الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"لَا عَلَيْكمَا، صُومَا مَكانَهُ يَوْمًا آخَرَ". [ت 735، حم 6/ 141، ق 4/ 280]
(73) بَابُ الْمَرْأَةِ تَصُومُ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا
2458 -
حَدّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عن هَمَّامِ بْنِ مُنَبَّهٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَصُومُ امْرَأَةٌ (1) وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ
===
لا عليكما) أي لا بأس عليكما في الإفطار للعذر وهو الاشتهاء، (صومًا مكانه) أي مكان ذلك الصوم (يومًا آخر)، ولفظ الترمذي:"اقضيا يومًا آخر مكانه".
وهذا الحديث فيه دليل للحنفية (2) على وجوب قضاء صوم التطوع إذا أفطر، فإن الأمر أصله للوجوب، فلا يعدل عنه إلَّا بدليل، ولا دليل على العدول.
(73)
(بَابُ المَرْأَةِ تَصُومُ)
أي: تطوعًا (بِغيرِ إِذْنِ زَوْجِهَا) هل يجوز لها ذلك؟
2458 -
(حدثنا الحسن بن علي، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تصوم) أي (3) نفلًا، لئلا يفوت على الزوج الاستمتاع بها (امرأة وبعلها شاهد) أي حاضر معها في
(1) في نسخة: "المرأة".
(2)
وذكر في "حاشية النسائي" عدة روايات في الدلائل، انتهى. (ش).
(3)
قال العيني (14/ 166): قد اتفق العلماء على أن المرأة يحرم عليها صوم التطوع وبعلها حاضر، إلَّا بإذنه لهذا الحديث، وقال الباجي (3/ 82): الظاهر أنه ليس للزوج جبرها على تأخير القضاء إلى شعبان بخلاف صوم التطوع، ونقل القرطبي عن بعض أشياخه أن لها أن تقضي بغير إذنه لأنه واجب، ويحمل الحديث على التطوع، انتهى. وقال الموفق في صوم التطوع للعبد: إن كان فيه ضرر للسيد فله منعه، وإلَّا لا، وللزوج منع زوجته منه في كل حال لأنه يفوت حقه من الاستمتاع. (ش). (انظر:"المغني" 13/ 532).
إِلَّا بِإِذْنِهِ غَيْرَ رَمَضَانَ، وَلَا تَأْذَنُ في بَيْتِهِ وَهُوَ شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ". [خ 5192، م 1026، ت 782، حم 2/ 245، جه 1761، دي 1720]
2459 -
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، نَا جَرِيرٌ، عن الأَعْمَشِ، عن أَبِي صَالِحٍ، عن أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ عِنْدَهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ زَوْجِي صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ، وُيفَطِّرُنِي إِذَا صُمْتُ، وَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. قَالَ: وَصَفْوَانُ عِنْدَهُ، قَالَ: فَسَأَلَهُ عَمَّا قَالَتْ، فَقَالَ:
===
بلدها (إلَّا بإذنه) أي تصريحًا أو تلويحًا (غير رمضان، ولا تأذن) بالنصب (1) عطفًا على تصوم، أي ولا يحل لها أن تأذن أحدًا من الأجانب أو الأقارب حتى النساء (في بيته) أي في دخول بيته (وهو شاهد إلَّا بإذنه) أي بإذن الزوج، وفي معناه العلم برضاه.
2459 -
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، نا جرير، عن الأعمش (2)، عن أبي صالح، عن أبي سعيد قال: جاءت امرأة) لم أقف على تسميتها (إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده، فقالت: يا رسول الله، إن زوجي صفوان بن المعطل (3) بتشديد الطاء المفتوحة (يضربني إذا صليت، ويُفَطِّرُني) بالتشديد، أي يأمرني بالإفطار، أو يبطل صومي (إذا صمت، ولا يصلي صلاةَ الفجر حتى تطلع الشمس، قال) أي أبو سعيد: (وصفوان) الواو للحال (عنده) أي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(قال) أي أبو سعيد: (فسأله) أي: فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوان ابن المعطل (عما قالت) امرأته في شكواها (فقال) أي صفوان:
(1) الظاهر بدله: بالرفع. (ش).
