المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(16) باب: في الرجل يقول لامرأته: "يا أختي - بذل المجهود في حل سنن أبي داود - جـ ٨

[خليل أحمد السهارنفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(26) بَابٌ في الاكْفَاءِ

- ‌(27) بَابٌ: في تَزْوِيجِ مَنْ لَمْ يُولَدْ

- ‌(28) بَابُ الصَّدَاقِ

- ‌(29) بَابُ قِلَّةِ الْمَهْرِ

- ‌(30) بَابٌ: في التَّزْوِيجِ عَلَى الْعَمَلِ يُعْمَلُ

- ‌(31) بابٌ: فِيمَنْ تَزَوَّجَ وَلَمْ يُسَمِّ صَدَاقًا حَتَّى مَاتَ

- ‌(32) بَابٌ: في خُطْبَةِ النِّكَاحِ

- ‌(33) بابٌ: فِى تَزْوِيجِ الصِّغَارِ

- ‌(34) بابٌ: فِى الْمَقَامِ عِنْدَ الْبِكْرِ

- ‌(35) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهَا

- ‌(36) بَابٌ: في مَا يُقَالُ لِلْمُتَزَوِّج

- ‌(37) بَابُ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَة فيَجِدُهَا حُبْلَى

- ‌(38) بَابٌ: في الْقَسْمِ بَيْنَ النِّسَاءِ

- ‌(39) (بَابٌ: في الرَّجُلِ يَشْتَرِطُ لَهَا دَارَهَا)

- ‌(40) بَابٌ: في حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ

- ‌(41) بَابٌ: في حَقِّ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا

- ‌(42) بَابٌ: في ضَرْبِ النِّسَاءِ

- ‌(43) بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنْ غَضِّ الْبَصَرِ

- ‌(44) بَابٌ: في وَطْءِ السَّبَايَا

- ‌(45) بَابٌ: في جَامِعِ النِّكَاح

- ‌(46) بَابٌ: في إِتْيَانِ الْحَائِضِ وَمُبَاشَرَتِهَا

- ‌(47) بَابٌ: في كفَّارَةِ مَنْ أَتَى حَائِضًا

- ‌(48) بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَزْلِ

- ‌(49) بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ ذِكْرِ الرَّجُل مَا يَكُونُ مِنْ إِصَابَتِهِ أَهْلَهُ

- ‌(7) أَوَّلُ كِتاَبِ الطَّلَاق

- ‌(1) بَابٌ: فِيمَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا

- ‌(2) بَابٌ: في الْمَرْأَةِ تَسْاَلُ زَوْجَهَا طَلَاقَ امْرَأَةٍ لَهُ

- ‌(3) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ الطَّلَاقِ

- ‌(4) بَابٌ: في طَلَاقِ السُّنَّةِ

- ‌(5) بَابٌ: في نَسْخِ الْمُرَاجَعَةِ بَعْدَ التَّطْلِيقَاتِ الثَّلاثِ

- ‌(6) بَابٌ: في سُنَّةِ طَلَاقِ الْعَبْدِ

- ‌(7) بَابٌ: في الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ

- ‌(8) بَابٌ: في الطَّلَاقِ عَلَى غَلَطٍ

- ‌(9) بَابٌ: في الطَّلَاقِ عَلَى الْهَزْلِ

- ‌(10) بَابُ بَقِيَّة نَسْخِ الْمُرَاجَعَة بَعْدَ التَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ

- ‌(11) بَابٌ: فِيمَا عُنِيَ بِهِ الطَّلَاقُ، وَالنِّيَّاتُ

- ‌(12) بَابٌ: في الْخَيَارِ

- ‌(13) بَابٌ: في "أَمْرُكِ بِيَدِكِ

- ‌(14) بَابٌ: في الْبَتَّةِ

- ‌(15) بَابٌ: في الْوَسْوَسَةِ بِالطَّلَاقِ

- ‌(16) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ: "يَا أُخْتِي

- ‌(17) بَابٌ: في الظِّهَارِ

- ‌(18) بَابٌ: في الْخُلْعِ

- ‌(19) بَابٌ: في الْمَمْلُوكَةِ تُعْتَقُ وَهِيَ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ

- ‌(20) بَابُ مَنْ قَالَ: كَانَ حُرًّا

- ‌(21) (بَابٌ: حَتَّى مَتَى يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ

- ‌(22) بَاب: في المَمْلُوكيْن يُعْتَقَانِ مَعًا، هَلْ تُخَيَّرُ امْرَأَتُهُ

- ‌(23) بَابٌ: إِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَينِ

- ‌(24) بَابٌ: إِلَى مَتَى تُرَدُّ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ إِذَا أَسْلَمَ بَعْدَهَا

- ‌(25) بَابٌ: في مَنْ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ أَكثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ

- ‌(27) بَابٌ: في اللِّعَانِ

- ‌(28) بَابٌ: إِذَا شَكَّ في الْوَلَدِ

- ‌(29) بَابُ التَّغْلِيظِ في الانْتِفَاءِ

- ‌(30) بَابٌ: في ادِّعَاءِ وَلَدِ الزِّنَا

- ‌(31) بَابٌ: في الْقَافَةِ

- ‌(32) بَابُ مَنْ قَالَ بِالْقُرْعَةِ إِذَا تَنَازَعُوا في الْوَلَدِ

- ‌(33) بَابٌ: في وُجُوهِ النِّكَاحِ الَّتِي كَانَ يَتَنَاكَحُ بِهَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌(34) بَابٌ "الْوَلَدُ لِلفِرَاش

- ‌(35) بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ

- ‌(36) بَابٌ: في عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ

- ‌(37) بَابٌ: في نَسْخِ مَا اسْتُثْنِي بِهِ مِنْ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَاتِ

