المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(10) باب بقية نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٨

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(26) بَابٌ في الاكْفَاءِ

- ‌(27) بَابٌ: في تَزْوِيجِ مَنْ لَمْ يُولَدْ

- ‌(28) بَابُ الصَّدَاقِ

- ‌(29) بَابُ قِلَّةِ الْمَهْرِ

- ‌(30) بَابٌ: في التَّزْوِيجِ عَلَى الْعَمَلِ يُعْمَلُ

- ‌(31) بابٌ: فِيمَنْ تَزَوَّجَ وَلَمْ يُسَمِّ صَدَاقًا حَتَّى مَاتَ

- ‌(32) بَابٌ: في خُطْبَةِ النِّكَاحِ

- ‌(33) بابٌ: فِى تَزْوِيجِ الصِّغَارِ

- ‌(34) بابٌ: فِى الْمَقَامِ عِنْدَ الْبِكْرِ

- ‌(35) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهَا

- ‌(36) بَابٌ: في مَا يُقَالُ لِلْمُتَزَوِّج

- ‌(37) بَابُ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَة فيَجِدُهَا حُبْلَى

- ‌(38) بَابٌ: في الْقَسْمِ بَيْنَ النِّسَاءِ

- ‌(39) (بَابٌ: في الرَّجُلِ يَشْتَرِطُ لَهَا دَارَهَا)

- ‌(40) بَابٌ: في حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ

- ‌(41) بَابٌ: في حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا

- ‌(42) بَابٌ: في ضَرْبِ النِّسَاءِ

- ‌(43) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ

- ‌(44) بَابٌ: في وَطْءِ السَّبَايَا

- ‌(45) بَابٌ: في جَامِعِ النِّكَاح

- ‌(46) بَابٌ: في إِتْيَانِ الْحَائِضِ وَمُبَاشَرَتِهَا

- ‌(47) بَابٌ: في كفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا

- ‌(48) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَزْلِ

- ‌(49) بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ ذِكْرِ الرَّجُل مَا يَكُونُ مِنْ إِصَابَتِهِ أَهْلَهُ

- ‌(7) أَوَّلُ كِتاَبِ الطَّلَاق

- ‌(1) بَابٌ: فِيمَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا

- ‌(2) بَابٌ: في الْمَرْأَةِ تَسْاَلُ زَوْجَهَا طَلَاقَ امْرَأَةٍ لَهُ

- ‌(3) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ الطَّلَاقِ

- ‌(4) بَابٌ: في طَلَاقِ السُّنَّةِ

- ‌(5) بَابٌ: في نَسْخِ الْمُرَاجَعَةِ بَعْدَ التَّطْلِيقَاتِ الثَّلاثِ

- ‌(6) بَابٌ: في سُنَّةِ طَلَاقِ الْعَبْدِ

- ‌(7) بَابٌ: في الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ

- ‌(8) بَابٌ: في الطَّلَاقِ عَلَى غَلَطٍ

- ‌(9) بَابٌ: في الطَّلَاقِ عَلَى الْهَزْلِ

- ‌(10) بَابُ بَقِيَّة نَسْخِ الْمُرَاجَعَة بَعْدَ التَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ

- ‌(11) بَابٌ: فِيمَا عُنِيَ بِهِ الطَّلَاقُ، وَالنِّيَّاتُ

- ‌(12) بَابٌ: في الْخَيَارِ

- ‌(13) بَابٌ: في "أَمْرُكِ بِيَدِكِ

- ‌(14) بَابٌ: في الْبَتَّةِ

- ‌(15) بَابٌ: في الْوَسْوَسَةِ بِالطَّلَاقِ

- ‌(16) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ: "يَا أُخْتِي

- ‌(17) بَابٌ: في الظِّهَارِ

- ‌(18) بَابٌ: في الْخُلْعِ

- ‌(19) بَابٌ: في الْمَمْلُوكَةِ تُعْتَقُ وَهِيَ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ

- ‌(20) بَابُ مَنْ قَالَ: كَانَ حُرًّا

- ‌(21) (بَابٌ: حَتَّى مَتَى يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ

- ‌(22) بَاب: في المَمْلُوكيْن يُعْتَقَانِ مَعًا، هَلْ تُخَيَّرُ امْرَأَتُهُ

- ‌(23) بَابٌ: إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَينِ

- ‌(24) بَابٌ: إِلَى مَتَى تُرَدُّ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَهَا

- ‌(25) بَابٌ: في مَنْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ أَكثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ

- ‌(27) بَابٌ: في اللِّعَانِ

- ‌(28) بَابٌ: إِذَا شَكَّ في الْوَلَدِ

- ‌(29) بَابُ التَّغْلِيظِ في الانْتِفَاءِ

- ‌(30) بَابٌ: في ادِّعَاءِ وَلَدِ الزِّنَا

- ‌(31) بَابٌ: في الْقَافَةِ

- ‌(32) بَابُ مَنْ قَالَ بِالْقُرْعَةِ إِذَا تَنَازَعُوا في الْوَلَدِ

- ‌(33) بَابٌ: في وُجُوهِ النِّكَاحِ الَّتِي كَانَ يَتَنَاكَحُ بِهَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌(34) بَابٌ "الْوَلَدُ لِلفِرَاش

- ‌(35) بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ

- ‌(36) بَابٌ: في عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ

- ‌(37) بَابٌ: في نَسْخِ مَا اسْتُثْنِي بِهِ مِنْ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَاتِ

- ‌(38) بَابٌ: في الْمُرَاجَعَةِ

- ‌(39) بَابٌ: في نَفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ

- ‌(40) بَابُ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَة

- ‌(41) بَابٌ: في الْمَبْتُوتَة تَخْرُجُ بِالنَّهارِ

- ‌(42) (بَابُ نَسْخِ مَتَاعِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِمَا فُرِضَ لَهَا مِنَ الْمِيرَاثِ)

- ‌(43) بَابُ إِحْدَادِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌(44) بَابٌ: في الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَنْتقِل

