الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملكه كما ذكرناه في أخبارهم. ولم نقف من لقوط بن يوسف وقومه على غير هذا الّذي كتبناه، والله وليّ العون سبحانه.
الخبر عن بني سنجاس وريغة والاغواط وبني ورّا من قبائل مغراوة من أهل الطبقة الاولى وتصاريف أحوالهم
هذه البطون الأربعة من بطون مغراوة وقد زعم بعض الناس أنهم من بطون زناتة غير مغراوة. أخبرني بذلك الثقة عن إبراهيم بن عبد الله التمر وغني [1] قال وهو نسّابه زناتة لعهده: ولم تزل هذه البطون الأربعة من أوسع بطون مغراوة. (فأمّا) بنو سنجاس فلهم مواطن في كل عمل من إفريقية والمغربين، فمنهم قبلة المغرب الأوسط بحبل راشد وجبل كريكرة [2] وبعمل الزاب وبعمل شلف، ومن بطونهم بنو عيار [3] ببلاد شلف أيضا، وبنو عيار بأعمال قسنطينة. وكان بنو سنجاس هؤلاء من أوسع القبائل وأكثرهم عددا، وكان لهم في فتنة زناتة وصنهاجة آثار بإفريقية والمغرب، وأكثرها في إفساد السبيل والعيث في المدن، ونازلوا قفصة سنة أربع عشرة وخمسمائة بعد أن عاثوا بجهات القصر، وقتلوا من وجدوا هنالك من عسكر تلكاتة [4] . وخرجت إليهم حامية قفصة فأثخنوا فيهم، ثم كثر فسادهم، وسرّح السلطان قائده محمد بن أبي العرب في العساكر إلى بلاد الجريد فشرّدهم عنها وأصلح السابلة. ثم عادوا إلى مثلها سنة خمس عشرة وخمسمائة فأوقع بهم قائد بلاد الجريد وأثخن فيهم بالقتل، وحمل رءوسهم إلى القيروان فعظم الفتح فيهم، ولم تزل الدولة تتبعهم بالقتل والإثخان إلى أن كسروا [5] من شوكتهم.
وجاء العرب الهلاليون وغلبوا على الضواحي كل من كان بها من صنهاجة وزناتة، وتحيّز فلهم إلى الحصون والمعاقل، وضربت عليهم المغارم إلّا ما كان ببلاد المغرب
[1] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: التيمز وغتي.
[2]
وفي النسخة الباريسية: كركرة.
[3]
كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: غيار وفي نسخة ثانية عنّان.
[4]
وفي نسخة ثانية: ملكاتة.
[5]
وفي نسخة ثانية: خضدوا.
القفر مثل جبل راشد، فإنّهم لبعدهم عن منازل الملك لا يعطون مغرما، إلا أنه غلب عليهم هنالك العمور من بطون الهلاليّين، ونزلوا معهم. وملكوا عليهم أمرهم وصاروا لهم فيئه ومن بني سنجاس من نزل الزاب، وهم لهذا العهد أهل مغارم لمن غلب على ثغورهم من مشايخهم، وأمّا من نزل منهم ببلاد شلف ونواحي قسنطينة فهم لهذا العهد أهل مغارم للدول، وكان دينهم جميعا الخارجية على سنن زناتة في الطبقة الأولى، ومن بقي منهم اليوم بالزاب فعلى ذلك. ومن بني سنجاس هؤلاء بأرض المشيل [1] من جبل بني راشد وطنوا جبلا في جوار غمرة وصاروا عند تغلب الهلاليين في ملكهم يقبضون الإتاوة منهم. ونزل منهم لهذا العهد الصحاري من بطون عروة من زغبة، وغلبوهم على أمرهم وأصاروهم خولا.
