الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاركم ضيفكم نزيل حماكم
…
لا يضيع الكريم يوما نزيله
جدّدوا عنده رسوم رضاكم
…
فرسوم الكرام غير محيلة
داركوه برحمة فلقد أمست
…
عقود اصطباره محلولة
وانحلوه جبرا فليس يرجّي
…
غير إحسانكم لهذي النّحيلة
يا حميد الآثار في الدهر يا
…
ألطنبغا يا روض العلا ومقيله
كيف بالخانقاه ينقل عنّي
…
لا لذنب أو جنحة منقولة
بل تقلّدتها شغورا بمرسوم
…
شريف وخلعة مسدولة
ولقد كنت آملا لسواها
…
وسواها بوعده ان ينيله
وتوثّقت للزّمان علييها
…
بعقود ما خلتها محلولة
أبلغن قصّتي فمثلك من يقصد
…
فعل الحسنى بمن ينتمي له
واغنموا من مثوبتي ودعائي
…
قربة عند ربكم مقبولة
وفي التّعريض بسفره إلى الشام:
واصحب العزّ ظافرا بالأماني
…
واترك العصبة العدا مفلولة
واعتمل في سعادة الملك الظّاهر
…
أن تمحو الأذى وتزيله
وتعيد الدّنيا لأحسن شمل
…
حين تضحي بسعده مشمولة
واطلب النّصر من سعادته يصحبك
…
دأبا في الظعن والحيلولة
وارتقب ما يحلّه بالأعادي
…
في جمادى أو زد عليه قليله
وخذوه فألا بحسن قبول
…
صدّق الله في الزمان مقولة
فلقد كان يحسن الفال عند
…
المصطفى دائما ويرضى جميلة
(السعاية في المهاداة والإتحاف بين ملوك المغرب والملك الظاهر)
كثيرا ما يتعاهد الملوك المتجاورون بعضهم بعضا بالاتحاف بطرف أوطانهم،
للمواصلة والإعانة متى دعا إليها داع. وكان صلاح الدين بن أيوب هادي يعقوب المنصور ملك المغرب من بني عبد المؤمن، واستجاش به بأسطوله في قطع مدد الفرنج عن سواحل الشّام حين كان معنيّا بإرجاعهم عنها، وبعث في ذلك رسوله عبد الكريم بن منقذ [1] من أمراء شيزر [2] ، فأكرم المنصور رسوله، وقعد عن إجابته في الأسطول لما كان في الكتاب إليه [3] من العدول عن تخطيطه [4] بأمير المؤمنين، فوجدها غصّة في صدره منعته من إجابته إلى سؤاله، وكان المانع لصلاح الدّين من ذلك كاتبه الفاضل عبد الرحيم البيساني [5] بما كان يشاوره في أموره، وكان مقيما لدعوة الخليفة العبّاسي بمصر، فرأى الفاضل أن الخلافة لا تنعقد لاثنين في الملّة كما هو المشهور، وإن اعتمد أهل المغرب سوى ذلك، لما يرون أن، الخلافة ليست لقبا فقط، وإنما هي لصاحب العصبية القائم عليها بالشدّة والحماية، والخلاف في ذلك معروف بين أهل الحقّ. فلما انقرضت دولة الموحّدين، وجاءت دولة بني مرين من بعدهم، وصار كبراؤهم ورؤساؤهم يتعاهدون قضاء فرضهم لهذه البلاد الشرقيّة، فيتعاهدهم ملوكها بالإحسان إليهم، وتسهيل طريقهم، فحسن في مكارم الأخلاق انتحال البرّ والمواصلة، بالاتحاف والاستطراف والمكافأة في ذلك بالهمم الملوكية، فسنّت لذلك طرائق وأخبار مشهورة، من حقّها أن تذكر، وكان يوسف ابن يعقوب بن عبد الحقّ ثالث ملوك بني مرين، أهدى لصاحب مصر عام سبعمائة [6] ، وهو يومئذ النّاصر بن محمد بن قلاون، هدية ضخمة، أصحبها كريمة
[1] هكذا سماه ابن خلدون هنا، وفي «المقدمة» ، وفي «وفيات ابن خلكان» (2/ 433) ، والروضتين لأبي شامة 1/ 173، والاستقصاء 1/ 174، ان اسمه عبد الرحمن.
وهو شمس الدين ابو الحرث (وكناه في الروضتين أبا الحزم) ، عبد الرحمن بن نجم الدولة أبي عبد الله محمد بن مرشد، المتوفى سنة 600 بالقاهرة، والمولود بشيزر سنة 523.
