الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأثبت له قدما في الرئاسة ليحسن به دفاع السلطان أبي يوسف عنهم. ثم تداولت الامارة فيهم ما بينهم وبين عمومتهم. وربما عقد قبل ذلك أزمان الفترة ليعلى بن أبي عيّاد بن عبد الحق في بعض الغزوات، ولتاشفين بن معطي في أخرى سنة تسع وسبعين وستمائة ومعه طلحة بن محلى، فاعترضوا الطاغية دون حصر المسلمين وربّما كان لهم الظهور. ثم حدثت الفتنة بينه وبين السلطان أبي تاشفين وعقد ابن الأحمر في بعض حروبه معه ليعلى بن أبي عياد على زناتة جميعا، وحاشهم إلى رايته، فانفضّت جموع أبي يوسف، وظهروا عليه، وتقبّضوا في المعركة على ابنه منديل، واستاقوه أسيرا إلى أن أطلقه السلطان ابن الأحمر في سلم عقده بعد مهلكه، مع أبيه يوسف بن يعقوب. واستبدّ موسى بن رحّو من بعدها بإمارة الغزاة بالأندلس إلى أن هلك، فوليها من بعده أخوه عبد الحق إلى أن هلك سنة تسع وسبعين وستمائة وكان مظفّر الراية على عدوّ المسلمين. ولمّا هلك ولي من بعده ابنه حمّو بن عبد الحق فكانت هذه الامارة متّصلة في بني رحّو إلى أن انتقلت منهم إلى إخوانهم من بني أبي العلاء وغيرهم. واندرج حمّو في جملة عثمان بن أبي العلاء من بعد حسبما نذكر.
وأمّا إبراهيم بن عيسى الوسنافي فإنه رجع إلى المغرب، ونزل على يوسف بن يعقوب وقتله بمكانه من حصار تلمسان بعد حين من الدهر، وبعد أن كبر وعمي. والله مالك الأمور لا ربّ غيره، وكان مهلك ابن أبي عيّاد سنة سبع وثمانين وستمائة ومعطي بن أبي تاشفين سنة تسع وثمانين وستمائة وطلحة بن محلى سنة ست وثمانين وستمائة والله أعلم.
(الخبر عن عبد الحق بن عثمان شيخ الغزاة بالأندلس)
كان عبد الحق هذا من أعياص الملك المريني ويعاسيبهم وهو من ولد محمد بن عبد الحق ثاني الأمراء على بني مرين بعد أبيهم عبد الحق. وهلك أبوه عثمان بن محمد بالأندلس إحدى أيام الجهاد سنة تسع وسبعين وستمائة وربّي عبد الحق هذا في حجر السلطان يوسف بن يعقوب إلى أن كان من أمر خروجه مع الوزير رحّو بن يعقوب على السلطان أبي الربيع ما ذكرناه في أخباره. ولحق بتلمسان وأجاز منها إلى الأندلس،
وسلطانه يومئذ أبو الجيوش ابن السلطان الفقيه. وشيخ زناتة حمّو بن عبد الحق بن رحّو. وخاطبهم السلطان أبو سعيد ملك المغرب في اعتقاله، فأجابوه وفرّ من محبسه، ولحق بدار الحرب. ولما انتقض أبو الوليد ابن الرئيس أبي سعيد وبايع لنفسه بمالقة، وزحف إلى غرناطة فنازلها، ووقعت الحرب بظاهرها بين الفريقين وأخذ في بعض حروبهما [1] حمّو بن عبد الحق أسيرا، وسيق إلى السلطان أبي الوليد. وكان معه عمّه أبو العبّاس بن رحّو فأبى من اسار ابن أخيه وخلّى عنه، فرجع إلى سلطانه فارتاب به لذلك. وعقد على الغزاة مكانه لعبد الحق بن عثمان استدعاه من مكانه بدار الحرب. ثم غلبهم أبو الوليد على غرناطة. وتحوّل أبو الجيوش على وادي آش على سلم انعقد بينهم، وسار معه عبد الحق بن عثمان على شأنه. ثم وقعت بينه وبين أبي الجيوش مغاضبة، لحق لأجلها بالطاغية وأجاز إلى سبتة، فاستظهر به أبو يحيى بن أبي طالب العزفي أيام حصار السلطان أبي سعيد إياه، فكان له في حماية ثغره والدفاع عنه آثار مذكورة. ثم عقد السلطان أبو سعيد السلم ليحيى العزفي، وأفرج عنه، فارتحل عبد الحق بن عثمان إلى إفريقية. ونزل ببجاية سنة تسع عشرة وسبعمائة على أبي عبد الرحمن بن عمر صاحب السلطان أبي يحيى المستبدّ بالثغور الغربيّة، فأكرم نزله، وأوسع قراره، وضرب له الفساطيط بالزينة [2] من ساحة البلد استبلاغا في تكريمه وحمله وأصحابه على مائة وخمسين من الخيل، ثم أقدمهم على السلطان بتونس فبرّ مقدمهم، وخلط عبد الحق بنفسه وآثره بالخلّة والصحابة، وأجلّه بمكان الاستظهار به وبعصابته. ولما عقد السلطان لمحمد بن سيّد الناس على حجابته سنة سبع وعشرين وسبعمائة واستقدمه لذلك من ثغر بجاية كما ذكرناه، عظمت رياسته واستغلظ حجّابه، وحجب عبد الحق ذات يوم عن بابه، فسخطها وذهب مغاضبا، وداخل أبا فارس في الخروج على أخيه، فأجابه وخرج به من تونس، فكان من خبرهم ومقتل أبي فارس وخلوص عبد الحق إلى تلمسان ونزوله على أبي تاشفين، وغزوة إلى إفريقية مع عساكر بني عبد الواد سنة سبع وعشرين وسبعمائة ما ذكرناه في أخبار الدولة الحفصيّة.
ثم لما رجع بنو عبد الواد إلى تلمسان صمد مولانا السلطان أبو يحيى إلى تونس في
[1] وفي نسخة ثانية: في بعض أيامها.
[2]
وفي نسخة ثانية: بالرشة.