الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخبر عن انتقاض الصلح بين الأمير عبد الرحمن صاحب مراكش والسلطان أبي العبّاس صاحب فاس واستيلاء عبد الرحمن على أزمور ومقتل عاملها حسون بن على
كان علي بن عمر كبير بني ورتاجن وشيخ بني ويغلان منهم، قد تحيّز إلى الأمير عبد الرحمن منذ إجازته إلى الأندلس واستيلائه على تازى ثم زحفه إلى حصار البلد الجديد مع السلطان أبي العباس كما مرّ. فوصل في جملته إلى مراكش، وكان صاحب شواره وكبير دولته. وكان يظعن على خالد بن إبراهيم الهربرحى شيخ جاجة [1] من قبائل المصامدة ما بين مراكش وبلاد السوس، وقد كان علي بن عمر انتقض على ابن غازي الوزير المستبدّ بعد السلطان عبد العزيز، ولحق بالسوس. ومرّ بخالد بن إبراهيم هذا فاعترضه في طريقه وأخذ الكثير من أثقاله ورواحله. وخلص هو إلى منجاته بالسوس، وقد حقد ذلك لخالد. ثم حثّ [2] شيوخ المعقل عند ما أجاز الأمير عبد الرحمن من الأندلس إلى نواحي تازى يروم اللحاق بهم، فوفدوا عليه.
وسار معهم إلى أحيائهم وأقام معهم وهو في طاعة الأمير عبد الرحمن ودعوته إلى أن اتصل به بين يدي حصاره البلد الجديد مع السلطان أبي العباس. فلمّا فتح السلطان البلد الجديد أوّل سنة ست وسبعين وسبعمائة واستولى على ملكهم بها، وفصل عبد الرحمن إلى مراكش كما كان الوفاق بينهم، وسار علي بن عمر في جملة السلطان عبد الرحمن إلى مراكش، واستأذنه في قتل خالد صاحبه، فلم يأذن له، فأحفظه ذلك وطوى عليه، وبعد أيام صعد جبل وريكة في غرض من أغراض الدولة، وتقدّم إلى حافده عامر ابن ابنه محمد بقتل خالد، فقتله بظاهر مراكش، ولحق بجدّه عليّ بن عمر بوريكة، فتلطّف له الأمير عبد الرحمن وراسله بالملاينة والاستعطاف. ثم ركب إليه بنفسه واستصلحه ونزل به إلى مراكش فأقام معه أياما. ثم ارتاب ولحق بأزمور وعاملها يومئذ حسّون بن علي الصبيحي فأغراه بالإجلاب على عمل مراكش، وزحفوا جميعا إلى عمل صنهاجة.
[1] وفي نسخة ثانية: المبرازي شيخ حاحة. وفي نسخة أخرى المبرازي.
[2]
وفي نسخة ثانية: ثم بعث.
وسرّح الأمير عبد الرحمن لمدافعتهم كبير دولته يومئذ وابن عمّه عبد الكريم بن عيسى ابن سليمان بن منصور بن أبي مالك، وهو عبد الواحد بن يعقوب بن عبد الحق، فخرج في العساكر ومعه منصور مولى الأمير عبد الرحمن، فلقوا عليّ بن عمر فهزموه وأخذوا سواده، ولجأ إلى أزمور. ثم وفد هو وحسّون بن علي إلى السلطان بفاس.
ووقعت أثناء ذلك المراسلة بين السلطانين، وانعقد بينهما الصلح. فأقام علي بن عمر بفاس ورجع حسّون بن علي إلى مكان عمله بأزمور، ثم انتقض ما بين السلطانين ثانيا. وكان عند الأمير عبد الرحمن أخوان من ولد محمد بن يعقوب بن حسّان الصبيحي وهما علي وأحمد، جرثومتا بغي وفساد، وعدا على كبيرهما علي بن يعقوب ابن علي بن حسّان فقتله، واستعدى أخوه موسى عليه السلطان فأعداه. وأذن له في أن يثأر منه بأخيه فيقتله فخرج لذلك أحمد أخو عليّ، وهمّ بقتل موسى، فاستجار موسى بيعقوب بن موسى بن سيّد الناس كبير بني ونكاسن، وصهر الأمير عبد الرحمن. وأقام أياما في جواره، ثم هرب إلى أزمور فلحقه نار الفتنة. ونهض الأمير عبد الرحمن إلى أزمور فلم يطق حسّان بن علي دفاعه فملكها عليه وقتله واستباحها.
وبلغ الخبر إلى السلطان بفاس فنهض في عساكره وانتهى إلى سلا. ورجع الأمير عبد الرحمن إلى مراكش، وسار السلطان في اتباعه حتى نزل بحصن أكمليم من مراكش، وأقام هنالك نحوا من ثلاثة أشهر والقتال يتردّد بينهم. ثم سعى بين السلطانين في الصلح، فاصطلحوا على حدود العمالات أولا، وانكفأ صاحب فاس إلى عمله وبلده. وبعث الحسن بن يحيى بن حسّون الصنهاجيّ عاملا على الثغر بأزمور، فأقام بها، وكان أصله من صنهاجة أهل وطن أزمور، وله سلف في خدمة بني مرين منذ أوّل دولتهم، وكان أبوه يحيى في دولة السلطان أبي الحسن عاملا في الجباية بأزمور وغيرها. وهلك في خدمته بتونس أيام مقام السلطان بها، وترك ولده يستعمل في مثل ذلك، ونزع الحسن هذا منهم إلى الجندية فلبس شارتها وتصرّف في الولاية المناسبة لها. واتصل بخدمة السلطان أبي العبّاس لأوّل بيعته بطنجة. وكان يومئذ عاملا بالقصر الكبير فدخل في دعوته وصار في جملته، وشهد معه الفتح واستعمله في خطط السيف، حتى ولّاه أزمور هذه الولاية فقام بها كما نذكره.
(وأمّا الصبيحيّون) فالخبر عن أوليتهم أنّ جدّهم حسّان من قبيلة صبيح من أفاريق سويد، جاء مع عبد الله بن كندوز الكمي من بني عبد الواد حين جاء من تونس،