الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"وَلَا نَذْرَ إِلَّا فيمَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ". [انظر الحديث السابق]
(8) بَابٌ: في الطَّلَاقِ عَلَى غَلَطٍ
===
(ولا نذر إلَّا فيما ابتغي به وجه الله تعالى ذكره).
قال في "البدائع"(1): ومنها أن يكون قربة، فلا يصح النذر بما ليس بقربة رأسًا، كالنذر بالمعاصي بأن يقول: لله عزَّ شأنه عليَّ أن أشرب الخمر، أو أقتل فلانًا، أو أضربه أو أشتمه ونحو ذلك؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:"لا نذر في معصية الله تعالى"، وقوله عليه الصلاة والسلام:"من نذر أن يعصي الله تعالى فلا يعصه"؛ ولأن حكم النذر وجوب المنذور به، ووجوب فعل المعصية محال.
(8)
(بَابٌ: في الطَّلَاقِ عَلَى غَلَطٍ)(2)
وفي بعض النسخ: "على غيظ" بدل "على غلط". ونقل في الحاشية عن "فتح الودود": أي في حالة الغضب، وهكذا في كثير من النسخ، وفي بعضها:"على غلط"، فالمعنى: في حالة يخاف عليه الغلط، وهي حالة الغضب، والأقرب أنه غلط، والصواب: غيظ. ثم الطلاق على غيظ واقع عند الجمهور، وفي رواية (3) عن الحنابلة أنه لا يقع، والظاهر أنه مختار المصنف رحمه الله تعالى، انتهى.
(1)"بدائع الصنائع"(4/ 227 - 228).
(2)
وكذا في نسخة "ابن رسلان". وقال: معناه يعني جرى على لسانه سهوًا، والطلاق على الغلط لا يقع عند الجمهور، وعند الحنقية يقع، مثلًا: يقول لامرأته شيئًا، وجرى على لسانه "أنت طالق"، انتهى. كذا في "الفتح"(9/ 395)، وفي "نور الأنوار": إن قصد أن يقول: سبحان الله، وجرى على لسانه "أنت طالق"، يقع الطلاق، وظاهر "المغني" أنهم فرَّقوا ديانة وقضاء (ش). (انظر: 10/ 360).
(3)
قال الحافظ في "الفتح"(9/ 389): هو مروي عن بعض متأخري الحنابلة، ولم يوجد عن أحد من متقدميهم إلَّا ما أشار إليه أبو داود، وفي "نيل المآرب" (2/ 237): لا تشترط النية في حال الخصومة، أو في الغضب، فيقع الطلاق في الكناية بدون النية، انتهى. (ش).
2194 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ، أَنَّ يَعْقُوبَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَهُمْ (1)، نَا أَبِي، عن ابْنِ إِسْحَاقَ، عن ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ الْحِمْصِيِّ، عن مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي صَالحٍ الَّذِي كَانَ يَسْكُنُ إِيْلِيَا
===
2194 -
(حدثنا عبيد الله بن سعد) بن إبراهيم (الزهري، أن يعقوب بن إبراهيم) بن سعد (حدثهم، نا أبي) إبراهيم بن سعد، (عن ابن إسحاق، عن ثور بن يزيد الحمصي، عن محمد بن عبيد بن أبي صالح) المكي، سكن بيت المقدس، روى عن صفية بنت شيبة وعدي بن عدي الكندي ومجاهد بن جبر، روى عنه ثور بن يزيد الحمصي وعبيد الله بن أبي جعفر المصري، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، روى له أبو داود حديثه عن صفية عن عائشة:"لا طلاق ولا عتاق في إغلاق".
وأخرجه ابن ماجه من طريقه فسمَّاه عبيد بن أبي صالح، وهو وهم، قاله الحافظ في ترجمة محمد من "تهذيب التهذيب"، وذكر في ترجمة عبيد بن أبي صالح، فقال: روى عن صفية بنت شيبة عن عائشة بحديث: "لا طلاق في إغلاق"، وعنه ثور بن يزيد الحمصي، هكذا وقع عند ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عبد الله بن نمير، عن ابن إسحاق، عن ثور.
ورواه أبو يعلى الموصلي عن أبي بكر بن أبي شيبة بسنده فقال: عن عبيدة بن سفيان بدل عبيد بن أبي صالح، ووقع عند أبي داود من حديث إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، عن ثور، عن محمد بن عبيد بن أبي صالح، عن صفية، وهذا هو الصواب، وكذا ذكره ابن أبي حاتم وغيره.
(الذي يسكن إيلياء) بكسر أوله واللام وياء وألف ممدودة، اسم مدينة بيت المقدس، وحكى الحفصي فيه القصر، وفي لغة ثالثة حذف الياء الأولى،
(1) زاد في نسخة: "قال".
