الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاعتقله واعتقل عشيرة من بني دولين ومن بني ونكاسن، وقتل الحسن بن دولين منهم، ثم عفا عنهم. وخرج منتصف شعبان إلى منازلة السكسيوي وتدويخ جهات مراكش، فتلقّاه السكسيوي بطاعته المعروفة. وأسنى الهديّة فتقبّل طاعته وخدمته.
ثم سرّح قائده يعقوب بن آصناد في اتباع زكنة حتى توغّل في بلاد السوس ففرّوا أمامه إلى الرمال. وانقطع أثرهم ورجع إلى معسكر السلطان. وانكفأ السلطان بعساكره إلى مراكش، فاحتل بها غرّة رمضان. ثم قفل إلى فاس بعد أن قتل جماعة من شيوخ بني ورا. وجعل طريقه في بلاد صنهاجة، وسار في بلاد تامسنا، وتلقّاه عرب جشم من قبائل الخلط وسفيان وبني جابر والعاصم، فاستصحبهم إلى آنفى وتقبّض على ستين من أشياخهم، فاستلحم منهم عشرين ممن نمي عنهم إفساد السابلة. ودخل رباط الفتح أخريات رمضان فقتل هنالك من الأعراب أمّة ممن يؤثر عنه الحرابة. ثم ارتحل منتصف شوّال الغز ورياح أهل آزغار والهبط. واثار بالإحن القديمة، فأثخن فيهم بالقتل والسبي وقفل إلى فاس، فاحتلّ بها منتصف ذي القعدة. وفجأه الخبر بهزيمة عبد الحق بن عثمان، واستلحام الروم من عساكره، ومهلك عبد الواحد الفودودي من رجالات دولته. وأن عثمان بن أبي العلاء قد استفحل أمره بجهات غمارة، فأجمع لغزوه، والله أعلم
(الخبر عن غزاة السلطان لمدافعة عثمان بن أبي العلاء ببلاد الهبط ومهلكه بطنجة بعد ظهوره)
لما ملك الرئيس أبو سعيد فرج بن إسماعيل بن يوسف بن نصر سبتة سنة خمس وسبعمائة، وأقام بها الدعوة لابن عمّه المخلوع محمد بن محمد الفقيه ابن محمد الشيخ ابن يوسف بن نصر كما ذكرناه، وأجاز معه رئيس الغزاة المجاهدين بمحل إمارته من مالقة عثمان بن أبي العلاء إدريس بن عبد الله بن عبد الحق من أعياص هذا البيت، كان مرشّحا للملك فيهم. واستقدمه معه ليفرّق به الكلمة في المغرب بفتنة الدولة مدافعة عن سبتة لما كان هاج السلطان قومه فأخذها [1] واستقام ملكها. وطمع
[1] وفي نسخة بولاق المصرية: لما كانوا اهاجوا السلطان وقدمه بأخذها.
عثمان في ملك المغرب بامدادهم ومظاهرتهم، وسوّلت له نفسه ذلك، فخرج من سبتة وولّى على جيش الغزاة بعده عمر ابن عمّه رحّو بن عبد الله. ونجم هو ببلاد غمارة، فدعا لنفسه وإجابته القبائل منهم. واحتلّ بحصن علودان من أمنع معاقلهم، وبايعوه على الموت. ثم نهض إلى أصيلا والعريش فغلب عليها. واتصل ذلك كلّه بالسلطان الهالك أبي يعقوب فلم يحركه استهانة بأمرهم. وبعث ابنه أبا سالم بالعساكر، فنازل سبتة أياما. ثم أقلع عنها. وبعث بعده أخاه يعيش بن يعقوب وأنزله طنجة، وجمّر معه الكتائب وجعلها ثغرا. وزحف إليه عثمان بن أبي العلاء فتأخّر عن طنجة إلى القصر. ثم اتبعه فخرج إليه أهل القصر فرسانا ورجالا ورماة مع يعيش، فوصلوا إلى وادي وراء، ثم انهزموا إلى البلد. ومات عمر بن ياسين، ونزل عثمان عليهم القصر يوما، ثم دخله من غده. ثم كان مهلك السلطان، وفرّ يعيش بن يعقوب خيفة من أبي ثابت، فلحق بعثمان بن أبي العلاء واستقام أمره بتلك الجهات برهة. وكان السلطان أبو ثابت لمّا احتل بالمغرب شغله ما كان من انتزاء يوسف بن أبي عياد بمراكش كما قدّمناه، فعقد على حرب عثمان بن أبي العلاء مكان عمّه يعيش بن يعقوب لعبد الحق بن عثمان بن محمد بن عبد الحق من رجال بيته، فزحف إليه. ونهض عثمان إلى لقائه منتصف ذي الحجّة سنة سبع وسبعمائة فهزمه واستلحم من كان معه من جند الروم. وهلك في تلك الوقعة عبد الواحد الفودودي من رجالات السلطان المرشّحين ردفاء الوزارة. وسار عثمان إلى قصر كتامة فنزله، واستولى على جهاته. وعلى تفيئة ذلك كان رجوع السلطان من غزاة مراكش وقد حسم الداء ومحا أثر النفاق، فاعتزم على الحركة إلى بلاد غمارة يمحو منها أثر دعوة ابن أبي العلاء التي كادت تلج عليه ممالكه بالمغرب، ويردّه على عقبه ويستخلص سبتة من يد ابن الأحمر لما صارت ركابا لمن يروم الانتزاء والخروج من القرابة والأعياص المستنفرين وراء البحر غزاة في سبيل الله، فنهض من فاس منتصف ذي الحجة من سنة سبع وسبعمائة ولما انتهى إلى قصر كتامة تلوم به ثلاثا حتى توافت عساكره وحشوده، وكمل اعتراضها وفرّ عثمان بن أبي العلاء أمامه، وارتحل السلطان في اتباعه فنازل حصن علودان واقتحمه عنوة. واستلحم به زهاء أربعمائة.
ثم نازل بلد الدمنة، واقتحمها وأثخن فيها قتلا وسبيا لتمسّكهم بطاعة ابن أبي العلاء ومظاهرتهم له. ثم كبس القصر واستباحة. ثم ارتحل إلى طنجة واحتلّ بها غرّة ثمان