند إلى كتاب ولا سنة.
وهذا القول هو الراجح؛ للاحتمال الذي ذُكِر في أثر ابن مسعود المتقدم.
وأما أثر عمر المتقدم الذي استدل به أهل القول الأول فهو منقطع؛ لأن إبراهيم النَّخعي لم يدرك عمر رضي الله عنه.
قال البيهقي رحمه الله: هكذا رواه إبراهيم النخعي منقطعًا، وحديث أبي وائل أصَحُّ.
انظر: "كتاب الصيام" من "شرح العمدة"(1/ 161 - 170)، "التمهيد"(7/ 177 - 178)، "الفتح"(1911)، "الروضة الندية"(1/ 224)، "المجموع"(6/ 272 - 273)، "المحلى"(6/ 239) رقم (758)، "الشرح الممتع"(6/ 319)، "السنن الكبرى"(4/ 213).