الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَاوُدَ، وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللهِ صَلَاةُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَهُ، وَيقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَكَانَ يُفْطِرُ يَوْمًا، وَيَصُومُ يَوْمًا". [خ 1979، م 989/ 1151، ن 2388، جه 1712]
(67)
بَابٌ: في صَوْمِ الثَّلاثِ (1) مِنْ كلّ شَهْرٍ
2449 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَنَا هَمَّام، عن أَنَسٍ أَخِي مُحَمَّدٍ، عن ابْنِ مِلْحَانَ الْقَيْسِيِّ، عن أَبِيهِ
===
داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود) ثم بينهما على غير ترتيب اللف (كان ينام نصفه) أي الليل (ويقوم) للصلاة (ثلثه، وينام سدسه) ثم بين الصوم، فقال:(وكان يفطر يومًا، ويصوم يومًا).
(67)(بَابٌ: في صَوْمِ الثَّلاثِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ)
2449 -
(حدثنا محمد بن كثير، أنا همام) بن يحيى، (عن أنس) بن سيرين (أخي محمد) بن سيرين، (عن ابن ملحان) هو عبد الملك بن قتادة بن ملحان (القيسي) ويقال: قدامة بدل قتادة، ويقال: عبد الملك بن المنهال عن أبيه مرفوعًا في صوم الأيام البيض، قال ابن المديني: لم يرو عنه غيره، وذكره ابن حبان في "الثقات"، قال البخاري: عداده في البصريين، قال: أنا أبو الوليد الطيالسي: وَهِمَ شعبة في قوله: ابن المنهال، يعني أن الصواب ابن ملحان، والله أعلم، وأما ابن حبان فقال: هو عبد الملك بن المنهال بن ملحان، قال: وليس في الصحابة من يسمى المنهال غيره.
(عن أبيه) هو قتادة بن ملحان القيسي، قال البخاري وابن حبان: له صحبة، يعد في البصريين، له حديث واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صوم أيام البيض، قال أبو الوليد: وهم فيه شعبة فقال: عن عبد الملك بن المنهال
(1) في نسخة: "ثلاث"، وفي نسخة:"ثلاثة".
قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا أَنْ نَصُومَ الْبِيضَ: ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ، قَالَ: وَقَالَ: "هُنَّ (1) كَهَيْئَةِ الدَّهْرِ". [ن 2432، جه 1707، ق 4/ 294]
===
عن أبيه، وقال البخاري وغير واحد: إن شعبة أخطأ في ذلك، وقد روي عن شعبة على الصواب أيضًا فيما حكاه العسكري وابن عبد البر.
وأخرج ابن شاهين من طريق سليمان التيمي عن حيان بن عمير قال: مسح النبي صلى الله عليه وسلم وجه قتادة بن ملحان، ثم كَبِرَ فَبَلِيَ منه كل شيء غير وجهه، قال: فحضرته عند الوفاة، فمرَّت امرأة، فرأيتها في وجهه كما أراها في المِرْآةِ.
(قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا) أي أمر استحباب (أن نصوم البيض) أي أيام الليالي البيض (2)(ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة).
قال الشوكاني (3): فيه دليل على استحباب صوم أيام البيض، وهي الثلاثة المعينة في الحديث، وقد وقع الاتفاق (4) بين العلماء على أنه يستحب أن تكون الثلاثة المذكورة في وسط الشهر، كما حكاه النووي (5)، واختلفوا في تعيينها، فذهب الجمهور إلى أنها ثالث عشر، ورابع عشر، وخامس عشر، وقيل: هي الثاني عشر، والثالث عشر، والرابع عشر، وحديث أبي ذر وغيره يرد ذلك.
(قال) أي ابن ملحان: (وقال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هن) أي صوم أيام البيض (كهيئة الدهر) أي تساوي صوم الدهر في الأجر على قاعدة: الحسنة بعشر أمثالها.
(1) في نسخة: "هو".
(2)
هذا هو الظاهر لغة، والروايات التي ذكرها السيوطي في "اللآليء المصنوعة"(2/ 107) تدل على أن تسمية هذه الأيام بالبيض لما أن آدم لما أهبط إلى الأرض أحرقته الشمس، فاسود آدم، فأمِرَ بصيام هذه الأيام فصام وصار أبيض، فسميت بالبيض. (ش).
