الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ" قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: "فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ"، قَالَ: فَقُلْتُ (1): إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: "فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، وَهُوَ (2) أَعْدَلُ الصِّيَامِ، وَهُوَ صِيَامُ دَاوُدَ". قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ". [خ 1976، م 1159، ن 2392]
(54) بَابٌ: في صَوْمِ أَشْهُرِ الْحُرُمِ
===
مثل صيام الدهر) لأن الحسنات بعشر أمثالها.
(قال) عبد الله: (قلت: يا رسول الله، إني أطيق أفضل) أي أكثر (من ذلك، قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فصم يومًا وأفطر يومين، قال) عبد الله: (فقلت: إني أطيق أفضل) أي أكثر (من ذلك، قال: فصم يومًا وأفطر يومًا، وهو أعدل الصيام) أي أفضله (وهو صيام داود، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أفضل من ذلك).
نقل في الحاشية عن "فتح الودود": ظاهره أنه أفضل من صوم يومين وإفطار يوم، ومن صيام يوم الدهر بلا صيام أيام الكراهة، وبه قال بعض أهل العلم، وهو أشد الصيام على النفس، لأنه لا يعتاد الصوم ولا الإفطار فيصعب عليه كل منهما.
(54)
(بَابٌ: في صَوْمِ أَشْهُرِ الحُرُمِ)
وهي أربعة أشهر التي ذكرها الله تعالى في كتابه: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} (3) ثلاثة منها سرد، وواحد فرد، وهي (4): ذو القعدة، وذو الحجة،
(1) في نسخة: "قلت".
(2)
في نسخة: "فهو".
(3)
سورة التوبة: الآية 36.
(4)
وفي "الأنوار الساطعة"(ص 435) جعلها من سنتين هو الصواب كما قال النووي في "شرح مسلم"(1/ 218)، وعدَّها الكوفيون من سنة واحدة، فقالوا: المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة، وتظهر ثمرة الخلاف فيمن نظر صيامها مرتبة، فعلى الأول =
2428 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسمَاعِيلَ، نَا حَمَّادٌ، عن سعيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عن أَبِي السَّلِيلِ، عن مُجِيبَةَ الْبَاهِليَّةَ، عن أَبِيهَا- أَوْ عَمِّهَا-:
===
والمحرم، ورجب مضر التي بين جمادى وشعبان، وإنما سُمِّيت الحُرُم لحرمتها وحرمة القتال فيها في الجاهلية وبدء الإِسلام، ثم نسخت حرمة القتال فيها عند الجمهور، وقال عطاء بعدم النسخ.
2428 -
(حدثنا موسى بن إسماعيل، نا حماد، عن سعيد الجريري، عن أبي السليل، عن مجيبة الباهلية، عن أبيها أو عمها) واختلف فيه، فقيل هكذا، وقيل: عن أبي مجيبة عن أبيه عن عمه، وقيل: عن مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها، وقال بعضهم: عن مجيبة امرأة من أهله، وقال بعضهم: عن مجيبة عجوز من عجائز المسلمين، وذكر البغوي أن اسم والد محبيبة عبد لله بن الحارث، كذا في "تهذيب التهذيب"(1).
وقال في "الإصابة"(2) في الكنى: أبو مجيبة بضم أوله وكسر الجيم وبموحدة، ذكره ابن حبان في "الصحابة"، وقال أبو عمر: لا أعرفه، وقال البغوي: أبو مجيبة أو عمها سكن البصرة، قلت: هو والد مجيبة الباهلي أو الباهلية، وقع عند ابن ماجه عن مجيبة الباهلي عن أبيه، وعند ابن أبي داود مجيبة الباهلية عن أبيها، وأفاد البغوي أن اسم والد مجيبة عبد الله بن الحارث، والصواب أن مجيبة امرأة، فقد وقع عند سعيد بن منصور عن ابن علية، عن الجريري، عن أبي السليل، عن مجيبة
= يبدأ بذي القعدة، وعلى الثاني بالمحرم، انتهى.