- ‌(45) بَابُ مَنْ رَأَى التَّحَوُّلَ

- ‌(46) بَابٌ: فِيمَا تَجْتَنِبُ الْمُعْتَدَّة في عِدَّتِهَا

- ‌(47) بَابٌ: في عِدَّةِ الْحَامِلِ

- ‌(48) بَابٌ: في عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ

- ‌(49) بَابُ الْمَبْتُوتَةِ لَا يَرْجِع إِلَيْهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَنْكِحَ غَيْرَهُ

- ‌(50) بَابٌ: في تَعْظِيمِ الزِّنا

- ‌(8) أَوَّلُ كتَابِ الصِّيَامِ

- ‌(1) مَبْدَأُ فَرْضِ الصِّيَامِ

- ‌(2) بَابُ نَسْخِ قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}

- ‌(3) بَابُ مَنْ قَالَ: هِيَ مُثْبَتَةٌ للشَّيْخِ وَالْحُبْلَى

- ‌(4) بَابُ الشَّهْرِ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ

- ‌(5) بَابٌ: إِذَا أَخْطَأَ القَوْمُ الْهِلَال

- ‌(6) بَاب: إِذَا أُغْمِيَ الشَّهْرُ

- ‌(7) (بَابُ مَنْ قَالَ: فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثينَ)

- ‌(8) بَابٌ: في التَّقَدُّم

- ‌(9) بَابٌ: إِذا رُؤي الْهِلَالُ في بَلَدٍ قَبْلَ الآخَرِينَ بِلَيْلَةٍ

- ‌(10) (بَابٌ كَرَاهِيَّةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ)

- ‌(11) بَابٌ: فِيمَنْ يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ

- ‌(12) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ ذَلِكَ

- ‌(13) بَابُ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّال

- ‌(15) بَابٌ فِى تَوْكِيدِ السُّحُورِ

- ‌(16) (بَابٌ مَنْ سَمَّى السَّحُورَ غَدَاءً)

- ‌(17) بَابُ وَقْتِ السَّحُورِ

- ‌(19) (بَابُ وَقْتِ فِطْرِ الصَّائِمِ)

- ‌(20) بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ تَعْجِيلِ الفِطْرِ

- ‌(21) بَابٌ مَا يُفْطَرُ عَلَيْهِ

- ‌(22) (بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ الإفْطَارِ)

- ‌(23) (الفِطْر قَبْلَ غُرُوبِ الشَمْسِ)

- ‌(24) (فِي الْوِصَالِ)

- ‌(26) بابُ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ

- ‌(27) بَابُ الصَّائِمِ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاء مِنَ الْعَطَشِ وَيُبَالِغُ في الاسْتِنْشَاقِ

- ‌(28) (في الصائِمِ يَحْتَجِمُ)

- ‌(29) (في الرُّخْصَةِ)

- ‌(31) بَابٌ: في الكُحْلِ عِنْدَ النَّوْمِ

- ‌(32) (بَابُ الصَّائِمِ يَسْتَقِيءُ عَامِدًا)

- ‌(33) بَابُ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(34) بَابُ الصَّائِمُ يَبْلَعُ الرِّيقَ

- ‌(38) بَابُ التَّغْلِيظِ فِيمَنْ أَفْطَرَ عَمْدًا

- ‌(39) بَابُ مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا

- ‌(40) بَابُ تَأْخِيرِ قَضَاءِ رَمَضَان

- ‌(41) بَابٌ: فِيمَنْ مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَامٌ

- ‌(42) بَابُ الصَّوْمِ في السَّفَرِ

- ‌(43) بَابُ اخْتِيَارِ الْفِطْرِ

- ‌(44) بَابٌ: فِيمَنْ اخْتَارَ الصِّيَامَ

- ‌(45) بَابٌ: مَتَى يُفْطِر الْمُسَافِر إِذَا خَرَجَ

- ‌(46) (بَابُ مَسِيرَةِ مَا يُفْطِرُ فِيهِ)

- ‌(47) بَابٌ: فِيمَنْ يَقُولُ: صُمْتُ رَمَضَان كلَّهُ

- ‌(48) (بَابٌ: في صَوْمِ العِيدَيْنِ)

- ‌(49) بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌(50) بَابُ النَّهْي أَنْ يُخَصَّ يَوْمُ الْجُمُعَةِ بِصَوْمٍ

- ‌(51) (بَابُ النَّهْي أَنْ يُخَصّ يَوْمُ السَّبْتِ بِصَوْمٍ)

- ‌(52) الرُّخْصَةُ في ذَلِكَ

- ‌(53) بَابٌ: في صَوْمِ الدَّهْرِ

- ‌(54) بَابٌ: في صَوْمِ أَشْهُرِ الْحُرُمِ

- ‌(55) بَابٌ: في صَوْمِ الْمُحَرَّمِ

- ‌(56) (بَابٌ: في صَوْمِ شَعْبَانَ)

- ‌(57) بَابٌ: في صَوْمِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّال

- ‌(58) بَابٌ: كَيْفَ كَانَ يَصُومُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(59) بَابٌ: في صَوْمِ الاثْنينِ وَالْخَمِيس

- ‌(60) بَابٌ: في صَوْمِ الْعَشْرِ

- ‌(61) (في فِطْرِهِ)

- ‌(62) (في صَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ)

- ‌(63) بَابٌ: في صَوْمِ يَوْم عَاشُورَاء

- ‌(64) (مَا رُوِيَ أَنَّ عَاشُورَاءَ اليَوْمُ التَّاسِعُ)

- ‌(65) بَابٌ: في فَضْلِ صَوْمِهِ

- ‌(66) (في صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ)

- ‌(67) (بَابٌ: في صَوْمِ الثَّلاثِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ)

- ‌(68) بَابُ مَنْ قَالَ: الاثْنين وَالْخَمِيس

- ‌(69) بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يُبَالِي مِنْ أَيّ الشَّهْرِ

- ‌(70) بَابٌ: في النِّيَّةِ في الصَّوْمِ

- ‌(71) بَابٌ: في الرُّخْصَةِ فِيهِ

- ‌(72) بَابُ مَنْ رَأَى عَلَيْهِ الْقَضَاء

- ‌(73) بَابُ الْمَرْأَةِ تَصُومُ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا

- ‌(74) في الصَّائِمِ يُدْعَى إِلَى وَليمَةٍ

- ‌(75) الاعْتِكَافِ

- ‌(76) بَاب: أَيْنَ يَكُونُ الاعْتِكَاف

- ‌(77) الْمُعْتَكِفُ يَدْخُلُ البَيْتَ لِحَاجَتِهِ

- ‌(78) الْمُعْتَكِفُ يَعُودُ الْمَرِيضَ

- ‌(79) بَابٌ: فِي الْمُسْتَحَاضَةِ تَعْتَكِفُ

الفصل: ‌(10) باب بقية نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث

(10) بَابُ بَقِيَّة نَسْخِ الْمُرَاجَعَة بَعْدَ التَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ

2196 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالحٍ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، نَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي بَعْضُ بَنِي أَبِي رَافِعٍ

===

في غير الصريح، لا في الصريح، فلا يعتبر، والاستدلال بالآية على تلك الدعوى غير صحيح من أصله، فلا يحتاج إلى الجمع، فإنها نزلت في حق المولى.

وقال القاري (1) في شرح الحديث: يعني لو طلق، أو نكح، أو راجع وقال: كنت فيه لاعبًا، أو هازلاً لا ينفعه، وكذا البيع والهبة وجميع التصرفات، وإنما خص هذه الثلاثة لأنها أعظم وأتم.

وقال القاضي (2): اتفق أهل العلم على أن طلاق الهازل يقع، فإذا جرى صريح لفظة الطلاق على لسان العاقل البالغ، لا ينفعه أن يقول: كنتُ فيه لاعبًا أو هازلاً، لأنه لو قبل ذلك منه لتعطلت الأحكام، فمن تكلم بشيء مما جاء ذكره في هذا الحديث لزمه حكمه، وخص هذه الثلاثة بالذكر لتأكيد أمر الفرج.

(10)

(بَابُ بَقِيَّة نَسْخِ الْمُرَاجَعَة بَعْدَ التَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ)

وقد تقدم هذا الباب قريبًا، وذكر فيه حديثًا يدل على نسخ المراجعة بعد التطليقات، ولهذا زاد لفظ "بقية"

2196 -

(حدثنا أحمد بن صالح، نا عبد الرزاق، نا ابن جريج، أخبرني بعض بني أبي رافع)، قال الحافظ في "الإصابة" (3): وشيخ ابن جريج الذي

(1)"مرقاة المفاتيح"(6/ 427).

(2)

وهكذا حكى الاتفاق عليه صاحب "المغني"(9/ 463)، وراجع "الشامي"(4/ 443)، فما تقدم عن الشوكاني ليس بصحيح، كما في "الأوجز"(10/ 612). (ش).

(3)

ذكر الحافظ في ترجمة "يزيد بن هاشم" برقم (5271).

ص: 182

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وصفه بأنه بعض بني أبي رافع لا أعرف من هو، وقال في "تهذيب التهذيب": قال: أخبرني بعض بني أبي رافع عن عكرمة، عن ابن عباس: طَلَّقَ أبو ركانة، يحتمل أن يكون هو الفضل بن عبيد الله بن أبي رافع.

قلت: وقد أخرج الحاكم في "مستدركه"(1) هذا الحديث بسنده عن ابن جريج، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه قال:"طلق عبد يزيد أبو ركانة أمَّ ركانةَ" الحديث، مثل حديث أبي داود، إلَّا أنه لم يذكر فيه ثلاثًا. قال الحاكم: هذا الحديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وأنت تعلم أن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع ضعيف جدًا.

قال البخاري: منكر الحديث، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، منكر الحديث جدًا، ذاهب، وقال ابن عدي: هو في عداد شيعة الكوفة، وقال البرقاني عن الدارقطني: متروك، وله معضلات، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأخرجه الذهبي في "تلخيصه"، وحكى قول الحاكم: إن الحديث صحيح الإسناد، ثم تعقب، وقال: قلت: محمد واهٍ، والخبر خطأ، عبد يزيد لم يدرك الإِسلام، انتهى.

فالذي عندي أن ما وقع مبهمًا هو محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، كما يدل عليه سند الحاكم والذهبي في "تلخيصه".

وقال ابن القيم في "الهدي"(2): قالوا: وابن جريج إنما رواه عن بعض بني أبي رافع، فإن كان عبيد الله فهو ثقة معروف، وإن كان غيره من إخوته فمجهول العدالة، لا تقوم به حجة، انتهى.

(1)(2/ 491).

(2)

"زاد المعاد"(5/ 234).

ص: 183

مَوْلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عن عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "طَلَّقَ عَبْدُ يَزِيدَ -أَبُو رُكَانَةَ وَإِخْوتِهِ- أُمَّ رُكَانَةَ، وَنَكَحَ امْرَأَةً مِنْ مُزَيْنَةَ، فَجَاءَتِ (1) النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فقَالَتْ: مَا يُغْنِي عَنِّي إِلَّا كَمَا يُغْنِي (2) هَذِهِ الشَّعْرَةُ

===

(مولى النبي صلى الله عليه وسلم، عن عكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: طلَّق عبدُ يزيد، أبو ركانة (3)) أي والد ركانة (وإخوته) بالجر عطف على قوله: "ركانة" أي والد ركانة وإخوته، وهو عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف، والد ركانة، ذكره الذهبي في "التجريد"، وعلَّم له علامة أبي داود، وقال: أبو ركانة طلق امرأته، وهذا لا يصح، والمعروف أن صاحب القصة ركانة (4).

قلت: وقع ذكره في الحديث الذي أخرجه عبد الرزاق وأبو داود من طريقه عن ابن جريج، أخبرني بعض بني أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: طلق عبد يزيد، الحديث، وذكر الزبير في "كتاب النسب": فولد عبد يزيد بن هاشم ركانة، وعجيرًا، وعميرًا، وعبيدًا بني عبد يزيد، وأمهم العجلة بنت عجلان من بني سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناف بن كنانة.

