الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَى عُثْمَانَ- أَحْسِبُهُ قَالَ مَهْدِيٌّ: قَالَ: فَسَأَلَهُمَا، فَاعْتَرَفَا- فَقَالَ: أَتَرْضَيَانِ أَنْ أَقْضِيَ بَيْنَكُمَا بَقَضَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ، وَأَحْسِبُهُ قَالَ: فَجَلَدَهَا وَجَلَدَهُ وَكَانَا مَمْلُوكَيْنِ". [حم 1/ 59]
(35) بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ
===
(إلى عثمان، أحسبه قال مهدي: قال) أي محمد بن عبد الله: (فسألهما) أي عثمانُ العبدَ الروميَّ والأمةَ الروميةَ (فاعترفا) أي بالزنا.
(فقال) أي عثمان لهما: (أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن الولد للفراش) أي لصاحب الفراش وهو الزوج (وأحسبه قال) أي قال مهدي بن ميمون، وأحسب محمد بن عبد الله قال:(فجلدها) أي الأمة (وجلده) أي الغلام الرومي (وكانا مملوكين).
(35)
(بَابُ مَنْ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ)(1) أي للحضانة
(1) وبسط ابن القيم في "الهدي"(5/ 432 - 490) الكلام على هذا الباب بأشد البسط، وفي "الشرح الكبير" (9/ 298 - 299) للحنابلة: إذا افترق الزوجان، ولهما طفل أو معتوه، فأمه أولى بكفالته إذا كملت الشرائط فيها ذَكَرًا كان أو أنثى، هذا قول الثوري ومالك والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي، ولا نعلم أحدًا خالفهم لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص:"أن امرأة قالت: يا رسول الله، ابني هذا كان بطني لي وعاء" الحديث، وفيه:"أنتِ أحق به ما لم تنكحي" رواه أبو داود.
ويروى أن أبا بكر رضي الله عنه حكم على عمر بحاصم لأمه ثم قال: "لا حضانة لرقيقٍ ولا فاسقٍ ولا كافر على مسلم".
أما الرقيق، فبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي، وقال مالك في حر له ولد حر من أمة: الأم أحق به إلَّا أن تباع، فيكون الأب أحق به؛ لأنها أم مشفقة أشبهت الحرة.
ولنا: أنها لم تملك منافعها التي تحصل بها الكفالة؛ لكونها مملوكة لسيدها، ولم تكن لها حضانة.
وأما الكافر فبهذا قال مالك والشافعي. وقال ابن القاسم وأصحاب الرأي: تثبت؛ =
2276 -
حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ السُّلَمِيُّ (1)، نَا الْوَلِيدُ، عن أَبِي عَمْرٍو -يَعْنِي الأَوْزَاعِيَّ-، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عن أَبِيهِ،
===
2276 -
(حدثنا محمود بن خالد السلمي، نا الوليد) بن مسلم، أبي عمرو - يعني الأوزاعي-، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه،
= لما روي عن رافع بن سنان: "أنه أسلم وأبتْ امرأتُه أن تُسلمَ". الحديث المتقدم في "باب إذا أسلم أحد الأبوين".
ولنا: أنها ولاية، فلا تثبت لكافر على مسلم. والحديث روي على غير هذ الوجه، ولا يثبته أهل النقل، وفي إسناده مقال، قاله ابن المنذر. ويحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أنها تختار أباها بدعوته، فكان ذلك خاصًا في حقه، ولا حضانة لامرأة مزوجة لأجنبي.
قال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من أحفظ عنه، وهو قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي، وعن الحسن: أنها لا تسقط بالتزوج.
ونقل عن أحمد: إذا تزوجت الأم وابنها صغير أخذ منها. قيل له: فالجارية مثل الصبي؟ قال: لا، الجارية تكون معها إلى سبع سنين، وظاهره أنه لم يزل الحضانة عن الجارية لتزويج أمها وأزالها عن الغلام. ووجه ذلك ما سيأتي من قصة بنت حمزة.
وقوله عليه السلام: "الخالة أم"، فجعل لها الحضانة وهي مزوجة والأولى هي الصحيحة، وعليها العمل لقوله عليه السلام:"أنتِ أحق به ما لم تنكِحِي"، وإنما قضى بها لخالتها؛ لأن زوجها من أهل الحضانة.
