المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(2) باب نسخ قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية} - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٨

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(26) بَابٌ في الاكْفَاءِ

- ‌(27) بَابٌ: في تَزْوِيجِ مَنْ لَمْ يُولَدْ

- ‌(28) بَابُ الصَّدَاقِ

- ‌(29) بَابُ قِلَّةِ الْمَهْرِ

- ‌(30) بَابٌ: في التَّزْوِيجِ عَلَى الْعَمَلِ يُعْمَلُ

- ‌(31) بابٌ: فِيمَنْ تَزَوَّجَ وَلَمْ يُسَمِّ صَدَاقًا حَتَّى مَاتَ

- ‌(32) بَابٌ: في خُطْبَةِ النِّكَاحِ

- ‌(33) بابٌ: فِى تَزْوِيجِ الصِّغَارِ

- ‌(34) بابٌ: فِى الْمَقَامِ عِنْدَ الْبِكْرِ

- ‌(35) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهَا

- ‌(36) بَابٌ: في مَا يُقَالُ لِلْمُتَزَوِّج

- ‌(37) بَابُ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَة فيَجِدُهَا حُبْلَى

- ‌(38) بَابٌ: في الْقَسْمِ بَيْنَ النِّسَاءِ

- ‌(39) (بَابٌ: في الرَّجُلِ يَشْتَرِطُ لَهَا دَارَهَا)

- ‌(40) بَابٌ: في حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ

- ‌(41) بَابٌ: في حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا

- ‌(42) بَابٌ: في ضَرْبِ النِّسَاءِ

- ‌(43) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ

- ‌(44) بَابٌ: في وَطْءِ السَّبَايَا

- ‌(45) بَابٌ: في جَامِعِ النِّكَاح

- ‌(46) بَابٌ: في إِتْيَانِ الْحَائِضِ وَمُبَاشَرَتِهَا

- ‌(47) بَابٌ: في كفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا

- ‌(48) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَزْلِ

- ‌(49) بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ ذِكْرِ الرَّجُل مَا يَكُونُ مِنْ إِصَابَتِهِ أَهْلَهُ

- ‌(7) أَوَّلُ كِتاَبِ الطَّلَاق

- ‌(1) بَابٌ: فِيمَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا

- ‌(2) بَابٌ: في الْمَرْأَةِ تَسْاَلُ زَوْجَهَا طَلَاقَ امْرَأَةٍ لَهُ

- ‌(3) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ الطَّلَاقِ

- ‌(4) بَابٌ: في طَلَاقِ السُّنَّةِ

- ‌(5) بَابٌ: في نَسْخِ الْمُرَاجَعَةِ بَعْدَ التَّطْلِيقَاتِ الثَّلاثِ

- ‌(6) بَابٌ: في سُنَّةِ طَلَاقِ الْعَبْدِ

- ‌(7) بَابٌ: في الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ

- ‌(8) بَابٌ: في الطَّلَاقِ عَلَى غَلَطٍ

- ‌(9) بَابٌ: في الطَّلَاقِ عَلَى الْهَزْلِ

- ‌(10) بَابُ بَقِيَّة نَسْخِ الْمُرَاجَعَة بَعْدَ التَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ

- ‌(11) بَابٌ: فِيمَا عُنِيَ بِهِ الطَّلَاقُ، وَالنِّيَّاتُ

- ‌(12) بَابٌ: في الْخَيَارِ

- ‌(13) بَابٌ: في "أَمْرُكِ بِيَدِكِ

- ‌(14) بَابٌ: في الْبَتَّةِ

- ‌(15) بَابٌ: في الْوَسْوَسَةِ بِالطَّلَاقِ

- ‌(16) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ: "يَا أُخْتِي

- ‌(17) بَابٌ: في الظِّهَارِ

- ‌(18) بَابٌ: في الْخُلْعِ

- ‌(19) بَابٌ: في الْمَمْلُوكَةِ تُعْتَقُ وَهِيَ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ

- ‌(20) بَابُ مَنْ قَالَ: كَانَ حُرًّا

- ‌(21) (بَابٌ: حَتَّى مَتَى يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ

- ‌(22) بَاب: في المَمْلُوكيْن يُعْتَقَانِ مَعًا، هَلْ تُخَيَّرُ امْرَأَتُهُ

- ‌(23) بَابٌ: إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَينِ

- ‌(24) بَابٌ: إِلَى مَتَى تُرَدُّ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَهَا

- ‌(25) بَابٌ: في مَنْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ أَكثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ

- ‌(27) بَابٌ: في اللِّعَانِ

- ‌(28) بَابٌ: إِذَا شَكَّ في الْوَلَدِ

- ‌(29) بَابُ التَّغْلِيظِ في الانْتِفَاءِ

- ‌(30) بَابٌ: في ادِّعَاءِ وَلَدِ الزِّنَا

- ‌(31) بَابٌ: في الْقَافَةِ

- ‌(32) بَابُ مَنْ قَالَ بِالْقُرْعَةِ إِذَا تَنَازَعُوا في الْوَلَدِ

- ‌(33) بَابٌ: في وُجُوهِ النِّكَاحِ الَّتِي كَانَ يَتَنَاكَحُ بِهَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌(34) بَابٌ "الْوَلَدُ لِلفِرَاش

- ‌(35) بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ

- ‌(36) بَابٌ: في عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ

- ‌(37) بَابٌ: في نَسْخِ مَا اسْتُثْنِي بِهِ مِنْ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَاتِ

- ‌(38) بَابٌ: في الْمُرَاجَعَةِ

- ‌(39) بَابٌ: في نَفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ

- ‌(40) بَابُ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَة

- ‌(41) بَابٌ: في الْمَبْتُوتَة تَخْرُجُ بِالنَّهارِ

- ‌(42) (بَابُ نَسْخِ مَتَاعِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِمَا فُرِضَ لَهَا مِنَ الْمِيرَاثِ)

- ‌(43) بَابُ إِحْدَادِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌(44) بَابٌ: في الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَنْتقِل

- ‌(45) بَابُ مَنْ رَأَى التَّحَوُّلَ

- ‌(46) بَابٌ: فِيمَا تَجْتَنِبُ الْمُعْتَدَّة في عِدَّتِهَا

- ‌(47) بَابٌ: في عِدَّةِ الْحَامِلِ

- ‌(48) بَابٌ: في عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ

- ‌(49) بَابُ الْمَبْتُوتَةِ لَا يَرْجِع إِلَيْهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَنْكِحَ غَيْرَهُ

- ‌(50) بَابٌ: في تَعْظِيمِ الزِّنا

- ‌(8) أَوَّلُ كتَابِ الصِّيَامِ

- ‌(1) مَبْدَأُ فَرْضِ الصِّيَامِ

- ‌(2) بَابُ نَسْخِ قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}

- ‌(3) بَابُ مَنْ قَالَ: هِيَ مُثْبَتَةٌ للشَّيْخِ وَالْحُبْلَى

- ‌(4) بَابُ الشَّهْرِ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ

- ‌(5) بَابٌ: إِذَا أَخْطَأَ القَوْمُ الْهِلَال

- ‌(6) بَاب: إِذَا أُغْمِيَ الشَّهْرُ

- ‌(7) (بَابُ مَنْ قَالَ: فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثينَ)

- ‌(8) بَابٌ: في التَّقَدُّم

- ‌(9) بَابٌ: إِذا رُؤي الْهِلَالُ في بَلَدٍ قَبْلَ الآخَرِينَ بِلَيْلَةٍ

- ‌(10) (بَابٌ كَرَاهِيَّةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ)

- ‌(11) بَابٌ: فِيمَنْ يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ

- ‌(12) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ ذَلِكَ

- ‌(13) بَابُ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّال

- ‌(15) بَابٌ فِى تَوْكِيدِ السُّحُورِ

- ‌(16) (بَابٌ مَنْ سَمَّى السَّحُورَ غَدَاءً)

- ‌(17) بَابُ وَقْتِ السَّحُورِ

- ‌(19) (بَابُ وَقْتِ فِطْرِ الصَّائِمِ)

- ‌(20) بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ تَعْجِيلِ الفِطْرِ

- ‌(21) بَابٌ مَا يُفْطَرُ عَلَيْهِ

- ‌(22) (بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ الإفْطَارِ)

- ‌(23) (الفِطْر قَبْلَ غُرُوبِ الشَمْسِ)

- ‌(24) (فِي الْوِصَالِ)

- ‌(26) بابُ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ

- ‌(27) بَابُ الصَّائِمِ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاء مِنَ الْعَطَشِ وَيُبَالِغُ في الاسْتِنْشَاقِ

- ‌(28) (في الصائِمِ يَحْتَجِمُ)

- ‌(29) (في الرُّخْصَةِ)

- ‌(31) بَابٌ: في الكُحْلِ عِنْدَ النَّوْمِ

- ‌(32) (بَابُ الصَّائِمِ يَسْتَقِيءُ عَامِدًا)

- ‌(33) بَابُ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(34) بَابُ الصَّائِمُ يَبْلَعُ الرِّيقَ

