الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(46) بَابٌ: فِيمَا تَجْتَنِبُ الْمُعْتَدَّة في عِدَّتِهَا
2302 -
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِىُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، حَدَّثَنِى هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، (ح): وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَرَّاحِ الْقُهُسْتَانِىُّ،
===
وأما مجاهد وعطاء، عن ابن عباس (1) فإنهما قالا: إن حكم التربص أربعة أشهر وعشرًا كان واجبًا عليها أن تلازم في الاعتداد بيت زوجها، فنسختها آية الوصية {إِلَى الْحَوْلِ} بأنه لا يجب عليها أن تلازم بيت زوجها، بل لها أن تعتدَّ حيث شاءت، وكذلك ما كان لها من حق السكنى على أهل زوجها بأن لا يخرجوها، فنسخ ذلك بآية الميراث.
فأشار أبو داود بعقد الباب بقوله: "باب من رأى التحول" إلى أن بعض العلماء يقولون: إن المعتدة لا يجب عليها لزوم بيت زوجها، بل أبيح لها أن تعتد حيث شاءت، وتتحول من بيت زوجها، وأما الشارح صاحب "العون"(2) فقد زل قلمه، وضل فهمه، وقدمه في شرح هذا الكلام وبيان المرام، والله الموفق.
(46)
(بَابٌ: فِيمَا تَجْتَنِبُ الْمُعْتَدَّةُ في عِدَّتِهَا)
2302 -
(حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، نا يحيى بن أبي بكير، نا إبراهيم بن طهمان، حدثني هشام بن حسان، ح: ونا عبد الله بن الجراح) التميمي أبو محمد (القهستاني) سكن نيسابور، قال أبو حاتم: كان كثير الخطأ، ومحله الصدق، وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"،
(1) قال الموفق (11/ 290): قال جابر بن زيد، والحسن، وعطاء: تعتد حيث شاءت، وروي ذلك عن علي، وابن عباس، وجابر، وعائشة، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين
…
إلخ. (ش).
(2)
انظر: "عون المعبود"(6/ 409).
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي (1) ابْنَ بَكْرٍ السَّهْمِىِّ -، عَنْ هِشَامٍ، وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ الْجَرَّاحِ - عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تُحِدُّ الْمَرْأَةُ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، ولَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ،
===
وقال مسلم: مستقيم الحديث، وقال الحاكم: محدث كبير، سكن نيسابور، وبها انتشر علمه.
(عن عبد الله -يعني ابن بكر السهمي-، عن هشام، وهذا) المذكور (لفظ ابن الجراح) لا لفظ الدورقي، (عن حفصة) بنت سيرين، (عن أم عطية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تحد) أي لا تترك الزينة (المرأة) على ميت (فوق ثلاث) أي ليال مع أيامها (إلَّا على زوج، فإنها) أي المرأة (تُحِدُّ عليه) أي تترك الزينة عليه إذا مات (أربعة أشهر وعشرًا، ولا تلبس) بالرفع، وقيل: بالجزم (ثوبًا مصبوغًا) أي بالعصفر أو المغرة.
وفي "الكافي": إذا لم يكن لها ثوب إلَّا المصبوغ، فإنه لا بأس به لضرورة ستر العورة، لكن لا بقصد الزينة (إلَّا ثوب عصب) بسكون الصاد المهملة: نوع من البرود يعصب غزله، أي يجمع ويشدُّ، ثم يُصْبغ، ثم ينسج فيأتي موشّيًا، لبقاء ما عصب منه أبيض لم يأخذه صبغٌ. والنهي للمعتدة عما يصبغ بعد النسخ، كذا قاله بعض الشراح من علمائنا، وتبعه الطيبي.
وقال ابن الهمام: لا تلبس العصب عندنا، وأجاز الشافعي رقيقه وغليظه، فمنع مالك رقيقه دون غليظه. واختلف الحنابلة فيه وفي تفسيره، في "الصحاح": العصب بُرْدٌ من برود اليمن، ينسج أبيض، ثم يصبغ بعد ذلك، وفي "المغني": الصحيح أنه نبت يصبغ به الثياب، وفسرت في الحديث بأنها ثياب من اليمن فيها بياض وسواد، قال: يباح لها لبس الأسود عند الأئمة،
(1) في نسخة: "ابن أبي بكر".
وَلَا تَكْتَحِلُ وَلَا تَمَسُّ طِيبًا إلَّا أَدْنَى طُهْرَتِهَا (1) إِذَا طَهُرَتْ مِنْ مَحِيضِهَا (2) بِنُبْذَةٍ مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ"
===
وجعله الظاهرية كالأخضر والأحمر، قاله القاري (3).