وإذا بلغ الغلام سبع سنين خُيِّر بين أبويه، فكان مع من اختاره، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة ومالك: لا يخير. قال أبو حنيفة: إذا استقل بنفسه، ولبس بنفسه، واستنجى بنفسه، فالأب أحق به. وقال مالك: الأم أحق به حتى يثغر.
ولنا حديث أبي هريرة، يعني حديث الباب، فإن اختار أباه كان عنده ليلًا ونهارًا، وإن اختار أمه كان عندها ليلًا، وعند أبيه نهارًا، ليعلمه ويؤدبه. فإن عاد واختار الآخر نقل. فإن عاد واختار الأول رد إليه. وهكذا أبدًا كلما اختار أحدهما صار إليه، فإن لم يختر أحدهما أقرع بينهما.
وإذا بلغت الجارية سبع سنين كانت عند أبيها، وقال الشافعي: تخير كالغلام. وقال أبو حنيفة: الأم أحق بها حتى تتزوج أو تحيض، وذكر ابن أبي موسى في "الإرشاد" رواية: أن الأم أحق بها حتى تحيض. وقال مالك: الأم أحق بها حتى تتزوج، ويدخل بها الزوج
…
إلخ.
(1)
في نسخة: "الدمشقي".
عن جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحَجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ (1) مِنِّي، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي". [حم 2/ 182، ك 7/ 202]
===
عن جده عبد الله بن عمرو، أن امرأة) لم أقف على تسميتها (قالت: يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاء) أي زمان الحمل، (وثديي له سقاء) أي وقت الرضاع (وحجري) بالفتح، أي حضني (له حواء) هو اسم مكان يحوي الشيء أي يضمه ويجمعه، (وإن أباه) لم أقف على تسميته (طلقني وأراد أن ينتزعه) أي الولد (مني، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به ما لم تنكحي).
قال الطيبي (2): لعل هذا الصبي ما بلغ سن التمييز فقدم الأم لحضانته، والصبي في حديث أبي هريرة كان مميزًا فخيره، قوله:"ما لم تنكحي" يعني كل من تزوجت من النساء ممن كان لها حق الحضانة سقط حقها.
قال العيني في "شرح الهداية"(3): وفيه خلاف الحسن البصري. قال ابن المنذر: وأجمع على هذا أهل العلم إلَّا الحسن البصري، وهو رواية عن أحمد، فإن عندهما لا يسقط حقها بالتزوج.
وقال الشوكاني (4): وروي عن عثمان أن الحضانة لا تبطل بالنكاح، وإليه ذهب الحسن البصري، وابن حزم؛ واحتجوا بما روي أن أم سلمة تزوجتْ بالنبي صلى الله عليه وسلم وبقي ولدها في كفالتها، ويجاب بأن مجرد البقاء مع عدم المنازع لا يصلح للاحتجاج به على محل النزاع؛ لاحتمال أنه لم يبق له قريب غيرها.
(1) في نسخة: "ينزعه".
(2)
انظر: "مرقاة المفاتيح"(6/ 541)، و "شرح الطيبي"(6/ 392).
(3)
"البناية"(5/ 476).
(4)
"نيل الأوطار"(4/ 434).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقد ذهب أبو حنيفة والهادوية إلى أن النكاح إذا كان لذي رحم محرم للمحضون لم يبطل به حق حضانتها. وقال الشافعي: يبطل مطلقًا؛ لأن الدليل لم يفصِّل، وحديث ابنة حمزة (1) لا يصلح للتمسك به؛ لأن جعفرًا ليس بذي رحم محرم لابنة حمزة.
وقد استدل لمن قال بأن النكاح إذا كان بذي رحم للمحضون لم يبطل حق المرأة من الحضانة بما رواه عبد الرزاق (2)، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أنه قال:"جاءتِ امْرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إنَّ أبي أَنْكَحَني رجلًا لا أُريده، وتَرَكَ عَمَّ ولدي، فأُحِذ مني ولدي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أباها، ثم قال لها: اذْهبي فانْكِحِي عَمَّ ولدكِ". وهذا مع كونه مرسلًا، في إسناده رجل مجهول، ولم يقع التصريح فيه بأنه أرجع الولد إليها بعد (3) أن زوجها بذي رحم له، انتهى ملخصًا.
قلت: والجواب عنه أن المتعقب تعقب بثلاثة أمور:
الأول: أنه حديث مرسل.
