الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دولتهم منذ مهلك أبيه، فآثروه بذلك لخلوصته. وبعثوه مع رحّو بن منصور أمير عبيد الله من المعقل، وسرّحوا معهما من كان بالمغرب من مغراوة إلى وطن ملكهم بشلف. وعقدوا عليهم لعليّ بن هارون بن منديل بن عبد الرحمن وأخيه رحمون وانصرفوا إلى بلادهم. وكان عطية بن موسى مولى أبي حمّو قد صار إلى السلطان عبد العزيز وألحقه بجملته وبطانته، فلمّا هلك السلطان خرج من القصر واختفى بالبلد حتى إذا فصل بنو مرين من معسكرهم ظاهر البلد، خرج من مكان اختفائه، وقام بدعوة مولاه أبي حمّو، واجتمع إليه شيعة من أهل البلد مع من تأشّب إليه من الغوغاء، وحملوا الخاصة على البيعة لأبي حمّو، ووصلهم إبراهيم بن أبي تاشفين مع رحّو بن منصور وقومه من عبيد الله، فنبذوه وامتنعوا عليه، فرجع عنهم إلى المغرب، وطيّر أولاد يعمور أولياء أبي حمو من عبيد الله بالخبر إليه وهو بمثواه من تيكورارين. واتصل بابنه أبي تاشفين وهو عند يحيى بن عامر [1] فدخل إلى تلمسان ومن معه من بني عبد الواد، وتساقط إليه فلّهم من كل جانب، ووصل السلطان على أثرهم بعد اليأس منه، فدخلها في جمادى من سنة أربع وسبعين وسبعمائة واستقل بملكه، وتقبّض على بطانته الذين آسفوه في اغترابه، ونمي له عنهم السعي عليه، فقتلهم، ورجع ملك بني عبد الواد وسلطانهم، ونهض إلى مغراوة أولياء بني مرين بمكانهم من شلف، فغلبهم عليه بعد مطاولة وحروب سجال هلك فيها رحمون بن هارون، ومحا دعوة بني مرين من ضواحي المغرب الأوسط وأمصاره، واستقلّ بالأمر حسبما ذكرناه في أخباره. واتصل الخبر بالوزير أبي بكر بن غازي فهمّ بالنهوض إليه. ثم ثنى عزمه ما كان من خروج الأمير عبد الرحمن بناحية بطوية فشغله شأنه عن ذلك.
الخبر عن إجازة الأمير عبد الرحمن بن أبي يفلوسن الى المغرب واجتماع بطوية إليه وقيامهم بشأنه
كان محمد المخلوع ابن الأحمر قد رجع من رندة إلى ملكه بغرناطة في جمادى من سنة
[1] وفي نسخة ثانية: وهو بحي بني عامر.
ثلاث وستين وسبعمائة وقتل له الطاغية عدوّه الرئيس المنتزي على ملكهم حين هرب من غرناطة إليه وفاء بعهد المخلوع، واستوى على كرسيّه واستقلّ بملكه، ولحق به كاتبه وكاتب أبيه محمد بن الخطيب واستخلصه وعقد له على وزارته، وفوّض إليه في القيام بملكه فاستولى عليه وملك هواه. وكانت عينه ممتدّة إلى المغرب وسكناه إلى أن نزلت به آفة في رياسته، فكان لذلك يقدم السوابق والوسائل عند ملوكه، وكان لأبناء السلطان أبي الحسن كلّهم غيرة على ولد عمّهم السلطان أبي عليّ ويخشونهم على أمرهم. ولمّا لحق الأمير عبد الرحمن بالأندلس اصطفاه ابن الخطيب واستخلصه لنجواه، ورفع في الدولة رتبته وأعلى منزلته، وحمل السلطان على أن عقد له على الغزاة والمجاهدين من زناتة مكان بني عمّه من الأعياص، فكانت له آثار في الاضطلاع بها، ولما استبدّ السلطان عبد العزيز بأمره واستقل بملكه، وكان ابن الخطيب ساعيا في مرضاته عند سلطانه، فدسّ إليه باعتقال عبد الرحمن بن أبي يفلوسن ووزيره المطارد به مسعود بن ماسي، وأدار ابن الخطيب في ذلك مكره وحمل السلطان عليهما إلى أن سطا بهما ابن الأحمر واعتقلهما سائر أيام السلطان عبد العزيز سلطان المغرب سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة لما قدّم من الوسائل ومهّد من السوابق فقدمه السلطان وأحلّه من مجلسه محل الاصطفاء والقرب. وخاطب ابن الأحمر في أهله وولده، فبعثهم إليه واستقرّ في جملة السلطان. ثم تأكدت العداوة بينه وبين ابن الأحمر فرغب السلطان في ملك الأندلس وحمله عليه وتواعدوا لذلك عند مرجعه من تلمسان إلى المغرب. ونمي ذلك إلى ابن الأحمر فبعث إلى السلطان بهديّة لم يسمع بمثلها، انتقى فيها من متاع الأندلس وماعونها وبغالها الفارهة ومعلوجي السبي وجواريه، وأوفد بها رسله يطلب إسلام وزيره ابن الخطيب إليه، فأبى السلطان من ذلك ونكره، ولمّا هلك واستبدّ الوزير ابن غازي بالأمر تحيّز إليه، ابن الخطيب وداخله وخاطبه ابن الأحمر فيه بمثل ما خاطب السلطان، فلم يؤب [1] واستنكف ذلك وأقبح الردّ، وانصرف رسله إليه، وقد رهب سطوته، فأطلق ابن الأحمر لحينه عبد الرحمن بن أبي يفلوسن وأركبه الأسطول وقذف به إلى ساحل بطوية ومعه الوزير مسعود بن ماسي ونهض إلى جبل الفتح فنازله بعساكره
[1] وفي نسخة ثانية: فلجّ.