الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(46)
بَابُ مَسِيرَةِ مَا (1) يُفْطِرُ فِيهِ
2413 -
حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حمَّادٍ، أَنَا اللَّيْثُ- يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ -، عن يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عن أَبِي الخَيْرِ، عن مَنْصُورٍ الْكَلْبِى: "أَنَّ دِحْيَةَ بْنَ خَلِيفَةَ
===
منها ليلًا قبل الصبح ولم ينو الصوم، وركب السفينة قبل الصبح فصار مسافرًا، فجاز له الإفطار لما فارق بيوت مصر في الجهة التي ركب فيها السفينة وإن كانت البيوت بمرأى منهم.
وأما ثالثًا: فيمكن أن يقال: إن أبا بصرة كان في فسطاط مسافرًا ولم ينو أن يصبح صائمًا، بل نوى أن يصبح مفطرًا، ثم أظهر الإفطار، والله تعالى أعلم.
(46)(بَابُ مَسِيرَةِ مَا يُفْطِرُ فِيهِ)
الصائم
2413 -
(حدثنا عيسى بن حماد، أنا الليث -يعني ابن سعد-، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير) مرثد بن عبد الله اليزني، (عن منصور) بن سعيد، ويقال: ابن زيد بن الأصبغ (الكلبي) جد أبي السحماء سهيل بن حسان بن منصور، روى عن دحية الكلبي في الإفطار في السفر القصير، وعنه أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني، قال ابن المديني: مجهول لا أعرفه، وقال ابن خزيمة: لا أعرفه، وقال العجلي: بصري تابعي ثقة.
(أن دحية بن خليفة) بن فروة بن فضالة بن امرئ القيس، صحابي أسلم قديمًا، ولم يشهد بدرًا، وشهد المشاهد، وبقي إلى خلافة معاوية، وكان رسول نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم إلى قيصر، وكان أجمل الناس وجهًا، ينزل جبرئيل في صورته، سكن دمشق، وكان منزله بقرية المِزَّة.
(1) في نسخة: "قدر ما".
خَرَجَ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ دِمَشْقَ مَرَّةً إِلَى قَدْرِ قَرْيَةِ عُقْبَةَ مِنَ الْفُسْطَاطِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ، في رَمَضَانَ، ثُمَّ إِنَّهُ أَفْطَرَ وَأَفْطَرَ مَعَهُ نَاسٌ (1)، وَكَرِهَ آخَرُونَ أَنْ يُفْطِرُوا، فَلَمَّا وَجَعَ إِلَى قَرْيَتِهِ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رأَيتُ الْيَوْمَ أَمْرًا مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي أَرَاهُ، إِنَّ قَوْمًا رَغِبُوا عن هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
===
قال في "معجم البلدان"(2): المرة بالكسر ثم التشديد، أظنه عجميًا، فإني لم أعرف له في العربية مع كسر الميم معنى: وهي قرية كبيرة غَنَّاء في وسط بساتين دمشق، بينها وبين دمشق نصف فرسخ، وبها فيما يقال قبر دحية الكلبي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال لها: مزَّة كلب.
(خرج من قرية من) قرى (دمشق) في "القاموس": دِمَشْق كحِضَجْرٍ، وقد تكسر ميمه: قاعدة الشام، سميت ببانيها دِمْشاق بن كنعان، أو دامَشْقَيوس (مرة إلى قدر قرية عقبة من الفسطاط) أي: مقدار مسافة قرية عقبة من الفسطاط، وهو المصر العتيق، والحاصل أن دحية بن خليفة خرج من قرية، وهي قرية مزة الكائنة من أعمال دمشق إلى قرية، أو محل آخر، والمسافة (3) بينهما كالمسافة بين عقبة والفسطاط.
(وذلك) أي قدر المسافة (ثلاثة أميال) فخرج من قرية إلى ثلاثة أميال (في رمضان، ثم إنه) أي دحية الكلبي (أفطر وأفطر معه ناس، وكره آخرون أن يفطروا، فلما رجع) أي دحية (إلى قريته قال: والله لقد رأيت اليوم أمرًا ما) نافية (كنت أظن أني أراه، إن قومًا رغبوا (4) عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) في نسخة: "أناس".
(2)
(5/ 122).
(3)
وفي "التقرير": والمسافة بينهما كان معلومًا للحاضرين، ثم الظاهر أنه رضي الله عنه لم يكن مقيمًا في تلك القرية، بل كان مسافرًا يصوم استحبابًا، ثم لما خرج أفطر لئلا تلحقه المشقة
…
إلخ. (ش).
(4)
إذ لم يجوِّزوا الإفطار أصلًا، كذا في "التقرير". (ش).
