المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(3) باب من قال: هي مثبتة للشيخ والحبلى - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٨

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(26) بَابٌ في الاكْفَاءِ

- ‌(27) بَابٌ: في تَزْوِيجِ مَنْ لَمْ يُولَدْ

- ‌(28) بَابُ الصَّدَاقِ

- ‌(29) بَابُ قِلَّةِ الْمَهْرِ

- ‌(30) بَابٌ: في التَّزْوِيجِ عَلَى الْعَمَلِ يُعْمَلُ

- ‌(31) بابٌ: فِيمَنْ تَزَوَّجَ وَلَمْ يُسَمِّ صَدَاقًا حَتَّى مَاتَ

- ‌(32) بَابٌ: في خُطْبَةِ النِّكَاحِ

- ‌(33) بابٌ: فِى تَزْوِيجِ الصِّغَارِ

- ‌(34) بابٌ: فِى الْمَقَامِ عِنْدَ الْبِكْرِ

- ‌(35) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهَا

- ‌(36) بَابٌ: في مَا يُقَالُ لِلْمُتَزَوِّج

- ‌(37) بَابُ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَة فيَجِدُهَا حُبْلَى

- ‌(38) بَابٌ: في الْقَسْمِ بَيْنَ النِّسَاءِ

- ‌(39) (بَابٌ: في الرَّجُلِ يَشْتَرِطُ لَهَا دَارَهَا)

- ‌(40) بَابٌ: في حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ

- ‌(41) بَابٌ: في حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا

- ‌(42) بَابٌ: في ضَرْبِ النِّسَاءِ

- ‌(43) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ

- ‌(44) بَابٌ: في وَطْءِ السَّبَايَا

- ‌(45) بَابٌ: في جَامِعِ النِّكَاح

- ‌(46) بَابٌ: في إِتْيَانِ الْحَائِضِ وَمُبَاشَرَتِهَا

- ‌(47) بَابٌ: في كفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا

- ‌(48) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَزْلِ

- ‌(49) بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ ذِكْرِ الرَّجُل مَا يَكُونُ مِنْ إِصَابَتِهِ أَهْلَهُ

- ‌(7) أَوَّلُ كِتاَبِ الطَّلَاق

- ‌(1) بَابٌ: فِيمَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا

- ‌(2) بَابٌ: في الْمَرْأَةِ تَسْاَلُ زَوْجَهَا طَلَاقَ امْرَأَةٍ لَهُ

- ‌(3) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ الطَّلَاقِ

- ‌(4) بَابٌ: في طَلَاقِ السُّنَّةِ

- ‌(5) بَابٌ: في نَسْخِ الْمُرَاجَعَةِ بَعْدَ التَّطْلِيقَاتِ الثَّلاثِ

- ‌(6) بَابٌ: في سُنَّةِ طَلَاقِ الْعَبْدِ

- ‌(7) بَابٌ: في الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ

- ‌(8) بَابٌ: في الطَّلَاقِ عَلَى غَلَطٍ

- ‌(9) بَابٌ: في الطَّلَاقِ عَلَى الْهَزْلِ

- ‌(10) بَابُ بَقِيَّة نَسْخِ الْمُرَاجَعَة بَعْدَ التَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ

- ‌(11) بَابٌ: فِيمَا عُنِيَ بِهِ الطَّلَاقُ، وَالنِّيَّاتُ

- ‌(12) بَابٌ: في الْخَيَارِ

- ‌(13) بَابٌ: في "أَمْرُكِ بِيَدِكِ

- ‌(14) بَابٌ: في الْبَتَّةِ

- ‌(15) بَابٌ: في الْوَسْوَسَةِ بِالطَّلَاقِ

- ‌(16) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ: "يَا أُخْتِي

- ‌(17) بَابٌ: في الظِّهَارِ

- ‌(18) بَابٌ: في الْخُلْعِ

- ‌(19) بَابٌ: في الْمَمْلُوكَةِ تُعْتَقُ وَهِيَ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ

- ‌(20) بَابُ مَنْ قَالَ: كَانَ حُرًّا

- ‌(21) (بَابٌ: حَتَّى مَتَى يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ

- ‌(22) بَاب: في المَمْلُوكيْن يُعْتَقَانِ مَعًا، هَلْ تُخَيَّرُ امْرَأَتُهُ

- ‌(23) بَابٌ: إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَينِ

- ‌(24) بَابٌ: إِلَى مَتَى تُرَدُّ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَهَا

- ‌(25) بَابٌ: في مَنْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ أَكثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ

- ‌(27) بَابٌ: في اللِّعَانِ

- ‌(28) بَابٌ: إِذَا شَكَّ في الْوَلَدِ

- ‌(29) بَابُ التَّغْلِيظِ في الانْتِفَاءِ

- ‌(30) بَابٌ: في ادِّعَاءِ وَلَدِ الزِّنَا

- ‌(31) بَابٌ: في الْقَافَةِ

- ‌(32) بَابُ مَنْ قَالَ بِالْقُرْعَةِ إِذَا تَنَازَعُوا في الْوَلَدِ

- ‌(33) بَابٌ: في وُجُوهِ النِّكَاحِ الَّتِي كَانَ يَتَنَاكَحُ بِهَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌(34) بَابٌ "الْوَلَدُ لِلفِرَاش

- ‌(35) بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ

- ‌(36) بَابٌ: في عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ

- ‌(37) بَابٌ: في نَسْخِ مَا اسْتُثْنِي بِهِ مِنْ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَاتِ

- ‌(38) بَابٌ: في الْمُرَاجَعَةِ

- ‌(39) بَابٌ: في نَفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ

- ‌(40) بَابُ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَة

- ‌(41) بَابٌ: في الْمَبْتُوتَة تَخْرُجُ بِالنَّهارِ

- ‌(42) (بَابُ نَسْخِ مَتَاعِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِمَا فُرِضَ لَهَا مِنَ الْمِيرَاثِ)

- ‌(43) بَابُ إِحْدَادِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌(44) بَابٌ: في الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَنْتقِل

- ‌(45) بَابُ مَنْ رَأَى التَّحَوُّلَ

- ‌(46) بَابٌ: فِيمَا تَجْتَنِبُ الْمُعْتَدَّة في عِدَّتِهَا

- ‌(47) بَابٌ: في عِدَّةِ الْحَامِلِ

- ‌(48) بَابٌ: في عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ

- ‌(49) بَابُ الْمَبْتُوتَةِ لَا يَرْجِع إِلَيْهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَنْكِحَ غَيْرَهُ

- ‌(50) بَابٌ: في تَعْظِيمِ الزِّنا

- ‌(8) أَوَّلُ كتَابِ الصِّيَامِ

- ‌(1) مَبْدَأُ فَرْضِ الصِّيَامِ

- ‌(2) بَابُ نَسْخِ قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}

- ‌(3) بَابُ مَنْ قَالَ: هِيَ مُثْبَتَةٌ للشَّيْخِ وَالْحُبْلَى

- ‌(4) بَابُ الشَّهْرِ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ

- ‌(5) بَابٌ: إِذَا أَخْطَأَ القَوْمُ الْهِلَال

- ‌(6) بَاب: إِذَا أُغْمِيَ الشَّهْرُ

- ‌(7) (بَابُ مَنْ قَالَ: فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثينَ)

- ‌(8) بَابٌ: في التَّقَدُّم

- ‌(9) بَابٌ: إِذا رُؤي الْهِلَالُ في بَلَدٍ قَبْلَ الآخَرِينَ بِلَيْلَةٍ

- ‌(10) (بَابٌ كَرَاهِيَّةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ)

- ‌(11) بَابٌ: فِيمَنْ يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ

- ‌(12) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ ذَلِكَ

- ‌(13) بَابُ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّال

- ‌(15) بَابٌ فِى تَوْكِيدِ السُّحُورِ

- ‌(16) (بَابٌ مَنْ سَمَّى السَّحُورَ غَدَاءً)

- ‌(17) بَابُ وَقْتِ السَّحُورِ

- ‌(19) (بَابُ وَقْتِ فِطْرِ الصَّائِمِ)

- ‌(20) بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ تَعْجِيلِ الفِطْرِ

- ‌(21) بَابٌ مَا يُفْطَرُ عَلَيْهِ

- ‌(22) (بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ الإفْطَارِ)