- ‌(38) بَابٌ: في الْمُرَاجَعَةِ

- ‌(39) بَابٌ: في نَفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ

- ‌(40) بَابُ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَة

- ‌(41) بَابٌ: في الْمَبْتُوتَة تَخْرُجُ بِالنَّهارِ

- ‌(42) (بَابُ نَسْخِ مَتَاعِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِمَا فُرِضَ لَهَا مِنَ الْمِيرَاثِ)

- ‌(43) بَابُ إِحْدَادِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌(44) بَابٌ: في الْمُتَوَفَّى عَنْهَا تَنْتقِل

- ‌(45) بَابُ مَنْ رَأَى التَّحَوُّلَ

- ‌(46) بَابٌ: فِيمَا تَجْتَنِبُ الْمُعْتَدَّة في عِدَّتِهَا

- ‌(47) بَابٌ: في عِدَّةِ الْحَامِلِ

- ‌(48) بَابٌ: في عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ

- ‌(49) بَابُ الْمَبْتُوتَةِ لَا يَرْجِع إِلَيْهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَنْكِحَ غَيْرَهُ

- ‌(50) بَابٌ: في تَعْظِيمِ الزِّنا

- ‌(8) أَوَّلُ كتَابِ الصِّيَامِ

- ‌(1) مَبْدَأُ فَرْضِ الصِّيَامِ

- ‌(2) بَابُ نَسْخِ قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}

- ‌(3) بَابُ مَنْ قَالَ: هِيَ مُثْبَتَةٌ للشَّيْخِ وَالْحُبْلَى

- ‌(4) بَابُ الشَّهْرِ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ

- ‌(5) بَابٌ: إِذَا أَخْطَأَ القَوْمُ الْهِلَال

- ‌(6) بَاب: إِذَا أُغْمِيَ الشَّهْرُ

- ‌(7) (بَابُ مَنْ قَالَ: فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثينَ)

- ‌(8) بَابٌ: في التَّقَدُّم

- ‌(9) بَابٌ: إِذا رُؤي الْهِلَالُ في بَلَدٍ قَبْلَ الآخَرِينَ بِلَيْلَةٍ

- ‌(10) (بَابٌ كَرَاهِيَّةِ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ)

- ‌(11) بَابٌ: فِيمَنْ يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ

- ‌(12) بَابٌ: في كَرَاهِيَّةِ ذَلِكَ

- ‌(13) بَابُ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّال

- ‌(15) بَابٌ فِى تَوْكِيدِ السُّحُورِ

- ‌(16) (بَابٌ مَنْ سَمَّى السَّحُورَ غَدَاءً)

- ‌(17) بَابُ وَقْتِ السَّحُورِ

- ‌(19) (بَابُ وَقْتِ فِطْرِ الصَّائِمِ)

- ‌(20) بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ تَعْجِيلِ الفِطْرِ

- ‌(21) بَابٌ مَا يُفْطَرُ عَلَيْهِ

- ‌(22) (بَابُ الْقَوْلِ عِنْدَ الإفْطَارِ)

- ‌(23) (الفِطْر قَبْلَ غُرُوبِ الشَمْسِ)

- ‌(24) (فِي الْوِصَالِ)

- ‌(26) بابُ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ

- ‌(27) بَابُ الصَّائِمِ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاء مِنَ الْعَطَشِ وَيُبَالِغُ في الاسْتِنْشَاقِ

- ‌(28) (في الصائِمِ يَحْتَجِمُ)

- ‌(29) (في الرُّخْصَةِ)

- ‌(31) بَابٌ: في الكُحْلِ عِنْدَ النَّوْمِ

- ‌(32) (بَابُ الصَّائِمِ يَسْتَقِيءُ عَامِدًا)

- ‌(33) بَابُ الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ

- ‌(34) بَابُ الصَّائِمُ يَبْلَعُ الرِّيقَ

- ‌(38) بَابُ التَّغْلِيظِ فِيمَنْ أَفْطَرَ عَمْدًا

- ‌(39) بَابُ مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا

- ‌(40) بَابُ تَأْخِيرِ قَضَاءِ رَمَضَان

- ‌(41) بَابٌ: فِيمَنْ مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَامٌ

- ‌(42) بَابُ الصَّوْمِ في السَّفَرِ

- ‌(43) بَابُ اخْتِيَارِ الْفِطْرِ

- ‌(44) بَابٌ: فِيمَنْ اخْتَارَ الصِّيَامَ

- ‌(45) بَابٌ: مَتَى يُفْطِر الْمُسَافِر إِذَا خَرَجَ

- ‌(46) (بَابُ مَسِيرَةِ مَا يُفْطِرُ فِيهِ)

- ‌(47) بَابٌ: فِيمَنْ يَقُولُ: صُمْتُ رَمَضَان كلَّهُ

- ‌(48) (بَابٌ: في صَوْمِ العِيدَيْنِ)

- ‌(49) بَابُ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ

- ‌(50) بَابُ النَّهْي أَنْ يُخَصَّ يَوْمُ الْجُمُعَةِ بِصَوْمٍ

- ‌(51) (بَابُ النَّهْي أَنْ يُخَصّ يَوْمُ السَّبْتِ بِصَوْمٍ)

- ‌(52) الرُّخْصَةُ في ذَلِكَ

- ‌(53) بَابٌ: في صَوْمِ الدَّهْرِ

- ‌(54) بَابٌ: في صَوْمِ أَشْهُرِ الْحُرُمِ

- ‌(55) بَابٌ: في صَوْمِ الْمُحَرَّمِ

- ‌(56) (بَابٌ: في صَوْمِ شَعْبَانَ)