(2)
قال البزار: الحديث عندي منكر، ولعل الأعمش أخذه من غير ثقة فدلَّسه، فصار ظاهر سنده الصحة، وتعقبه الحافظ بالبسط (9/ 296). (ش).
(3)
صاحب قصة الإفك. (ش).
يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا قَوْلُهَا: يَضْرُبنِي إِذَا صَلَّيْتُ، فَإنَهَا تَقْرأُ بِسُورَتي وَقَدْ نَهَيْتُهَا، قَالَ: فَقَالَ: "لَوْ كَانَتْ سُورَةً وَاحِدَةً لَكَفَتِ النَّاسَ"،
===
(يا رسول الله، أما قولها: يضربني إذا صليت، فإنها تقرأ بسورتي)(1) هكذا في المجتبائية والمصرية والمكتوبة الأحمدية بإضافة لفظ "السورة"(2) إلى ياء المتكلم، والنسخة الأخرى على حاشية المكتوبة الأحمدية وحاشية المجتبائية:"بسورتين" بصيغة التثنية، وهكذا في متن نسخة "العون" و"المشكاة"، وأَقَرَّه القاري فقال في "شرحه" (3): بسورتين طويلتين في ركعة أو ركعتين.
وكتب على حاشية المكتوبة الأحمدية معزوًا إلى مولانا، والمراد به مولانا محمد إسحاق الدهلوي ثم المهاجر المكي: قوله: "بسورتي"، وفي بعض النسخ:"بسورتين" بصيغة التثنية، الثاني هو الظاهر الموافق للجواب لمولانا.
(وقد نهيتها) أي عن تطويل القراءة أو إطالة الصلاة (قال) أي أبو سعيد: (فقال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو كانت) أي القراءة بعد بالفاتحة، وقال الطيبي (4): لو كانت القراءة سورة واحدة وهي الفاتحة (5)(سورة واحدة) أي: أيَّ سورة كانت ولو أقصرها (لكفت الناس) أي لأجزأتهم كافتهم جمعًا وأفرادًا، فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم:"لو كانت سورة" إلى آخره على النسخة التي فيها لفظ السورة مضاف إلى ياء المتكلم، معناه لو كانت سورة واحدة في القرآن لكفت الناس قراءتها في الصلاة، فلا ينبغي لك أن تنهاها عن السورة التي تقرأها، فعلى هذا في الكلام زجر لصفوان عن نهيها عن السورة التي تقرؤها.
وأما على النسخة الأُخرى فمعناها: لو كانت سورة واحدة، أي لو كانت
(1) ذكر في "التقرير": إن كان التثنية فحذف نون بدون القياس. (ش).
(2)
ويؤيده ما في "التلقيح"(ص 477): قال: إن معي سورة ليس معي غيرها هي تقرأها
…
إلخ. (ش).
(3)
"مرقاة المفاتيح"(6/ 409).
(4)
"شرح الطيبي (6/ 321).
(5)
وفي "التقرير": سوى الفاتحة، انتهى. (ش).
وَأَمَّا قَوْلُهَا: يُفَطِّرُنِي، فَإِنَّهَا تَنْطَلِقُ فَتَصُومُ، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ فَلَا أَصْبِرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يوْمَئِذٍ:"لَا تَصُومُ امْرَأَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا". وَأَمَّا قَوْلُهَا: إِنِّي لَا أُصَلِّي حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ
===
قراءة الناس في الصلاة بسورة واحدة لكفت الناس، وفي هذا زجر لامرأة صفوان على أنه لا ينبغي لها أن تُطَوِّل القراءة بقراءة سورتين، فإنها يكفي لها أن تقرأ بسورة واحدة قصيرة، والله أعلم.
وقد أخرج الإِمام أحمد هذا الحديث في "مسنده"(1) من طريق جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد على لفظ أبي داود ولفظه: "فإنها تقرأ سورتين فقد نهيتها عنها".