والثاني: أن في سنده مجهولًا.
والثالث: أنه ليس في الحديث تصريح بأن رسول الله ع صلى الله عليه وسلم أعاد الولد إلى الأم.
والجواب عن الأول: أن المرسل عندنا حجة، فلا يضرنا إرساله. وأما جهالة الراوي فيمكن أن يكون مجهولًا عندهم، ولا يكون مجهولًا عندنا.
وعن الثالث: بأن المرأة ادَّعت أمرين:
أولهما: أن أبي أنكحني رجلًا لا أريده
(1) سيأتي برقم (2278) في الكتاب.
(2)
"المصنف"(10304).
(3)
في الأصل: "عند"، وهو تحريف.
2277 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، نَا عَبْدُ الرَّزَاقِ وَأَبُو عَاصِمٍ، عن ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي زِيَادٌ،
===
وثانيهما: أن أبي لم ينكحني من (1) عم ولدي، فأخذ عم الولد مني ولدي.
فعُلِمَ منه أن أبا الولد لم يكن موجودًا؛ لأنه لو كان موجودًا لم يكن لعم الولد حق في أخذه، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأولى، بأنه أبطل نكاحها برجل لم تكن تريده، وقال:"أنْكِحِي عَمَّ ولدكِ"، وسكت عن القضاء في الدعوى الثانية، وسكوته عنه يدل على عدم سقوط حقها في الولد.
ودل الحديث أيضًا بأن نكاحها بغير ذي رحم محرم من الولد يبطل حق حضانتها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم سكت على قولها: "فأُخِذ مني ولدي". وأشار لها بأن "انْكِحي عمَّ ولدكِ".
ثم أقول: إن الحديث المذكور في الباب يدل على أن الحادث من النكاح يبطل حقها في الحضانة. وأما النكاح القائم قبل ذلك فلا يسقط حقها، مثلًا: امرأة ولدت ولدًا ثم ماتت، ولها أم وهي أم الأم للولد، ولها زوج وهو الجد للولد، فلا يسقط حق الحضانة لها بحكم هذا الحديث؛ لأنها لم تحدث نكاحًا. والراجح عند الشافعية هو هذا القول الموافق للحنفية.
قال في "التوشيح": والشرط السابع: الخلو، أي خلو أم المميز من زوج ليس من محارم الطفل، فإن نكحت شخصًا من محارمه والمراد من له حق في الحضانة، كعم الطفل، أو ابن عمه، أو ابن أخيه، ورضي كل منهم بالمميز؛ فلا تسقط حضانتها بذلك، أي النكاح على الأصح؛ لأن لكل منهم حقًا في الحضانة بخلاف الأجنبي.
2277 -
(حدثنا الحسن بن علي، نا عبد الرزاق وأبو عاصم، عن ابن جريج، أخبرني زياد) بن سعد بن عبد الرحمن الخراساني
(1) في الأصل: "عن"، وهو تحريف.
عن هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ، أَنَّ أَبَا مَيْمُونَةَ سُلْمَى- مَوْلًى مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ رَجُلَ صِدْقٍ - قَالَ: بَيْنَمَا (1) أَنَا جَالِسٌ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَارِسِيَّةٌ مَعَهَا ابْنٌ لَهَا فَادَّعَيَاهُ، وَقَدْ طَلَقَّهَا زَوْجُهَا، فَقَالَتْ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ - رَطَنَتْ (2) بِالْفَارِسِيَّةِ - زَوْجِيِ يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اسْتَهِمَا عَلَيْهِ، وَرَطَنَ لَهَا بِذلِكَ، فَجَاءَ زَوْجُهَا فَقَالَ: مَنْ يُحَاقُّنِي
===
أبو عبد الرحمن، سكن مكة، ثم تحول إلى اليمن، وكان شريك ابن جريج، ثقة، (عن هلال بن أسامة) وهو هلال بن علي بن أسامة، نسب إلى جده، ويقال: هلال بن أبي ميمونة، وهلال بن أبي هلال العامري مولاهم، المدني، وبعضهم نسبه إلى جده، فقال: ابن أسامة، قال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه، وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الدارقطني: هلال بن علي ثقة، وقال مسلمة في "الصلة": ثقة قديم.