(أم ركانة) اسمها عجلة بنت عجلان الليثية من بني ليث بن سعد بن بكر بن عبد مناف بن كنانة والدة ركانة بن عبد يزيد وإخوته (ونكح امرأة من مزينة) لم أقف على تسميتها (5)، (فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت) المزنية: (ما يغني عني إلَّا كما يغني هذه الشعرة

(1) زاد في نسخة: "إلى".

(2)

في نسخة: "تغني".

(3)

وأخرجه أحمد في "مسنده"(2/ 265) من مسند ابن عباس بلفظ: "طلق ثلاثًا في مجلس واحد، فحزن عليها حزنًا شديدًا، فساْله كيف طلقتها؟ قال: طلقتها ثلاثًا، قال: في مجلس واحد؟ قال: نعم"، الحديث. (ش).

(4)

وكذا نقله عنه ابن رسلان. (ش).

(5)

لعل اسمها سهيمة بنت عويمر، كما يظهر من "التلقيح"(ص 336). (ش).

ص: 184

لِشَعْرَةٍ أَخَذَتْهَا مَنْ رَأسِهَا، فَفَرِّقْ بَيْني وَبَيْنَهُ، فَأَخَذَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَمِيَّةٌ، فَدَعَا بِرُكَانَةَ وَإِخْوَتِهِ، ثُمَّ قَالَ لِجُلَسَائِهِ:"أَتَرَوْنَ فُلَانًا يُشْبِهُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا مِنْ عَبْدِ يَزِيدَ، وَفُلَانًا يُشْبِهُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا؟ "، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَبْدِ يَزِيدَ:"طَلِّقْهَا"، فَفَعَلَ، قَالَ:"رَاجِع امْرَأَتَكَ أُمَّ رُكَانَةَ وَإِخْوَتِهِ" فَقَالَ: إِنِّي طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:"قَدْ عَلِمْتُ، رَاجِعْهَا"، وَتَلَا:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} ". [ق 7/ 339، ك 2/ 491]

===

لشعرة أخذتها من رأسها (1))، حاصل هذا الكلام أنها شكت عِنَّته، وقالت: لا يقدر على وطئها.

(ففرِّق بيني وبينه، فأخذتِ النبي صلى الله عليه وسلم حميةٌ) أي غضبة وغيرة لكذبها وافترائها على زوجها، بأنه عِنِّين، وطلب مفارقتها، (فدعا برُكانة وإخوته، ثم قال لجلسائه) أي لأهل مجلسه الحاضرين فيه: (أترون فلانًا) لبعض ولد عبد يزيد (يُشْبِه منه) أي من بعض ولد عبد يزيد، أي في الصورة والخلقة (كذا وكذا) كناية عن الأعضاء، أي العضو الفلاني والفلاني (من) أعضاء (عبد يزيد، وفلانًا) أي أترون فلانًا، أي لبعض ولد عبد يزيد غير الأول (يشبه منه) أي من هذا الوالد (كذا وكذا؟ ) كناية عن أعضائه، أي: من عبد يزيد.

(قالوا) أي الجلساء: (نعم) يشبهان من عبد يزيد، حاصله أنها كاذبة في دعواها أنه عنين (قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد يزيد: طلِّقها، ففعل) أي فطلقها (قال) أي النبي صلى الله عليه وسلم:(راجع امرأتَك أمَّ ركلانة وإخوته، فقال) عبد يزيد: (إني طلقتها ثلاثًا يا رسول الله، قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قد علمتُ (2)) بطلاقك (راجعها، وتلا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (3)، لإفادة أن من فوائد العدة أن يراجع فيها من يريد.

(1) قال ابن رسلان: لا يجوز النظر إلى شعر الأجنبية، والجزء المبان منها، فيمكن إذ ذاك لم يكن عنده أحد أو كانوا محارمها، أو ما رفعوا النظر تعظيمًا له صلى الله عليه وسلم. (ش).

(2)

قال ابن رسلان: هذا موضع التبويب يعني أني أعلم، ثم هذا منسوخ لما في "الصحيح" من قصة عبد الرحمن بن الزبير وطلقها ثلاثًا فقال:"لا حتى تذوقي عسيلته". (ش).

(3)

سورة الطلاق: الآية 1.

ص: 185

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدِيثُ نَافِعِ بْنِ عُجَيْرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ

===

وهذا إن صح فهو إما مخصوص أو منسوخ عند الجمهور، والأحسن في التوجيه أنه طلقها البتة طلاقًا واحدًا لا ثلاثًا، ففهم الراوي من قوله:"البتة" أنها ثلاث، فروى حسب فهمه، وقد تقدم بحثه مفصلاً.

(قال أبو داود: حديث نافع بن عجير) بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف، ذكره ابن حبان في "الثقات".

قلت: وذكره ابن حبان أيضًا في "الصحابة"، وكذا أبو القاسم البغوي، وأبو نعيم، وأبو موسى في "الذيل" وغيرهم.

(وعبدِ الله بن علي بن يزيد بن ركانة) بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب، وربما نسب إلى جده، روى عن أبيه، عن جده في الطلاق، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال العقيلي: حديثه مضطرب ولا يتابع.

(عن أبيه) علي بن يزيد بن ركانة بن عبد يزيد المطلبي، روى عن أبيه، وأرسل عن جده، قال البخاري: لم يصح حديثه، وذكره ابن حبان في "الثقات"، روى له أبو داود وابن ماجه، وروى الترمذي عن عبد الله بن يزيد بن ركانة، عن أبيه، عن جده، فسقط عنده علي من نسب ابنه، والصواب إثباته.

قلت: ذكره العقيلي في "الضعفاء"، وقع عنده علي بن يزيد بن ركانة، وكذا عند ابن عدي، وقال: لا أعرف له غيره يعني حديث طلاق ركانة.

(عن جده) ظاهره أن المراد بالجد يزيد بن ركانة، لأنه يقول: إن ركانة طلق امرأته.