قلت: تقدم شيء منه في كتاب الحج من "باب الأشهر الحرم". (ش).
(1)
(10/ 49).
(2)
(4/ 173).
أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ انْطَلَقَ فَأَتَاهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَقَدْ تَغَيَّرَتْ حَالُهُ وَهَيْئَتُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ:"وَمَنْ أَنْتَ؟ "، قَالَ: أَنَا الْبَاهِليُّ الَّذِي جِئْتُكَ عَامَ الأَوَّلِ، قَالَ:"فَمَا غَيَّرَكَ وَقَدْ كُنْتَ حَسَنَ الْهَيْئَةِ؟ " قُلْتُ: مَا أَكَلْتُ طَعَامًا مُنْذُ فَارَقْتُكَ إِلَّا بِلَيْلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لِمَ عَذَّبْتَ نَفْسَكَ؟ "، ثُمَّ قَالَ:"صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ وَيوْمًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ"، قَالَ: زِدْنِي فَإِنَّ بِي قُوَّةً، قَالَ:"صُمْ يَوْمَيْنِ"، قَالَ: زِدْنِي (1)، قَالَ:"صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ"،
===
الباهلية عجوز من قومها، عن أبيها، أو- شك من الراوي- عمها، لم أقف على تسمية العم.
(أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انطلق) أي رجع إلى وطنه (فأتاه) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (بعد سنة وقد تغيرت حاله وهيئته) بأن تغير لونه وصار جسمه ناحلًا (فقال: يا رسول الله أما تعرفني؟ قال: ومن أنت؟ قال: أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول) أي في العام الماضي (قال: فما غيرك) أي: غيَّر هيئتك وحالتك، (وقد) الواو للحال كنت حسن الهيئة؟ أكلت: ما أكلت طعامًا) بالنهار (منذ فارقتك إلَّا بليل) أي صمت في جميع أيام السنة، ولعله لم ينه حينئذ عن صوم يومي العيد وأيام التشريق، أو نهى عنها ولم يعلم به.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم عذبت نفسك؟ ) حيث تغيرت حالك، (ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(صم شهر الصبر) أي شهر رمضان فرضًا، وسمي به لحبس النفس في نهاره عن المفطرات (ويومًا من كل شهر) نفلًا.
(قال: زدني) من الصوم (فإن بي قوة، قال: صم يومين) أي صم شهر الصبر ويومين من كل شهر (قال: زدني) فإن بي قوة، (قال: صم ثلاثة أيام)
(1) زاد في نسخة: "فإن بي قوة".
قَالَ: زِدْنِي، قَالَ:"صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُم وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ"(1)، وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ الثلَاثَةِ فَضَمَّهَا ثمَّ أَرْسَلَهَا". [ق 4/ 291]
===
أي من كل شهر مع صيام شهر الصبر (قال: زدني، قال: صم من الحُرُم) بضم الحاء المهملة والراء جمع حرام، أي: الأشهر الحرم (2)(واترك) أي الصوم منها (صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، وقال) أي أشار (بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها)(3) أي يشير بضم أصابعه الثلاثة إلى أنه يصوم من الأشهر الحرم ثلاثة أيام، ثم يشير بإرسالها إلى أنه يفطر كذلك ثلاثة أيام مع صيام شهر الصبر، وثلاثة أيام من كل شهر من الأشهر السبعة الباقية.
فالحاصل على هذا التأويل أنه صلى الله عليه وسلم أمره أن يصوم شهر رمضان، ثم يصوم ثلاثة أيام من سبعة أشهر، لأنه خرج رمضان، وخرجت الأشهر الحرم الأربعة، فبقيت سبعة أشهر، يصوم ثلاثة أيام في كل شهر من السبعة، ثم أمره أن يصوم من الأشهر الحرم في كل شهر منها ثلاثة أيام، ثم يترك ثلاثة أيام منها ويفطر، ثم يصوم كذلك إلى آخر الأشهر الأربعة، فيكون صائمًا نصف شهر من الأشهر الحرم، ومفطرًا في النصف، فصار صيام التطوع له على هذا أحدًا وثمانين يومًا.
