الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة: إذا نوى الإفطار أثناء صومه
؟
المشهور من مذهب المالكية، والحنابلة أن من نوى الإفطار ولم يتناول شيئًا من المفطرات أنه يُعدُّ مُفْطِرًا، وهو قول الظاهرية، والفيروز آبادي، والبغوي، وغيرهما من الشافعية.
واستدلوا بما يلي:
1) بقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» .
2) قالوا: النية شرط في جميع الصوم، فإذا قطعها في أثنائه بقي الباقي بغير نية فبطل، وإذا بطل البعض بطل الجميع؛ لأنه لا ينفرد بعضه عن بعض.
وذهب الحنفية إلى أنَّ الصائم إذا نوى الإفطار لا يعد مفطرًا بمجرد النية، وهو مذهب الأكثر من الشافعية، واستدل الحنفية بأن مجرد النية لا عبرة به في أحكام الشرع؛ ما لم يتصل به الفعل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها مالم تعمل أو تتكلم» ، متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(1)
وقالوا أيضًا: النية شرط انعقاد الصوم لا شرط بقائه منعقدًا؛ ألا ترى أنه يبقى مع النوم والنسيان والغفلة؟!.
والراجح: هو القول الأول، وقد اختاره ابن قدامة، ورجحه السعدي، والشيخ ابن عثيمين، والشيخ صالح السدلان رحمهم الله.
(1)
أخرجه البخاري برقم (5269)، ومسلم برقم (127).
وأما الجواب عن استدلالات الحنفية، فأما الحديث فالجواب عنه:
1) أنَّ الإرادة والعزم من أفعال القلوب، فإذا عزم على رفض نية الصوم، فقد أتى بنية متصل بها فعل القلب.
2) أنَّ حديث النفس الذي لا يصاحبه عزم وتصميم مَعْفُو عنه بنص الحديث، وأما إذا صاحبه العزم والتصميم على الفعل، ولو لم يحصل الفعل ترتب الثواب والعقاب عليه؛ لقوله تعالى:{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج:25].
وفي الحديث: «القاتل والمقتول في النار» ، قالوا: يا رسول الله، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال:«إنه كان حريصًا على قتل صاحبه» متفق عليه عن أبي بكرة رضي الله عنه.
وأما قولهم: إنَّ النية شرط انعقاد الصوم لا شرط بقائه، فالجواب:
أن بقاء النية يتناول أمرين:
1 -
استصحاب الذكر. 2 - استصحاب الحكم.
فأما استصحاب الذكر إلى نهاية العمل فمعفو عنه؛ للمشقة البالغة التي لم يكلفنا الله بها. وأما استصحاب الحكم فهو البقاء على استصحاب حكم النية، وهو أنْ لا ينوي قطعها؛ ولهذا لا يؤثر النوم، ولا الغفلة في بقاء حكم النية، وهذا الثاني هو الذي يشترط في بقاء النية.
انظر: "النية وأثرها في الأحكام الشرعية" للسدلان (2/ 18 - 21)، "المغني"(3/ 24)، "الشرح الممتع"(6/ 376)، "فتاوى رمضان"(1/ 175) جمع أشرف، "المحلى"(732).