- ‌(38) بَابُ التَّغْلِيظِ فِيمَنْ أَفْطَرَ عَمْدًا

- ‌(39) بَابُ مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا

- ‌(40) بَابُ تَأْخِيرِ قَضَاءِ رَمَضَان

- ‌(41) بَابٌ: فِيمَنْ مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَامٌ

- ‌(42) بَابُ الصَّوْمِ في السَّفَرِ

- ‌(43) بَابُ اخْتِيَارِ الْفِطْرِ

- ‌(44) بَابٌ: فِيمَنْ اخْتَارَ الصِّيَامَ

- ‌(45) بَابٌ: مَتَى يُفْطِر الْمُسَافِر إِذَا خَرَجَ

- ‌(46) (بَابُ مَسِيرَةِ مَا يُفْطِرُ فِيهِ)

- ‌(47) بَابٌ: فِيمَنْ يَقُولُ: صُمْتُ رَمَضَان كلَّهُ

- ‌(48) (بَابٌ: في صَوْمِ العِيدَيْنِ)

- ‌(49) بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌(50) بَابُ النَّهْي أَنْ يُخَصَّ يَوْمُ الْجُمُعَةِ بِصَوْمٍ

- ‌(51) (بَابُ النَّهْي أَنْ يُخَصّ يَوْمُ السَّبْتِ بِصَوْمٍ)

- ‌(52) الرُّخْصَةُ في ذَلِكَ

- ‌(53) بَابٌ: في صَوْمِ الدَّهْرِ

- ‌(54) بَابٌ: في صَوْمِ أَشْهُرِ الْحُرُمِ

- ‌(55) بَابٌ: في صَوْمِ الْمُحَرَّمِ

- ‌(56) (بَابٌ: في صَوْمِ شَعْبَانَ)

- ‌(57) بَابٌ: في صَوْمِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّال

- ‌(58) بَابٌ: كَيْفَ كَانَ يَصُومُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(59) بَابٌ: في صَوْمِ الاثْنينِ وَالْخَمِيس

- ‌(60) بَابٌ: في صَوْمِ الْعَشْرِ

- ‌(61) (في فِطْرِهِ)

- ‌(62) (في صَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ)

- ‌(63) بَابٌ: في صَوْمِ يَوْم عَاشُورَاء

- ‌(64) (مَا رُوِيَ أَنَّ عَاشُورَاءَ اليَوْمُ التَّاسِعُ)

- ‌(65) بَابٌ: في فَضْلِ صَوْمِهِ

- ‌(66) (في صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ)

- ‌(67) (بَابٌ: في صَوْمِ الثَّلاثِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ)

- ‌(68) بَابُ مَنْ قَالَ: الاثْنين وَالْخَمِيس

- ‌(69) بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يُبَالِي مِنْ أَيّ الشَّهْرِ

- ‌(70) بَابٌ: في النِّيَّةِ في الصَّوْمِ

- ‌(71) بَابٌ: في الرُّخْصَةِ فِيهِ

- ‌(72) بَابُ مَنْ رَأَى عَلَيْهِ الْقَضَاء

- ‌(73) بَابُ الْمَرْأَةِ تَصُومُ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا

- ‌(74) في الصَّائِمِ يُدْعَى إِلَى وَليمَةٍ

- ‌(75) الاعْتِكَافِ

- ‌(76) بَاب: أَيْنَ يَكُونُ الاعْتِكَاف

- ‌(77) الْمُعْتَكِفُ يَدْخُلُ البَيْتَ لِحَاجَتِهِ

- ‌(78) الْمُعْتَكِفُ يَعُودُ الْمَرِيضَ

- ‌(79) بَابٌ: فِي الْمُسْتَحَاضَةِ تَعْتَكِفُ

الفصل: ‌(2) باب نسخ قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية}

(2) بَابُ نَسْخِ قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}

2315 -

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بَكْرٌ - يَعْنِى ابْنَ مُضَرَ -، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ: "لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} ، كَانَ مَنْ أَرَادَ مِنَّا أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِىَ فَعَلَ، حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِى بَعْدَهَا

===

الصِّيَامُ} إلى قوله: {مِنَ الْفَجْرِ} ، فهذا يبين أن محمل قوله:"ففرحوا بها" بعد قوله: "الخيط الأسود"، ووقع ذلك صريحًا في رواية زكريا بن أبي زائدة، ولفظه:"فنزلت: {أُحِلَّ لَكُمْ} قوله: {مِنَ الْفَجْرِ} ففرح المسلمون بذلك".