- ‌(23) (الفِطْر قَبْلَ غُرُوبِ الشَمْسِ)

- ‌(24) (فِي الْوِصَالِ)

- ‌(26) بابُ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ

- ‌(27) بَابُ الصَّائِمِ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاء مِنَ الْعَطَشِ وَيُبَالِغُ في الاسْتِنْشَاقِ

- ‌(28) (في الصائِمِ يَحْتَجِمُ)

- ‌(29) (في الرُّخْصَةِ)

- ‌(31) بَابٌ: في الكُحْلِ عِنْدَ النَّوْمِ

- ‌(32) (بَابُ الصَّائِمِ يَسْتَقِيءُ عَامِدًا)

- ‌(33) بَابُ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(34) بَابُ الصَّائِمُ يَبْلَعُ الرِّيقَ

- ‌(38) بَابُ التَّغْلِيظِ فِيمَنْ أَفْطَرَ عَمْدًا

- ‌(39) بَابُ مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا

- ‌(40) بَابُ تَأْخِيرِ قَضَاءِ رَمَضَان

- ‌(41) بَابٌ: فِيمَنْ مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَامٌ

- ‌(42) بَابُ الصَّوْمِ في السَّفَرِ

- ‌(43) بَابُ اخْتِيَارِ الْفِطْرِ

- ‌(44) بَابٌ: فِيمَنْ اخْتَارَ الصِّيَامَ

- ‌(45) بَابٌ: مَتَى يُفْطِر الْمُسَافِر إِذَا خَرَجَ

- ‌(46) (بَابُ مَسِيرَةِ مَا يُفْطِرُ فِيهِ)

- ‌(47) بَابٌ: فِيمَنْ يَقُولُ: صُمْتُ رَمَضَان كلَّهُ

- ‌(48) (بَابٌ: في صَوْمِ العِيدَيْنِ)

- ‌(49) بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌(50) بَابُ النَّهْي أَنْ يُخَصَّ يَوْمُ الْجُمُعَةِ بِصَوْمٍ

- ‌(51) (بَابُ النَّهْي أَنْ يُخَصّ يَوْمُ السَّبْتِ بِصَوْمٍ)

- ‌(52) الرُّخْصَةُ في ذَلِكَ

- ‌(53) بَابٌ: في صَوْمِ الدَّهْرِ

- ‌(54) بَابٌ: في صَوْمِ أَشْهُرِ الْحُرُمِ

- ‌(55) بَابٌ: في صَوْمِ الْمُحَرَّمِ

- ‌(56) (بَابٌ: في صَوْمِ شَعْبَانَ)

- ‌(57) بَابٌ: في صَوْمِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّال

- ‌(58) بَابٌ: كَيْفَ كَانَ يَصُومُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(59) بَابٌ: في صَوْمِ الاثْنينِ وَالْخَمِيس

- ‌(60) بَابٌ: في صَوْمِ الْعَشْرِ

- ‌(61) (في فِطْرِهِ)

- ‌(62) (في صَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ)

- ‌(63) بَابٌ: في صَوْمِ يَوْم عَاشُورَاء

- ‌(64) (مَا رُوِيَ أَنَّ عَاشُورَاءَ اليَوْمُ التَّاسِعُ)

- ‌(65) بَابٌ: في فَضْلِ صَوْمِهِ

- ‌(66) (في صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ)

- ‌(67) (بَابٌ: في صَوْمِ الثَّلاثِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ)

- ‌(68) بَابُ مَنْ قَالَ: الاثْنين وَالْخَمِيس

- ‌(69) بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يُبَالِي مِنْ أَيّ الشَّهْرِ

- ‌(70) بَابٌ: في النِّيَّةِ في الصَّوْمِ

- ‌(71) بَابٌ: في الرُّخْصَةِ فِيهِ

- ‌(72) بَابُ مَنْ رَأَى عَلَيْهِ الْقَضَاء

- ‌(73) بَابُ الْمَرْأَةِ تَصُومُ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا

- ‌(74) في الصَّائِمِ يُدْعَى إِلَى وَليمَةٍ

- ‌(75) الاعْتِكَافِ

- ‌(76) بَاب: أَيْنَ يَكُونُ الاعْتِكَاف

- ‌(77) الْمُعْتَكِفُ يَدْخُلُ البَيْتَ لِحَاجَتِهِ

- ‌(78) الْمُعْتَكِفُ يَعُودُ الْمَرِيضَ

- ‌(79) بَابٌ: فِي الْمُسْتَحَاضَةِ تَعْتَكِفُ

الفصل: ‌(3) باب من قال: هي مثبتة للشيخ والحبلى

(3) بَابُ مَنْ قَالَ: هِيَ مُثْبَتَةٌ للشَّيْخِ وَالْحُبْلَى

===

الصوم على سبيل التخيير دون الجمع بقوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} ، وقد نسخ ذلك بوجوب صوم شهر رمضان حتمًا بقوله تعالى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (1)، وعنده يجب الصوم والفداء جميعًا، دل أنه لا حجة له فيها، ولأن الفدية لو وجبت إنما تجب جبرًا للفائت، ومعنى الجبر يحصل بالقضاء، ولهذا لم تجب على المريض والمسافر.

وأما الشيخ الفاني فيباح له أن يفطر، لأنه عاجز عن الصوم، وعليه الفدية عند عامة العلماء، وقال مالك: لا فدية عليه، وما قاله مالك خلاف إجماع السلف، فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أوجبوا الفدية على الشيخ الفاني، فكان ذلك إجماعًا منهم، وجه قوله أن الله تعالى أوجب الفدية على المطيق للصوم وهو لا يطيق الصوم فلا تلزمه الفدية، كذا في "البدائع"(2).

(3)

(بَابُ (3) مَنْ قَالَ: هِيَ) (4) أي: الآية وهي قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} (مُثْبِتَةٌ) أي: ثابتة غير منسوخة (لِلشَّيْخِ وَالْحُبْلَى)

أما الشيخ ففي حقه مثبتة عندنا وعند الشافعي بالاتفاق، وأما الحبلى فَمثبتة عند الشافعي، فإنه يوجب عليها القضاء والفدية، وأما عندنا فليس عليها إلَّا القضاء دون الفدية

(1) سورة البقرة: الآية 185.

(2)

"بدائع الصنائع"(2/ 250 - 252).

(3)

وفي "التقرير": الحاصل أن الآية مثبتة على تفسير، ومنسوخة على تفسير، والفدية في حق الكبير على الوجوب، وفي حق الحامل والمرضع على الاستحباب

إلخ. (ش).

(4)

وبسط الجصاص في "أحكام القرآن"(1/ 177 - 183) أقوال العلماء في ذلك، انتهى. وحكى الشوكاني (3/ 208) عن الزهري وغيره أن الآية فبمن أفطر ولم يقض حتى جاء رمضان آخر، وفي "العرف الشذي"(ص 308) عن الشاه ولي الله أن الآية تتعلق بصدقة الفطر ولا نسخ، اننهى. (ش).

ص: 433

2317 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَبَانُ، نَا قَتَادَةُ، أَنَّ عِكْرِمَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ:"أُثْبِتَتْ لِلْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ".

===

2317 -

(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا أبان، نا قتادة، أن عكرمة حدثه، أن ابن عباس قال: أثبتت للحبلى والمرضع).

اختلفت الروايات في مسألة الحبلى والمرضع، ففي رواية عن ابن عباس:"للحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا، وأطعمتا مكان كل يوم مسكينًا، ولا قضاء عليهما".

وفي رواية عن ابن عباس: أنه كان يقرأ: {وعلى الذين يطوِّقونه} مشددة، قال: يكلفونه ولا يطيقونه، ويقول: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير الهرم و [العجوز] الكبيرة الهرمة، يطعمون لكل يوم مسكينًا ولا يقضون.

وفي رواية: ليست منسوخة، ولا يرخص إلا للكبير الذي لا يطيق الصوم، أو مريض يعلم أنه لا يشفى.

وفي رواية عنه: من لم يطق الصوم إلَّا على جهد، فله أن يفطر ويطعم كل يوم مسكينًا، والحامل، والمرضع، والشيخ الكبير، والذي سقمه دائم.

وعنه أنه قال لأم ولد له حامل أو موضع: أنت بمنزلة الذين لا يطيقون الصوم، عليك الطعام ولا قضاء عليك.