(أن أبا ميمونة سُلمى) لم أر ضبط حركاته فيما عندي من الكتب، هو أبو ميمونة الفارسي المدني الأبار. قيل: اسمه سليم، أو سلمان، أو سُلمى، وقيل: أسامة، ثقة، منهم من فرق بين الفارسي والأبار، وكل منهما مدني، يروي عن أبي هريرة، ثقة.
(مولى من أهل المدينة، رجل صدق، قال: بينما أنا جالس مع أبي هريرة، جاءته امرأة فارسية معها ابن لها، فادَّعياه) أي: هي وزوجها (وقد طلقها زوجها، فقالت: يا أبا هريرة- رطنتْ) تكلمت (بالفارسية-، زوجي يريد أن يذهب بابني، فقال أبو هريرة: استهما) أي اقترعا (عليه) أي على الولد.
(ورطن) أي تكلم أبو هريرة (لها) أي للمرأة (بذلك) أي الجواب (فجاء زوجها فقال: من يُحاقُّني) بضم حرف المضارعة وتشديد القاف، أي من
(1) في نسخة: "بينا".
(2)
زاد في نسخة: "له".
في وَلَدِي؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أَقُولُ هَذَا، إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا قَاعِدٌ عِنْدَهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بابْنِي، وَقَدْ سَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ، وَقَدْ نفَعَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (1) صلى الله عليه وسلم:"اسْتَهِما عَلَيْهِ"، فَقَالَ زَوْجُهَا: مَنْ يُحَاقُّنِي في وَلَدِي؟ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "هَذَا أَبُوكَ، وَهَذِهِ أُمُّكَ، فَخُذْ بِيَدِ أَيّهِمَا شِئْتَ"، فَأَخَذَ بِيَدِ أمِّهِ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ. [ت 1357، ن 3496، جه 2351، حم 2/ 447، ق 8/ 3، ك 4/ 97]
===
يخاصمني في حقي (في ولدي؟ فقال أبو هريرة؟ اللَّهُمَّ إني لا أقول هذا) أي الكلام (إلَّا أني سمعت امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قاعد عنده) أي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، (فقالت: يا رسول الله إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد سقاني) أي جاءني الماء (من بئر أبي عِنبة (2) بئر بالمدينة بكسر العين (3) وفتح النون (وقد نفعني) أي بالخدمة.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استهما عليه، فقال زوجها: من يحاقُّني في ولدي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا أبوك، وهذه أمك، فخذ بيد أيهما شئت، فأخذ بيد أمه (4) فانطلقت به).
(1) في نسخة: "النبي".
(2)
استدل أبو هريرة بهذه القصة على الحضانة، وذكرها في الطلاق، ولكن النسائي ذكر الحديث في إسلام أحد الزوجين، وتقدمت مسألة الإسلام، فارجع إليها. ولا فرق عند أبي حنيفة ومالك في المشهور في حق الحضانة بين المسلمة والكافرة، خلافًا للشافعي وأحمد. (ش).
(3)
بلفظ واحدة العنب، بيهما مقدار ميل، "معجم البلدان"(1/ 301). (ش).
(4)
قال ابن رسلان: فيه أن المميَّز إذا فرَّق أبواه يخير بينهما، وسن التمييز غالبًا سبع سنين، والمدار على نفس التمييز، لا على سنه، وبه قال الشافعي وأحمد، وقال مالك وأبو حنيفة: لا يخير، ولكن قال أبو حنيفة: إذا استقل بنفسه وأكل وشرب واستنجى بنفسه، فالأب أحق به، ومالك يقول: الأم أحق به حتى يثغر
…
إلخ. (ش).
2278 -
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ، نَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عن يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عن مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عن نَافِعِ بْنِ عُجَيْرٍ، عن أَبِيهِ،
===
فإن قلت: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة بقضائين: أولهما الاستهام والاقتراع، وثانيهما التخيير للولد. وأما أبو هريرة فقضى في القصة التي وردت عليه بالاستهام فقط؛ فكيف خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قلت: أما قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بقضائين، فإنه صلى الله عليه وسلم قضى أولًا باجتهاده لقطع النزاع بينهما بالاستهام، فلما رأى الولد كبيرًا، وقد قالت:"وقد سقاني من بئر أبي عنبة"، ولا يقدر على الاستقاء من الأبيار إلَّا الكبير البالغ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتخيير للغلام، ونسخ القضاء الأول.