- ‌(57) بَابٌ: في صَوْمِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّال

- ‌(58) بَابٌ: كَيْفَ كَانَ يَصُومُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(59) بَابٌ: في صَوْمِ الاثْنينِ وَالْخَمِيس

- ‌(60) بَابٌ: في صَوْمِ الْعَشْرِ

- ‌(61) (في فِطْرِهِ)

- ‌(62) (في صَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ)

- ‌(63) بَابٌ: في صَوْمِ يَوْم عَاشُورَاء

- ‌(64) (مَا رُوِيَ أَنَّ عَاشُورَاءَ اليَوْمُ التَّاسِعُ)

- ‌(65) بَابٌ: في فَضْلِ صَوْمِهِ

- ‌(66) (في صَوْمِ يَوْمٍ وَفِطْرِ يَوْمٍ)

- ‌(67) (بَابٌ: في صَوْمِ الثَّلاثِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ)

- ‌(68) بَابُ مَنْ قَالَ: الاثْنين وَالْخَمِيس

- ‌(69) بَابُ مَنْ قَالَ: لَا يُبَالِي مِنْ أَيّ الشَّهْرِ

- ‌(70) بَابٌ: في النِّيَّةِ في الصَّوْمِ

- ‌(71) بَابٌ: في الرُّخْصَةِ فِيهِ

- ‌(72) بَابُ مَنْ رَأَى عَلَيْهِ الْقَضَاء

- ‌(73) بَابُ الْمَرْأَةِ تَصُومُ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا

- ‌(74) في الصَّائِمِ يُدْعَى إِلَى وَليمَةٍ

- ‌(75) الاعْتِكَافِ

- ‌(76) بَاب: أَيْنَ يَكُونُ الاعْتِكَاف

- ‌(77) الْمُعْتَكِفُ يَدْخُلُ البَيْتَ لِحَاجَتِهِ

- ‌(78) الْمُعْتَكِفُ يَعُودُ الْمَرِيضَ

- ‌(79) بَابٌ: فِي الْمُسْتَحَاضَةِ تَعْتَكِفُ

الفصل: ‌(16) باب: في الرجل يقول لامرأته: "يا أختي

(16) بَابٌ: في الرَّجُلِ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ: "يَا أُخْتِي

"

2210 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا حَمَّادٌ. (ح): وَنَا أَبُو كَامِلٍ، نَا عَبْدُ الْوَاحِدِ وَخَالِدٌ الطَّحَّانُ، الْمَعْنَى،

===

لا تطلق، خلافًا لمالك وغيره؛ لأن الطلاق لا يقع بالنية دون اللفظ، ولم يأت بصيغة لا صريحة ولا كناية.

واستدل به أن من كتب الطلاق طلقت امرأته؛ لأنه عزم بقلبه وعمل بكتابته، وهو قول الجمهور، وشرط مالك فيه الإشهاد على ذلك.

واحتج من قال: إذا طلق في نفسه طلقت، وهو مروي عن ابن سيرين، والزهري، وعن مالك رواية، ذكرها أشهب عنه، وقوَّاها ابن العربي بأن من اعتقد الكفر بقلبه كفر، ومن أصرَّ على المعصية أثم، وكذلك من راءى بعمله وأعجب، وكذا من قذف مسلمًا بقلبه، وكل ذلك من أعمال القلب دون اللسان.

وأجيب بأن العفو عن حديث النفس من فضائل هذه الأمة، والمصِرُّ على الكفر ليس منهم، وبأن المصرَّ على المعصية الآثم من تقدم له عمل المعصية، لا من لم يعمل معصية قط، وأما الرياء والعجب وغير ذلك فكله متعلق بالأعمال.

واحتج الخطابي بالإجماع على أن من عزم على الظهار لا يصير مظاهرًا، قال: وكذلك الطلاق، وكذا لو حدث نفسه بالقذف لم يكن قاذفًا، ولو كان حديث النفس يؤثر لأبطل الصلاة، وقد دل الحديث الصحيح على أن ترك الحديث مندوب، فلو وقع لم تبطل.

(16)

(بَابٌ: في الرَّجُلِ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ: "يَا أُخْتِي")

هل يكون تحريمًا لها؟

2210 -

(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا حماد، ح: ونا أبو كامل، نا عبد الواحد) بن زياد (وخالد الطحان، المعنى) أي معنى حديثهم واحد،

ص: 216

كُلُّهُمْ عن خَالِدٍ، عن أَبِيِ تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لاِمْرَأَتِهِ: يَا أُخَيَّةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أُخْتُكَ هِيَ؟ "، فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ. [ق 7/ 366]

===

(كلهم) أي حماد، وعبد الواحد، وخالد الطحان رووا (عن خالد) الحذاء، (عن أبي تميمة) طريف (1) بن مجالد (الهجيمي) بضم الهاء وفتح الجيم، البصري. قال في "المغني" (2): بمضمومة وفتح جيم، نسبة (3) إلى هجيم بن عمر، ومنه خالد بن الحارث، وأبو تميمة، وثقه ابن معين، وابن سعد، والدارقطني، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن عبد البر: هو ثقة حجة عند جميعهم.

(إن رجلًا) لم أقف على تسميته (قال لامرأته: يا أخية! ) تصغير أخت، (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أختك هي؟ ) بتقدير همزة الاستفهام للإنكار (فكره ذلك ونهى عنه).

هذا الحديث مرسل، فإن أبا تميمة تابعي من الطبقة الثالثة، وإنما كره ذلك، لأن قرابة الأخوة محرمة، فكونها أختًا له مظنة التحريم، ويحتمل أن يكون النهي عنه والكراهة سدًا للباب. فإنه يحتمل أنه إذا لم ينبه على ذلك يعتدون فيه، ويمكن أن يتكلموا بلفظ يؤدي إلى الظهار، فتحرم عليه، وتجب الكفارة أو الفراق إذا نوى الظهار.