فحاصله أنه يروي عن أبيه علي، وأبوه علي يروي عن أبيه يزيد، وهو جد عبد الله، بأنه يقول: إن أباه ركانة طلق امرأته، ولكن هذا الحديث سيأتي في "باب البتة" عن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة، عن أبيه، عن جده أنه طلق امرأته، وظاهره يخالف هذا، فإن الظاهر فيه أن المراد بالجد رُكانة، لأنه يقول: إنه طلق امرأته، والمطلق هو ركانة.

ص: 186

أَنَّ رُكَانَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ (1) فَرَدَّهَا إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (2) أَصَحُّ، لأنهُم وَلَدُ الرَّجُلِ وَأَهْلُهُ أَعَلَمُ بِهِ، إِنَّ رُكَانَةَ إِنَّمَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ فَجَعَلَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَاحِدَةً.

===

فإن كان الرواية عن أبيه، عن جده يزيد، فيكون موصولاً. وإن كان عن أبيه، عن جده، والمراد بالجد ركانة، فيكون الحديث مرسلاً، والله أعلم. وسيجيء في "باب البتة" حديث نافع وعبد الله بن يزيد قريبًا.

(أن ركانة طلق امرأته فردها إليه النبي صلى الله عليه وسلم أصح) أي من حديث ابن جريج عن بعض بني أبي رافع، عن عكرمة، عن ابن عباس. (لأنهم) أي نافع بن عجير وعبد الله بن علي (ولد الرجل) أي ركانة (وأهلُه أعلمُ به) أي: فَهُم أعلم به، أي: بحاله، (إن ركانة إنما طلق امرأته البتة فجعلها النبي صلى الله عليه وسلم واحدة) لا عبد يزيد.

قلت: إن هذه القصة وقع فيها اختلاف، فحديث ابن جريج يدل على أن هذه القصة وقعت لعبد يزيد والد ركانة، وحديث نافع بن عجير وعبد الله بن علي يدل على أن هذه القصة وقعت لركانة بن عبد يزيد، فرجح أبو داود حديث نافع بن عجير وعبد الله بن علي بن يزيد على حديث ابن جريج.

واستدل بأنهم ولد الرجل وأهله فهم أعلم به، ولكن قال الحافظ في "الإصابة" (3): لكن إن كان خبر ابن جريج محفوظًا، فلا مانع أن تتعدد القصة، ولا سيما مع اختلاف السياقين، وشيخ ابن جريج الذي وصفه بأنه بعض بني أبي رافع لا أعرف من هو.

ولعل غرض أبي داود من إدخال هذا الحديث في هذه الترجمة أن عبد يزيد طلق امرأته ثلاثًا، فلم يجزه صلى الله عليه وسلم بل جعلها واحدة، ثم نسخ هذا الحكم، كما تدل عليه الروايات الآتية، وبذلك يحصل المناسبة بين الحديث وترجمة الباب.

(1) زاد في نسخة: "البتة".

(2)

زاد في نسخة: "وساق الحديث".

(3)

(4/ 321)، رقم الترجمة (5285).

ص: 187

2197 -

حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، نَا إِسْمَاعِيلُ، أَنَا أَيُّوبُ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ، عن مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا، قَالَ: فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ رَادُّهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَنْطَلِقُ أَحَدُكُمْ فَيرْكَبُ الْحُمُوقَةَ ثُمَّ يَقُولُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! وَإِنَّ اللَّه قَالَ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (1)، وَإِنَّكَ لَمْ تَتَّقِ اللَّه فَلَا أجِدُ لَكَ مَخْرَجًا، عَصَيْتَ رَبَّكَ وَبَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ، وَإِنَّ اللَّه قَالَ:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} (2) في قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ". [ق 7/ 331]

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حُمَيْدٌ الأَعْرَجُ وَغَيْرُهُ،

===

2197 -

(حدثنا حميد بن مسعدة، نا إسماعيل) بن علية، (أنا أيوب، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد قال: كنت عند ابن عباس، فجاءه رجل) لم أقف على اسمه (فقال: إنه طلق امرأته ثلاثًا، قال: فسكت) أي فلم يجبه (حتى ظننت) بسكوته (أنه) أي ابن عباس (رادُّها) أي المرأة (إليه) أي إلى زوجها، (ثم) بعد السكوت زمانًا (قال) ابن عباس:(ينطلق أحدكم فيركب الحموقة) أي يفعل فعل الحمقاء (ثم) يندم عليه (يقول: يا ابن عباس! يا ابن عباس! ) أي أخرجني من هذه الورطة (وإن الله) تعالى (قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} وإنك لم تتق الله) في طلاقك زوجتك (فلا أجد لك مخرجًا، عصيت ربك) أي بتطليقك الثلاث دفعة واحدة (وبانتْ منك امرأتُك، وإن الله) تعالى قال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} في قبل عدتهن)، وهكذا قرأه ابن عباس: في قبل عدتهن. والغرض بتلاوة هذه الآية الإشارة إلى قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ} أي: في أمر الطلاق.

(قال أبو داود: روى هذا الحديث حميد الأعرج وغيره (3)،

(1) سورة الطلاق: الآية 2.

(2)

سورة الطلاق: الآية 1.

(3)

أخرج روايته الدارقطني في "سننه"(4/ 12)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 337).

ص: 188

عن مُجَاهِدٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عن عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَيُّوبُ وَابْنُ جُرَيْجٍ جَمِيعًا، عن عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ. وَابْنُ جُرَيجٍ، عن عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ رَافِعٍ، عن عَطَاءٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَرَوَاهُ الأَعمَشُ، عن مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عن ابْن عَبَّاسٍ. وَابْنُ جُرَيجٍ، عن عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، كُلّهُمْ قَالوا في الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ: إِنَّهُ أَجَازَهَا،

===

عن مجاهد، عن ابن عباس، ورواه شعبة (1) عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس). ورواه (أيوب وابن جريج (2) جميعًا، عن عكرمة بن خالد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس).