[2]
قرية قرب المعرة بينها وبين حماة، فتحت سنة 17 هجرية، ومنها الأمراء من بني منقذ، وأول من ملكها منهم من يد الروم علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني، وذلك في سنة 474 (معجم البلدان) ، وفيات 1/ 464، تاريخ أبي الفداء 2/ 352 (سنة 502) . وانظر أخبار بني منقذ في تاريخ أبي الفداء أيضا 3/ 32 وما بعدها.
[3]
جاء في الروضتين (2/ 170- 175) نص الرسالة التي كتبها القاضي الفاضل إلى المنصور الموحدي، ونص رسالة أخرى مضمونها تكليف الأمير ابن منقذ هذا بالسفارة الى الموحدين.
[4]
تحليته.
[5]
عبد الرحيم بن الأشرف بهاء الدين
…
العسقلاني، ثم المصري المعروف بالقاضي الفاضل مجير الدين (529- 596) . وفيات 1/ 357 وما بعدها.
[6]
انظر العبر المجلد الخامس، والاستقصاء 2/ 40- 41، حيث تجد تفصيل الحديث عن هذه الهدية.
من كرائم داره، احتفل فيها ما شاء من أنواع الطّرف، وأصناف الذّخائر، وخصوصا الخيل والبغال.
أخبرني الفقيه ابو إسحاق الحسناوي، كاتب الموحّدين بتونس، أنه عاين تلك الهدية عند مرورها بتونس، قال: وعددت من صنف البغال الفارهة فيها أربعمائة، وسكت عما سوى ذلك. وكان مع هذه الهدية من فقهاء المغرب، أبو الحسن التّنسيّ كبير أهل الفتيا بتلمسان. ثم كافأ النّاصر عن هذه الهدية بأعلى منها وأحفل [1] مع أميرين من أمراء دولته، أدركا يوسف بن يعقوب وهو يحاصر تلمسان، فبعثهما إلى مرّاكش للنّزاهة [2] في محاسنها، وأدركه الموت في مغيبهما، ورجعا من مرّاكش، فجهّزهما حافده أبو ثابت المالك بعده، وشيّعهما الى مصر، فاعترضتهما قبائل حصين ونهبوهما [3] ، ودخلا بجاية، ثم مضيا إلى تونس، ووصلا من هنالك إلى مصر.
ولمّا ملك السلطان أبو الحسن تلمسان، اقترحت عليه جارية أبيه أبي سعيد، وكانت لها عليه تربية، فأرادت الحجّ في أيامه وبعنايته، فأذن لها في ذلك، وبعث في خدمتها وليّه عريف بن يحيى من أمراء سويد، وجماعة من أمرائه وبطانته، واستصحبوا هدية منه للملك الناصر احتفل فيها ما شاء. وانتقى من الخيل العتاق، والمطايا الفرة وقماش الحرير والكتّان، والصوف ومدبوغ الجلود الناعمة، والأواني المتخذة من النحاس والفخّار المخصوص كلّ مصر من المغرب بأصناف من صنائعها، متشابهة الأشكال والأنواع، حتى لقد زعموا أنه كان فيها مكيلة من اللآلئ والفصوص، وكان ذلك وقر خمس مائة بعير، وكانت عتاق الخيل فيها خمس مائة فرس، بالسروج الذّهبية المرصّعة بالجواهر، واللجم المذهبة، والسّيوف المحلّاة بالذهب واللآلئ، كانت قيمة المركب الأول منها عشرة آلاف دينار،
[1] جاء في الاستقصاء: 2/ 41: «
…
وأما الملك الناصر، فإنه كافأ السلطان يوسف على هديته، بأن جمع من طرف بلاد المشرق ما يستغرب جنسه وشكله، من الثياب والحيوانات، ونحو ذلك، مثل الفيل والزرافة ونحوهما، وأوفد به مع عظماء دولته سنة 705» .
[2]
استعمال النزاهة، والنزهة بهذا المعنى مختلف فيه بين اللغويين. وانظر تاج العروس «نزه» ، حيث تجد أقوالهم.