قال الحافظ (4): قال ابن بطال: ومن ثم قال جماعة من العلماء: يصير بذلك مظاهرًا إذا قصد ذلك، فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى اجتناب اللفظ المشكل، قال: وليس بين هذا الحديث وبين قصة إبراهيم معارضة؛ لأن إبراهيم إنما أراد بها أنها أخته في الدين، فمن قال ذلك، ونوى أخوة الدين لم يضره.

(1) هو تابعي، فالحديث مرسل "ابن رسلان". (ش).

(2)

"المغني"(ص 272).

(3)

قال ابن رسلان: نسبة إلى محلة بالبصرة، نزلها بنو الهجيم. (ش).

(4)

"فتح الباري"(9/ 387).

ص: 217

2211 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَزَّازُ، نَا أَبُو نُعَيْم، نَا عَبْدُ السَّلَامِ- يَعْنِي ابْنَ حَرْبٍ-، عن خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عن أَبِي تَمِيمَةً، عن رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ:"أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ: يَا أُخَيَّةُ، فَنَهَاهُ". [ق 7/ 366]

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ،

===

قلت: وينبغي أن لا يعتاد ذلك، ولا يتكلم بها إلَّا بضرورة دعت إليه، وأما من غير ضرورة فيكره (1) التكلُّم بذلك.

2211 -

(حدثنا محمد بن إبراهيم) بن سليمان بن محمد بن أسباط، الكندي الأسباطي الضرير أبو جعفر (البزاز) الكوفي، نزيل مصر، قال أبو حاتم: صدوق، وقال مسلمة بن قاسم: كان ثقة، وقال الحاكم في "مناقب الشافعي": محمد بن إبراهيم الكوفي عدله أبو إسماعيل الترمذي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: صدوق.

(نا أبو نعيم) فضل بن دكين، (نا عبد السلام -يعني ابن حرب-، عن خالد الحذاء، عن أبي تميمة، عن رجل من قومه (قال الحافظ في "التقريب" في باب المبهمات: أبو تميمة الهجيمي عن رجل من بَلْهُجيم في الإسبال وغيره، وعن رجل من قومه، هو: أبو جُرَي (أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا) لم أقف على تسميته (يقول لامرأته: يا أخية، فنهاه)، قال الحافظ (2): وهذا متصل.

(قال أبو داود: ورواه عبد العزيز بن المختار) الأنصاري أبو إسحاق، ويقال: أبو إسماعيل الدباغ البصري، مولى حفصة بنت سيرين، قال ابن معين: ثقة، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، مستوي الحديث، ثقة، وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات"،

(1) وكذا جزم بالكراهة الموفق، وقال: لا يكون مظاهرًا. (ش). (انظر: "المغني" 11/ 66).

(2)

"فتح الباري"(9/ 387).

ص: 218

عن خَالِدٍ، عن أَبِي عُثْمَانَ، عن أَبِي تَمِيمَةَ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَرَوَاهُ شُعْبَةُ، عن خَالِدٍ، عن رَجُلٍ، عن أَبِي تَمِيمَةَ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

2212 -

حَدَّثَنَا ابْنُ (1) الْمُثَنَّى، نَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، نَا هِشَامٌ، عن مُحمَّدٍ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَمْ يَكْذِبْ قَطّ إِلَّا ثَلَاثًا،

===

وقال: كان يخطئ، ووثقه العجلي، وابن البرقي، والدارقطني، وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين: ليس بشيء.

(عن خالد) الحذاء، (عن أبي عثمان) النهدي، (عن أبي تميمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم) وهذا أيضًا مرسل، وزاد عبد العزيز بين خالد وأبي تميمة أبا عثمان.

(ورواه شعبة، عن خالد، عن رجل، عن أبي تميمة عن النبي صلى الله عليه وسلم)، وهذا أيضًا مرسل، وزاد شعبة بين خالد وبين أبي تميمة رجلًا، ولم يسمه، فأبهمه.

قلت: أما حديث عبد السلام بن حرب عن خالد، ففيه إبهام الصحابي، وهو لا يضر، فإنهم كلهم عدول، وأما الإرسال: فإن أبا تميمة رواه مرة مرسلًا، ولم يسم الراوي، ورواه متصلًا مرة.

وأما زيادة أبي عثمان في رواية عبد العزيز بن المختار، وزيادة رجل مبهم في رواية شعبة، فهذا أيضًا لا يضر؛ لأن رواية خالد عن أبي تميمة متصلة، فيحمل أنه سمع أبا تميمة نفسه، وسمع بواسطة أيضًا، ويحتمل أن يقال: إن الأصل في السند عن خالد، عن أبي عثمان، عن أبي تميمة، فأبهمه شعبة، وتركه عبد السلام بن حرب، فترجح رواية عبد العزيز الذي وقع فيه مسمى، وكيفما كان فالحكم بالاضطراب غير صحيح.

2212 -

(حدثنا ابن المثنى، نا عبد الوهاب، نا هشام، عن محمد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن إبراهيم عليه السلام لم يكذب قط إلَّا ثلاثًا).

(1) في نسخة: "محمد".

ص: 219

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال الحافظ (1): (2) وقد أورد على هذا الحصر ما رواه مسلم من حديث أبي زرعة عن أبي هريرة في حديث الشفاعة الطويل، فقال في قصة إبراهيم: وذكر كذباته، ثم ساقه من طريق أخرى من هذا الوجه، وقال في آخره: وزاد في قصة إبراهيم وذكر قوله في الكوكب: {هَذَا رَبِّي} ، قال القرطبي: ذكر الكوكب يقتضي أنها أربع، فيحتاج في ذكر الكوكب إلى تأويل.