وَأَصْحَابِهِ، يَقُولُ ذَلِكَ لِلَّذِينَ صَامُوا، ثُمَّ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: اللهُمَّ اقْبِضْنِي إِلَيكَ". [حم 6/ 398]
===
وأصحابه، يقول ذلك للذين صاموا) أي ولم يقبلوا الرخصة في الإفطار.
ولعل دحية رضي الله عنه فهم بالقرائن أن الذين صاموا ليس صيامهم على طريق العزيمة، بل على طريق الإعراض من الرخصة عن الإفطار، فلذلك عاب عليهم ذلك، أو يكون مذهبه وجوب الإفطار في السفر، (ثم قال عند ذلك: اللَّهُمَّ اقبضني إليك).
ولفظ حديث أحمد (1): حدثنا عبد الله، حدثني أبي قال: ثنا حجاج ويونس قالا (2): ثنا الليث، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن منصور الكلبي، عن دحية بن خليفة أنه خرج من قريته (3) إلى قريب من قرية عقبة في رمضان، ثم إنه أفطر وأفطر معه ناس، وكره آخرون أن يفطروا، قال: فلما رجع إلى قريته قال: والله لقد رأيت اليوم أمرًا ما كنت أظن أن أراه، إن قومًا رغبوا عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، يقول ذلك للذين صاموا، ثم قال عند ذلك: اللَّهُمَّ اقبضني [إليك]، وهذا السياق يدل على أن عقبة قرية قريبة من دمشق، ولم أجده في "معجم البلدان".
واختلفوا في المسافة التي يجوز فيها الإفطار، فذهب الجمهور إلى أنه إنما يفطر في السفر الذي تقصر فيه الصلاة، وذلك على حسب اختلافهم في هذه المسألة، وذهب قوم إلى أنه يفطر في كل ما يطلق عليه اسم سفر، وهم أهل الظاهر، فمن الجمهور أبو حنيفة والكوفيون قالوا: لا يقصر في أقل من ثلاث مراحل، وذهب الشافعي ومالك والليث والأوزاعي وغيرهم إلى أنه
(1)"مسند أحمد"(6/ 398).
(2)
وقع في الأصل: "ثنا حجاج بن يونس قال" وهو خطأ، والصواب: "ثنا حجاج ويونس قالا
…
"، وحجاج: هو ابن محمد المصيصي، ويونس: هو ابن محمد المؤدب.
(3)
في الأصل: "قرية" وهو تحريف، والصواب:"قريته".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
لا يجوز إلَّا في مسيرة مرحلتين، وهما ثمانية وأربعون ميلًا هاشمية، وقال أنس -وهو مروي عن الأوزاعي-: إن مسافته يوم وليلة.
قال في "الفتح"(1): وقد أورد البخاري ما يدل على أن اختياره أن أقل مسافة القصر يوم وليلة، وأما أهل الظاهر فقالوا: أقل مسافة السفر ميل، كما رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن عمر، واحتج بإطلاق السفر في كتاب الله تعالى كقوله:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} (2)، وفي سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فلم يخص الله ولا رسوله ولا المسلمون بأجمعهم سفرًا من سفر، ثم احتجوا على ترك القصر فيما دون الميل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج إلى البقيع لدفن الموتى، وخرج إلى الفضاء للغائط، والناس معه، فلم يقصر ولا أفطر، فحمل حديث الباب على قول أهل الظاهر ظاهر لا إشكال فيه، وأما على قول الجمهور ففيه إشكال.
والجواب عنه: أن يقال: إن قوله: "على قدر قرية عقبة من الفسطاط" ليس هو غاية السفر بأن يكون سفره منتهيًا إلى هذا الموضع بل هو غاية الخروج، أي خرج، فلما انتهى إلى هذا المحل أفطر، ولم يبين فيه غاية السفر، فلعله يكون مريدًا لموضع آخر أبعد منه.
ويرد على هذا الجواب أن قرية مزة كانت له وطنًا ومسكنًا، فاليوم الذي خرج منها فيه لم يجز له الفطر، لأنه كان صائمًا في أول النهار.
والجواب عنه: يحتمل أن يكون دحية رضي الله عنه خرج من قرية مزة مسافرًا قبيل الفجر، فلما بلغ مسافة قدر عقبة من الفسطاط أي ثلاثة أميال أظهر الإفطار، والله تعالى أعلم، وأما قول الخطابي: إن الحديث ليس بالقوي، في إسناده رجل ليس بالمشهور، فهو قول غير متفق عليه، لأنه وإن قال فيه ابن المديني: إنه مجهول، فالعجلي قال فيه: ثقة.
(1)"فتح الباري"(2/ 566).
(2)
سورة النساء: الآية 101.