الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذلك سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة، فانطلق إلى دار ملكه ورجع بعدها إلى ولاية الملوك الذين حوله من البربر. وأسجل لابن نوح هذا على عملي أركش ومورور فيمن أسجل له منهم، فصاروا إلى مخالصته إلى أن استدعاهم سنة خمس وأربعين وثلاثمائة بعدها إلى صنع ودعا إليه الجفلى من أهل أعماله، واختصّه بدخول حمام أعدّه لهم استبلاغا في تكريمهم. وتخلّف ابن نوح عنده من بينهم، فلما حصلوا داخل الحمام أطبقه عليهم، وسدّ المنافس للهوى دونهم إلى أن هلكوا. ونجا منهم ابن نوح لسالفة يده، وطيّر في الحين من تسلّم معاقلهم وحصونهم، فانتظمهم في أعماله. وكان منها رندة [1] وشريش وسائر أعمالها، وهلك من بعد ذلك الحاجب أبو مناد بن نوح سنة [2] ، وولي ابنه أبو عبد الله، ولم يزل المعتضد يضايقه إلى أن انخلع سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، فانتظمها في أعماله وسار إليه محمد بن أبي مناد إلى أن هلك سنة ثمان وستين وانقرض ملك بني نوح والبقاء للَّه وحده سبحانه.
أبو عبد الله بن الحاجب أبي مناد بن نوح الدمّري.
(الخبر عن بني برزال إحدى بطون دمر وما كان لهم من الحال بقرمونة وأعمالها من الأندلس أيام الطوائف وأولية ذلك ومصائره)
قد تقدّم لنا أنّ بني برزال هؤلاء من ولد ورنيدين [3] بن وانتن بن وارديرن بن دمّر، كما ذكره ابن حزم، وأنّ إخوتهم بنو يصدرين وبنو صمغان [4] وبنو يطوفت. وكان بنو برزال هؤلاء بإفريقية، وكانت مواطنهم منها جبل سالات وما إليها من أعمال المسيلة. وكان لهم ظهور ووفور عدد، وكانوا نكارية من فرق الخوارج. ولما فرّ أبو زيد أمام إسماعيل المنصور، وبلغه أنّ محمد بن خزر يترصّد له، أجمع الاعتصام بسالات وصعد إليه، وأرهقته عساكر المنصور فانتقل عنه إلى كتامة. وكان من أمره
[1] وفي نسخة أخرى: وفدة.
[2]
بياض في الأصل ولم نستطع تحديد سنة مهلكه في المراجع التي بين أيدينا.
[3]
وفي نسخة ثانية: ورنيد.
[4]
وفي نسخة ثانية: بنو صغمار.
ما قدّمناه. ثم استقام بنو برزال على طاعة الشيعة وموالاة جعفر بن علي بن حمدون صاحب المسيلة والزاب، حتى صاروا له شيعا.
(ولما انتقض) جعفر بن معد سنة ستين وثلاثمائة كان بنو برزال هؤلاء في جملته من أهل خصوصيته، فأجازوا معه البحر إلى الأندلس أيام الحكم المستنصر، فاستخدمهم ونظمهم في طبقات جنده إلى من كان به من قبائل زناتة وسائر البربر أيام أخذهم بالدعوة الأموية، ومحاربتهم عليها للادارسة، فاستقروا جميعا بالأندلس.
وكان لبني برزال من بينهم ظهور وغنى مشهور.
(ولما أراد) المنصور بن أبي عامر الاستبداد على خليفته هشام، وتوقع النكير من رجالات الدولة وموالي الحكم، استكثر بني برزال وغيرهم من البربر وأفاض فيهم الإحسان، فاعتز أمره واشتدّ أزره حتى أسقط رجال الدولة ومحى رسومها، وأثبت أركان سلطانه. ثم قتل صاحبهم جعفر بن يحيى كما ذكرناه خشية عصبيته بهم.
واستمالهم من بعده فأصبحوا له عصبة. وكان يستعملهم في الولايات النبيهة والأعمال الرفيعة. وكان من أعيان بني برزال هؤلاء إسحاق بن [1] فولّاه قرمونة وأعمالها، فلم يزل عليها أيام بني عامر وجدّد له العقد عليها المستعين في فتنة البرابرة ووليها من بعده ابنه عبد الله.
(ولما انقرض) ملك بني حمّود من قرطبة ودفع أهلها القاسم المأمون عنهم سنة أربع عشرة وأربعمائة أراد اللحاق بأشبيليّة، وبها نائبة محمد بن أبي زيري من وجوه البربر، بقرمونة عبد الله بن إسحاق البرزالي فداخلهما القاضي ابن عبّاد في خلع طاعة القاسم، وصدّه عن العملين فأجابا إلى ذلك. ثم دسّ للقاسم بالتحذير من عبد الله ابن إسحاق فعدل القاسم عنهما جميعا إلى شريش، واستبدّ كل منهم بعمله. ثم هلك عبد الله من بعد ذلك، وولي ابنه محمد سنة [2] وكانت بينه وبين المعتمد بن عبّاد حرب، وظاهر عليه يحيى بن علي بن حمود في منازلة إشبيليّة سنة ثمان عشرة وأربعمائة ثم اتفق مع ابن عبّاد بعدها وظاهره على عبد الله الأفطس. وكانت بينهما حرب كانت الدائرة فيها على ابن الأفطس. وحصل ابنه المظفّر قائد العسكر في قبضة محمد بن عبد الله بن إسحاق إلى أن من عليه ذلك وأطلقه. ثم كانت الفتنة بين محمد
[1] بياض بالأصل ولم نستطع معرفة والد إسحاق هذا في المراجع التي بين أيدينا.
[2]
بياض بالأصل ولم نستطع معرفة سنة ولايته في المراجع التي بين أيدينا.