قلت: الذي يظهر أنها وهمٌ من بعض الرواة، فإنه ذكر قوله في الكوكب بدل قوله في سارة، والذي اتفقت عليه الطرق ذكر سارة دون الكوكب، وكأنه لم يعد مع أنه أدخل من ذكر سارة لما نقل أنه قاله في حال الطفولية فلم يعدها؛ لأن حال الطفولية ليست بحال تكليف، وهذه طريقة ابن إسحاق.

وقيل: إنما قال ذلك بعد البلوغ، لكنه قاله على طريق الاستفهام الذي يقصد به التوبيخ.

وقيل: قاله على طريق الاحتجاج على قومه تنبيهًا على أن الذي يتغير لا يصلح للربوبية، وهذا قول الأكثر أنه قال توبيخًا لقومه، أو تهكمًا بهم، وهو المعتمد، ولهذا لم يعد ذلك في الكذبات.

وأما إطلاق الكذب على الأمور الثلاثة فلكونه قال قولًا يعتقده السامع كذبًا، لكنه إذا حقق لم يكن كذبًا، لأنه من باب المعاريض المحتملة لأمرين، فليس بكذب محض.

فقوله: "إني سقيم"، يحتمل أن يكون أراد {إِنِّي سَقِيمٌ} أي سأسقم، واسم الفاعل يستعمل بمعنى المستقبل كثيرًا، ويحتمل أنه أراد "إني سقيم" بما قدر علي من الموت، أو سقيم الحجة على الخروج معكم.

(1)"فتح الباري"(6/ 391 - 394) رقم الحديث (3358).

(2)

هكذا أجاب العيني (11/ 63)، والبسط في "شرح الشفاء"(4/ 213). (ش).

ص: 220

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وحكى النووي عن بعضهم أنه كان تأخذه الحمَّى في ذلك الوقت، وهو بعيد؛ لأنه لو كان كذلك لم يكن كذبًا لا تصريحًا، ولا تعريضًا.

قلت: لا بُعد فيه، فإن غرض القائل بهذا الجواب أن إبراهيم عليه السلام تأخذه الحمى النوبتي في هذه الأيام، وذلك اليوم الذي وقعت فيه تلك القصة يوم الراحة، فباعتبار حمى النوبتي يطلق عليه أنه سقيم، وباعتبار أنه يوم الراحة لم يكن فيه حُمَّى لم يكن سقيمًا، فباعتبار ظاهر الوقت لو يَعُدُّه السامع كذبًا لأنه غير سقيم لا يبعد.

وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} ، قال القرطبي: هذا قاله تمهيدًا للاستدلال على أن الأصنام ليست بآلهة، وقطعًا لقومه في قولهم: إنها تضر وتنفع، وهذا الاستدلال يتجوَّز فيه في الشرط المتصل، ولهذا أردف قوله:{بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} بقوله: {فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ} .

قال ابن قتيبة: معناه إن كانوا ينطقون فقد فعله كبيرهم هذا، فالحاصل أنه مشترط بقوله:{إنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ} ، أو أنه أسند إلى ذلك لكونه السبب.

وعن الكسائي: أنه كان يقف عند قوله: "بل فعله"، أي فَعَلَه مَنْ فَعَله كائنًا من كان، ثم يبتدئ كبيرهم هذا، وهذا خبر مستقل، ثم يقول:{فَاسْأَلُوهُمْ} إلى آخره، ولا يخفى تكلفه.

وقوله: "هذه أختي" يعتذر عنه بأن مراده بأنها أخته في الإِسلام، كما سيأتي واضحًا، قال ابن عقيل: دلالة العقل تصرف ظاهر إطلاق الكذب على إبراهيم، وذلك أن العقل قطع بأن الرسول ينبغي أن يكون موثوقًا به، ليعلم صدق ما جاء به عن الله، ولا ثقة مع تجويز الكذب عليه، فكيف مع وجود الكذب عنه.

وإنما أطلق عليه ذلك لكونه بصورة الكذب عند السامع، وعلى تقديره فلم يصدر ذلك من إبراهيم عليه السلام، يعني إطلاق الكذب على ذلك إلَّا في شدة الخوف لعلو مقامه، وإلَّا فالكذب المحض في مثل تلك المقامات يجوز،

ص: 221

ثِنْتَانِ في ذَاتِ اللَّهِ، قَوْلُهُ:{إِنِّي سَقِيمٌ} ، وَقَوْلُهُ:{بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} ،

===

وقد يجب لتحمل أخف الضررين دفعًا لأعظمهما، وأما تسميته إياها كذبات فلا يريد أنها تذم، فإن الكذب وإن كان قبيحًا مخلًّا لكنه قد يحسن مواضع وهذا منها، انتهى.

(ثنتان) منها (في ذات الله)، ولفظ البخاري:"ثنتين منها في ذات الله". قال الحافظ: خصهما بذلك لأن قصة سارة وإن كانت أيضًا في ذات الله، لكن تضمنت حظًّا لنفسه ونفعًا له بخلاف الثنتين الأخيرتين، فإنهما في ذات الله محضًا، وقد وقع في رواية هشام بن حسان المذكورة:"أن إبراهيم لم يكذب قط إلَّا ثلاث كذبات، كل ذلك في ذات الله"، وفي حديث ابن عباس عند أحمد:"والله إن حاول بهن إلَّا عن دين الله".

(قوله) أي أحدها قوله: ({إِنِّي سَقِيمٌ})، وفي رواية عند ابن جرير (1) في "التفسير" عن ابن إسحاق قوله:"إني سقيم"، أي: طعين، أو لسقم كانوا يهربون منه إذا سمعوا به، وإنما يريد إبراهيم أن يخرجوا عنه ليبلغ من أصنامهم الذي يريد.