وأما قضاء أبي هريرة فإنه لم يخالف في قضائه قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل وافقه، ولكن اختصر الراوي، فذكر من قضائه الاستهام فقط، وتَرَك ذكرَ التخيير، يدل عليه ما نقله الزيلعي (1) عن ابن حبان بعد تخريج هذا الحديث، فقال: ورواه ابن حبان في "صحيحه" في النوع السادس والثلاثين من القسم الخامس بلفظ الترمذي، وزاد فيه:"وأن أبا هريرة خَيَّر غلامًا بين أبيه وأمه".
وهذا يدل على أن تخيير أبي هريرة للغلام كان في الحديث، فكأنه تركه الراوي، فتخيير أبي هريرة للغلام إن كان للكبير البالغ فهو يوافقنا، وإن كان للصغير فهو اجتهاد منه رضي الله عنه، ولا يضرنا، وقد ثبت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قضى في عاصم بن عمر بن الخطاب لأمه، ولم يخيره ذلك، وكان بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم، ولم ينكره أحد.
2278 -
(حدثنا العباس بن عبد العظيم، نا عبد الملك بن عمرو، نا عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن نافع بن عجير، عن أبيه) أي: عجير بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف
(1)"نصب الراية"(3/ 269).
عن عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ زيدُ بْنُ حَارِثَةَ إِلَى مَكَّةَ، فَقَدِمَ بِابْنَةِ حَمْزَةَ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: أَنَا آخُذهَا، أَنَا أَحَقُّ بِهَا، ابْنَةُ (1) عَمِّي وَعِنْدِي خَالَتُهَا، وَإِنَّمَا الْخَالَةُ أُمٌّ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا
===
المطلبي، أخو ركانة، وركانة هو الذي صارع النبي صلى الله عليه وسلم، وعجير أطعمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر ثلاثين وسقًا، وأمهم العجلة بنت العجلان من بني ليث، روى له أبو داود هذا الحديث الواحد.
قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" في ترجمة نافع بن عجيرة: وقع في رواية أبي داود، عن محمد بن إبراهيم، عن نافع بن عجيرة، عن أبيه، عن علي، وأوضح البيهقي أن الصواب (2): عن محمد بن إبراهيم، عن محمد بن نافع بن عجيرة، عن أبيه، عن علي، وليست فيه لعجيرة رواية. وعجير هذا كان من مشايخ قريش، وممن بعثه عمر لتجديد أعلام الحرم.
(عن علي رضي الله عنه قال: خرج زيد بن حارثة إلى مكة) من مرِّ الظهران، أو من بطن يأجج موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمان عمرة القضاء (فقدم) أي زيد بن حارثة من مكة (بابنة حمزة) بن عبد المطلب، اسمها عمارة، وقيل: فاطمة. وقيل: أمامة. وقيل: أمة الله. وقيل: سلمى. والأول هو المشهور.
(فقال جعفر) أي ابن أبي طالب: (أنا آخذها، أنا أحق بها) أي بابنة حمزة، بوجهين: أولهما: أنها (ابنة عمي و) ثانيهما: أن (عندي خالتها) واسم الخالة أسماء بنت عميس، (وإنما الخالة أم، فقال علي: أنا أحق بها)
(1) في نسخة: "بنت".
(2)
كذا قال الحافظ في "التهذيب"(10/ 408)، والصواب: "وأوضح البيهقي أن الصواب: عن محمد بن نافع بن عجيرة عن أبيه
…
إلخ"، كما قال الحافظ نفسه في "النكت الظراف على تحفة الأشراف" (7/ 432): إنما رواه يزيد بن الهاد عن محمد بن نافع بن عجير بن عبد يزيد عن أبيه عن علي. فالراوي عن علي: "نافع بن عجيرة" لا أبوه، والراوي عن نافع "ابنه محمد" لا محمد بن إبراهيم، بيَّن ذلك البيهقي في "السنن الكبرى" (8/ 6)، وكذا أخرجه الحاكم في "المستدرك" (3/ 211).
ابْنَةُ (1) عَمِّي، وَعِنْدِي ابْنَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ أَحَقُّ بِهَا، فَقَالَ زَيدٌ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا، أَنَا خَرَجْتُ إِلَيْهَا، وَسَافَرْتُ، وَقَدِمْتُ بِهَا،
===
لأنها (ابنة عمي، وعندي) أي في نكاحي (ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي أحق بها).