قَالَ: "خَرَجْتُ مَعَ عَدِيِّ بْنٍ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ حَتَّى قَدِمْنَا مَكَةَ، فَبَعَثَنِي إِلَى صَفيةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، وَكَانتْ قَدْ حَفِظَتْ مَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا طَلَاقَ وَلَا عِتَاقَ في إِغْلَاقٍ" (1). [جه 2046، حم 6/ 276]
===
فيقال: إلياء بسكون اللام والمد (قال: خرجت) من الشام (مع عدي بن عدي الكندي) هو عدي بن عدي بن عميرة بفتح المهملة، الكندى، أبو فروة الجزري، فقيه، عمل لعمر بن عبد العزيز على الموصل.
(حتى قدمنا مكة، فبعثني) عدي بن عدي (إلى صفية بنت شيبة، وكانت) أي صفية (قد حفظت) أي الأحاديث (من عائشة، قالت) صفية: (سمعت عائشة) رضي الله عنها (تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق)(2).
قال في "المجمع"(3): أي في إكراه؛ لأن المكره مُغْلَقٌ عليه في أمره، ومُضَيَّقٌ عليه في تصرفه، كما يغلق الباب على أحد، ط. أو معناه: لا يغلق التطليقات دفعة واحدة، حتى لا يبقى فيه شيء، لكن يطلق طلاق السنَّة.
وقال الشوكاني في "النيل"(4): قوله: "في إغلاق" بكسر الهمزة وسكون الغين المعجمة وآخره قاف، فسَّره علماء الغريب بالإكراه، روي ذلك في "التلخيص" عن ابن قتيبة والخطابي وابن السيد وغيره، وقيل: المجنون (5)، واستبعده المطرزي.
(1) في نسخة: "غلاق".
(2)
جزم الحافظ (9/ 389) أن رواية أبي داود بلفظ: "غلاق" بدون ألف، بمعنى الغضب، وحكى البيهقي أنه روي على الوجهين، وعند ابن ماجه بلفظ:"إغلاق" بمعنى المكره، وغلط من قال: الإغلاق الغضب
…
إلخ. (ش).
(3)
"مجمع بحار الأنوار"(4/ 59).
(4)
"نيل الأوطار"(4/ 329 - 330).
(5)
ولا يقع طلاق المجنون إجماعًا، كذا في "عمدة القاري"(14/ 260)، و"المغني"(10/ 345)، وفي السكران اختلاف، حكاه القاري في شرح "النقاية"(2/ 89 - 90)، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقيل: الغضب. وقع ذلك في "سنن أبي داود" في رواية ابن الأعرابي، وكذا فسره أحمد، ورده ابن السيد، فقال: لو كان كذلك لم يقع على أحد طلاق؛ لأن أحدًا لا يطلق حتى يغضب. وقال أبو عبيدة (1): الإغلاق التضييق.
وقد استدل بهذا الحديث من قال: لا يصح طلاق المكره (2). وبه قال جماعة من أهل العلم، حكي ذلك في "البحر" عن علي، وعمر، وابن عباس، وابن عمر، والزبير، والحسن البصري، وعطاء، ومجاهد، وطاوس، وشريح، والأوزاعي، والحسن بن صالح، ومالك، والشافعي. وحكي أيضًا وقوع طلاق المكره عن النخعي، وابن المسيب، والثوري، وعمر بن عبد العزيز، وأبي حنيفة، وأصحابه، انتهى.
فاختلف في طلاق المكره، فعند الشافعي رحمه الله لا تجوز، وعندنا جائز مع الإكراه، واحتج بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"رفع عن أمتي (3) الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه".
= و"العيني"(14/ 260)، حتى بين الحنفية أيضًا كما في "الهداية"(1/ 224)، وعن أحمد فيه روايات كما في "المغني"(10/ 346 - 348). (ش).
(1)
كذا في "النيل"(4/ 329)، والصواب: أبو عبيد، كما في "التلخيص"(3/ 210).
(2)
قال ابن رشد (2/ 81): طلاق المكره غير واقع عند مالك والشافعي وأحمد وجماعة، ويقع عند أبي حنيفة وأصحابه، وفرق أصحاب الشافعي بين أن ينوي الطلاق، فالأصح أن يقع، وبين أن لا ينوي، فالأصح أن لا يقع، وعن بعض السلف فيه تفصيل آخر، بسطه الحافظ (9/ 390) والعيني (14/ 259)، وذكر القاري في "شرح النقاية"(2/ 89) عجيبة في مستدل الحنفية من جلوس امرأة على صدر الزوج لتذبحه أو يطلقها، وراجع الشامي (4/ 439 - 440)، وكذا ذكر المذاهب في هامش أبي داود و"المغني"(10/ 350، 351). (ش).
(3)
وفي "المقاصد الحسنة"(528): حديث مشهور، لكن لم يوجد عند المخرجين، ثم بسط طرقه، ولم يذكر في الصحاح عنه غير ابن ماجه، وعندنا الحديث على رفع الإثم لإجماعهم على أن من نسي ركعة من الصلاة فهي باطلة، انتهى. (ش).