(1) زاد في نسخة: "صم من الحُرُم واترك".
(2)
قال الأبي: (4/ 109): صوم رجب لم يقع فيه نهي ولا ندب، ولكن في أبي داود ندب صوم أشهر الحرم ورجب أحدها. وقال ابن القيم (2/ 64): لا صام رجبًا قط ولا استحب صيامه، بل روي عنه النهي عن صيامه، ذكره ابن ماجه (1743). قلت: ولفظه عن ابن عباس: "أنه نهى عن صوم رجب"، وفي حاشيته: أن عمر يغرب عليه، وتمامه "في ما ثبت بالسنة" للشيخ عبد الحق المحدث الدهلوي. (ش).
(3)
ووجه الكلام في "التقرير" بتوجيهين: الأول: أن المراد: صم أشهر الحرم الثلاثة كلها، فالإشارة بالثلاثة إلى أشهر الحرم الثلاثة، وبالإرسال إلى تركها، وفيه بُعد، والثاني: أن المراد: صم ما شئت منها، وأفطر ما شئت منها. (ش).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ويحتمل أن يقال: إنه صلى الله عليه وسلم أمره أن يصوم ثلاثة أيام من الأشهر الحرم الأربعة، ويترك ثلاثة أيام بدلًا من صوم ثلاثة أيام من كل شهر، فحينئذ يكون صيامه تطوعًا ستين يومًا.
وقد أخرج ابن ماجه (1) هذا الحديث، ولفظه في آخره:"وصم أشهر الحرم" ولم يفصل كم يصوم منها.
وأخرجه الإِمام أحمد في "مسنده"(2) عن إسماعيل بن علية، ثنا الجُرَيْريُّ، عن أبي السليل قال: حدثتني مجيبة عجوزٌ من باهلةَ، عن أبيها أو عمِّها قال: أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لحاجةٍ مرةً، فقال:"من أنت؟ "، قال: أَوَ مَا تعرفني؟ قال: "وَمَن أنتَ؟ "، قال: أنا الباهليُّ الذي أتيتُكَ عامَ أَوَّل، قال:"فإنَّك أتيتَني وجسمُك ولونُك وهيئتُك حَسَنةٌ، فما بلغ بك ما أرَى؟ "، فقال: إني والله ما أفطرتُ بعدَك إلا ليلًا، قال:"من أَمَرَكَ أن تعذِّب نَفْسَكَ؟ مَنْ أَمَرَكَ أَنْ تُعَذِّبَ نَفسَكَ؟ مَنْ أَمَرَكَ أَنْ تُعَذِّبَ نَفْسَكَ؟ - ثلاث مرات- صُمْ شهرَ الصبر رَمَضَان"، قلت: إني أجد قُوَّةً وإني أحبُّ أن تزيدَني، فقال:"صُمْ يومًا من الشهر"، قلت: إني أجد قوة، وإني أحب أن تزيدني، قال:"فيومين من الشهر"، قلت: إني أجد قوَّة، وإني أحب أن تزيدني، قال:"وما تبغي عن شهر الصبر ويومين في الشهر"، قال: قلت: إني أجد قوة، وإني أحب أن تزيدني. قال:"فثلاثَةَ أيام من الشهر"، قال: وأَلْحَمَ (3) عند الثالثة، فما كاد، قلت: إني أجد قوة، وإني أحب أن تزيدني، قال:"فمن الحُرُم، وأَفطرْ".
(1)"سنن ابن ماجه"(1741).
(2)
"مسند أحمد"(5/ 28).
(3)
قال السندي: "وألحم عند الثالثة" أي: وقف عندها فلم يزد عليها.