[3]
وتدرّجت على الولاء إلى آخر الخمس مائة، فكانت قيمته مائة دينار. تحدّث الناس بهذه الهديّة دهرا، وعرضت بين يدي الملك النّاصر، فأشار إلى خاسكيته بانتهابها فنهبت بين يديه، وبولغ في كرامة أولئك الضّيوف، في إنزالهم وقراهم وإزوادهم إلى الحجاز وإلى بلادهم، وبقي شأن الهدية حديثا يتجاراه الناس في مجالسهم وأسمارهم، وكان ذلك عام ثمانية وثلاثين وسبعمائة. ولمّا فصل أرسال [1] ملك المغرب، وقد قضوا فرضهم، بعث الملك النّاصر معهم هديّة كفاء هديتهم، وكانت أصنافها حمل القماش من ثياب الحرير والقماش المصنوعة بالإسكندرية، تحمل كلّ عام إلى دار السلطان، قيمة ذلك الحمل خمسون ألف دينار، وخيمة من خيام السلطان المصنوعة بالشام على مثال القصور، تشتمل على بيوت للمراقد، وأواوين للجلوس والطّبخ، وأبراج للإشراف على الطرقات، وأبراج أحدها لجلوس السلطان للعرض، وفيها تمثال مسجد بمحرابه، وعمده، ومئذنته، حوائطها كلّها من خرق الكتّان الموصولة بحبك الخياطة مفصّلة على الأشكال التي يقترحها المتّخذون لها.
وكان فيها خيمة أخرى مستديرة الشكل، عالية السمك، مخروطة الرأس، رحبة الفناء، تظلّ خمس مائة فارس أو أكثر، وعشرة من عتاق الخيل بالمراكب الذهبية الصّقيلة، ولجمها كذلك، ومرّت هذه الهدية بتونس، ومعها الخدّام القائمون بنصب الأبنية، فعرضوها على السلطان بتونس. وعاينت يومئذ أصناف تلك الهدية، وتوجّهوا بها إلى سلطانهم، وبقي التعجّب منها دهرا على الألسنة. وكان ملوك تونس من الموحدين، يتعاهدون ملوك مصر بالهديّة في الأوقات.
ولما وصلت إلى مصر، واتّصلت بالملك الظاهر، وغمرني بنعمه وكرامته، كاتبت السلطان بتونس يومئذ، وأخبرته بما عند الملك الظاهر من التّشوّف إلى جياد الخيل، وخصوصا من المغرب، لما فيها [من تحمّل] الشّدّة والصّبر على المتاعب، وكان يقول لي مثل ذلك، وأنّ خيل مصر قصّرت بها الرّاحة والتّنعّم، عن الصّبر على التّعب، فحضضت السلطان بتونس على إتحاف الملك الظاهر بما ينتقيه من الجياد الرّائعة، فبعث له خمسة انتقاها من مراكبه، وحملها في البحر في السّفين الواصل بأهلي وولدي، فغرقت بمرسى الإسكندرية، ونفقت تلك الجياد، مع ما ضاع في
[1] فصل من البلد: خرج عنه. وقد استعمل ابن خلدون «إرسال» جمع رسول في أماكن متفرقة من كتاب العبر، وهذا غير جائز في مختلف كتب اللغة.
ذلك السّفين، وكلّ شيء بقدر.
ثم وصل إلينا عام ثلاثة وتسعين وسبعمائة شيخ الأعراب: المعقل بالمغرب، يوسف ابن عليّ بن غانم، كبير أولاد حسين ناجيا من سخط السلطان أبي العبّاس أحمد ابن أبي سالم، من ملوك بني مرين بفاس، يروم قضاء فرضه، ويتوسّل بذلك لرضى سلطانه، فوجد السلطان غائبا بالشام في فتنة منطاش، فعرضته لصاحب المحمل. فلمّا عاد من قضاء فرضه، وكان السلطان قد عاد من الشام، فوصلته به، وحضر بين يديه، وشكا بثّه، فكتب الظاهر فيه شفاعة لسلطان وطنه بالمغرب، وحمّله مع ذلك هديّة إليه من قماش وطيب وقسيّ، وأوصاه بانتقاء الخيل له من قطر المغرب، وانصرف، فقبل سلطانه فيه شفاعة الظّاهر، وأعاده إلى منزلته. وانتقى الخيول الرائعة لمهاداة الملك الظاهر، وأحسن في انتقاء أصناف الهدية، فعاجلته المنيّة دون ذلك، وولي ابنه أبو فارس، وبقي أياما ثمّ هلك، وولي أخوه أبو عامر، فاستكمل الهديّة، وبعثها صحبة يوسف بن علي الوارد الأول.
