الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الراشدين رضي الله عنهم.
وقد اختلف الصحابة في المسألة، وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه المتقدم الذي في الصحيحين يدل على أن الخلفاء الراشدين كانوا يأخذون في زكاة الفطر في البر صاعًا كاملًا، وهذا هو الذي تبين لي في المسألة بعد أن كنا نقول بنصف صاع؛ اعتمادًا على الأحاديث المتقدمة، فلما تبين لنا ضعفها رجعنا إلى القول بوجوب الصاع، والله أعلم بالصواب.
انظر: "المغني"(4/ 285)، "المجموع"(6/ 142)، "المحلى"(704)، "شرح معاني الآثار"(4/ 285)، "تمام المنة"(ص 386)، "نصب الراية"(2/ 417)، "مصنف عبد الرزاق"(3/ 311)، "ابن أبي شيبة"(3/ 170).
مسألة: إذا زاد الإنسان عن القدر الواجب، ونواه نافلة
؟
سئل شيخ الإسلام رحمه الله عن ذلك كما في "مجموع الفتاوى"(25/ 70) فقال: يَجُوزُ بِلَا كَرَاهِيَةٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، كَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا، وَإِنَّمَا تُنْقَلُ كَرَاهِيَتُهُ عَنْ مَالِكٌ، وَأَمَّا النَّقْصُ عَنْ الْوَاجِبِ فَلَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. اهـ
قلت: ويجب عليه أن ينوي بالزيادة نافلة، ولا ينويها من الفرض، وبالله التوفيق.
مسألة: كم يساوي الصاع بالكيلو جرام
؟
قال الإمام النووي رحمه الله في "روضة الطالبين"(2/ 301):
الْوَاجِبُ فِي الْفِطْرَةِ صَاعٌ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ أَخْرَجَهُ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ
بِالْبَغْدَادِيِّ، وَهِيَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَثَلَاثَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ -يَعْنِي بِهِ الرَّافِعِيَّ- عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ: رِطْلُ بَغْدَادَ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ، وَبِهِ الْفَتْوَى. فَعَلَى هَذَا الصَّاعُ: سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ: الْأَصْلُ فِيهِ الْكَيْلُ، وَإِنَّمَا قَدَّرَهُ الْعُلَمَاءُ بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا.
قُلْتُ: قَدْ يَسْتَشْكِلُ ضَبْطُ الصَّاعِ بِالْأَرْطَالِ، فَإِنَّ الصَّاعَ الْمُخْرَجَ بِهِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ، وَيَخْتَلِفُ قَدْرُهُ وَزْنًا بِاخْتِلَافِ جِنْسِ مَا يَخْرُجُ، كَالذُّرَةِ وَالْحِمَّصِ وَغَيْرِهِمَا، وَفِيهِ كَلَامٌ طَوِيلٌ، وَمُخْتَصَرِهُ: أَنَّ الصَّوَابَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَبُو الْفَرَجِ الدَّارِمِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا، أَنَّ الِاعْتِمَادَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْكَيْلِ، دُونَ الْوَزْنِ، وَأَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يُخْرَجَ بِصَاعٍ مُعَايَرٍ بِالصَّاعِ الَّذِي كَانَ يُخْرَجُ بِهِ فِي عَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَلِكَ الصَّاعُ مَوْجُودٌ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْهُ، وَجَبَ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ قَدْرٍ يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ. وَعَلَى هَذَا، فَالتَّقْدِيرُ بِخَمْسَةِ أَرْطَالٍ وَثُلُثٍ تَقْرِيبًا. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: الصَّاعُ: أَرْبَعُ حَفَنَاتٍ بِكَفَّيْ رَجُلٍ مُعْتَدِلِ الْكَفَّيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في "المغني"(المسألة/60):
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ النَّاسِ أَعْلَمُهُ فِي أَنَّ الْفَرَقَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ، وَالْفَرَقُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا، فَثَبَتَ أَنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ.
وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ، فَسَأَلَهُمْ عَنْ الصَّاعِ؟ فَقَالُوا: خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلْثٌ. فَطَالَبَهُمْ بِالْحُجَّةِ فَقَالُوا: غَدًا. فَجَاءَ مِنْ الْغَدِ سَبْعُونَ شَيْخًا، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ آخِذٌ صَاعًا تَحْتَ رِدَائِهِ، فَقَالَ: صَاعِي وَرِثْته عَنْ أَبِي، وَوَرِثَهُ أَبِي عَنْ جَدِّي، حَتَّى انْتَهَوْا بِهِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَرَجَعَ أَبُو يُوسُفَ عَنْ قَوْلِهِ. وَهَذَا إسْنَادٌ مُتَوَاتِرٌ يُفِيدُ الْقَطْعَ. اهـ
والقصة المذكورة رواها البيهقي في "الكبرى"(7720) بإسناد صحيح.
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في "المغني"(المسألة/441):
وَالْمَكِيلَاتُ تَخْتَلِفُ فِي الْوَزْنِ، فَمِنْهَا الثَّقِيلُ، كَالْحِنْطَةِ وَالْعَدَسِ. وَمِنْهَا الْخَفِيفُ، كَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ، وَمِنْهَا الْمُتَوَسِّطِ.
وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ مِنْ الْحِنْطَةِ وَرَوَى جَمَاعَةٌ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: الصَّاعُ وَزَنْتُهُ فَوَجَدْته خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثَيْ رِطْلٍ حِنْطَةً. وَقَالَ حَنْبَلٌ قَالَ: أَحْمَدُ أَخَذْت الصَّاعَ مِنْ أَبِي النَّضْرِ، وَقَالَ أَبُو النَّضِرِ: أَخَذْته مِنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. وَقَالَ: هَذَا صَاعُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّذِي يُعْرَفُ بِالْمَدِينَةِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، فَأَخَذْنَا الْعَدَسَ، فَعَيَّرْنَا بِهِ، وَهُوَ أَصْلَحُ مَا يُكَالُ بِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَتَجَافَى عَنْ مَوَاضِعِهِ، فَكِلْنَا بِهِ وَوَزَنَّاهُ، فَإِذَا هُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ. وَهَذَا أَصَحُّ مَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ، وَمَا بُيِّنَ لَنَا مِنْ صَاعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ عَلَى أَنَّ مُدَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رِطْلٌ وَثُلُثٌ قَمْحًا مِنْ أَوْسَطِ الْقَمْحِ، فَمَتَى بَلَغَ الْقَمْحُ أَلْفًا وَسِتَّمِائَةِ رِطْلٍ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ قَدَّرُوا الصَّاعَ بِالثَّقِيلِ، فَأَمَّا الْخَفِيفُ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ، إذَا قَارَبَ هَذَا وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ. وَمَتَى شَكَّ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ، وَلَمْ يُوجَدْ مِكْيَالٌ يُقَدِّرُ بِهِ، فَالِاحْتِيَاطُ الْإِخْرَاجُ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ فَلَا حَرَجَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، فَلَا تَجِبُ بِالشَّكِّ.
قال الإمام ابن باز رحمه الله كما في "فتاوى نور على الدرب"(15/ 278)
الصاع النبوي أربع حفنات باليدين المعتدلتين، الحاصل أنه بالحفنات أضبط، حفنات باليدين المعتدلتين المملوءتين، هذا صاع النبي عليه الصلاة والسلام، وهو بالرطل خمسة أرطال وثلث، بالرطل العراقي، والرطل تسعون مثقالاً، والرطل والثلث يعني مائة وعشرين مثقالاً، فالمعنى أنه أربعمائة وثمانون مثقالاً، الصاع النبوي، لكن باليدين أضبط من الوزن، كونه باليدين المعتدلتين المملوءتين كما بيّن أهل اللغة.
قال الإمام العثيمين رحمه الله كما في "مجموع فتاواه"(18/ 274) إن مقدار الفطرة صاع بالصاع النبوي الذي يساوي وزنه بالمثاقيل أربعمائة وثمانين مثقالاً من البر الجيد، ووزن المثقال أربعة غرامات وربع، وبذلك يكون وزن الفطرة ألفي غرام وأربعين غراماً، وقد قيس الأرز فوجد أنه يساوي ألفي غرام ومائة غرام. اهـ
قال أبو عبد الله غفر الله له: العبرة بالصاع النبوي، وهو يساوي أربعة أمداد بكفي الرجل المعتدل الخِلْقَة. وأما تقديره بالوزن؛ فلا ينضبطُ لكل الأطعمة وزنٌ معين، وأما تقديره بخمسة أرطال وثلث، فهذا باعتبار الماء، أو البر، أو العدس،