الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخبر عن القرابة المرشحين من آل عبد الحق من الغزاة المجاهدين بالأندلس الذين قاسموا ابن الأحمر في ملكه وانفردوا برياسة جهاده
كانت الجزيرة الأندلسية وراء البحر منذ انقراض [1] أمر بني عبد المؤمن وقيام ابن الأحمر بأمرها، قليلة الحامية، ضعيفة الأحوال إلّا من يلهمه الله لعمل الجهاد من قبائل زناتة المؤمّلين كرّة الملك والمقتسمين ممالك المغرب، وخصوصا بني مرين أهل المغرب الأقصى لاتّصال عدوة الأندلس ببسائطه ولتعدّد الفراض ببحر الزقاق القريب العدوتين. وما زال أهل الزقاق على قديم الزمان لأجل ذلك فرضة دون سواحل المغرب.
(ولما استولى) بنو مرين على ممالكه، وضاقت أحوال المسلمين بالأندلس، وأخذ بمخنقهم الطاغية حتى ألجأهم إلى سيف البحر واستأثر بالقوسرة [2] وما وراءها.
واستأثر بنو القمص أهل برشلونة وقطلوسة بشرق الأندلس. وانتشر في الأقطار ما كان من أمر قرطبة وأضنيها إشبيلية وبلنسية، وامتعض لذلك المسلمون وتنافسوا في الجهاد وإمداد الأندلس بأموالهم وأنفسهم، وسابق الناس إلى ذلك الأمير ابو زكريا بن أبي حفص بما كان صاحب الوقت والمؤمّل للكرّة، فاستنفذ الكثير من أمواله ومقرّباته في إمدادهم بعد أن كانوا آثروا القيام بدعوته، وأوفدوا عليه المشيخة ببيعتهم. وكان ليعقوب بن عبد الحق أمل في الجهاد وحرص عليه. فاعتزم في سلطان أخيه أبي يحيى على الإجازة لذلك، فمنعه ضنّة به عن الاغتراب عنه. وأوعز إلى صاحب سبتة يومئذ أبي علي بن خلاص بمنعه منها، فوعّر له السبيل وسدّ عليه المذاهب.
ولم ينشب يعقوب بن عبد الحق أن قام بسلطان المغرب بعد أخيه أبي يحيى وشغل بشأنه. وأهمّه شأن ابن أخيه إدريس منهم في الجهاد بعد العدوة، فاغتنمها منه وعقد له من مطوعة زناتة على ثلاثة آلاف أو يزيدون. وأجاز معه رحّو ابن عمه عبد الله بن عبد الحق. وفصلوا إلى الأندلس سنة إحدى وستين وستمائة فحسنت
[1] وفي النسخة المصرية: انقضاء.
[2]
وفي الطبعة المصرية: الفرنتيرة.
آثارهم في الجهاد وكرمت مقاماتهم. ثم رجع عامر بن إدريس إلى المغرب وكثر انتقاض القرابة. ونافسهم أقيال زناتة في مثلها، فاجتمع أبناء الملوك بالمغرب الأوسط مثل عبد الملك ويغمراسن بن زيان وعامر بن منديل بن عبد الرحمن وزيان بن محمد ابن عبد القوي فتعاقدوا على الإجازة إلى الأندلس إلى الجهاد، وأجازوا فيمن خفّ معهم من قومهم سنة ست وسبعين وستمائة، فامتلأت الأندلس بأقيال زناتة وأعياص الملك منهم. وكان فيمن أجاز من أعياصهم بنو عيسى بن يحيى بن وسناف بن عبّو ابن أبي بكر بن حمامة. ومنهم سليمان وإبراهيم [1] وكانت لهما آثار في الجهاد ومقامات محمودة، وكان موسى بن رحّو لما نازلة السلطان وبني أبيه عبد الله بن عبد الحق بحصن علودان ونزلوا على عهده لحق بتلمسان. وكان بنو عبد الله بن عبد الحق وإدريس بن عبد الحق عصبة من بين سائرهم، لأنّ عبد الله وإدريس كانا شقيقين لسوط النساء بنت عبد الحق، فاقتفى أثر يعقوب بن عبد الحق بن عبد الله محمدا ابن عمّه إدريس، وخرج على السلطان بقصر كتامة سنة ثلاث وستين وستمائة، ثم استرضاه عمّه واستنزله. وبقي يعقوب بن عبد الله في انتقاضه ينتقل في الجهات إلى أن قتله طلحة بن محلى من أولياء السلطان سنة ثلاث وستين وستمائة بجهات سلا، فكفى السلطان شأنه. ولما كان من عهد السلطان لابنه أبي مالك ما قدّمناه نفّس عليه هؤلاء القرابة هذا الشأن، فانتفضوا ولحق ابن إدريس بحصن علودان. ولحق موسى بن رحّو بن عبد الله بجبال غمارة ومعه أولاد عمه أبي عياد بن عبد الحق، ونازلهم السلطان حتى نزلوا على عهده، وأجازهم إلى الأندلس سنة سبعين وستمائة، فأقاموا بها للجهاد سوقا ونافسهم أقيال زناتة في مثلها بتلمسان، وأجاز منها إلى الأندلس سنة سبعين وستمائة، فولاه السلطان ابن الأحمر على جميع الغزاة المجاهدين هنالك، لما كان كبيرهم ومحلّ سؤلهم [2] . ولم يلبث أن عاد إلى المغرب، فولّى السلطان مكانه أخاه عبد الحق. ثم رجع عنه مغاضبا إلى تلمسان، فولي مكانه على الغزاة المجاهدين إبراهيم بن عيسى بن يحيى بن وسناف إلى أن كان ما نذكره إن شاء الله تعالى.
[1] وفي الطبعة المصرية: ومنهم سليمان بن إبراهيم.
[2]
وفي نسخة ثانية: فحل شولهم.