(ولا تكتحل) قال ابن الهمام (4): إلا من عذر؛ لأن فيه ضرورة، وهذا مذهب جمهور الأئمة، وذهب الظاهرية إلى أنها لا تكتحل، ولو من وجع وعذر، لما تقدم من الحديث الصحيح حيث نهى نهيًا مؤكدًا عن الكحل للتي اشتكت عينها، والجمهور حملوه على أنه لم يتحقق له الخوف علي عينها.
(ولا تمس طيبًا إلَّا أدنى) أي: أقرب (طهرتها) أي: طهارتها (إذا طهرت من محيضها بنبذة) أي يسير (من قسط) بضم القاف: ضرب من الطيب. وقيل: هو عود يحمل من الهند، ويجعل في الأدوية، (وأظفار) بفتح أوله، جنس من الطيب لا واحد له، وقيل: واحده ظفر، وقيل: يشبه الظفر المقلوم من أصله، وقيل: هو شيء من العطر أسود، والقطعة منه شبيهة بالظفر.
قال النووي: القسط والأظفار نوعان من العود، وليس المقصود بهما الطيب، ورخص فيهما للمغتسلة من الحيض لإزالة الرائحة الكريهة يتبع به أثر الدم لا للتطيب.
وفي الحديث دليل على وجوب الإحداد على المعتدة من وفاة زوجها، وهو مجمع عليه في الجملة، وإن اختلفوا في تفصيله، فذهب الشافعي والجمهور إلى التسوية بين المدخول بها وغيرها، صغيرةً كانت أو كبيرةً، بكرًا كانت أو ثيبًا، حرة أو أمة، مسلمةً أو كتابيةً.
(1) في نسخة: "طهرها".
(2)
في نسخة: "حيضها".
(3)
"مرقاة المفاتيح"(6/ 499 - 500).
(4)
"فتح القدير"(4/ 163).
قَالَ يَعْقُوبُ مَكَانَ عَصْبٍ: إلَّا مَغْسُولًا. وَزَادَ يَعْقُوبُ: "وَلَا تَخْتَضِبُ". [خ 5342، 5343، م 938، ن 3534، جه 2087، حم 5/ 85، دي 2286]
2303 -
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمَالِكُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمِسْمَعِىُّ
===
وقال أبو حنيفة والكوفيون وبعض المالكية: إنه لا يجب على الكتابية، بل يختص بالمسلمة، لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر".
وتأوَّل الجمهور بأن الاختصاص إنما هو؛ لأن المؤمن هو الذي يستمر خطاب الشارع عليه، وينتفع به وينقاد له.
وقال أبو حنيفة: لا إحداد أيضًا على الصغيرة ولا على الأمة، وجوابه: أن الصغيرة إنما دخلت في الحكم لكونها نادرة، وسلكت في الحكم على سبيل الغلبة، وأما إذا كانت حاملًا فعدتها بالحمل، ويلزمها الإحداد حتى تضع، سواء قصرت المدة أو طالت.
ولا نعلم خلافًا في عدم وجوبه على الزوجة بسبب موت غير الزوج من الأقارب، وهل يباح؟ قال محمد في "النوادر": ولا يحل الإحداد لمن مات أبوها أو أمها أو أخوها، وإنما هو في الزوج خاصة، قيل: أراد بذلك فيما زاد على الثلاث لما في الحديث من إباحته للمسلمات على غير أزواجهن ثلاثة، من "علي القاري" مختصرًا.
(قال يعقوب) شيخ المصنف (مكان عصب: إلَّا مغسولًا، وزاد يعقوب: ولا تختضب) أي بالحناء.
2303 -
(حدثنا هارون بن عبد الله ومالك بن عبد الواحد المسمعي) بكسر الميم الأولى وفتح الثانية بينهما مهملة ساكنة، نسبة إلى المسامعة، وهي محلة بالبصرة. وقال السمعاني في "الأنساب" (1): هذه النسبة إلى المسامعة،
(1)"الأنساب"(5/ 297).
قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ فِى تَمَامِ حَدِيثِهِمَا: قَالَ الْمِسْمَعِىُّ: قَالَ يَزِيدُ: وَلَا أَعْلَمُهُ إلَّا (1) فِيهِ: وَلَا تَخْتَضِبُ. وَزَادَ فِيهِ هَارُونُ": "وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ". [انظر الحديث السابق]
===
وهي محلة بالبصرة، نزل المسمعيون، فنسبت المحلة إليهم، وهي بفتح الميم الأولى، وكسر الثانية، والنسبة إليها بكسر الميم الأولى، وفتح الثانية، هكذا سمعنا مشايخنا يقولون. أبو حسان البصري، قال ابن حبان في "الثقات": يغرب، وقال ابن قانع: ثقة ثبت.