ورواه (ابن جريج (3)، عن عبد الحميد بن رافع) هو عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع، عن عطاء، عن ابن عباس، ورواه الأعمش (4)، عن مالك بن الحارث) السلمي الرقي، ويقال: الكوفي، عن ابن معين: ثقة، وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وله رواية عن أبيه، عن أبي موسى، علقها البخاري في "الصحيح". (عن ابن عباس، و) روى (ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، كلهم قالوا: في الطلاق الثلاث) عن ابن عباس (أنه) أي ابن عباس (أجازها) أي: أمضاها، أي الطلقات الثلاث، ولم يقل: إنها واحدة.

(1) أخرج روايته الدارقطني في "سننه"(4/ 12).

(2)

أما رواية أيوب فلم أقف عليها فيما عندي من الكتب. ورواية ابن جريج أخرجها عبد الرزاق في "المصنف"(6/ 397) رقم (11350)، والدارقطني في "سننه"(4/ 11)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 337).

(3)

أخرج روايته عبد الرزاق (6/ 269) رقم (11348)، والبيهقي (7/ 337).

(4)

أخرج روايته ابن أبي شيبة في "المصنف"(5/ 11)، وسعيد بن منصور في "سننه"(1/ 262) رقم (1064)، والبيهقي في "سننه"(7/ 337).

ص: 189

قَالَ: "وَبَانَتْ مِنْكَ" نَحْوَ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ، عن أَيُّوبَ، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثيرٍ.

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى حَمَّادُ بْنُ زيدٍ، عن أَيُّوبَ، عن عِكْرِمَةَ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، بِفَم وَاحِدٍ فَهِيَ وَاحِدَةٌ. وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عن أَيُّوبَ، عن عِكرِمَةَ، هَذَا قَوْلُهُ، لَمْ يَذْكُرْ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَجَعَلَهُ قَوْلَ عِكْرِمَةَ.

2198 -

وصَارَ قَوْلُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالحٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى- وَهَذَا حَدِيثُ أَحْمَدَ- قَالَا: نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عن مَعْمَرٍ، عن الزُّهْرِيِّ، عن أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ (1) وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عن مُحَمَّدِ بْنِ

===

(قال) ابن عباس: (وبانت منك) وفي "الدر المنثور"(2): عند عبد الرزاق وعبد بن حميد والطبراني وابن مردويه، عن مجاهد:"حرمت عليك امرأتك"(نحو حديث إسماعيل، عن أيوب، عن عبد الله بن كثير).

(قال أبو داود: روى حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس إذا قال) أي الرجل لزوجته: (أنت طالق ثلاثًا بفم واحد) أي بلفظ واحد، خرج من الفم دفعة واحدة (فهي واحدة).

(ورواه إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن عكرمة، هذا) الكلام (قوله) أي قول عكرمة (لم يذكر ابن عباس، وجعله قول عكرمة).

2198 -

(وصار قول ابن عباس فيما: حدثنا أحمد بن صالح ومحمد بن يحيى، وهذا) لفظ (حديث أحمد، قالا: نا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن محمد بن

(1) زاد في نسخة: "ابن عوف".

(2)

"الدر المنثور"(8/ 190).

ص: 190

إِيَاسٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ سُئِلُوا عن الْبِكْرِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا، فَكُلُّهُمْ قَالَ: لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَ. [ق 7/ 335]

وَرَوَى مَالِكٌ، عن يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عن بُكَيْرِ بْنِ الأَشَجِّ، عن مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي عيَّاشٍ

===

إياس) بن البكير بن عبد ياليل الليثي المدني، كان أبوه وعمَّاه عاقل وخالد ممن شهد بدرًا، ذكره ابن حبان في "الثقات"، له عند أبي داود حديث في طلاق البكر ثلاثًا، وذكره ابن منده في "معرفة الصحابة"، وقال: أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تصح له صحبة، ولا تعرف له رواية، وذكر ابن سعد: أن أمه الربيع بنت معوذ.

(أن ابن عباس وأبا هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص سئلوا عن البكر يطلقها زوجها ثلاثًا، فكلهم قال: لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره).

(وروى مالك، عن يحيى بن سعيد، عن بكير بن الأشج، عن معاوية بن أبي عياش) ذكره ابن سعد في "طبقاته"(1)، فقال: معاوية بن أبي عياش، عبيد بن معاوية بن صامت بن زيد، وأمه أم ولد، فولد معاوية بن أبي عياش محمدًا ورملة وجعدة وأم إسحاق، وأمهم أم ولد، وقد انقرض ولد معاوية بن أبي عياش فلم يبق منهم أحد، انتهى. ولم يذكره الحافظ في "تهذيب التهذيب" ولا في "التقريب"، ولم يذكره في "الخلاصة" ولا في "الميزان"، ولا السيوطي في رجال "الموطأ"(2).

والعجب منهم كيف أهملوه، وقد ذكره في رجال "جامع الأصول"(3)،

(1)(5/ 212).

(2)

وقد أخرج مالك هذا الحديث في "الموطأ"(2/ 570) رقم (1235) في طلاق غير المدخول بها. (ش).

(3)

(15/ 325).

ص: 191

أنَّهُ شَهِدَ هَذِهِ الْقِصَّةَ حِينَ جَاءَ مُحَمَّدُ بْنُ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُمَا عن ذَلِكَ، فَقَالَا: اذْهَبْ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنِّي تَرَكْتُهُمَا عِنْدَ عَائِشَةَ رضي الله عنها، ثُمَّ سَاقَ هَذَا الْخَبَرِ.

===

فقال: هو معاوية بن أبي عياش الزرقي الأنصاري المدني، روى عن محمد بن إياس بن بكير، روى عنه محمد بن إسحاق وبكير بن الأشج.

(أنه شهد هذه القصة) المذكورة فيما بعد (حين جاء محمد بن إياس بن البكير إلى ابن الزبير) أي عبد الله، (وعاصم بن عمر فسألهما عن ذلك، ) أي عن بكر يطلقها زوجها ثلاثًا (فقالا) أي ابن الزبير وعاصم بن عمر لمحمد بن إياس: (اذهب إلى ابن عباس وأبي هريرة فإني تركتهما عند عائشة رضي الله عنها.