وقوله: {فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ} يقول: فتولوا عن إبراهيم مدبرين عنه خوفًا من أن يعدِيَهُم السقم الذي ذكر أنه به، قال سعيد بن جبير: إن كان الفرار من الطاعون لقديمًا.

(وقوله) وثانيهما قوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} ، قال ابن جرير في "التفسير" (2): بسنده عن ابن إسحاق قال: لما أتي بإبراهيم، واجتمع له قومه عند ملكهم نمرود {قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ} ، غضب من أن يعبدوا من معه هذه الصغار وهو أكبر، فكسرهن.

(1)"تفسير الطبري"(23/ 84). سورة الصافات: الآية 89.

(2)

"تفسير الطبري"(17/ 51). سورة الأنبياء: الآية 63.

ص: 222

وَبَيْنَمَا (1) هُوَ يَسِيرُ في أَرْضِ جَبَّارٍ مِنَ الْجَبَابِرَةِ إِذْ نَزَلَ (2) مَنْزِلًا، فَأُتِيَ الْجَبَّارُ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ نَزَلَ ها هُنَا رَجُلٌ مَعَهُ امْرَأَةٌ هِيَ أَحْسَنُ النَّاسِ،

===

(و) الثالثة: (بينما هو) أي إبراهيم عليه السلام (يسير في أرض جَبَّار من الجبابرة)، قال الحافظ (3): واسم الجبار المذكور عمرو بن امرئ القيس بن سبأ، وإنه كان على مصر، ذكره السهيلي، وهو قول ابن هشام في "التيجان"، وقيل: اسمه صادوق، وحكاه ابن قتيبة، وكان على الأردن، وقيل: سنان بن علوان بن عبيد بن عريج بن عملاق بن لاود بن سام بن نوح، حكاه الطبري، ويقال: إنه أخو الضحاك الذي ملك الأقاليم.

(إذ نزل منزلًا فأتي) بصيغة المجهول (الجبار) أي أتاه آتٍ (فقيل له)، أي قال الآتي للجبار.

قال الحافظ: إن قائل ذلك رجل كان إبراهيم يشتري منه القمح، فنمَّ عليه عند الملك، وذكر أن من جملة ما قاله عند الملك:"أني رأيتها تطحن"، وهذا هو السبب في إعطاء الملك هاجر، وقال: إن هذه لا تصلح أن تخدم نفسها.

(إنه نزل ها هنا رجل معه امرأة هي أحسن الناس)، قال الحافظ: في "صحيح مسلم" في حديث الإسراء في ذكر يوسف: أعطي شطر الحسن، زاد أبو يعلى من هذا الوجه:"أعطي يوسف وأمه شطر الحسن يعني سارة".

واختلف في والد سارة مع القول بأن اسمه هاران، فقيل: هو ملك حران، وإن إبراهيم تزوجها لما هاجر من بلاد قومه إلى حران، وقيل: هي ابنة أخيه، وكان ذلك جائزًا في تلك الشريعة، حكاه ابن قتيبة والنقاش واستبعد، وقيل: بل هي بنت عمه، وتوافق الاسمان، وقد قيل في اسمه: توبل.

(1) في نسخة: "وبينا".

(2)

في نسخة: "نزلا".

(3)

"فتح الباري"(6/ 392).

ص: 223

قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا، فَقَالَ (1): إِنَّهَا أُخْتِي، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهَا قَالَ: إِنَّ هذَا سَأَلَنِي عَنْكِ فَأَنْبَأْتُهُ أَنَّكِ أُخْتِي، وَأَنَّهُ لَيْسَ الْيَوْمَ مُسْلِمٌ غَيْرِي وَغَيْرُكِ، وَإِنَّكِ أُخْتِي في كِتَابِ اللَّهِ فَلَا تُكَذِّبِينِي عِنْدَهُ"،

===

(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فأرسل) أي الجبار (إليه) أي إلى إبراهيم عليه السلام رسولًا، فأتاه (فسأله) أي سأل الجبار إبراهيم (عنها) أي عن المرأة، أي: من هي؟ (فقال: إنها) أي المرأة (أختي، فلما رجع) إبراهيم من مجلس الملك (إليها) أي إلى سارة (قال: إن هذا) أي الملك (سألني عنك فانبأته) أي أخبرت الملك (أنك أختي) وإن ذلك ليس بكذب (وأنه) أي الشأن (ليس اليوم مسلم غيري وغيرك).

قال الحافظ: يشكل عليه كون لوط كان معه كما قال الله تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} (2)، ويمكن أن يجاب بأن المراد بالأرض: الأرض التي وقع له فيها ما وقع، ولم يكن معه لوط إذ ذاك.

(وإنك أختي في كتاب (3) الله، فلا تكذبيني عنده) ، لأن المؤمنين كلهم إخوة.

قال الحافظ: ظاهر هذا السياق أنه سأله عنها أولًا، ثم أعلمها بذلك لئلا تكذبه عنده، ويخالفه ما في رواية هشام بن حسان أنه قال لها: "إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي، وأنك أختي

(1) في نسخة: "قال".

(2)

سورة العنكبوت: الآية 26.

(3)

أي في حكم الله ودينه، كما في الحديث:"لأقضين بينكم بكتاب الله"، ثم قضى بالرجم والنفي وليسا في كتاب الله، ومثل حديث:"من شرط شرطًا ليس في كتاب الله، الحديث"، قاله ابن رسلان.

قلت: ويحتمل أن يكون في صحف إبراهيم هذا الحكم أي المؤمنون إخوة، انتهى. قلت: وفي التنزيل العزيز: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} {الحجرات: 10} الآية، فلا حاجة إلى التأويل.