وفي رواية "البخاري"(2) ذكر في وجوه الاستحقاق: "قال علي: أنا أخذتها". وهذا بظاهره يخالف ما وقع في هذ الحديث أن عليًا يقول: "خرج زيد بن حارثة إلى مكة، فقدم بابنة حمزة"، وهذا يدل على أن زيد بن حارثة هو الآخذ بها والقادم من مكة، وسنبيِّن في شرح الحديث الآتي وجه الجمع بينهما.
(فقال زيد: أنا أحق بها، أنا خرجت إليها وسافرت)، وليس المراد بالسفر السفر الشرعي، بل المراد السفر اللغوي من موقفه إلى مكة، (وقدمت بها) من مكة إلى الموقف.
واختلف في محل الخصومة، قال الحافظ في "الفتح" (3): وذكر أن مخاصمة علي وجعفر وزيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم كانت بعد أن وصلوا إلى مر الظهران، ثم قال: وكانت خصومتهم في ذلك بعد أن قدموا المدينة، ثبت ذلك في حديث علي عند أحمد والحاكم (4).
وفي "المغازي" لأبي الأسود، عن عروة في هذه القصة:"فلما دنوا من المدينة كَلَّمه فيها زيد بن حارثة، وكان وصي حمزة وأخاه"، وهذا لا ينفي أن المخاصمة إنما وقعت بالمدينة، فلعل زيدًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ووقعت المنازعة بعد.
قلت: إن كان القول الأول: إن المخاصمة بينهم وقعت بعد أن وصلوا
(1) في نسخة: "بنت".
(2)
"صحيح البخاري"(4251).
(3)
"فتح الباري"(7/ 505 - 506).
(4)
"المستدرك"(3/ 120)، و"مسند أحمد"(1/ 115).
فَخَرَجَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ حَدِيثًا، قَالَ:"وَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَأَقْضِي بِهَا لِجَعْفَرٍ، تكون مَعَ خَالَتِهَا، وإنَّمَا الْخَالَةُ أُمٌّ"(1). [حم 1/ 115، ك 3/ 120]
2279 -
حَدَّثَنَا محمدُ بْنُ عِيسَى، نَا سُفْيَانُ، عن أَبِي فَرْوَةَ، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْن أَبِي لَيْلَى، بِهَذَا الْخَبَرِ، وَلَيْسَ بِتَمَامِهِ، قَالَ: وَقَضَى بِهَا لِجَعْفَرٍ، لأنَّ خَالَتَهَا عِنْدَهُ. [انظر سابقه]
===
إلى مر الظهران، صحيحًا ومحفوظًا، فلا مخالفة بين القولين؛ فإنه يمكن أن تكون المنازعة وقعت في مر الظهران أولًا بعد أن أخذها علي، وأوصلها إلى فاطمة، وهي في هودجها، وقال لفاطمة: أمسِكيها عندك، ولكن لم تبلغ هذه المنازعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كَلَّمه زيد بن حارثة قبل أن يصل إلى المدينة، ثم وقع المنازعة بعد ما دخلوا في المدينة، فعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، وعند ذلك قضى فيها.
(فخرج النبي صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة. قال الحافظ: زاد في رواية ابن سعد: "اختصم فيها علي وزيد وجعفر، حتى ارتفعت أصواتهم، وأيقظوا النبي صلى الله عليه وسلم من نومه".
(فذكر) أي علي، أو راوٍ آخر (حديثًا، قال) أي علي أو الراوي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وأما الجارية فأقضي بها لجعفر، تكون) أي الجارية (مع خالتها، وإنما الخالة أم).
2279 -
(حدثنا محمد بن عيسى، نا سفيان، عن أبي فروة؛ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) أي عن علي (بهذا الخبر) أي الحديث المتقدم عن علي (وليس بتمامه) أي ليس هذا الحديث تامًا مثل تمام الخبر المتقدم (قال) أي الراوي: (وقضى بها) أي بابنة حمزة (لجعفر، لأن خالتها عنده).
(1) في نسخة: "الأم".
