الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(11) بَابٌ: فِيمَنْ يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ
2335 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا تَقَدَّمُوا صَوْمَ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ (1)، إلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمًا يَصُومُهُ رَجُلٌ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الصَّوْمَ". [خ 1914، م 1082، ت 684، 685، جه 1650، ن 2173، حم 2/ 234]
===
قال الحافظ (2): استدل به على تحريم صوم يوم الشك، لأن الصحابي لا يقول ذلك من قبل رأيه، فيكون من قبيل المرفوع، قال ابن عبد البر: هو مسند عندهم لا يختلفون في ذلك، وخالفهم الجوهري المالكي، فقال: هو موقوف.
قال ابن الجوزي في "التحقيق"(3): لأحمد في هذه المسألة، وهي ما إذا حال دون مطلع الهلال غير أو قتر ليلة الثلاثين من شعبان، ثلاثة أقوال:
أحدها: يجب صومه على أنه من رمضان، ثانيها: لا يجوز فرضًا ولا نفلًا مطلقًا، بل قضاء وكفارة ونذرًا ونفلًا يوافق عادة، وبه قال الشافعي، وقال مالك وأبو حنيفة: لا يجوز عن فرض رمضان، ويجوز عما سوى ذلك، ثالثها: المرجع إلى رأي الإِمام في الصوم والفطر.
(11)
(بَابٌ: فِيمَنْ يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ)
أي: يصل شعبان بصوم آخر أيامه يومًا أو يومين برمضان
2335 -
(حدثنا مسلم بن إبراهيم، نا هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقدموا صوم رمضان) أي على صومه (بـ) صوم (يوم) من شعبان (ولا) بصوم (يومين) منه (إلَّا أن يكون صوم يصومه رجل) أي يعتاده (فليصم ذلك الصوم) المعتاد.
(1) في نسخة: "بيومين".
(2)
"فتح الباري"(4/ 120).
(3)
(2/ 68).
2336 -
نَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، نَا شُعْبَةُ، عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِىِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنَ السَّنَةِ شَهْرًا تَامًّا إلَّا شَعْبَانَ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ. [ت 736، ن 2175، جه 1648، دي 1739، حم 6/ 293]
===
قال القاري (1): قال الطيبي: العلة ترك الاستراحة الموجبة للنشاط في صوم رمضان، وقيل: اختلاط النفل بالفرض فإنه يورث الشك بين الناس، فيتوهمون أنه رأى هلال رمضان، فلذلك يصوم فيوافقه بعض الناس على ظن أنه رأى الهلال، ثم هذا النهي في النفل، وأما القضاء والنذر ففيهما ضرورة، لأنهما فرض، وتأخيره غير مرضي، وأما الورد فتركه ليس بسديد، لأن أفضل العبادات أدومها، وتركه عند من ألف به شديد.
وقيل: العلة التقدم بين يدي الله ورسوله، فإنه عليه الصلاة والسلام قيد الصوم بالرؤية، فهو كالعلة للحكم، أقول: وكذا قال تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (2)، قال: فمن تقدم صومه فقد طعن في هذه العلة.
2336 -
(حدثنا أحمد بن حنبل، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، عن توية العنبري، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه لم يكن يصوم من السنة شهرًا تامًا إلَّا شعبان يصله) بتتابع الصيام فيه حتى يقربه (برمضان).
ولفظ حديث النسائي (3) عن سالم، عن أبي سلمة، عن أم سلمة قالت:"ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلَّا أنه كان يصل شعبان برمضان".
(1)"مرقاة المفاتيح"(4/ 468)، وانظر:"شرح الطيبي"(4/ 146).
(2)
سورة البقرة: الآية 185.
(3)
رقم (2175).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ظاهر هذا السياق يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسرد بصوم شهرين متتابعين إلَّا أنه كان يصل شعبان بصومه حتى يقرب صوم رمضان، فإن الجملة الأولى تدل على عدم تتابع الصوم حقيقة، وأما الجملة الثانية الاستثنائية لو كان معناها أنه كان يصل شعبان برمضان حقيقة لقال إلَّا شعبان ورمضان، فزيادة قوله:"إنه كان يصل"، تدل على أن المراد بالوصول القرب.
ويؤيده ما روته عائشة رضي الله عنها: "كان يصومه كله إلا قليلًا بل كان يصومه كله"، وفي رواية:"كان يصوم شعبان أو عامة شعبان"، وفي رواية:"كان يصوم شعبان كله"، وفي رواية:"ولا صام شهرًا قط كاملًا غير رمضان"، وفي رواية:"لم يصم شهرًا قط منذ أتى المدينة إلَّا أن يكون رمضان"، وفي رواية:"قلت: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرًا كله؟ قالت: لا، ما علمت صام شهرًا كله إلَّا رمضان"، وفي رواية:"قالت: والله إن صام شهرًا معلومًا سوى رمضان حتى مضى لوجهه، ولا أفطر حتى يصوم منه"، وهذه الروايات المختلفة كلها عند النسائي (1).
وأما لفظ حديث مسلم (2): "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط، إلَّا رمضان، فما رأيته في شهر أكثر منه صيامًا في شعبان"، وفي رواية:"لم أره صائمًا من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان، كان يصوم شعبان إلا قليلًا".
فهذه الروايات المختلفة تجمع بأن يقال: المراد بالكل أكثره، والمراد بوصله برمضان أنه يقربه برمضان، ويؤيده ما قال الترمذي (3) بعد تخريج الحديث: وروي عن ابن المبارك أنه قال في هذا الحديث: وهو جائز في كلام العرب إذا صام أكثر الشهر أن يقال: صام الشهر كله، ويقال: قام فلان ليله
(1) انظر: "سنن النسائي"(4/ 149).
(2)
انظر: "صحيح مسلم"(2/ 809)، رقم (1156).
(3)
"سنن الترمذي"(3/ 114).