ولفظ مالك في "موطئه": "فجاءهما محمد بن إياس بن البكير فقال: إن رجلاً من أهل البادية طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها، فماذا تريان؟ فقال عبد الله بن الزبير: ما لنا فيه قول، فاذهب إلى عبد الله بن عباس وأبي هريرة، فإني تركتهما عند عائشة فسلهما"(ثم ساق هذا الخبر).

ولفظ مالك في "موطئه": فقال أبو هريرة: "الواحدة تَبِيْنُها"، والثلاثة تحرمها حتى تنكح زوجًا غيره، وقال ابن عباس مثل ذلك. وها هنا نسخة في "عون المعبود" ولم أجدها في غيرها، إلَّا في حاشية "المجتبائية":

"قال أبو داود: وقول ابن عباس هو: أن الطلاق الثلاث تبين من زوجها مدخولاً بها وغير مدخول بها، تحل له حتى تنكح زوجًا غيره، هذا مثل حديث الصرف قال فيه: ثم إنه رجع عنه يعني ابن عباس"، انتهى.

وحاصل هذه النسخة: أن مسألة الطلاق ثلاثًا كمسألة بيع الصرف، فإن ابن عباس رضي الله عنه يقول في بيع الصرف أولاً: إنه يحرم بيعها نسيئة، وأما التفاضل في الذهب أو الفضة فلا ربا فيها، وهو جائز، ثم رجع ابن عباس في مسألة الصرف، فكذلك رجع في مسألة الطلاق، كأنه يقول أولًا: بأن الثلاث واحدة ثم رجع عنه، وقال بوقوع الثلاث.

ص: 192

2199 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، نَا أَبُو النُّعْمَانِ، نَا حَمَّادُ بْنُ زيدٍ، عن أَيُّوبَ، عن غَيْرِ وَاحِدٍ،

===

2199 -

(حدثنا محمد بن عبد الملك بن مروان) الواسطي، أبو جعفر الدقيقي، قال السمعاني في "الأنساب" (1): بفتح الدال المهملة والياء الساكنة آخر الحروف بين القافين، هذه النسبة إلى الدقيق وبيعه وطحنه، واشتهر بهذه النسبة جماعة من أهل العلم، منهم أبو جعفر محمد بن عبد الملك بن مروان ابن الحكم الدقيقي الواسطي، من أهل واسط، سكن بغداد، وكان من أهل العلم، صدوقًا ثقة، وهو أخو يوسف بن عبد الملك.

وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب": قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبى بواسط، وسئل عنه أبى فقال: صدوق، وقال أبو داود: لم يكن بمحكم العقل، وقال ابن عقدة عن محمد بن عبد الله الحضرمي: كان ثقة، وقال الدارقطني: ثقة، وقال مسلمة بن قاسم: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".

(نا أبو النعمان) هو محمد بن الفضل السدوسي البصري، المعروف بعارم، وهو لقبه، وكان بعيدًا من العرامة، ثقة، اختلط في آخر عمره، فمن سمع منه قبل اختلاطه، فسماعه صحيح.

(نا حماد بن زيد، عن أيوب، عن غير واحد) قيل: هذه الرواية ضعيفة، لأن أيوب السختياني رواها عن قوم مجهولين، فلا يحتج بها. قلت: قد جاء تعيين بعضهم في "مسلم"(2)، ففيه: عن أيوب السختياني، عن إبراهيم (3) بن ميسرة، عن طاوس، وفيه كفاية على أن الحديث برواية الآخرين، فلا تضر الجهالة في بعض طرقه، كذا في الحاشية عن "فتح الودود".

(1)"الأنساب"(2/ 485).

(2)

"صحيح مسلم"(1472).

(3)

وبإبراهيم فسر الحافظ أيضًا في "الفتح"(9/ 363). (ش).

ص: 193

عن طَاوسٍ: أَنَّ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ: أَبُو الصَّهْبَاءِ، كَانَ كَثيرَ السُّؤالِ لاِبْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا جَعَلُوهَا وَاحِدةً علَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرِ وَصَدْرًا مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ؟

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَلَى، كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا جَعَلُوهَا وَاحِدةً علَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْر، وَصَدْرًا مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسَ قَدْ تَتَابَعُوا فِيهَا قَالَ: أجِيزُوهُنَّ عَلَيْهِمْ. [ق 7/ 338]

===

(عن طاوس أن رجلاً يقال له: أبو الصهباء، كان كثير السؤال لابن عباس (1)، قال) أي أبو الصهباء لابن عباس:(أما علمت) أي أنت تعلم (أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وصدرًا) وفي رواية: ثنتين، وفي رواية: ثلاثًا (من إمارة عمر) رضي الله عنه؟ .

(قال ابن عباس: بلى) أي أعلم أنه (كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وصدرًا من إمارة عمر) رضي الله عنهما، (فلما رأى الناس قد تتابعوا) بتائين فوقيتين، وبعد ألف موحدة. وفي بعض النسخ بتائين فوقيتين وبعد ألف مثناة تحتية، وهو الوقوع في الشر من غير تماسك ولا توقف، وهكذا ضبطه الشوكاني في "النيل"(2)، ومعنى الأول أي تتابعوا يعني أكثروا (فيها قال) عمر رضي الله عنه:(أجيزوهن عليهم).

(1) الكلام على حديث ابن عباس هنا طويل الأذيال جدًّا، بسطه الحافظ في "الفتح"(9/ 363)، والشوكاني في "النيل"(4/ 323)، وابن القيم في "زاد المعاد"(5/ 247)، و "إغاثة اللهفان"(1/ 425)، وبسط في هامش "الدارقطني"(4/ 44)، و"عون المعبود"(6/ 196)، وأجمل الشاه ولي الله الدهلوي في "إزالة الخفاء"(2/ 112) في معناه. (ش).

(2)

"نيل الأوطار"(4/ 424).