ص: 224

وَسَاقَ الْحَدِيثَ. [خ 3358، م 2371، ت 3166، حم 2/ 403]

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَى هَذَا الْخَبَرَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عن أَبِي الزِّنَادِ، عن الأَعْرَجِ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ (1).

===

في الإسلام، فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار، فأتاه فقال: لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلَّا لك، فأرسل إليها"، الحديث، فيمكن أن يجمع بينهما بأن إبراهيم أحسَّ بأن الملك سيطلبها منه، فأوصاها بما أوصاها، فلما وقع ما حسبه، فأعاد عليها الوصية.

(وساق الحديث)، وتمامه أخرجه البخاري في "صحيحه"، ولفظه:"فأرسل إليها، فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده، فَأُخِذَ، فقال: ادعي الله لي ولا أضرك، فدعت الله، فأطلق، ثم تناولها الثانية، فأُخذ مثلها أو أشد، فقال: ادعي الله لي ولا أضرك، فدعت الله فأُطلق، فدعا بعض حجبَته، فقال: إنكم لم تأتوني بإنسان، إنما أتيتموني بشيطان، فأخْدمَها هاجر"، قال أبو هريرة: تلك أمكم يا بني ماء السماء، انتهى. وأخرجه مسلم أطول من هذا.

(قال أبو داود: روى هذا الخبر شعيب بن أبي حمزة (2)، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه).

قال الحافظ (3): في الحديث مشروعية أخوة الإِسلام، وإباحة المعاريض، والرخصة في الانقياد للظالم والغاصب، وقبول صلة الملك الظالم، وقبول هدية المشرك، وإجابة الدعاء بإخلاص النية، وكفاية الرب لمن أخلص في الدعاء بعمله الصالح، ويقال: إن الله كشف إبراهيم حتى رأى حال الملك مع سارة معاينة، وإنه لم يصل منها إلى شيء، ذكر ذلك في "التيجان"، ولفظه: فأمر بإدخال إبراهيم وسارة عليه، ثم نَحَّى إبراهيم إلى خارج القصر، وقام إلى سارة، فجعل الله القصر لإبراهيم كالقارورة الشافعية، فصار يراهما ويسمع كلامهما.

(1) في نسخة: "بنحوه".

(2)

أخرج روايته البخاري في "صحيحه"(2217)، والنسائي في "السنن الكبرى"(8373).

(3)

"فتح الباري"(6/ 394).

ص: 225

2213 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَزَّازُ، نَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ الْقَطَّانُ، نَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عن مَعْمَرٍ، عن عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عن عِكْرِمَةَ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ

===

2213 -

(حدثنا محمد بن عبد الرحيم البزاز، نا علي بن بحر القطان، نا هشام بن يوسف، عن معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن امرأة ثابت بن قيس) بن شماس، بمعجمة وميم مشددة وآخره مهملة، أنصاري خزرجي، خطيب الأنصار، من كبار الصحابة، بشَّره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنَّة، فنفذت وصيته بمنام رآه خالد بن الوليد رضي الله عنه.

واختلفت الروايات (1) في امرأة ثابت بن قيس، ففي بعضها: أخت عبد الله بن أبي، وفي بعضها: أنها جميلة بنت أبي، كبير الخزرج ورأس النفاق، ووقع في رواية النسائي، والطبراني: جميلة بنت عبد الله بن أبي.

قال ابن سعد في "الطبقات"(2): جميلة بنت عبد الله بن أبي، أسلمت وبايعت، وكانت تحت حنظلة بن أبي عامر، غسيل الملائكة، فقتل عنها بأحد، فخلف عليها ثابت بن قيس، فولدت له ابنه محمدًا، ثم اختلعت منه، فتزوجها مالك بن دخشم، ثم خبيب بن إساف. ووقع في رواية حجاج بن محمد، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير:"أن ثابت بن قيس بن شماس كانت عنده زينب بنت عبد الله بن أبي ابن سلول، وكان أَصْدَقها حديقة، فكرهته"، الحديث أخرجه الدارقطني والبيهقي، وسنده قوي مع إرساله، ولا تنافي بينه وبين الذي قبله لاحتمال أن يكون لها اسمان، أو أحدهما لقب، وإلا فالموصول أصح. قال الدمياطي: والذي وقع في "البخاري" من أنها بنت أبي وَهْمٌ.

قلت: ولا يليق إطلاق كونه وهما، فإن الذي وقع فيه أخت عبد الله بن أبي، وهي أخت عبد الله بلا شك، لكن نسب أخوها في هذه الرواية إلى جده

(1) كذا ذكر الاختلاف فيه في "التلقيح"(ص 328). (ش).

(2)

(8/ 284).

ص: 226

اخْتَلَعَتْ مِنْهُ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عدَّتَهَا حَيْضَةً". [ت 1185، ن 3463، قط 3/ 255، ك 2/ 206]

===

أبي، كما نسبت هي في رواية قتادة إلى جدتها سلول، فبهذا يجمع بين المختلف من ذلك.

وأما ابن الأثير وتبعه النووي فجزما بأن قول من قال: إنها بنت عبد الله ابن أبي وهم، والصواب أنها أخت عبد الله بن أبي، وليس كما قالا، بل الجمع أولى.

وجاء في اسم امرأة ثابت بن قيس قولان آخران:

أحدهما: أنها مريم المغالية، أخرجه النسائي وابن ماجه.

والقول الثاني: أنها حبيبة بنت سهل، أخرجه مالك في "الموطأ"، قال ابن عبد البر: اختلف في امرأة ثابت بن قيس، فذكر البصريون أنها جميلة بنت أبي، وذكر المدنيون أنها حبيبة بنت سهل.

