الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنّان، فأحضره بمشهد الملأ ووبخه. ثم نقل إلى محبسه وقتل لتاسعة من ليالي اعتقاله. وارتحل السلطان أبو عنّان إلى تلمسان، ونجا الزعيم أبو ثابت بمن معه من فلّ بني عبد الواد ومن خلص إليه منهم ذاهبا إلى بجاية ليجد في إيالة الموحدين وليجة من عدوه، فبيّته زواوة في طريقه وألدّ عن أصحابه وأرجل عن فرسه [1] وذهب راجلا عاريا ومعه رفقاء من قومه منهم أبو زيّان محمد ابن أخيه السلطان أبي سعيد، وأبو حمو وموسى ابن أخيهم يوسف ابن أخيه، ووزيرهم يحيى بن داود بن فكن [2] وكان السلطان أبو عنان أوعز إلى صاحب بجاية يومئذ المولى أبي عبيد الله حافد مولانا السلطان أبي بكر بأن يأخذ عليهم الطرق، ويذكي في طلبهم العيون، فعثر عليهم بساحة البلد وتقبّض على الأمير أبي ثابت الزعيم وابن أخيه محمد بن أبي سعيد ووزيرهم يحيى بن داود وأدخلوا إلى بجاية. ثم خرج صاحبها الأمير أبو عبد الله إلى لقاء السلطان أبي عنّان، واقتادهم في قبضة أسره فلقيه بمعسكره من ظاهر المرية [3] ، فأكرم وفادته وشكر صنيعه، وانكفأ راجعا إلى تلمسان فدخلها في يوم مشهود. وحمل يومئذ أبو ثابت ووزيره يحيى على جملين يتهاديان بهما بين سماطي ذلك المحمل، فكان شأنهما عجبا. ثم سيقا ثاني يومهما الى مصرعهما بصحراء البلد، فقتلا قعصا بالرماح وانقرض ملك آل زيّان، وذهب ما أعاده لهم بنو عبد الرحمن هؤلاء من الدولة بتلمسان إلى أن كانت لهم الكرّة الثالثة على يد أبي حمو موسى بن يوسف بن عبد الرحمن المتولّي لهذا العهد على ما سنذكره ونستوفي من أخباره إن شاء الله تعالى.
الخبر عن دولة السلطان أبى حمو الأخير مديل الدولة بتلمسان في الكرّة الثالثة لقومه وشرح ما كان فيها من الأحداث لهذا العهد
كان يوسف بن عبد الرحمن هذا في إيالة أخيه السلطان أبي سعيد بتلمسان هو
[1] وفي نسخة بولاق المصرية: فبيتته زواوة في طريقه، وأبعد عن صحبه وأرجل عن فرسه.
[2]
وفي نسخة ثانية: مكن.
[3]
وفي نسخة ثانية: المدية.
أخوه [1] أبو حمو موسى، وكان متكاسلا عن طلب الظهور، متجافيا عن التهالك في طلب العزّ جانحا إلى السكون ومذاهب أهل الخير، حتى إذا عصفت بدولتهم رياح بني مرين، وتغلّب السلطان أبو عنان عليهم وابتزّهم ما كان بيدهم من الملك، وخلص ابنه أبو حمو موسى مع عمه أبي ثابت إلى الشرق، وقذفت النوى بيوسف مع أشراف قومه إلى المغرب فاستقرّ به. ولما تقبّض على أبي ثابت بوطن بجاية أغفل أمر أبي حمو من بينهم ونبت عنه العيون، فنجا إلى تونس ونزل بها على الحاجب أبي محمد بن تافراكين، فأكرم نزله وأحلّه بمكان أعياص الملك من مجلس سلطانه، ووفر جرايته، ونظم معه آخرين من فل قومه، وأوعز السلطان أبو عنان إليه بإزعاجهم عن قرارهم في دولته، فحمى لها أنفه وأبى عن الهضيمة لسلطانه، فأغرى ذلك أبا عنّان بمطالبته، وكانت حركته إلى بلاد إفريقية ومنابذة العرب من رياح وسليم لعهده ونقضهم لطاعته كما نستوفي أخباره.
ولما كانت سنة تسع وخمسين وسبعمائة قبل مهلكه اجتمع أمر الزواودة من رياح إلى الحاجب أبي محمد بن تافراكين، ورغّبوه في لحاق أبي حمو موسى بن يوسف بالعرب من زغبة، وأنهم ركابه لذلك ليجلب على نواحي تلمسان، ويجعل السلطان أبي عنّا شغلا عنهم. وسألوه أن يجهّز عليه بعض آلة السلطان. ووافق ذلك رغبة صغير بن عامر أمير زغبة في هذا الشأن، وكان يومئذ في أحياء يعقوب بن عليّ وجواره، فأصلح الموحدون شأنه بما قدروا عليه ودفعوه إلى مصاحبة صغير وقومه من بني عامر، وارتحل معهم من الزواودة عثمان بن سبّاع ومن أحلافهم بنو سعيد دعّار بن عيسى بن رحاب وقومه ونهضوا بجموعهم يريدون تلمسان وأخذوا على القفر ولقيهم أثناء طريقهم الخبر عن مهلك السلطان أبي عنّان فقويت عزائمهم على ارتجاع ملكهم، ورجع عنهم صولة بن يعقوب. وأغذّ السير إلى تلمسان وبها الكتائب المجمهرة من بني مرين، واتصل خبر أبي حمو بالوزير الحسن بن عمر القائم بالدولة من بعد مهلك السلطان أبي عنّان، والمتغلّب على ولده السعيد من بعده، فجهّز المدد إلى تلمسان من الحامية والأموال، ونهض أولياء الدولة من أولاد عريف بن يحيى أمراء البدو من المغرب في قومهم من سويد ومن إليهم من العرب لموافقة
[1] وفي نسخة ثانية: هو وولده أبو حمو.