الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(27) بَابُ الصَّائِمِ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاء مِنَ الْعَطَشِ وَيُبَالِغُ في الاسْتِنْشَاقِ
2365 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِىُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ، عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ النَّاسَ فِى سَفَرِهِ عَامَ الْفَتْحِ بِالْفِطْرِ وَقَالَ: "تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ" وَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
===
وجه قول أبي يوسف: أن الاستياك بالمبلول من السواك إدخال الماء في الفم من غير حاجة.
ولنا ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير خلال الصائم السواك"(1)، والحديث حجة على أبي يوسف والشافعي، لأنه وصف الاستياك بالخيرية مطلقًا من غير فصل بين المبلول وغير المبلول، وبين أن يكون في أول النهار وآخره، لأن المقصود منه تطهير الفم فيستوي فيه المبلول وغيره، وأول النهار وآخره كالمضمضة، وأما الحديث فالمراد منه تفخيم شأن الصائم والترغيب في الصوم والتنبيه على كونه محبوبًا لله تعالى ومرضيه، ونحن به نقول، أو يحمل على أنهم كانوا يتحرجون عن الكلام مع الصائم لتغير فمه بالصوم، فمنعهم عن ذلك ودعاهم إلى الكلام.
(27)
(بَابُ الصَّائِمِ يَصُبُّ عَلَيْهِ المَاءَ مِنَ العَطَشِ ويُبَالِغُ في الاسْتِنْشَاقِ)
2365 -
(حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك، عن سمي مولى أبي بكر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) وإبهام الصحابي لا يضر لأنهم كلهم عدول (قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أمر الناس في سفره) إلى مكة (عام الفتح بالفطر، وقال: تقووا لعدوكم) بمنزلة التعليل للأمر، كأنه قيل لأجل أن تقووا لملاقاة عدوكم (وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم) لأنه لا يخاف
(1) أخرجه البيهقي في "سننه"(4/ 272).
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ الَّذِى حَدَّثَنِى: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعَرْجِ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ مِنَ الْعَطَشِ أَوْ مِنَ الْحَرِّ. [ط 1/ 294/ 22، ق 4/ 242]
===
عليه الضعف من الصوم، بل يزيده الصوم قوة ونشاطًا، أو لأن الصوم في السفر أفضل لقوله تعالى:{وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (1).
(قال أبو بكر: قال الذي حدثني) أي الصحابي الذي حدثني هذا الحديث: (لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج) بفتح العين وسكون الراء المهملتين، وبالجيم، قرية جامعة على نحو ثلاث مراحل من المدينة (يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر)، لفظ:"أو" للشك من الراوي، أي قال هذا اللفظ أو ذاك، ويحتمل التنويع.
قال في "البدائع"(2): وأما الاستنشاق والاغتسال وصبُّ الماء على الرأس والتلفف بالثوب المبلول، فقد قال أبو حنيفة (3): إنه يكره.
وقال أبو يوسف: لا يكره، واحتج بما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صب (4) على رأسه ماءً من شدة الحر وهو صائم.
وعن ابن عمر رضي الله عنه، أنه كان يبل الثوب ويتلفف به وهو صائم، ولأنه ليس فيه إلَّا دفع أذى الحر، فلا يكره كما لو استظل.
ولأبي حنيفة أن فيه إظهار الضجر من العبادة والامتناع عن تحمل مشقتها، وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم محمول على حال مخصوصة، وهي حال خوف
(1) سورة البقرة: الآية 184.
(2)
"بدائع الصنائع"(2/ 270).
(3)
قال العيني: هذا رواية عن أبي حنيفة غير معتمد عليها، والمذهب المختار أنه لا يكره، ذكره الحسن عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه. (ش). (انظر:"عمدة القاري" 8/ 89).
(4)
وفي "التقرير": بيانًا للجواز أو ضرورة العطش، والذين كرهوه إنما كرهوه لعلة أخرى.
2366 -
نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نِا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ، عَنْ أَبِيهِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "بَالِغْ في الاِسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا". [ت 788، ن 87، ق 4/ 261]
===
الإفطار من شدة الحر، وكذا فعل ابن عمر - رضي الله تعالى عنه - محمول على مثل هذه الحالة، ولا غلام في هذه الحالة.
قلت: وقول أبي يوسف هو المفتى به، قال في "الدر المختار" (1): وكذا لا تكره حجامة، وتلفف بثوب مبتل، ومضمضة أو استنشاق أو اغتسال للتبرد عند الثاني، وبه يفتى. "شرنبلالية" عن "البرهان".
2366 -
(حدثنا قتيبة بن سعيد، نا يحيى بن سليم، عن إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه لقيط بن صبرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بالغ في الاستنشاق (2) إلَّا أن تكون صائمًا)، وقد تقدم هذا الحديث مطولًا في باب الاستنثار، فالحديث الأول يناسب الجزء الأول من الترجمة، وهو جواز صب الماء عليه، والحديث الثاني يناسب الجزء الثاني، وهو عدم جواز المبالغة في الاستنشاق.
قال الترمذي (3) بعد تخريج حديث لقيط بن صبرة: قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وقد كره أهل العلم السعوط للصائم، ورأوا أن ذلك يفطره، وفي الحديث (4) ما يقوي قولهم، انتهى.
(1)(3/ 399).
(2)
قال ابن رسلان: الأصحاب قاطبة يقيسون المضمضة على الاستنشاق، وقال الماوردي: يبالغ فيها دونه للرواية، وفرق بينهما بأن المضمضة يمكن رده بإطباق الحلق بخلاف الاستنشاق، وفي رواية الحافظ أبي بشر الدولابي بحديث الثوري:"إذا توضأت فبالغ في المضمضة والاستنشاق ما لم تكن صائمًا"، قال ابن العربي: إسناده صحيح، انتهى مختصرًا. (ش).
(3)
"سنن الترمذي"، 5 - كتاب الصوم، 69 - باب ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم. (3/ 155).
(4)
وفي "سنن الترمذي": وفي الباب.