كذلك عن ابن عمر، قال نافع: أرسلت إحدى بنات ابن عمر إلى ابن عمر تسأله عن صوم رمضان وهي حامل، قال: تفطر وتطعم كل يوم مسكينًا.

وكذلك عن سعيد بن جبير قال: تفطر الحامل التي في شهرها، والمرضع التي تخاف على ولدها، تفطران وتطعمان كل يوم مسكينًا كل واحد منهما، ولا قضاء عليهما.

وعن عثمان بن الأسود قال: سألت مجاهدًا عن امرأتي، وكانت حاملًا، وشق عليها الصوم، فقال: مرها فلتفطر، ولتطعم مسكينًا كل يوم، فإذا صحَّت فلتقض.

ص: 434

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وعن الحسن قال: المرضع إذا خافت أفطرت وأطعمت، والحامل إذا خافت على نفسها أفطرت وقضت، وهي بمنزلة المريض.

وعن الحسن قال: يفطران ويقضيان صيامًا.

وعن النخعي قال: الحامل والمرضع إذا خافتا أفطرتا وقضتا مكان ذلك، أخرج هذه الروايات السيوطي في "الدر المنثور"(1).

فعلم بهذه الروايات أن مسألة الحبلى والمرضع مختلفة فيها، وأما روايات ابن عباس فكما أنها مخالفة للحنفية في وجوب الفدية على الحامل والمرضع، فكذلك مخالفة للشافعية في عدم وجوب القضاء، وكلها لا دليل فيها، لأن الحكم فيها اجتهادي، والله تعالى أعلم.

قال في "بداية المجتهد"(2): وأما باقي هذا الصنف وهو المرضع والحامل والشيخ الكبير، فإن فيه مسألتين مشهورتين: إحداهما: الحامل والمرضع إذا أفطرتا ماذا عليهما؟ وهذه المسألة للعلماء فيها أربعة مذاهب:

أحدها: أنهما يطعمان ولا قضاء عليهما، وهو مروي عن ابن عمر وابن عباس.

والقول الثاني: أنهما يقضيان فقط ولا إطعام عليهما، وهو مقابل الأول، وبه قال أبو حنيفة (3) وأصحابه، وأبو عبيد، وأبو ثور.

والثالث: أنهما يقضيان ويطعمان، وبه قال الشافعي.

والقول الرابع: أن الحامل تقضي ولا تطعم، والمرضع تقضي وتطعم.

وسبب اختلافهم تردد شبههما بين الذي يجهده الصوم وبين المريض، فمن شبَّههما بالمريض قال: عليهما القضاء فقط، ومن شبَّههما بالذي يجهده

(1)(1/ 432 - 434).

(2)

(1/ 300).

(3)

واستدل الجصاص (1/ 180) على مسلك الحنفية بما سيأتي في "باب اختيار الفطر" من حديث أنس بن مالك القشيري. (ش).

ص: 435

2318 -

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ (1)، عَنْ سَعِيدٍ،

===

الصوم، قال: عليهما الإطعام فقط بدليل قراءة من قرأ: {وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين} .

وأما من جمع عليهما الأمرين، فيشبه أن يكون رأى فيهما من كل واحد شبهًا، فقال: عليهما القضاء من جهة ما فيهما من شبه المريض، وعليهما الفدية من جهة ما فيهما من شبه الذين يجهدهم الصوم.

ومن فرق بين الحامل والمرضع، ألحق الحامل بالمريض، وأبقى حكم المرضع مجموعًا من حكم المريض وحكم الذي يجهده الصوم.

ومن أفرد لهما أحد الحكمين أولى ممن جمع، كما أن من أفردهما بالقضاء أولى ممن أفردهما بالإطعام فقط، لكون القراءة غير متواترة، فتأمل هذا فإنه بَيِّنٌ.

وأما الشيخ الكبير والعجوز اللذان لا يقدران على الصيام فإنهم أجمعوا على أن لهما أن يفطرا، واختلفوا فيما عليهما إذا أفطرا، فقال قوم: عليهما إطعام، وقال قوم: ليس عليهما إطعام، وبالأول قال الشافعي وأبو حنيفة، وبالثاني قال مالك.