ثم أخرج من طريق أبي بكر، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد قال:"جاءت امرأة صفوان بن معطل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إن صفوان يُفَطِّرُني إذا صمت، ويضربني إذا صليت، ولا يصلي الغداة حتى تطلع الشمس، قال: فأرسل إليه، فقال: ما تقول هذه؟ قال: أما قولها: يفطرني، فإني رجل شاب وقد نهيتها أن تصوم، قال: فيومئذ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصوم المرأة إلَّا بإذن زوجها، قال: وأما قولها: إني أضربها على الصلاة، فإنها تقرأ بسورتي فتُعَطِّلني، قال: لو قرأها الناس ما ضرك، وأما قولها: إني لا أصلي حتى تطلع الشمس، فإني ثقيل الرأس، وأنا من أهل بيت يُعرفون بذاك، بثَقل الرؤوس، قال: فإذا قمت فصل".
(وأما قولها: يفطرني، فإنها تنطلق فتصوم) أي نفلًا (وأنا رجل شاب فلا أصبر)(2) أي عن جماع النهار (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ: لا تصوم المرأة) أي تطوعًا (إلَّا بإذن زوجها، وأما قولها: إني لا أصلي حتى تطلع الشمس، فإنَّا أهل بيت) أي: إنا أهل بيت لهم شغل لا ننام الليل (قد عرف
(1)"مسند أحمد"(3/ 80 - 85).
(2)
ويشكل عليه ما في قصة الإفك: "ما كنفت كشف أنثى قط"، وأوَّله الحافظ (8/ 462) بأنها كانت قبل هذا، وسيأتي في "البذل". (ش).
لَنَا ذَاكَ، لَا نَكَادُ نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، قَالَ:"فَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ". [جه 1762، حم 3/ 80، دي 1719]
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ حَمَّادٌ - يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ- عن حُمَيْدٍ أَوْ ثَابِتٍ عن أَبِي الْمُتَوَكِّلِ.
===
لنا ذاك) أي عادتنا ذلك، وهي أنهم كانوا يسقون الماء في طول الليالي، (لا نكاد نستيقظ) أي إذا رقدنا آخر الليل (حتى تطلع الشمس)(1) حقيقة أو مجاز مشارفة.
(قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإذا استيقظت) يا صفوان (فصَلِّ)، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم:"أنه لا تفريط في النوم"، وروي عنه:"إذا نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها"، وكان صفوان معذورًا في ترك الجماعة أو في ترك الصلاة، قلت: والعذر بالاستيقاظ في أول الليل للسقي، ذكره القاري في شرحه على "المشكاة"(2)، ولكن رواية أبي بكر التي أخرجها الإِمام أحمد في "مسنده" المذكورة قبل تدل على أن ليس لهم عذر إلَّا ثقل النوم.
(قال أبو داود: رواه حماد - يعني ابن سلمة- عن حميد أو ثابت عن أبي المتوكل)، قال الحافظ (3): وإسناد هذا الحديث صحيح، ولكن يشكل عليه أن عائشة قالت في حديث الإفك:"إن صفوان قال: ما كشفت كنف أنثى قط"، وقد أورد هذا الإشكال قديمًا على البخاري، ومال إلى تضعيف حديث أبي سعيد بذلك، ويمكن أن يجاب بأنه تزوَّج بعد ذلك، أكلت: ويمكن أن يجاب عنه أن معنى قوله: "ما كشفت كنف أنثى قط" أي: حرامًا.
قلت: ولم أجد هذا الحديث بهذا الطريق فيما عندي من كتب الحديث (4).
(1) وفي "التقرير": فيه مبالغة، والمراد الإسفار جدًا، وعندي يحتمل الخصيصة كما قلته في أول الكتاب في حديث البردين. (ش).
(2)
"مرقاة المفاتيح"(6/ 410).
(3)
"فتح الباري"(8/ 462).
(4)
قلت: رواية حماد أخرجها الحارث بن أبي أسامة في "مسنده"، وأورده البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة"(3/ 129) رقم (2366)، وانظر:"زوائد مسند الحارث" للهيثمي (ص 86)، رقم (228).