ولم يذكر الحافظ فيه لفظ: "قرأ" على خلاف النسخ الموجودة، فإن في جميعها لفظ:"قرأ"، فلعل الحافظ تركها اختصارًا، أو إن هذه الكلمة غير موجودة في النسخة التي عنده.

(2)

(بَابُ نَسْخِ قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ})

2315 -

(حدثنا قتيبة بن سعيد، نا بكر -يعني ابن مضر-، عن عمرو بن الحارث، عن بكير، عن يزيد) بن أبي عبيد (مولى سلمة بن الأكوع قال: لما نزلت هذه الآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ (1) فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (2)، كان من أراد منا أن يفطر ويفتدي فعل، حتى نزلت الآية التي بعدها) وهي قوله تعالى:

= بطريق المفهوم نزل بعد ذلك: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} ، ليعلم بالمنطوق تسهيل الأمر عليهم صريحًا، ثم قال: أو المراد من الآية هي بتمامها.

قال الحافظ: وهذا هو المعتمد، وبه جزم السهيلي وقال: إن الآية بتمامها نزلت في الاْمرين معًا، وقدم ما يتعلق بعمر لفضله. (انظر:"فتح الباري"(4/ 131)).

(1)

فيه ست قراءات. (ش).

(2)

سورة البقرة: الآية 184.

ص: 428

فَنَسَخَتْهَا". {خ 4507، م 1145، ت 798، ن 2316، خزيمة 1903]

2316 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنا عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِىِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} ، فَكَانَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ أَنْ يَفْتَدِىَ بِطَعَامِ مِسْكِينٍ افْتَدَى، وَتَمَّ لَهُ صَوْمُهُ،

===

{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} الآية، فإن فيها:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، (فنسختها) أي نسخت هذه الآية الآية التي قبلها، وهي قوله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} ، ومثل قول سلمة بن الأكوع قال ابن عمر، أخرج البخاري (1) وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما قرأ:{فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قال: هي منسوخة، قال الحافظ (2): وخالف في ذلك ابن عباس، فذهب إلى أنها محكمة، لكنها مخصوصة بالشيخ الكبير ونحوه.

2316 -

(حدثنا أحمد بن محمد) المروزي، (نا علي بن حسين، عن أبيه) حسين بن واقد، (عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}، فكان من شاء منهم أن يفتدي بطعام مسكين افتدى) أي: أعطى الفدية (وتم له صومه) أي باعتبار أداء الفرض عنه والأجر، وإلَّا فهو مفطر.

ظاهر هذا القول يوهم أن ابن عباس أيضًا قائل بنسخ قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} ، وقد قال الحافظ في "الفتح": واتفقت هذه الأخبار على أن قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} منسوخ، وخالف في ذلك ابن عباس، فذهب إلى أنها محكمة، لكنها مخصوصة بالشيخ الكبير ونحوه.

(1)"صحيح البخاري"(1949، 4506).

(2)

"فتح الباري"(4/ 188).

ص: 429

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فالجواب عنه بوجهين: إما أن يقال: إن قراءته "وعلى الذين يطوّقونه" أي: يكلفونه، كما في "البخاري" (1) عن عطاء سمع ابن عباس يقرأ:"وعلى الذين يطَوَّقونه" بفتح الطاء وتشديد الواو مبنيًا للمفعول، مخفف الطاء، "فدية طعام مسكين"، قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا.

قال الحافظ (2): هذا مذهب ابن عباس، وخالفه الأكثر، فما وقع في حديث أبي داود من قوله:"يطَيَّقونه" بفتح الطاء وتشديد الياء الثاني بناءً للمفعول، لا من باب أطاق يطيق، ويدل عليه ما أخرجه السيوطي في "الدرّ المنثور" (3) ما نصه: أخرج ابن جرير، وابن الأنباري، عن ابن عباس أنه قرأ:"وعلى الذين يطيقونه"، قال: يتجشمونه، يتكلفونه.

والوجه الثاني: أن يقال: إن المراد بقوله غير منسوخة في حق الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، فأما في حق غيرهما فهي منسوخة.

قال السيوطي في "الدر المنثور"(4): وأخرج ابن أبي حاتم، والنحاس، في "ناسخه" وابن مردويه، عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} ، فكان من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم مسكينًا، ثم نزلت هذه الآية:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، فنسخت الأولى، إلَّا الفاني إن شاء أطعم عن كل يوم مسكينًا وأفطر.

وهذا دليل ظاهر على ما قلنا، وعلى هذا الوجه يوافق قول ابن عباس قول الجمهور، ولعل المصنف أورده في هذا الباب لأجل هذا الوجه، ولعل ابن عباس قال أولًا بعدم المنسوخية، ثم رجع عنه إلى قول الجمهور.

