الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورجح شيخ الإسلام أنه يلزمهم الإمساك، ولا قضاء عليهم.
وأجيب عن القول الأول بأن قياسهم على من علم بالهلال أثناء النهار فيه نظر؛ فقد أجاب ابن حزم بأن هذا يجب عليه الإمساك من أول النهار، وأما الكافر والصبي فإنه لا يجب عليه ذلك، بل يباح له الفطر.
انظر: "المغني"(3/ 34)، "الإنصاف"(3/ 254)، "المجموع"(6/ 256)، "المحلى"(754، 760)، "مجموع الفتاوى"(25/ 109).
تاسعًا المجاهد في سبيل الله
قال الحافظ ابن القيم رحمه الله: فلو اتفق مثل هذا - يعني لقاء العدو- في الحَضَر وكان في الفطر قوة لهم على لقاء العدو فهل لهم الفطر؟ فيه قولان، أصحهما دَلِيلًا: أن لهم ذلك، وهو اختيار ابن تيمية، وبه أفتى العساكر الإسلامية لما لقوا العدو بظاهر دمشق، ولا ريب أن الفطر لذلك أولى من الفطر لمجرد السفر، بل إباحة الفطر للمسافر تنبيه على إباحته في هذه الحالة؛ فإنها أحق بجوازه؛ لأن القوة هناك تختص بالمسافر، والقوة هنا له وللمسلمين، ولأن مشقة الجهاد أعظم من مشقة السفر، ولأن المصلحة الحاصلة بالفطر للمجاهد أعظم من المصلحة بفطر المسافر، ولأن الله تعالى قال:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:60]، والفطر عند اللقاء من أعظم أسباب القوة، والنبي صلى الله عليه وسلم قد فسر القوة بالرمي، وهو لا يتم ولا يحصل به مقصوده إلا بما يقوي ويعين عليه من الفطر والغذاء؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم -
قال للصحابة لَمَّا دنوا من عدوهم: «إنكم قد دنوتم من عدوكم؛ والفطر أقوى لكم» ، وكانت رخصة، ثم نزلوا منزلا آخر فقال:«إنكم مصبحوا عدوكم؛ والفطر أقوى لكم؛ فأفطروا»
(1)
، فكانت عزمة، فأفطروا، فعلل بدنوهم من عدوهم، واحتياجهم إلى القوة التي يلقون بها العدو، وهذا سبب آخر غير السفر، والسفر مستقل بنفسه ولم يذكره في تعليله، ولا أشار إليه؛ فالتعليل به اعتبارٌ لما ألغاه الشارع في هذا الفطر الخاص، وإلغاء وصف القوة التي يقاوم بها العدو، واعتبار السفر المجرد إلغاء لما اعتبره الشارع وعلل به. انتهى من "زاد المعاد"(2/ 53 - 54).
(1)
أخرجه مسلم (1120)، من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.