ص: 194

2200 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا ابْنُ جُرَيج، أَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ، عن أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا الصَّهْبَاءِ قَالَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ:"أَتَعْلمُ إِنَّمَا كَانَتِ الثلَاثُ تُجْعَلُ وَاحِدَةً عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَثَلَاثًا مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَعَمْ". [م 1472، ن 3406، حم 1/ 314]

===

2200 -

(حدثنا أحمد بن صالح، نا عبد الرزاق، أنا ابن جريج، أخبرني ابن طاوس، عن أبيه، أن أبا الصهباء قال لابن عباس (1): أتعلم) الاستفهام للتقرير (إنما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر) رضي الله عنه (وثلاثًا من إمارة عمر) رضي الله عنه؟ (قال ابن عباس: نعم).

قال الشيخ ابن القيم في "الهدي"(2): وأما المسألة الثانية: وهي وقوع الثلاث بكلمة واحدة، فاختلف الناس فيها على أربعة مذاهب:

أحدها: أنه يقع، وهذا قول الأئمة الأربعة وجمهور التابعين وكثير من الصحابة رضي الله عنهم.

الثاني: أنها لا تقع، بل تُردُّ، لأنها بدعة محرمة، والبدعة مردودة، لقوله صلى الله عليه وسلم:"من عمل عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رد"، وهذا المذهب حكاه أبو محمد بن حزم، وحُكِي للإمام أحمد فأنكره، وقال: هو قول الرافضة.

الثالث: أنه يقع به واحدة رجعية، وهذا ثابت عن ابن عباس رضي الله عنه ذكره أبو داود عنه. قال الإِمام أحمد: وهذا مذهب ابن إسحاق يقول: خالف السنَّة فيرد إلى السنَّة، انتهى. وهو قول طاوس وعكرمة وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية.

(1) قال ابن رسلان: اختلفوا في تأويل الحديث على أقوال! فقيل: منسوخ، ورُدَّ بأن النسخ لا يكون في زمن عمر رضي الله عنه، وقيل: محمول على قوله: "طالق طالق طالق"، وقيل: في غير المدخول بها. (ش).

(2)

"زاد المعاد"(5/ 247 - 248).

ص: 195

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الرابع: أنه يفرق بين المدخول بها وغيرها، فتقع الثلاث بالمدخول بها، وتقع بغيرها واحدة، وهذا قول جماعة من أصحاب ابن عباس، وهو مذهب إسحاق بن راهويه فيما حكاه عنه محمد بن نصر المروزي في كتاب "اختلاف العلماء"، انتهى.

قلت: وحديث طاوس الذي فيه قصة سؤال أبي الصهباء ابن عباس، ليس فيه حجة لاعتبار السند، ولا باعتبار المتن. أما باعتبار السند فإن طاوسًا يقول: إن أبا الصهباء قال لابن عباس، فلا يعلم منه أنه يروي عن أبي الصهباء، عن ابن عباس، أو كان حاضرًا في المجلس الذي سأل أبو الصهباء ابنَ عباس، فيروي عن ابن عباس.

فإن كان الأول فأبو الصهباء قال النسائي: أبو الصهباء صهيب بصري ضعيف، وقال أبو زرعة: ثقة، فاختلف في توثيقه.

وإن كان الثاني فهو حجة، فلما دار الأمر بين أن يكون محتجًا به وغير محتج به، رجح كونه غير محتج به على قاعدة المحدثين، فإن الجرح مقدم على التوثيق، على أن هذا الحديث يخالف فتوى ابن عباس وسائر الروايات عنه، كما تقدم قريبًا من أبي داود أنه أجاز الثلاث وأمضاهن.

وأما باعتبار المتن: ففيه احتمالات كثيرة، فأولًا أن قوله:"إن الثلاث كانت تحسب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم"، ليس فيه تصريح بأنه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بتقريره.

فيحتمل أن يكون هذا من غير أمره صلى الله عليه وسلم وتقريره وعلمه، بأنه كان في الجاهلية وابتداء الإِسلام أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثًا يملك رجعتها فنسخ ذلك، فيحتمل أن يكون بعض من لم يبلغه النسخ كانوا على ذلك كما في متعة النكاح، أنه أبيح ثم نسخ، ثم بعد النسخ كان من لم يبلغه النسخ يفعلها، فكذا هذا.

ص: 196

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وإن سُلِّم أنه كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلعله كان في رجل يطلق امرأته بقوله:"أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق"، بتفريق ألفاظ، وكان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر رضي الله عنه على صدقهم وسلامتهم، لم يكن فيهم الخب والخداع، فكان يصدقون أنهم أرادوا به التأكيد، ولا يريدون به الثلاث.

فلما رأى عمر رضي الله عنه في زمانه أمورًا ظهرت، وأحوالًا تغيرت، منع من حمل اللفظ على التأكيد، وألزمهم الثلاث، ويؤيده قول عمر رضي الله عنه في هذا الحديث عند مسلم (1):"أن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة (2)، فلو أمضيناه عليهم".

وقد ذكر العلماء في هذا الحديث احتمالات أخر، فمع تلك الاحتمالات لا يستدل بها، وأيضًا وقع في حديث مسلم: أن أبا الصهباء قال لابن عباس: "هات من هناتك".

وفسَّر النووي (3) هذا اللفظ أي من الأمور المستغربة، ولما كان هذا الأمر غريبًا غير شائع في الإِسلام فلا يكون محتجًا به، والله تعالى أعلم.

وأيضًا وقع في الحديث أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه "أمضاهن"، وهذا بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم في زمن توفرهم، ولم ينكر عليه أحدٌ، فأولًا لا يظن بعمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمر الصريح الشائع، ثم لا يظن بالصحابة رضي الله عنهم أن لا ينكروا عليه فيما يخالف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصار الإجماع على ذلك، ولا يمكن إجماعهم على باطل، فالحق الصريح أنه إذا طلق الرجل امرأته ثلاثًا مجموعًا أو مفرقًا يكون ثلاثًا لا واحدًا، وهو الذي أدين الله به.

(1)"صحيح مسلم" رقم الحديث (1472).

(2)

وقع في الأصل: "هنات" وهو تحريف.

(3)

"شرح صحيح مسلم"(5/ 330).

ص: 197