وكان السلطان الملك الظاهر، لما أبطأ عليه وصول الخيل من المغرب، أراد أن يبعث من أمرائه من ينتقي له ما يشاء بالشّراء، فعيّن لذلك مملوكا من مماليكه منسوبا إلى تربية الخليلي، اسمه قطلوبغا [1] ، وبعث عنّي، فحضرت بين يديه، وشاورني في ذلك فوافقته، وسألني كيف يكون طريقه، فأشرت بالكتاب في ذلك الى سلطان تونس من الموحّدين [2] ، وسلطان تلمسان من بني عبد الواد، وسلطان فاس والمغرب من بني مرين، وحمّله لكل واحد منهم هدية خفيفة من القماش والطيب والقسيّ، وانصرف عام تسعة وتسعين وسبعمائة إلى المغرب، وشيّعه كل واحد من ملوكه إلى مأمنه، وبالغ في إكرامه بما يتعيّن. ووصل إلى فاس، فوجد الهدية قد استكملت، ويوسف بن عليّ على المسير بها عن سلطانه أبي عامر من ولد السلطان أبي العباس المخاطب أوّلا. وأظلّهم عيد الأضحى بفاس، وخرجوا متوجّهين إلى مصر، وقد أفاض السّلطان من إحسانه وعطائه، على الرّسول قطلوبغا ومن في جملته بما أقرّ عيونهم، وأطلق بالشكر ألسنتهم، وملأ بالثناء ضمائرهم، ومرّوا بتلمسان، وبها
[1] هو قطلوبغا بن عبد الله المتوفى سنة 821. تولى نيابة الاسكندرية والحجابة أيام الظاهر، ونيابة الإسكندرية أيام المؤيد. قال في المنهل: وأظنه من مماليك جاركش الخليلي أمير أخور، والله اعلم.
[2]
هو أبو العباس أحمد بن محمد بن أبي بكر بن أبي حفص الموحدي.
يومئذ أبو زيّان، ابن السلطان أبي حمّو من آل يغمراسن بن زيّان، فبعث معهم هدية أخرى من الجياد بمراكبها، وكان يحوك الشّعر، فامتدح الملك الظاهر بقصيدة بعثها مع هديته، ونصّها من أولها الى آخرها:
لمن الرّكائب سيرهن دميل [1]
…
والصّبر- إلّا بعدهن- جميل
يا أيها الحادي رويدك [2] إنّها
…
ظعن [3] يميل القلب حيث تميل
رفقا بمن حملته فوق ظهورها
…
فالحسن فوق ظهورها محمول
للَّه آية أنجم: شفّافة
…
تنجاب عنها للظلام سدول
شهب بآفاق الصدور طلوعها
…
ولها بأستار الجدول أفول
في الهودج المزرور منها غادة
…
تزع الدجى بجبينها فيحول
فكأنها قمر على غصن على
…
متني كثيب والكثيب مهيل
ثارت مطايا فثار بي الهوى
…
واعتاد قلبي زفرة وغليل
أومت لتوديعي فغالب عبرتي
…
نظر تخالسه العيون كليل
دمع أغيّض منه خوف رقيبها
…
طورا ويغلبني الأسى فيسيل
ويح المحبّ وشت به عبراته
…
فكأنّها قال عليه وقيل
صان الهوى وجفونه يوم النّوى
…
لمصون جوهر دمعهنّ تذيل
وتهابه أسد السّرى في خيسها [4]
…
ويروعه ظبي الحمى المكحول
تأبى النفوس الضّيم إلّا في الهوى
…
فالحرّ عبد والعزيز ذليل
يا بانة الوادي ويا أهل الحمى
…
هل ساعة تصغين لي فأقول
ما لي إذا هبّ النسيم من الحمى
…
أرتاح شوقا للحمى وأميل
خلّوا الصّبا يخلص إليّ نسيمها
…
إن الصّبا لصبابتي تعليل
ما لي أحلّا عن ورود محلّه
…
وأذاد عنه وورده منهول [5]
[1] الذميل: ضرب من سير الإبل فوق التزيد.
[2]
رويدك: اسم فعل بمعنى أمهل.
[3]
جمع ظعينة، وهي المرأة تكون في الهودج، والهودج نفسه.
[4]
الخيس: موضع الأسد.
[5]
حلأ الإبل عن ورود الماء: منعها، وذادها.
