الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الخبر عن نهوض ابن ماسي بالعساكر الى سجلماسة واستيلائه عليها ولحاق عبد المؤمن بمراكش)
لما افترقت كلمة أولاد السلطان أبي عنان وخلع عبد المؤمن أخاه تطاول الوزير عمر إلى التغلّب عليهم. ونزع إليه الأحلاف عدوّ أولاد حسين وشيعة عبد الحليم المخلوع، فجهّز العساكر وبثّ العطاء وأزاح العلل، وسرّح ظهيره مسعود بن ماسي إلى سجلماسة، فنهض إليها في ربيع من سنة أربع وستين وسبعمائة. وتلقّاه الأحلاف بحللهم وناجعتهم، وأغذّ السير ونزع الكثير من أولاد حسين للوزير مسعود. وبعث عامر بن محمد عن عبد المؤمن من سجلماسة، فتركها ولحق بعامر فتقبّض عليه واعتقله بداره من جبل هنتاتة. ودخل الوزير مسعود إلى سجلماسة واستولى عليها. واقتلع منها جرثومة الشقاق بافتراق دعوة أولاد أبي علي منها. وكرّ راجعا إلى المغرب لشهرين من حركته، فاحتل بفاس إلى أن كان من خبر انتقاضه على عمر وفساد ذات بينهما ما نذكره إن شاء الله تعالى.
(الخبر عن انتقاض عامر ثم انتقاض الوزير ابن ماسي على أثره)
لما استقل عامر بالناحية الغربيّة من جبال المصامدة ومراكش وما إلى ذلك من الأعمال واستبد بها، ونصب لأمره أبا الفضل ابن السلطان أبي سالم واستوزر له واستكفأ لأمره [1] ، وصارت كأنها دولة مستقلة، فصرف إليه النازعون من بني مرين على الدولة وجوه مفرّهم ولجئوا إليه، فأجارهم عن الدولة واجتمع إليه منهم ملأ.
وأشاروا إليه باستقدام عبد المؤمن وأنه أبلغ ترشيحا من أبي الفضل بنسبه وقيامه على أمره وصاغية بني مرين إليه، فاستدعاه وأظهر لعمر أنّه يروم بذلك مصلحته والمكر بعبد المؤمن. ونمي ذلك كله إلى عمر فارتاب به ونزع إليه آخرا السبيع بن موسى بن
[1] وفي نسخة أخرى: واستكتب.
إبراهيم الوزير. كان لعبد الحليم فكشف القناع في بطانته [1] وتجهيز العساكر إليه.
واستراب بأهل ولايته، وعثر على كتاب من الوزير مسعود بن ماسي إليه يخالصه ويبذل له النصيحة، فتقبّض على حامله وأودعه السجن، فتنكّر مسعود وأغراه صحابته الملاشون [2] له من بني مرين بالخروج ومنازعة عمر في الأمر. ووعدوه النصر منه، فاضطرب معسكره بالزيتون من خارج فاس موريا بالنزهة أبّان الربيع.
وزخرف الأرض في شهر رجب من سنة خمس وستين وسبعمائة. وبني أصحابه الفساطيط في معسكره حتى إذا استوفى جمعهم واعتزم على الخروج، ارتحل مجاهرا بالخلاف، وعسكر بوادي النجا بمن كان يعده الخروج معه من بني مرين. ثم ارتحل إلى مكناسة، وكتب إلى عبد الرحمن بن علي بن يفلوسن. يستقدمه للبيعة، وكان بجهات تادّلّا قد خرج بها بعد انصرافهم من سجلماسة، وتخلف عن أخيه عبد المؤمن. وبعث عامر إليهم بعثا فهزموه ثم لحق ببني ونكاسن، فبعث إليه ابن ماسي وأصحابه، فقدم عليهم وبايعوه. وأخرج عمر سلطانه محمد بن أبي عبد الرحمن وعسكر بكدية العرائس. وبثّ العطاء وأزاح العلل. ثم ارتحل إلى وادي النجا، فبيّته مسعود وقومه فثبت هو وعسكره في مراكزهم حتى إنجاب الظلام وفرّوا أمامهم، فاتبعوا آثارهم وانفضّ جمعهم وبدا لهم ما لم يحتسبوه من اصفاق الناس على السلطان ووزيره عمر واعتصامهم بطاعته، فانذعروا.
ولحق مسعود بن ماسي بن رحّو بتادلّا، ولحق الأمير عبد الرحمن ببلاد بني ونكاسن.
ورجع عمر والسلطان إلى مكانهما من الحضرة. واستمال مشيخة بني مرين فرجعوا إليه وعفا لهم عنها واستصلحهم. وتمسّك أبو بكر بن حمامة بدعوة عبد الرحمن بن أبي يفلوسن وأقامهما في نواحيه، وبايعه عليها موسى بن سيّد الناس من بني علي أهل جبل دبدو من بني ونكاسن بما كان صهرا له. وخالفه قومه إلى الوزير عمر وواعدوه بالنهوض إلى أبي بكر بن حمامة، فنهض وغلبه على بلاده. واقتحم حصنه انكاوان [3] وفرّ هو وصهره موسى وفارقوا سلطانهم عبد الرحمن ونبذوا إليه عهده.
ورجعوا إلى طاعة صاحب فاس، فلحق هو بتلمسان ونزل على السلطان أبي حمّو
[1] وفي نسخة أخرى: مطالبته.
[2]
وفي نسخة أخرى: الملابسون.
[3]
وفي نسخة أخرى: ايكلوان.