2280 -
حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مُوسَى، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَهُمْ، عن إِسْرَائِيلَ، عن أَبِي إِسْحَاقَ، عن هَانِئٍ (1) وَهُبَيْرَةَ (2)، عن عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا خَرَجْنَا مِنْ مَكَّةَ تَبِعَتْنَا بِنْتُ حَمْزَةَ تُنَادِي: يَا عَمِّ يَا عَمِّ. فَتَنَاوَلَهَا عَلِيٌّ، فَأَخَذَ بِيَدِهَا
===
2280 -
(حدثنا عباد بن موسى، أن إسماعيل بن جعفر حدثهم، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هانئ) بن هانئ الهمداني الكوفي، روى عن علي بن أبي طالب، وعنه أبو إسحاق السبيعي وحده، قال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات"، قال ابن سعد: كان يتشيع، وقال ابن المديني: مجهول، وقال حرملة عن الشافعي: هانئ بن هانئ لا يعرف، وأهل العلم بالحديث لا يثبتون حديثه لجهالة حاله.
(وهبيرة) مصغرًا، ابن يريم وزن عظيم، الشيباني، ويقال: الخارفي، أبو حارث الكوفي، قال الأثرم عن أحمد: لا بأس بحديثه، هو أحسن استقامة من غيره، يعني الذين تفرد أبو إسحاق بالرواية عنهم، وقال عبد الله بن أحمد: هبيرة أحب إلينا من الحارث، وقال النسائي: ليس بالقوي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال يحيى بن معين: هو مجهول، وقال ابن خراش: ضعيف.
(عن علي قال: لما خرجنا من مكة تبعتنا بنت حمزة تنادي: يا عم يا عم)، قال الحافظ (3): كأنها خاطبت النبي صلى الله عليه وسلم بذلك إجلالًا له، وإلَّا فهو ابن عمها، أو بالنسبة إلى كون حمزة، وإن كان عمه من النسب، فهو أخوه من الرضاعة، وقد أقرها عليٌّ بذلك بقوله لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم:"دونك ابنة عمك".
(فتناولها علي، فأخذ بيدها)، وهذا بظاهره يخالف ما تقدم في الحديث المار "أن زيد بن حارثة خرج إلى مكة، فقدم بابنة حمزة"، وهذا الحديث يدل [على] أن ابنة حمزة تبعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجوا من مكة تنادي: يا عم يا عم.
(1) زاد في نسخة: "بن هانئ".
(2)
زاد في نسخة: "بن يَرِيم".
(3)
"فتح الباري"(7/ 505).
وَقَالَ: دُونَكِ بِنْتَ عَمِّكِ، فَحَمَلَتْهَا، فَقَصَّ الْخَبَرَ، قَالَ: وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ (1) عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي، فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِخَالَتِهَا، وَقَالَ:"الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ". [حم 1/ 98 - 99]
===
ووجه الجمع بين القصتين أن يقال: إن أول من أخرجها من مكة هو زيد بن حارثة كما تدل عليه الرواية المتقدمة، ويدل عليه ما حكى الحافظ (2) عن مغازي سليمان التيمي:"أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع إلى أهله وجد بنت حمزة، فقال لها: ما أخرجك؟ قالت: رجل من أهلك، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بإخراجها، ثم لما وصلت إلى موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تطوف في الرجال، فرأت رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبعته تنادي: يا عم يا عم؛ فأخذها علي وأركبها في هودج فاطمة، وقال لها: أمسكيها عندك".
يدل عليه ما قال الحافظ: قال: وعند ابن سعد من مرسل محمد بن علي بن الحسين الباقر بإسناد صحيح إليه: "بينما بنت حمزة تطوف في الرجال، إذ (3) أخذ علي بيدها، فألقاها إلى فاطمة في هودجها".
(وقال) أي علي لفاطمة: (دونك) أي خذي (بنت عمك) لأن حمزة عمها من الرضاعة، فإنه أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم رضاعًا (فحملتها) أي فاطمةُ بنتَ حمزة.
(فقص) أي أبو إسحاق (الخبر) أي الحديث (قال) أي أبو إسحاق بسنده: (وقال جعفر: ابنة عمي) أي هي (وخالتها تحتي) أي في نكاحي (فقضى بها) أي بابنة حمزة (النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها) أي واسطة زوجها جعفر (وقال: الخالة بمنزلة الأم)(4).
(1) في نسخة: "بنت".
(2)
"فتح الباري"(7/ 506).
(3)
في الأصل: "إذا"، وهو تحريف.
(4)
استدل بهذ الحديث الإِمام أحمد على أن حق الحضانة لا يزال عن الجارية للتزوج بخلاف الغلام، كما تقدم مفصلًا (ص 452 - 453). (ش).