قلت: والذي يظهر أنهما قصتان وقعتا لامرأتين لشهرة الخبرين وصحة الطريقين، واختلاف السياقين، بخلاف ما وقع من الاختلاف في تسمية جميلة ونسبها، فإن سياق قصتها متقارب، فأمكن من الاختلاف فيه إلى الوفاق (1).

(اختلعت (2) منه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم عدتها حيضة) (3)، واختلف في الخلع

(1)"فتح الباري"(9/ 398 - 399).

(2)

وروى أبو يعلى في "المعرفة" أنه أول خلع في الإِسلام. (ش).

(3)

قال ابن رسلان: استدل به ابن المنذر من أصحابنا أن عدة المختلعة حيضة، ونقله ابن القاسم عن أحمد، وقال الترمذي (3/ 495): وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: عدة المختلعة حيضة، قال إسحاق: وإن ذهب ذاهب إلى هذا فهو مذهب قوي، وقال الجمهور: إنه كالطلاق، وأجابوا عن الحديث بأنه رواه عكرمة مرسلًا وضعفه جماعة

إلخ، وكذا في "المغني"(10/ 274 - 275)، وأثبت ابن حزم في "المحلى"(9/ 518) أنه طلاق رجعي. (ش).

ص: 227

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أنه فسخ أو طلاق (1)؟ فقال أبو حنيفة وأصحابه، وابن أبي ليلى، وأحد قولي الشافعي: إنه الطلاق (2) البائن، وحكي ذلك عن علي وعمر وعثمان، وقال أحمد بن حنبل، وطاوس، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر، وهو أحد قولي الشافعي: إنه فسخ لا طلاق، حكي ذلك عن ابن عباس وعكرمة.

واستدلوا بهذا الحديث بأنه لو كان طلاقًا لكان العدة ثلاثة قروء، فالتربص بحيضة يشعر بأنه فسخ، فيكفي فيه الحيضة الواحدة.

وأجاب عنه بعض العلماء: أن المراد بالحيضة هو الجنس الذي يصدق على القليل والكثير، فالمراد أن العدة بالحيض لا بالأشهر، فلا يدل على وحدة الحيضة، وتعقب بأنه وقع في النسائي التصريح بالوحدة، ويجاب عنه بأن زيادة الوحدة في رواية النسائي مبني على فهم الراوي، بأنه فهم من لفظ الحيضة حيضة واحدة، فرواها كما فهم.

قال في "فتح الودود": من لا يقول به يقول: إن الواجب في العدة ثلاثة قروء بالنص، فلا يترك النص بخبر الآحاد.

واحتج القائلون بأنه طلاق بما وقع في حديث ابن عباس من أمره صلى الله عليه وسلم لثابت بالطلاق.

وبما رواه الدارقطني في "سننه"(3) من حديث عباد بن كثير، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس:"أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الخلع تطليقة بائنة"، وسكت عنه. ورواه ابن عدي في "الكامل" وأعَلَّه بعبَّاد، وأسند عن البخاري أنه قال: تركوه، وعن النسائي أنه قال: متروك الحديث، وعن شعبة أنه قال: احذروا حديثه.

(1) وقال أهل الظاهر: إنه طلاق رجعي، كذا في "التعليق الممجد"(2/ 517). (ش).

(2)

وبه قال: مالك. كذا في "التعليق الممجد"(2/ 517). (ش).

(3)

"سنن الدارقطني"(4025). وانظر: "الكامل"(4/ 1642).

ص: 228

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وبما رواه عبد الرزاق في "مصنفه"(1): حدثنا ابن جريج، عن داود بن أبي عاصم، عن سعيد بن المسيب:"أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الخلع تطليقة"، وكذلك رواه ابن أبي شيبة، وروى مالك عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن جمهان مولى الأسلميين، عن أم بكرة الأسلمية: أنها اختلعتْ من زوجها عبد الله بن خالد بن أسيد، فأتيا عثمان بن عفان في ذلك، فقال: هي تطليقة.

وروى ابن أبي شيبة بسنده إلى ابن مسعود أنه قال: لا تكون طلقة بائنة إلَّا في فدية أو إيلاء، وروي نحوه عن علي أيضًا، كذا في "البرهان في شرح مواهب الرحمان".

وقال الزيلعي في "نصب الراية"(2): روى مالك في "الموطأ" عن نافع: "أن ربيع بنت معوذ جاءت هي وعمتها إلى عبد الله بن عمر، فأخبرته أنها اختلعت من زوجها في زمان عثمان بن عفان، فبلغ ذلك عثمان فلم ينكره، فقال ابن عمر: عدتها عدة المطلقة".

قال مالك: إنه بلغه أن سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وابن شهاب كانوا يقولون: عدة المختلعة ثلاثة قروء.

وأيضًا بما رواه أبو داود في "المراسيل"(3)، عن سعيد بن المسيب:"أن المرأة كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس، وكان أصدقها حديقة، وكان غيورًا، فضربها فكسر يدها، فجاءتْ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاشتكته إليه، فقالت: أنا أردُّ إليه حديقته، فدعا زوجها، فقال: إنها ترد عليك حديقتك، قال: أو ذلك لي؟ قال: نعم، قد قبلتُ يا رسول الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهبا، فهي واحدة، ثم نكحتْ بعده رفاعة العائذي فضربها، فجاءت عثمان فقالت: أنا أرد عليه صداقه، فدعاه عثمان، فقال عثمان: اذهبا فهي واحدة".

(1)"المصنف"(6/ 482) رقم (11757). وانظر: "المصنف" لابن أبي شيبة (4/ 84).

(2)

"نصب الراية"(3/ 244).

(3)

"المراسيل"(ص 149).

ص: 229