(قالا: نا يزيد بن هارون، عن هشام، عن حفصة، عن أم عطية، عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث) المتقدم، (وليس) حديث هارون ومالك عن يزيد بن هارون (في تمام حديثهما) أي حديث يعقوب وابن الجراح.
وأخرج الإِمام أحمد (2) حديث يزيد بن هارون من رواية محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، وهو تام مثل تمام حديث يعقوب وابن الجراح، فلعل حديث يزيد عند المصنف من رواية هارون ومالك غير تام مثل تمام حديثهما.
(قال المسمعي: قال يزيد: ولا أعلمه) أي هشامًا (إلَّا فيه: ولا تختضب، وزاد فيه هارون) بن عبد الله: (ولا تلبس ثوبًا مصبوغًا إلَّا ثوب عصب).
غرض المصنف بهذا الكلام بيان الفرق بين لفظ حديث هارون، وبين لفظ حديث المسمعي بأن الفرق بينهما في لفظين:
أحدهما: أن المسمعي قال في حديثه: وقال شيخي يزيد: "ولا أعلمه أي هشام إلَّا قال فيه: ولا تختضب"، كان يزيد قال بالشك، وأما هارون بن عبد الله لم يقل: لفظ "ولا أعلمه"، ففي حديثه لفظ:"ولا تختضب" بطريق اليقين.
(1) زاد في نسخة: "قال".
(2)
مسند أحمد" (5/ 85).
2304 -
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِى بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، حَدَّثَنِى بُدَيْلٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَةَ، وَلَا الْحُلِىَّ، وَلَا تَخْتَضِبُ وَلَا تَكْتَحِلُ". [ن 3537، حم 6/ 302]
2305 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى مَخْرَمَةُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ الضَّحَّاكِ يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِى أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ أُسَيْدٍ، عَنْ أُمِّهَا، أَنَّ زَوْجَهَا تُوُفِّىَ وَكَانَتْ تَشْتَكِى عَيْنَيْهَا فَتَكْتَحِلُ بِالْجَلَاءِ-
===
وثانيهما: أن هارون بن عبد الله زاد في الحديث: "ولا تلبس ثوبًا مصبوغًا إلا ثوب عصب"، ولم يذكره المسمعي.
2304 -
(حدثنا زهير بن حرب، نا يحيى بن أبي بكير، نا إبراهيم بن طهمان، حدثني بديل) بن ميسرة، (عن الحسن بن مسلم) بن يناق، (عن صفية بنت شيبة، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المتوفى عنها زوجها لا تلبس) في أيام عدتها (المعصفر من الثياب) وهي التي صبغت بالعصفر، (ولا الممشقة) أي المصبوغ بالمشق بالكسر وهي المغرة، (ولا الحلي، ولا تختضب) بالحناء (ولا تكتحل) بالكحل الأسود.
2305 -
(حدثنا أحمد بن صالح، نا ابن وهب، أخبرني مخرمة، عن أبيه) بكير بن الأشج (قال: سمعت المغيرة بن الضحاك) بن عبد الله بن خالد بن حزام القرشي الحزامي المدني، ذكره ابن حبان في "الثقات" (يقول: أخبرتني أم حكيم) مكبرًا (بنت أسيد) مكبرًا، قال الحافظ: لا يعرف حالها، (عن أمها) قال الحافظ: لم أقف على اسمها، (أن زوجها توفي، وكانت تشتكي عينيها، فتكتحل بالجلاء) بالكسر والمد، وقيل: بالفتح والمد والقصر، أي: بالإثمد، وهو ضرب من الكحل يجلو البصر.
قَالَ أَحْمَدُ: الصَّوَابُ بِكُحْلِ الْجَلَاءِ، قَالَ أَحْمَدُ -: فَأَرْسَلَتْ مَوْلَاةً لَهَا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَسَأَلَتْهَا عَنْ كُحْلِ الْجَلَاءِ، فَقَالَتْ: لَا تَكْتَحِلِى (1) بِهِ إلَّا مِنْ أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ يَشْتَدُّ عَلَيْكِ، فَتَكْتَحِلِينَ (2) بِاللَّيْلِ وَتَمْسَحِينَهُ بِالنَّهَارِ، ثُمَّ قَالَتْ عِنْدَ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ: دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّىَ أَبُو سَلَمَةَ، وَقَدْ جَعَلْتُ عَلَى عَيْنِى صَبِرًا (3)، فَقَالَ:"مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ"؟ فَقُلْتُ: إِنَّمَا هُوَ صَبِرٌ
===
(قال أحمد: الصواب بكحل الجلاء)(4)، قال في "القاموس": والجَلَاءُ - كسماءٍ -: الأمرُ الجَليُّ، وبالكسر: الكُحْل، أو كحلٌ خاصٌ، فهذا القول فيه تصريح أن إطلاق الجلاء بدون لفظ الكحل أيضًا صحيح وصواب.