والباب ليس بمرتج [1] عن مرتج [2]
…
والظنّ في المولى الجميل جميل
من لي بزورة روضة الهادي الّذي
…
ما مثله في المرسلين رسول
هو أحمد ومحمد والمصطفى
…
والمجتبى وله انتهى التفضيل
يا خير من أهدى الهدى وأجلّ من
…
أثنى عليه الوحي والتّنزيل
وحي من الرّحمن يلقيه على
…
قلب النّبي محمد جبريل
مدحتك آيات الكتاب وبشّرت
…
بقدومك التّوراة والإنجيل
صلة الصّلاة عليك تحلو في فمي
…
مهما تكرّر ذكرك المعسول
فور بعك المأهول إن بأضلعي
…
قلبا بحبّك ربعه مأهول
هل من سبيل للسّرى حتى أرى
…
خير الورى فهو المنى والسّول
حتّام تمطلني اللّيالي وعدها
…
إنّ الزّمان بوعده لبخيل
ما عاقني إلّا عظيم جرائمي
…
إن الجرائم حملهنّ ثقيل
أنا مغرم فتعطّفوا انا مذنب
…
فتحاوزوا أنا عاثر فأقيلوا
وأنا البعيد فقرّبوا والمستجير
…
فأمّنوا والمرتجى فأنيلوا
يا سائقا نحو الحجاز حمولة [3]
…
والقلب بين حمولة [4] محمول
لمحمّد بلّغ سلام سميّه
…
فذمامه بمحمد موصول
وسل الإله له اغتفار ذنوبه
…
يسمع هناك دعاؤك المقبول
وعن المليك أبي سعيد فلتنب
…
فلكم له نحو الرّسول رسول
متحمّل للَّه كسوة بيته
…
يا حبّذاك المحمل المحمول
سعد المليك أبي سعيد إنّه
…
سيف على أعدائه مسلول
ملك يحجّ المغرب الأقصى به
…
فلهم به نحو الرّسول وصول [5]
[1] باب مرتج: مغلق.
[2]
من الرجاء.
[3]
الحمولة (بالفتح) : ما يحمل عليه الناس من الدواب.
[4]
الحمول جمع حمل، وهو ما حمل على ظهر الدابة.
[5]
كانت العناية التي يلقاها الحجاج المغاربة من ملوك مصر، مما يقدره ملوك المغرب التقدير الجميل، وكان مما يقلقهم ان يتعرض وفد الحجاج المغاربة للمتاعب في سفره. صبح الأعشى 9/ 250.
ملك به نام الأنام وأمّنت
…
سبل المخاف [1] فلا يخاف سبيل
فالملك ضخم والجناب مؤمّل
…
والفضل جمّ والعطاء جزيل
والصّنع أجمل والفخار مؤثّل
…
والمجد أكمل والوفاء أصيل
يا مالك البحرين بلّغت المنى
…
قد عاد مصر على العراق يصول
يا خادم الحرمين حقّ لك الهنا
…
فعليك من روح [2] الإله قبول
يا متحفي ومفاتحي برسالة
…
سلسالة يزهى بها التّرسيل
أهديتها حسناء بكرا ما لها
…
غيري، وإن كثر الرّجال، كفيل
ضاء المداد من الوداد بصحفها
…
حتى اضمحلّ عبوسه المجبول [3]
جمعت وحاملها بحضرتنا كما
…
جمعت بثينة في الهوى وجميل [4]
وتأكّدت بهديّة ودّية
…
هي للإخاء المرتضى تكميل
أطلعت فيها للقسيّ أهلّة
…
يرتدّ عنها الطّرف وهو كليل
وحسام نصر زاهيا بنضاره
…
راق العيون فرنده المعسول
ماضي الشّبا [5] لمصابه تعنو الظّبا
…
فيه تصول على العدا وتطول
وبدائع الحلل اليمانية التي
…
روّى معاطفها بمصر النّيل
فأجلت فيها ناظري فرأيتها
…
حفا يجول الحسن حيث تجول
جلّت محاسنها فأهوى نحوها
…
بفم القبول اللّثم والتّقبيل
يا مسعدي وأخي العزيز ومنجدي
…
ومن القلوب إلى هواه تميل
إن كان رسم الودّ منك مذيّلا
…
بالبرّ وهو بذيله موصول
فنظيره عندي وليس يضيره
…
بمعارض وهم ولا تخييل
ودّ «يزيد» و «ثابت» شهدا به
…
و «لخالد» بخلوده تذييل
وإليكها تنبيك صدق مودّتي
…
صحّ الدليل ووافق المدلول
فإذا بذاك المجلس السّامي سمت
…
فلديك إقبال لها وقبول
[1] المخاف: موضع الخوف.
[2]
روح الإله: رحمته.
[3]
يعني: اضمحلّ العبوس الطبيعي.
[4]
جميل بن عبد الله بن معمر العذري، وبثينة صاحبته التي عشقها منذ أيام صباه.
[5]
الشباة: حد السيف وطرفه، والجمع شبا.