الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سكنى المدن. ولما تغلّب الزواودة على ضواحي الزاب وما إليها، أقطعتهم الدولة مغارم هذه الجبال التي لغمرت. وهم لهذا العهد في سهمان أولاد يحيى بن علي بن سبّاع من بطونهم وكان في القديم من غمرت هؤلاء كاهن زناتة موسى بن صالح مشهور عندهم حتى الآن، ويتناقلون بينهم كلماته برطانتهم على طريق الرجز، فيها أخبار بالحدثان فيما يكون لهذا الجيل الزناتي من الملك والدولة، والتغلّب على الأحياء والقبائل والبلدان. شهد كثير من الواقعات على وفقها بصحتها، حتى لقد نقلوا من بعض كلماته ما معناه باللسان العربيّ أنّ تلمسان مآلها الخراب، وتصير دورها فدنا حتى يثير أرضها حرّاث أسود بثور أسود أعور. وذكر الثقات أنهم عاينوا ذلك بعد انتشار كلماته هذه أيام لحقها الخراب في دولة بني مرين الثانية سنة ستين وسبعمائة، وأفرط الخلاف بين هذا الجيل الزناتيّ في التشيع له والحمل عليه، فمنهم من يزعم أنه نبي أو وليّ، وآخرون يقولون كاهن شيطان، ولم تقفنا الأخبار الصحيحة على الجلي من أمره. والله سبحانه وتعالى أعلم لا ربّ غيره.
(الخبر عن بني واركلا من بطون زناتة والمصر المنسوب إليهم بصحراء افريقية وتصاريف أحوالهم)
بنو واركلا هؤلاء إحدى بطون زناتة كما تقدّم، من ولد فرني [1] بن جانا، وقد مرّ ذكرهم. وأنّ إخوتهم الديرت ومرنجيصة وسبرترة ونمالة [2] والمعروفون لهذا العهد، منهم بنو واركلا وكانت فئتهم قليلة، وكانت مواطنهم قبلة الزاب، واختطوا المصر المعروف بهم لهذا العهد على ثمان مراحل من بسكرة في القبلة عنها ميامنة إلى المغرب، بنوها قصورا متقابلة متقاربة الخطة. ثم استبحر عمرانها فأتلفت وصارت مصرا واحدا. وكان معهم هناك جماعة من بني زنداك من مغراوة، وإليهم كان هرب أبي زيد النكارى [3] عند فراره من الاعتقال سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، وكان مقامه بينهم سنة يختلف إلى بني برزال قبلة المسيلة بسالات، وإلى
[1] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى فريني.
[2]
كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: يزمرتن ومنجصة وغالته.
[3]
وفي نسخة ثانية: ابن أبي يزيد النكاري.
قبائل البربر بجبل أوراس، يدعوهم جميعا إلى مذهب النكارية، إلى أن ارتحل إلى أوراس، واستبحر عمران هذا المصر واعتصم به بنو واركلا هؤلاء، والكثير من ظواعن زناتة عند غلب الهلاليين إيّاهم على الضواحي، واختصاص الأثبج بضواحي القلعة والزاب وما إليها.
ولما استبد الأمير أبو زكريا بن أبي حفص بملك إفريقية وجال في نواحيها في اتباع بن غانية، مرّ بهذا المصر فأعجبه وكلف بالزيادة في تمصيره، فاختطّ مسجده العتيق ومئذنته المرتفعة، وكتب عليها اسمه وتاريخ وضعه نقشا في الحجر. وهذا البلد لهذا العهد باب لولوج السفر [1] من الزاب إلى المفازة الصحراوية المفضية إلى بلاد السودان يسكنها التجّار الداخلون لها بالبضائع وسكانه لهذا العهد من بني واركلا وأعقاب إخوانهم من بني يفرن ومغراوة، ويعرف رئيسه باسم السلطان، شهرة غير نكيرة بينهم، ورياسته لهذه الأعصار مخصوصة ببني أبي عبدل [2] ، ويزعمون أنهم من بني واكين إحدى بيوت بني واركلا، وهو لهذا العهد أبو بكر بن موسى بن سليمان من بني أبي عبدل، ورياستهم متصلة في عمود هذا النسب وعلى عشرين مرحلة من هذا في القبلة منحرفا إلى المغرب بيسير بلد تكرت [3] قاعدة وطن الملثّمين وركاب الحجاج من السودان اختطّه الملثمون من صنهاجة وهم سكانه لهذا العهد، وصاحبه أمير من بيوتاتهم يعرفونه باسم السلطان، وبينه وبين أمير الزاب مراسلة ومهاداة. (ولقد) قدمت على بسكرة سنة أربع وخمسين أيام السلطان أبي عنان في بعض الأغراض السلطانية ولقيت رسول صاحب تكرت عند يوسف بن مزني أمير بسكرة، وأخبرني عن استبحار هذا المصر في العمارة ومرور السابلة، وقال لي: اجتاز بنا هذا العام سفر من تجّار المشرق إلى بلد مالي كانت ركابهم اثني عشر ألف راحلة. وذكر لي غيره أنّ ذلك هو الشأن في كل سنة. وهذا البلد في طاعة سلطان مالي من السودان كما في سائر تلك البلاد الصحراوية المعروفة بالملثمين [4] لهذا العهد، والله غالب على أمره سبحانه.
[1] بمعنى المسافرين.
[2]
كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: أبي غبول.
[3]
وفي نسخة ثانية: تكدت.
[4]
كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: باطلستين.