(قال أحمد: فأرسلت) والدة أم حكيم (مولاة لها إلى أم سلمة) أم المؤمنين رضي الله عنها، (فسألتها عن كحل الجلاء، فقالت) أم سلمة رضي الله عنها: (لا تكتحلي به إلَّا من أمر لا بد منه يشتد عليك) ذلك الأمر (فتكتحلين بالليل وتمسحينه بالنهار، ثم قالت عند ذلك أم سلمة: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفي أبو سلمة) أي زوجي، (وقد جعلت على عيني صبرًا)، قال في "القاموس": والصبر ككتف، ولا يسكَّن إلَّا في ضرورة الشعر: عصارة شجر مُر.
(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما هذا يا أم سلمة؟ فقلت: إنما هو صَبِرٌ
(1) في نسخة: "تكتحل".
(2)
في نسخة: "فتكحلين".
(3)
في نسخة: "علي صبرًا".
(4)
ظاهر لفظ أبي داود، وعليها بني الشيخ شرحه أن تصويب أحمد بزيادة لفظ الكحل، ولذا تعقب عليه بكلام المجد، ولفظ البيهقي:"فتكتحل بكحل الجلاء"، قال أحمد: بكحل الحلاء، الحديث. بلفظ الكحل في الموضعين، وقال محشيه: الجلاء بالكسر الإثمد، والحُلاء بضم المهملة حكاكة حجر على حجر يكتحل بهما
…
إلخ. (ش). (انظر: "السنن الكبرى" 7/ 440).
يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ فِيهِ طِيبٌ. قَالَ: "إِنَّهُ يَشُبُّ الْوَجْهَ، فَلَا تَجْعَلِيهِ (1) إلَّا بِاللَّيْلِ وَتَنْزِعِينَهُ (2) بِالنَّهَارِ، وَلَا تَمْتَشِطِى بِالطِّيبِ وَلَا بِالْحِنَّاءِ، فَإِنَّهُ خِضَابٌ". قَالَتْ: قُلْتُ: بِأَىِّ شَىْءٍ أَمْتَشِطُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "بِالسِّدْرِ تُغَلِّفِينَ بِهِ رَأْسَكِ". [ن 3539، ق 7/ 440]
===
يا رسول الله، ليس فيه طيب، قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إنه) أي الصبر (يشب) أي: يلوِّن ويجلو (الوجه، فلا تجعليه إلَّا بالليل، وتنزعيه بالنهار، ولا تمتشطي بالطيب) أي لا تمتشطي في شعر رأسك بالمطيب من الدهن (ولا بالحنَّاء)، أي: ولا تختضبي بالحناء (فإنه خضاب، قالت: قلت: بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال: بالسدر) أي: بأوراقه (تغلفين به رأسك) أي: تسحقينها ثم تجعلينها كالغلاف في الرأس ثم تغسلينها بالماء وتخرجينها بالمشط.
وفي حديث أم عطية دليل على تحريم الاكتحال على المرأة في أيام عدتها من موت زوجها، سواء احتاجت ذلك أم لا، وجاء في هذا الحديث حديث أم سلمة:"اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار".
قال في "الفتح"(3): ووجه الجمع بينهما أنها إذا لم تحتج إليه لا يحل، وإذا احتاجت لم يجز بالنهار، ويجوز بالليل، مع أن الأولى تركه، فإذا فعلت مسحته بالنهار، وتأوَّل بعضهم حديث أم عطية على أنه لم يتحقق الخوف على عينها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان حصل الخوف للمرأة وأهلها، كما وقع في رواية:"فخشوا على عينها"، وفي رواية:"وقد خشيت على بصرها". وقالت طائفة من العلماء: يجوز ذلك ولو كان فيه طيب، وحملوا النهي على التنزيه جمعًا من الأدلة.
(1) في نسخة: "فلا تجعلينه".
(2)
في نسخة: "وتنزعينه".
(3)
"فتح الباري"(9/ 488 - 489).