(وأما بنو ريغة) فكانوا أحياء متعدّدة ولما افترق أمر زناتة تحيّز منهم إلى جبل عيّاض وما إليه من البسيط إلى نقاوس وأقاموا في قياطينهم، فمن كان بجبل عيّاض منهم أهل مغارم لأمراء عياض يقبضونها للدولة الغالبة ببجاية، وأمّا من كان ببسيط نقاوس فهم في أقطاع العرب لهذا العهد. ونزل أيضا الكثير منهم ما بين قصور الزاب وواركلا، فاختطوا قصورا [2] كثيرة في عدوة واد ينحدر من المغرب الى المشرق يشتمل على المصر الكبير والقرية المتوسطة، والأطم قد زفّ عليها الشجر ونضدت حفافيها النخيل، وانساحت خلالها المياه، وزهت ينابعها الصحراء، وكثر في قصورها العمران من ريغه هؤلاء، وبهم تعرف لهذا العهد، وهم أكثرها. ومن بني سنجاس وبني يفرن وغيرهم من قبائل زناتة. وتفرّقت جماعتهم للتنازع في الرئاسة فاستقلت كل طائفة منهم بقصور منها أو بواحد. ولقد كانت فيما يقال أكثر من هذا العدد أضعافا وانّ ابن غانية المسوفي حين كان يجلب على بلاد إفريقية والمغرب في فتنته مع الموحدين خرّب عمرانها، واجتثّ شجرها، وغوّر مياهها، ويشهد لذلك آثار العمران بها في أطلال الديار ورسوم البناء وأعجاز النخل المنقعر، وكان هذا العمل يرجع في أوّل الدولة الحفصيّة لعامل الزاب، وكان من الموحّدين، ونزل بسكرة ما بينها وبين مغرة، وكان من أعماله قصور واركلا أيضا. ولما فتك المنتصر بمشيخة الزواودة كما قلناه في أخباره، وقتلوا بعد ذلك عامل الزاب ابن عتوا من مشيخة
[1] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: المشنتل.
[2]
وفي نسخة ثانية: قرى.
الموحدين، وغلبوا على ضواحي الزاب وواركلا. وأقطعتهم إيّاها الدول بعد ذلك فصارت في أقطاعهم. ثم عقد صاحب بجاية بعد ذلك على العمل كلّه لمنصور بن مزني واستقرّ في عقبه. فربما يسيمون بعض الأحيان أهل تلك القصور المغرم للسلطان بما كان من الأمر القديم، ويعسكر عليهم في ذلك كتائب من رجّالة الزاب وخيّالة العرب، ويبرز عليها بأمر الزواودة. ثم يقاسمهم فيما يمتريه منهم. وأكبر هذه الأمصار يسمّى تقّرت، مصر مستبحر العمران بدويّ الأحوال، كثير المياه والنخل، ورياسته في بني يوسف بن عبد الله كانت لعبيد الله بن يوسف، ثم لابنه داود، ثم لأخيه يوسف بن عبيد الله. وتغلّب على واركلا من يد أبي بكر بن موسى أزمان حداثته، وأضافها إلى عمله. ثم هلك وصار أمر تقّرت لأخيه مسعود بن عبيد الله، ثم لابنه حسن بن مسعود، ثم لابنه أحمد بن حسن شيخها لهذا العهد. وبنو يوسف بن عبد الله هؤلاء من ريغة، ويقال إنّهم من سنجاس، وفي أهل تلك الأمصار من مذاهب الخوارج وفرقهم كثير، وأكثرهم على دين العزابية [1] ومنهم النكاريّة، وأقاموا على انتحال هذه الخارجية لبعدهم عن منال الأحكام. ثم بعد مدينة تقّرت بلد تماسين وهي دونها في العمران والخطة ورياسته لبني إبراهيم بن [2] من ريغة وسائر أمصارهم كذلك، كل مصر منها مستبد بأمره وحرب لجاره.
(وأما لقواط) وهم فخذ من مغراوة أيضا فهم في نواحي الصحراء ما بين الزاب وجبل راشد، ولهم هنالك قصر مشهور بهم، فيه فريق من أعقابهم على سغب من العيش لتوغّله في القفر، وهم مشهورون بالنجدة والامتناع من العرب، وبينهم وبين الدوسن أقصى عمل الزاب مرحلتان، وتختلف قصودهم إليهم لتحصيل المرافق منهم. والله يخلق ما يشاء ويختار.
وأمّا بنو ورا) فهم فخذ من مغراوة أيضا، ويقال من زناتة وهم متشعّبون ومفترقون بنواحي المغرب: منهم بناحية مراكش والسوس ومنهم ببلاد شلف ومنهم بناحية قسنطينة ولم يزالوا على حالهم منذ انقراض زناتة الأوّلين، وهم لهذا العهد أهل مغارم وعسكرة مع الدول، وأكثر الذين كانوا بمراكش قد انتقل رؤساؤهم إلى ناحية شلف نقلهم يوسف بن يعقوب سلطان بني مرين في أوّل هذه المائة الثامنة، لما
[1] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: الغرابة وفي نسخة ثانية: القرابة.
[2]
بياض بالأصل ولم نستطع معرفة اسم والده في المراجع التي بين أيدينا.