الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الخبر عن بني راشد بن محمد بن يادين وذكر أوّليتهم وتصاريف أحوالهم)
وإنما قدّمنا ذكرهم قبل استتمام بطون بني يادين لأنهم لم يزالوا أحلافا لبني عبد الواد ومن جملتهم، فكانت أخبارهم من أخبارهم، وأمّا راشد أبوهم فهو أخو يادين.
واختصّ بنوه كما قلنا ببني عبد الواد، وكانت مواطنهم بالصحراء بالجبل المعروف براشد اسم أبيهم. وكانت مواطن مديونة من قبائل البربر قبلة تاسالت وبنو ورنيد من بطون دمر قبلة تلمسان الى قصر سعيد. وكان جبل هوّارة موطنا لبني يلوما الذين كان لهم الملك كما قدّمنا. ولما اضمحل أمر بني يلوما وذهبت دولتهم، زحف بنو راشد هؤلاء من بطونهم بجبل راشد إلى بسائط مديونة وبني ورنيد، فشنّوا عليهم الغارات، وطالت بينهم الحرب إلى أن غلبوهم على مواطنهم وألجئوهم إلى الأوعار، فاستوطن بنو ورنيد الجبل المطل على تلمسان، واستوطن مديونة جبل تاسالت. وملك بنو راشد بسائطهم القبلية. ثم استوطنوا جبلهم المعروف بهم لهذا العهد، وهو بلد بني يفرن الذين كانوا ملوك تلمسان لأوّل الإسلام، وكان منهم أبو قرّة الصفري كما قدّمناه.
وكان منهم بعد ذلك يعلى بن محمد الأمير الّذي قتله جوهر الصقلي قائد الشيعة كما ذكرناه في أخبارهم. ويعلى هذا هو الّذي اختط بهذا الجبل مدينة ايفكان التي هدمها جوهر يوم قتله. فلما ملك بنو راشد هذا الجبل استوطنوه وصار حصنا لهم، ومجالاتهم في ساحة القبلة إلى أن غلبهم العرب عليها لهذا العهد، وألجئوهم إلى الجبل.
وكان غلب بني راشد على هذه الأوطان بين دخول بني عبد الواد إلى المغرب الأوسط، وكانوا شيعة لهم وأحلافا في فتنتهم مع بني توجين وبني مرين، وكانت رياستهم في بيت منهم يعرفون ببني عمران، وكان القائم بها لأوّل دخولهم إبراهيم بن عمران واستبدّ عليه أخوه وترمار [1] وقام بأمرهم إلى أن هلك، فولى ابنه مقاتل بن وترمار وقتل عمه إبراهيم وافترقت رياسة بني عمران من يومئذ بين بني إبراهيم وبني وترمار إلا أنّ رياسة بني إبراهيم أظهر، فولي بعد إبراهيم بن عمران ابنه وترمار وكان معاصرا ليغمراسن بن زيّان وطال عمره، ولما هلك لتسعين من المائة السابعة ولي
[1] هكذا في الجدول المرفق وترمار وفي نسخة أخرى: وترمار.
أمرهم غانم ابن أخيه محمد بن إبراهيم. ثم كان فيهم من بعده موسى بن يحيى بن وترمار، لا أدري معاقبا لغانم أو توسطهما أحد. ولما زحف بنو مرين إلى تلمسان آخر زحفهم، صار بنو راشد هؤلاء إلى طاعة السلطان أبي الحسن، وشيخهم لذلك العهد أبو يحيى موسى بن عبد الرحمن بن وترمار بن إبراهيم. وانحصر بتلمسان بنو عمه كرجون بن وترمار وانقرض أمر بني عبد الواد وأشياعهم. ونقل بنو مرين رءوس زناتة أجمع إلى المغرب الأقصى، فكان بنو وترمار هؤلاء ممن صار إلى المغرب وأوطنوه إلى أن صار الأمر لبني عبد الواد الكرّة الثالثة على يد أبي حمو الأخير موسى بن يوسف. وكان شيخ بني راشد لعهده ابن أبي يحيى بن موسى المذكور أقبل إليهم من المغرب من إيالة بني مرين، فاتهمه أبو حمّو بمداخلتهم، فتقبّض عليه واعتقله مدّة بوهران. وفرّ من معتقله فلحق بالمغرب وارتحل بين أحيائهم مدّة. ثم رجع إلى الطاعة واقتضى العهد من السلطان أبي حمو، وولّاه على قومه. ثم تقبّض عليه واعتقله إلى أن قتله بمحبسه سنة ثمان وستين وسبعمائة، وانقرض أمر بني وترمار بن إبراهيم، وأمّا بنو وترمار بن عمران فقام بأمرهم بعد مقاتل بن وترمار أخوه أبو زركن [1] بن وترمار، ثم ابنه يوسف بن أبي زركن، ثم آخرون من بعدهم لم تحضرني أسماؤهم إلى أن غلب عليهم بنو وترمار بن إبراهيم. وقد ذهبت لهذا العهد رياسة أولاد عمران جميعا، وصار بنو راشد هؤلاء خولا للسلطان وجباية، وبقيتهم بجبلهم على الحال التي ذكرناها، والله وارث الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين.
[1] وفي نسخة ثانية: تورزكن.