(1)"صحيح البخاري"(4505).

(2)

"فتح الباري"(8/ 180).

(3)

(1/ 433).

(4)

(1/ 431).

ص: 430

فَقَالَ: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} ، وَقَالَ:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (1) ". [ق 4/ 201، السنن الكبرى للنسائي (11018)]

===

(فقال) الله سبحانه وتعالى: ({فَمَنْ تَطَوَّعَ}) أي زاد بطريق التطوع من طعام المسكين الواحد ({خَيْرٌ}) أي طعامًا زائدًا على طعام المسكين الواحد، فأعطى مسكينين أو مساكين فهو خير له، أي الواجب أن يطعم مسكينًا واحدًا، فأما إن أطعم مسكينين أو مساكين تطوعًا (فهو خير له {وَأَنْ تَصُومُوا}) أي صيامكم ({خَيْرٌ لَكُمْ}) من الفدية، فإن الله تعالى يقول:"الصوم لي وأنا أجزي به، وللصائم فرحتان"(2) الحديث، (وقال) الله تعالى:({فَمَنْ شَهِدَ})(3) أي حضر ({مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}).

حاصل ذكر ابن عباس بذكر الآيتين: أن الآية الأولى وهي قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} الآية، تشتمل على حكمين بأن من تكلف الصوم ويتحمله بالكلفة، يجوز له أن يفتدي ويطعم مسكينًا، فخُيِّروا بين الصوم والافتداء، ثم رغبهم في الصوم بقوله:{وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} ، وهذان الحكمان للشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، وكذا الآية الثانية وهي قوله تعالى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} تشتمل على حكمين: أحدهما: وجوب الصوم على من شهد الشهر من الرجال والنساء غير الكبيرين، والثاني: حكم من كان مريضًا يضره الصوم، أو مسافرًا، فلهم رخصة أن يفطروا ويقضوا في أيام أخر.

وأما الحامل والمرضع إذا خافتا الضرر بولدهما فمرخص في الإفطار لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ،

(1) سورة البقرة: الآية 185.

(2)

أخرجه البخاري (1904)، ومسلم (1151)، والنسائي (2211)، وابن ماجه (3823).

(3)

قال ابن رسلان: اختلفوا في تفسيره، فقالت عائشة وعلي وعباس وسويد بن غفلة: إن من شهد أول الشهر يجب عليه الصوم، سافر بعده أو لا، ومن كان أول الشهر =

ص: 431

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فإنه ليس المراد عين المرض، فإن المريض الذي لا يضره الصوم ليس له أن يفطر، فكان ذكرُ المرض كنايةً عن أمر يضر الصوم معه، وقد وُجد ها هنا، فيدخلان تحت رخصة الإفطار.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله تعالى وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن الحبلى والمرضع الصيام"(1)، وعليهم القضاء، ولا فدية عليهما عندنا، وقال الشافعي: عليهما القضاء والفدية لكل يوم مد من حنطة.

والمسألة مختلفة بين الصحابة والتابعين، فروي عن علي رضي الله عنه والحسن البصري: أنهما يقضيان ولا يفديان، وبه أخذ أصحابنا.

وروي عن ابن عمر ومجاهد: أنهما يقضيان ويفديان، وبه أخذ الشافعي، احتجَّ بقوله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (2)، والحامل والمرضع يطيقان الصوم، دخلتا تحت الآية، فتجب عليهما الفدية.

ولنا قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} (3) الآية، أوجب على المريض القضاءَ، فمن ضَمَّ إليه الفدية فقد زاد على النص، فلا يجوز إلَّا بدليل.

وأما قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} ، فقد قيل في بعض وجوه التأويل: إن "لا" مضمرة في الآية، وأنه جائز في اللغة، قال الله تعالى:{يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} (4) أي: لا تضلوا، وفي بعض القراءات:{وعلى الذين يطقونه ولا يطيقونه} على أنه لا حجة له في الآية، لأن فيها شرع الفداء مع

= مسافرًا يجوز له الإفطار، وجمهور الأمة على أن من شهد أول الشهر أو آخره أو وسطه يصوم ما دام مقيمًا. (ش).

(1)

أخرجه أبو داود (2408)، والترمذي (715)، والنسائي (2275)، وابن ماجه (1667)، وأحمد في "مسنده"(4/ 347، 5/ 29).

(2)

سورة البقرة: الآية 184.

(3)

سورة البقرة: الآية 184.

(4)

سورة البقرة: الآية 176.

ص: 432