وسبب اختلافهم اختلافهم في القراءة التي ذكرنا، أعني قراءة من قرأ {وعلى الذين يطوِّقونه} ، فمن أوجب العمل بالقراءة التي لم تثبت في المصحف إذا وردت من طريق الآحاد العدول، قال: الشيخ منهم، ومن لم يوجب بها عملًا جعل حكم المريض الذي يتمادى به المرض حتى يموت.

2318 -

(حدثنا ابن المثنى، نا ابن أبي عدي، عن سعيد،

(1) قلت: ذكر المزي هذا الحديث في "تحفة الأشراف"(4/ 346) رقم (5565)، وزاد إسنادًا آخر: "وعن مسدد، عن يحيى، كلاهما عن سعيد بن أبي عروة

به"، وقال: "حديث مسدد في رواية أبي الحسن بن العبد ولم يذكره أبو القاسم.

ص: 436

عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قَالَ: "كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ (1) الْكَبِيرَةِ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا،

===

عن قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قال: كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، وهما يطيقان (2) الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينًا).

قول ابن عباس (3) بظاهره يخالف الآية، فإن الآية تدل على أن المطيقين للصيام إذا أفطروا عليهم فدية طعام مسكين، فلا يدخل فيهم الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة.

ففي قوله توجيهان: إما أن يقال: إن في الآية قوله: "يطيقونه" ليس من باب الإفعال، بل هو من باب الفيعلة على قراءة ابن عباس، فحينئذ يلتئم قوله: كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام، أي بالجهد والمشقة بالآية.

وإما أن يقال: إن قوله: "يطيقونه" في الآية من باب الإفعال، فعلى هذا يقال: إن ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - رجع عن قوله الأول إلى قول الجمهور، أي كان أولًا هذا الحكم أن المطيقين كانوا مخيرين بين الفدية والصيام، كما تقدم من رواية عكرمة عن ابن عباس، ثم نسخ ذلك الحكم

(1) في نسخة: "للمرأة".

(2)

وفي "التقرير": بحذف لا، قال: وهو ينافي ما في الحاشية ثم بسطه. (ش).

(3)

الروايات عن ابن عباس مختلفة في ذلك، وينبغي أن ينقح الكلام بعد جمع رواياتها من "الدر المنثور" وغيره، ومال صاحب "شرح الإقناع"(2/ 327) إلى أن الروايات عن ابن عباس مختلفة. (ش).

ص: 437

وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا". [ق 4/ 230]

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: يَعْني عَلَى أَوْلَادِهِمَا (1).

===

كما يدل عليه ما أخرجه السيوطي في "الدر المنثور"(2): أخرج عبد بن حميد عن ابن سيرين قال: كان ابن عباس يخطب فقرأ هذه الآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} ، قال: قد نسخت هذه الآية.

وأخرج ابن أبي حاتم والنحاس في "ناسخه" وابن مردويه عن ابن عباس، قال: نزلت هذه الآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} ، فكان من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم مسكينًا، ثم نزلت هذه الآية:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، فنسخت الأولى إلا الفاني إن شاء أطعم عن كل يوم مسكينًا وأفطر، ثم قال: ولكن كانت، أي: بقيت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام.

هكذا في جميع النسخ بدون ذكر "لا" النافية، وهو مخالف لسائر روايات ابن عباس - رضي الله تعالى عنه -، فإن الشيخ السيوطي أخرج عن سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وأبي داود، وابن جرير، وابن المنذر، وابن حاتم، والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس في الآية قال: كانت مرخصة للشيخ الكبير والعجوز وهما يطيقان الصوم، أن يُفطرا ويطعما مكان كل يودا مسكينًا، ثم نسخت بعد ذلك، فقال الله تعالى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، وأثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم أن يفطرا ويطعما، وللحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا مكان كل يوم مسكينًا، فإما أن يقال: وهما يطيقان الصوم أي بالجهد والكلفة، أو يقال: إن حرف "لا" سقطت من الناسخ، أو مقدرة كما قيل في الآية.

(والحبلى والمرضع إذا خافتا، قال أبو داود: يعني على أولادهما)، الغرض من هذا الكلام بيان الفرق بين الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة،

(1) زاد في نسخة: "أفطرتا وأطعمتا".

(2)

(1/ 431).

ص: 438