الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستدلوا بحديث عمر رضي الله عنه في "الصحيحين"
(1)
، أنه قال: يا رسول الله، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«أوْفِ بنذرك» ، والليل ليس بظرف للصوم؛ ولو كان الصوم شرطًا لما صح اعتكافه.
وقد أجيب: بأنه جاءت رواية عند مسلم بلفظ: «يومًا» ، وهذا التعقب لا يفسد الاستدلال، بل يقال: لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالصوم، ولو كان شرطًا لأمره به.
واستدلوا أيضًا باعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأُوَل من شوال كما في "الصحيحين" عن عائشة رضي الله عنها، وقالوا: إيجابُ الصومِ حكمٌ لا يثبت إلا بالشرع، ولم يصح فيه نص ولا إجماع.
والقول الثاني هو الراجح.
انظر: "المغني"(3/ 64)، "الفتح"(2032)، "شرح مسلم"(8/ 67).
مسألة: هل يشترط للاعتكاف أن يكون في المسجد
؟
أما بالنسبة للرجل فقد قال ابن قدامة رحمه الله: ولا يصح الاعتكاف في غير مسجد إذا كان المعتكف رجلًا، لا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافًا، والأصل في ذلك قول الله تعالى:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة:187]؛ فلو صح الاعتكاف في غيرها لم يختص تحريم المباشرة فيها؛ فإن المباشرة محرمة في الاعتكاف مطلقا. اهـ
وقد نقل ابن عبد البر رحمه الله الإجماع على ذلك، وكذلك القرطبي رحمه الله في
(1)
أخرجه البخاري (2032)، ومسلم (1656).
"تفسيره"، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
ولا يصح الإجماع، فقد وجد خلافٌ شاذٌّ لا يُلْتَفتُ إليه كما في "الفتح"، وقد اختلفوا في هذا المسجد:
فذهب بعضهم إلى اختصاص الاعتكاف في المساجد الثلاثة، وهو قول حذيفة رضي الله عنه، وخصَّهُ عطاءُ بمسجد مكة والمدينة، وابن المسيب بمسجد المدينة، وذهب الجمهور إلى عمومه في كل مسجد إلا من تلزمه الجمعة، فاستحب له الشافعي في المسجد الجامع، وشرطه مالك؛ لأن الاعتكاف عنده ينقطع بالجمعة.
وذهب الحسن، وحماد، والزُّهريُّ، وهو أحد قولي مالك إلى أنه لا اعتكاف إلا في مسجد تُقام فيه الجمعة.
وذهب أبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور إلى اختصاصه في المساجد التي تقام فيها الصلوات.
وهذا القول هو الراجح؛ لأنه إن اعتكف في مسجد لا تقام فيه الجماعة؛ فإنه إما أن يترك الجماعة ويبقى في المسجد وهذا لا يجوز، وإما أن يخرج كثيرًا، والخروج الكثير ينافي الاعتكاف، وهو مع ذلك يستطيع التحرز منه.
وأما حديث: «لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة» فقد أخرجه الإسماعيلي في "معجمه"(336)، والبيهقي (4/ 316)، والطحاوي (4/ 20)، والطبراني (9511)، والفاكهي (2/ 149)، من حديث حذيفة رضي الله عنه، وقد اختلف في رفعه ووقفه، والصحيح أنه موقوف على حذيفة رضي الله عنه، وعلى فرض صِحَّةِ