(3)
"نيل الأوطار"(3/ 235).
(4)
قلت: مكروه عند المالكية، كما في "الشرح الكبير"(2/ 141)، و"البداية"(1/ 308)، و"إكمال الإكمال"(4/ 119). (ش).
(5)
انظر: "شرح صحيح مسلم"(4/ 307).
2450 -
حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، نَا أَبُو دَاوُدَ (1)، نَا شَيْبَانُ، عن عَاصِمٍ، عن زِرٍّ، عن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ - يَعْنِي مِنْ غُرَّةِ كُلّ شَهْرٍ - ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ". [ت 742، جه 1725، حم 1/ 406، خزيمة 2129، ن 2368]
===
2450 -
(حدثنا أبو كامل، نا أبو داود، نا شيبان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم -يعني من غرة كل شهر-)، زاد لفظ "يعني"، كأنه لم يحفظ الراوي لفظ الشيخ، فقال: مراد الشيخ من كلامه أنه يصوم من غرة كل شهر، والمراد بالغرة أول الشهر (ثلاثة أيام).
وقد اختلفت الروايات في هذا الباب، فرواية ابن ملحان عن أبيه عند أبي داود والنسائي، وحديث أبي ذر عند أحمد والنسائي والترمذي على تعيين أيام البيض، وحديث ابن مسعود على تعيين غرة كل شهر، وحديث حفصة عند أبي داود والنسائي على تعيين يوم الاثنين والخميس والاثنين من الجمعة الأخرى، وكذا حديث عائشة رضي الله عنها عند الترمذي على تعيين السبت والأحد والاثنين من الشهر، ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس، ومن حديث عائشة عند مسلم:"كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام لا يبالي من أي الشهر صام"، وفي حديث أبي هريرة عند الشيخين:"أوصاني خليلي بصيام ثلاثة أيام"، وفي حديث أبي ذر عند ابن ماجه والترمذي:"من صام من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صيام الدهر"، الحديث.
قال الشوكاني (2): اختلفوا في تعيين هذه الثلاثة الأيام المستحبة من كل شهر، ففسرها عمر بن الخطاب وابن مسعود وأبو ذر وغيرهم من الصحابة، وجماعة من التابعين، وأصحاب الشافعي بأيام البيض،
(1) زاد بي نسخة: "هو الطيالسي".
(2)
"نيل الأوطار"(3/ 235 - 236).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ويشكل على هذا قول عائشة المتقدم: "لا يبالي من أيِّ الشهر صام"، وأجيب عن ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم لعله كان يعرض له ما يشغله عن مراعاة ذلك، أو كان يفعل ذلك لبيان الجواز، وكل ذلك في حقه أفضل، والذي أمر به قد أخبر به أمته، ووصَّاهم به وعيَّنه لهم، فيحمل مطلق الثلاث على الثلاث المقيدة بالأيام المعينة.
واختار النخعي وآخرون أنها آخر الشهر، واختار الحسن البصري وجماعة أنها من أوله، واختارت عائشة وآخرون صيام السبت والأحد والاثنين من عدة شهر، ثم الثلاثاء والأربعاء والخميس من الشهر الذي بعده.
وقال البيهقي: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، لا يبالي من أي الشهر صام، قال: فكل من رآه فعل نوعًا ذكره، وعائشة رأت جميع ذلك فأطلقت.
وقال الروياني: صيام ثلاثة أيام من كل شهر مستحب، فإن اتفقت أيام البيض كان أحبَّ، وروي عن مالك: أنه يكره تعيين الثلاث.
قلت: وأما عند الحنفية فإنهم قالوا: والمندوب فهو صوم ثلاثة من كل شهر، ويندب كونها الأيام البيض، فعلى هذا من صام ثلاثة أيام من الشهر غير أيام البيض حصل له ثواب المندوب، ومن صام من الشهر أيام البيض، حصل له أجر مندوبين، ندب ثلاثة أيام من كل شهر وندب تعيين أيام البيض.
قال الشوكاني (1): قال في "الفتح": وكلام غير واحد من العلماء أن استحباب صيام أيام البيض غير استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، انتهى، وهذا هو الحق، لأن حمل المطلق على المقيد ها هنا متعذر.
(1)"نيل الأوطار"(3/ 236).