الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحيى بن رحّو، واعصوصب بنو مرين عليه، واعتز على الأمراء والدولة، وكان عد الخاصة السلطان أبي سالم حريصا على قتلهم، وكان عمر يريد استبقاءهم لما أمّله في ابن ماسي، فخشنت صدورهم عليه، ودبّروا في شأنه. وخاطب هو عامر بن محمد في اتصال اليد واقتسام ملك المغرب، وبعث إليه بأبي الفضل ابن السلطان أبي سالم، اعتدّه عنده وليجة لخلاصه من ربقة الحصار الّذي هم به مشيخة بني مرين. وكان أبو الفضل هذا بالقصبة تحت الرقبة والأرصاد، فتفقّد من مكانه.
وأغلظ المشيخة في العتب لعمر في ذلك، فلم يستعتب، ونبذ إليهم العهد وامتنع بالبلد الجديد، ومنعهم من الدخول إليه فاعصوصبوا على كبيرهم يحيى بن رحّو وعسكروا بباب الفتوح، وجأجئوا [1] بعبد الحليم ابن السلطان أبي علي وكان من خبرهم معه ما نذكره. وأطلق عمر بن عبد الله مسعود بن ماسي من محبسه وسرّحه إلى مراكش، وأوعده في الاجلاب عليهم إن حاصروه كما نذكره إن شاء الله تعالى.
(الخبر عن وصول عبد الحليم ابن السلطان من تلمسان وحصار البلد الجديد)
كان السلطان أبو الحسن لما قتل أخاه السلطان أبا علي وقضى الحق الّذي له في ذمته [2] عمل بالحق الّذي عليه في ولده وحرمه، فكفلهم وغذاهم بنعمته، وساواهم بولده في كافة شئونهم، وأنكح ابنته تاحضريت العزيزة عليه عليا منهم المكنّى بأبي سلوس [3] ونزع عنه وهو بالقيروان أيام النكبة ولحق بالعرب. وأجلب معهم على السلطان بالقيروان وتونس. ثم انصرف من إفريقية ولحق بتلمسان ونزل على سلطانها أبي سعيد عثمان بن عبد الرحمن فبوّأه كرامته. ثم شرع في الإجازة إلى الأندلس، وبعث فيه السلطان أبو عنان قبل فصوله، فاشخصوه إليه فاعتقله. ثم أحضره ووبّخه على مرتكبه مع السلطان أبي الحسن وجحده حقه. ثم قتله لليلتين من شهور إحدى وخمسين وسبعمائة، ولما هلك السلطان أبو الحسن ولحقت جملته من
[1] وفي نسخة ثانية: وجاءوا.
[2]
وفي نسخة ثانية: في دمه.
[3]
وفي نسخة ثانية: بأبي يفلوسن.
الخاصّة والأبناء بالسلطان أبي عنان، وأشخص إخوته إلى الأندلس، وأشخص معهم ولد الأمير أبي علي هؤلاء عبد الحليم وعبد المؤمن والمنصور والناصر وسعيد ابن أخيهم أبي زيّان، فاستقرّوا بالأندلس في جوار ابن الأحمر. ثم طلب أبو عنان إشخاصهم بعد، كما طلب إشخاص أخيه، فأجارهم ابن الأحمر جميعا وامتنع من إسلامهم إليه. وكان من المغاضبة لذلك ما قدّمناه.
ولما اعتقل السلطان أبو سالم الأبناء المرشّحين برندة، كما قدّمناه، نزع منهم عبد الرحمن بن علي بن أبي يفلوسن إلى غرناطة فلحق بأعماله. وكان السلطان أبو سالم بمكانهم مستريبا بشأنهم حتى لقد قتل محمد بن أبي يفلوسن ابن أخته تاحضريت وهو في حجرها وحجره، استرابه بما نمي عنه. ولما أجاز أبو عبد الله المخلوع ابن أبي الحجّاج، إلى المغرب ونزل عليه وصار إلى إيالته، ورأى أن قد ملك أمره في هؤلاء المرشحين بغرناطة، وأرسل الرئيس محمد بن إسماعيل عند توثّبه على الأمراء واستلحامه أبناء السلطان أبي الحجّاج، فراسله في اعتقالهم ثم فسد ما بين الرئيس والطاغية، وأخذ منه كثيرا من حصون المسلمين. وبعث إلى السلطان أبي سالم في أن يخلي سبيل المخلوع إليه، فامتنع وفاء للرئيس. ثم دافع الطاغية عن ثغوره بإسعاف طلبته، فجهّز المخلوع وملأ حقائبه صلة وأعطاه الآلة، وأوعز إلى أسطوله بسبتة فجهّز وبعث علال بن محمد ثقة أبيه [1] فأركبه الأسطول وركب معه إلى الطاغية. وخلص الخبر إلى الرئيس بمكانه من ملك غرناطة، وكان أبو حمّو صاحب تلمسان يراسله في أولاد أبي علي، وأن يجيزهم إليه ليجدهم زبونا على السلطان أبي سالم، فبادر لحينه وأطلقهم من مكان اعتقالهم، وأركب عبد الحليم وعبد المؤمن وعبد الرحمن ابن أخيهما على أبي يفلوسن. في الأسطول، وأجازهم إلى مرسى هنين بين يدي مهلك السلطان أبي سالم، فنزلوا من صاحب تلمسان بأعزّ جوار. ونصّب عبد الحليم منهم لملك المغرب.
وكان محمد السبيع بن موسى بن إبراهيم نزع عن عمر ولحق بتلمسان، فتوافى معهم وأخبرهم بمهلك السلطان وبايع له وأغراه بالرحلة [2] إلى المغرب ثم تتابعت وفود بني مرين بمثلها، فسرّحه أبو حمّو وأعطاه الآلة، واستوزر له محمد السبيع وارتحل معه
[1] وفي نسخة ثانية: ثقة إليه.
[2]
وفي نسخة ثانية: وأغراه بالدخلة.